وقعت هذه القصة في واقع حياتنا اليومية وقريباً منا وعشت وأنا أشاهد تفاصيل هذه القصة في حينا وبالقرب من منزلنا
بدأت هذه القصة من حوالي 14 سنه تقريباً فتاة تسكن بالقرب منا كنت أذكرها وأنا لا زلت طفلاً صغيراً فتاة جميلة ومتزنة الخلق وذات أدين وأدب تقدم لخطبتها ابن حارتنا وكان شاباً عاقلاً رزقه الله الحسن في القول والعمل في ما كان يظهر.. كان هذا الشاب للتو أكمل دراسته الجامعية ذلك الوقت وأصبح معلماً له ثقله في مجتمع حارتنا تمت مراسم الزواج وعاش الزوجان بالقرب في نفس الحي مرت السنون والأيام وأنجب منها 3أولاد وكانت نعم الزوجة واشهد بذلك ونعم المربية لأولادها والحافظة لبيتها والمراعية لزوجها بعد الزواج بأربع سنوات بدأت علامات الانحراف تظهر على ذلك الزوج فمن سكر وغياب عن البيت والعمل ومشاكل كثيرة كانت تظهر عليه .. لم يحتمل ذلك الزوج في مجتمع عمله وبدأت القضايا تتوالى عليه حتى فصل من عمله وأصبح عاطلاً باطلا في بيته الذي كان يملكه والده والذي توفي في أثناء تلك السنين .. كان روتينه اليومي نوم بالنهار وسهر وسكر ورفقة سوء بالليل واستمر الحال على ما هو عليه واستمرت الزوجة تكافح من أجل الحفاظ على كيان مجتمعها الذي بنته بتضحيتها أنجبت في تلك السنين 5 أولاد حتى أصبح عدد أولادها 8 كلهم من الذكور كانت تشقى عليهم بما تستطيع أن تجنيه من الخياطة وبيع بعض المستلزمات النسائية التي كانت تدور بها على بيوت الجيران وكنت أرى ذلك بأم عيني وكان كل زوج في الحارة يلزم زوجته أن تشتري منها لأنها لم تكن تقبل من أحد شيئاً وكانت تحث ذلك الزوج الضال على العمل والبحث عن الرزق ولكن لا حياة لمن تنادي فكان إن التحق في عمل لا يلبث إلا أن يطرد أو يتركه فعمل في بيع الخضار وفي الحراسة وفي كل ما كان متاحاً له كان همه الأول والأخير هو إيجاد المال لكي لا تنقطع مؤنته ... ترك تلك الزوجة تسبح في مآسيها وتربي أولادها بعيداً عن ضلال والدهم ومجونه ... لم تكن يوماً ذليلة لبؤس أكثر مما هي عليه مع هذا الزوج العصي التارك حتى لعبادة ربه .. لم تخضع لأحد سوى لربها ولم تطلب إلا هو ... حاول المحسنون أن يمدوا يد الرحمة إلى تلك السيدة ال عفيفة ولكن دون جدوى .. ولكي لا أطيل عليكم فسأسرد لكم جزءاً مهماً وأساسياً من معاناتها كبر الأولاد والأب لا زال في غيه وظلاله وتلك الأم تجاهد ليلاً ونهاراً لتؤمن لهم ولذلك الزوج لقمة حلال يأكلونها .. حافظت على ذلك البيت من الضياع إلا زوجها .. وحافظت على نفسها هي من نتائج انحراف زوجها ومن ضياعه لم يبقى لها في هذه الدنيا سوى أمها التي ترملت بعد حين من الزمن وللأسف فلم يكن لها من الأخوة أحد بل كانوا إناثاً جميعاً بعكس خلفتها .. أبت أمها أن تعيش معها تحت هذا السقف المحزن المبكي وأصبحت تتنقل بين بناتها واحدة تلو الأخرى .. المهم في القصة ما حصل هذا الأسبوع .. فقبل خمسة أيام من هذا اليوم .. زاد انحراف ذلك الأب المحروم .. وزاد أسى تلك الأم على ما بها من مآسي فقام ذلك الشرذمة بعد تمادى في ضلاله وسكرة فطرد تلك الأم وأولئك الأبناء جميعاً في الشارع بدون سبب يذكر وأقسم بالله أن ذلك ما حصل وأما م عيني بعد العصر خرجت تلك المسكينة هي وأبناءها إلى الشارع لا يستر وجهها إلا فنيلة أحد أبناءها أعطاها لتستر بها وجهها خرجوا يبكون وهو في قمة سكره يصيح ويهدد ويتوعد ويقسم أنهم لن يعودوا إلى منزلهم وأي منزل ذاك الذي سيعودون إليه لو عادوا .. لم أحتمل ما رأيت أنا ومن كان معي واتجهنا لنعرف ما المشكلة ولكنه أقفل باب بيته ولم يرد على أحد .. حاول من حاول أن يستضيفه ولكن أبت ورفضت حتى الإبلاغ عنه .. أحضر لها أحد الجيران عباءة وغطاءاً لوجهها وبعض الأكل والماء قبلته بعد شق الأنفس .. تذكرت بيت أبيها الذي طالته يد الزمان واهترى من كثر ما هجر بعد وفاته .. حتى أن أكثر مقومات الحياة تنقصه مكن ماء وكهرباء وحتى فرش للنوم ووسائد .. رفضت إلا أن تبيت فيه ورضيت بعد جهد كبير أن يحضر لها الجيران وايت ماء وأن يسددوا فاتورة كهربائه التي مضى عليها سنين وهي متراكمة عليه .. حضرن نساء الحي إليها بالأكل وبالشرب فتراة تقبله وتارة ترده والبكاء يملأ عينيها والحسرة لا تفارق جبينها وتقسم الجيران أحر تلك المرأة وأبنائها فأمنوا لها قوتها وقوت أبنائها الذين تملكتهم الصدمة من هول ما فعل والدهم .. حاول الجيران أن يتفاهموا مع ذلك الشرذمة ولو من وراء الباب ولكن لا حياة لمن تنادي ترصدوا وراقبوا وتربصوا به ولكن لا فائدة .. حضر بعض أقربائها وأزواج أخواتها وحاولوا أن يأخذوها ولكنها رفضت بحجة أبنائها وكثرتهم وأنها لا تريد أن تثقل على أحد ولا أن تكون عالة على أحد مهما كان .. مضى على ذلك اليوم خمسة أيام وتزيد قليلاً حتى كتابتي لقصتها .. نظرت في ما أكتبه فوجدته خيالاً لا يصدق وشيئاً لا يستوعبه عقل ولكن والله المطلع على كل شيء بأن ذلك ما حصل فعلا وقد اختصرت أشياء كثيرة لم أبح بها لكي لا أطيل عليكم .. ولو تروا معي مأساة تلك الزوجة المسكينة .. أسأل الله أن يهدي زوجها ويعينها على ما ابتليت به ..