سؤال رقم 42929: هل القيء نجس ؟
السؤال:
إذا تقيأ الإنسان ، فهل هذا القيء نجس وينقض الوضوء ؟.
الجواب:
الحمد لله
أولاً :
ذهب أكثر العلماء إلى نجاسة القيء .
جاء في الموسوعة الفقهية (34/87) :
" اختلفت الآراء في طهارة القيء ونجاسته . فيقول الحنفية والشافعية والحنابلة بنجاسته ، ولكل منهم تفصيله , وبذلك يقول المالكية في المتغير عن حال الطعام ، ولو لم يشابه أحد أوصاف العذرة . واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يا عمار إنما يغسل الثوب من خمس : من الغائط , والبول , والقيء , والدم , والمني ) " انتهى .
واستدلوا على نجاسته أيضا : بقياسه على الغائط ، لأنه قد ظهر فيه النتن والفساد .
وذهب بعض العلماء كابن حزم والشوكاني إلى طهارته ، لأن الأصل في الأشياء الطهارة ، وليس هناك دليل صحيح على نجاسته .
وقد أجابوا عن حديث عمار بأنه ضعيف .
قال النووي في "المجموع" (2/549) : حديث عمار هذا رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والدارقطني والبيهقي ، قال البيهقي : هو حديث باطل لا أصل له وبين ضعفه الدار قطني والبيهقي " انتهى .
وضعفه الحافظ ابن حجر في "التلخيص الحبير" (1/33) .
وقال الشيخ الألباني في "تمام المنة" ( ص 53) معلقاً على قول صاحب "فقه السنة" إن من النجاسات القيء :
" قلت : لم يذكر المؤلف الدليل على ذلك اللهم إلا قوله : [ إنه متفق على نجاسته ] وهذه دعوى منقوضة فقد خالف في ذلك ابن حزم حيث صرح بطهارة قيء المسلم ، وهو مذهب الإمام الشوكاني في "الدرر البهية" وصديق خان في شرحها ، حيث لم يذكرا في النجاسات قيء الآدمي مطلقاً ، وهو الحق ، ثم ذكرا أن في نجاسته خلافاً ورجحا الطهارة بقولهما : ( والأصل الطهارة فلا ينقل عنها إلا ناقل صحيح لم يعارضه ما يساويه أو يقدم عليه ) وذكر نحوه الشوكاني أيضاً في السيل الجرار " انتهى .
وقد سئل الشيخ سليمان العلوان عن نجاسة القيء فقال : " الصحيح أنه طاهر مطلقاً ( يعني سواء كان متغيراً أم لا ) ، والاستقذار والاستحالة إلى روائح كريهة لا يعني النجاسة .
والأصل الجامع في هذا الباب طهارة كل الأعيان حتى يثبت الدليل على النجاسة ، والقيء لم يثبت دليل على نجاسته فهو طاهر " اهـ .
وانظر : "المجموع" (2/570) ، "المغني" (1/485) .
ثانياً :
وأما نقض الوضوء بالقيء ، فالصحيح من أقوال أهل العلم أن القيء لا ينقض الوضوء ، وانظر السؤال (2570)
الإسلام سؤال وجواب
--------
وهذا السؤال 2570 الذي جاء ذكره في السؤال السابق
السؤال:
هل يحل للمسلم التبرع بدمه ؟ وإذا حدث وتبرع بدمه هل يمكنه أداء الصلاة مباشرة بعد التبرع بالدم ؟
الجواب:
الحمد لله
إذا وجدت الضرورة الداعية إلى هذا النقل فإنه لا حرج فيه على المريض ولا على الأطباء ولا على الشخص المتبرع وذلك لما يأتي :
1- لقوله تعالى : ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً ) فدلت الآية الكريمة على فضل التسبب في إحياء النفس المحرّمة ولا شك أن الأطباء والأشخاص المتبرعين بدمائهم يعتبرون متسببين في إحياء نفس ذلك المريض المهددة بالموت في حالة تركها دون نقل الدم إليها .
2- ولقوله تعالى : ( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم ) فدلت الآية على نفي الإثم عمن اضطر إلى المحرم والمريض مضطر إلى إسعافه بالدم ولا حرج على الغير في تبرعه وبذله .
3- أن قواعد الشريعة الإسلامية تقتضي جواز التبرع بالدم إذ من قواعدها أن الضرورات تبيح المحظورات وأن الضرر يزال والمشقة تجلب التيسير والمريض مضطر ، ومتضرر ، وقد لحقته المشقة الموجبة لهلاكه فيجوز نقل الدم إليه . ( ومزيد من التفصيل حول موضوع التبرع بالدم تحت سؤال رقم 2320 )
وأما انتقاض الوضوء بخروج الدم فهذه المسألة مما اختلف فيه أهل العلم رحمهم الله تعالى فمن ذهب إلى نقض الوضوء استدل بحديث أبي الدرداء رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ " . وقاس عليه الدم بجامع أنه نجس خارج من البدن .
والحديث قد رواه أحمد 4/449 وأبوداود 2981 والترمذي 87 وقال : وَقَدْ رَأَى غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ مِنْ التَّابِعِينَ الْوُضُوءَ مِنْ الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ الْمُبَارَكِ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ و قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَيْسَ فِي الْقَيْءِ وَالرُّعَافِ وُضُوءٌ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ . انتهى وهو رواية عن أحمد ، قال البغوي : وهو قول أكثر الصحابة والتابعين .
والراجح أن خروج الدم ليس بناقض للوضوء وإن كان الوضوء منه مستحباً ودليل ذلك ما يلي :
1-البراءة الأصلية ، فالأصل بقاء الطهارة ما لم يثبت ضدها ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على النقض ولذا قال الإمام النووي رحمه الله : لم يثبت قط أن النبي صلى الله عليه وسلم أوجب الوضوء من ذلك .
قال الشيخ ابن سعدي رحمه الله : الصحيح أن الدم والقيئ ونحوهما لا ينقض الوضوء قليلها وكثيرها لأنه لم يرد دليل على نقض الوضوء بها والأصل بقاء الطهارة .
2- عدم صلاحية قياس الدم على غيره لأن علة الحكم ليست واحدة .
3-أن نقض الوضوء بخروج الدم خلاف ما ثبت عن السلف من آثار ومن ذلك :
صلاة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجرحه يثعب دماً ، وقال الحسن البصري رحمه الله : ما زال المسلمون يصلون في جراحاتهم .
4-أن كون النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بعد القيئ لا يدل على الوجوب لأن القاعدة أن فعل النبي صلى الله عليه وسلم المجرّد غير المقترن بما يدل على الأمر لا يدل على الوجوب ، وغايته الدلالة على مشروعية التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ، ولذا قال شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله : استحباب الوضوء من الحجامة والقيئ ونحوهما متوجه ظاهر .
فخلاصة ما تقدم :
جواز التبرع بالدم ، وأن المتبرع يستحب له أن يتوضأ بعد تبرعه بالدم وإذا لم يتوضأ فلا حرج عليه . والله تعالى أعلم .
ينظر في مسألة التبرع :
المختارات الجلية للشيخ عبدالرحمن بن سعدي 327 ، أحكام الأطعمة في الشريعة للدكتور عبد الله الطريقي 411 مجلة المجمع الفقهي عدد 1 ص 32 ، نقل الدم وأحكامه للصافي 27 أحكام الجراحة الطبية للدكتور الشنقيطي 580
وفي مسألة نقض خروج الدم للوضوء :
مجموع الفتاوى 20/526 شرح عمدة الفقه لابن تيمية 1/295 المغني لابن قدامة 1/234 توضيح الأحكام للبسام 1/239 الشرح الممتع لابن عثيمين 1/221
الإسلام سؤال وجواب
الشيخ محمد صالح المنجد