المسألة الثالثة: في الهدي وأحكامه:
الهدي: ما يهدى إلى البيت الحرام من بهيمة الأنعام -الإبل والبقر والغنم- تقرباً إلى الله تعالى.
أنواع الهدي:
1 - هدي التمتع والقِران: وهو واجب على من لم يكن حاضر المسجد الحرام، وهو دم نسك لا جبران؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة: 196].
فإن عدم الهدي أو ثمنه صام ثلاثة أيام في الحج، ويجوز صيامها في أيام التشريق، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لقوله تعالى: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ) [البقرة: 196] ويستحب للحاج أن يأكل من هدي التمتع والقران لقوله تعالى: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) [الحج: 36].
2 - هدي الجبران: وهو الفدية الواجبة لترك واجب، أو ارتكاب محظور من محظورات الإحرام، أو بسبب الإحصار عند وجود سببه؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة: 196]، ولقول ابن عباس: (من نسي من نسكه شيئاً أو تركه، فليرق دماً) (هو ثابت عن ابن عباس من قوله، كما قال ابن عبد البر (الاستذكار 12/ 184) والألباني (الإرواء 4/ 299).
وهذا النوع لا يجوز الأكل منه، بل يتصدق به على فقراء الحرم.
3 - هدي التطوع: وهو مستحب لكل حاج ولكل معتمر؛ اقتداء بالنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقد أهدى مائة بدنة في حجة الوداع.
ويستحب الأكل منه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر من كل جزور بِبَضْعَةٍ، فطبخت، وأكل منها، وشرب من مرقها. (رواه مسلم برقم (1218) والبَضعة: القطعة من اللحم.
ويجوز لغير المحرم أن يبعث هدايا إلى مكة لتذبح بها؛ تقرباً إلى الله تعالى، ولا يحرم عليه شيء مما يحرم على المحرم.
4 - هدي النذر: وهو ما ينذره الحاج تقرباً إلى الله عند البيت الحرام، ويجب الوفاء بهذا النذر؛ لقوله تعالى: (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج: 29]. ولا يجوز الأكل من هذا الهدي.
وقت ذبح الهدي:
هدي التمتع والقران يبدأ وقته من بعد صلاة العيد يوم النحر، إلى آخر أيام التشريق.
أما ذبح فدية الأذى واللبس فحين فعله، وكذلك الفدية الواجبة لترك واجب.
وأما دم الإحصار فعند وجود سببه، وهو شاة أو سبع بدنة أو سبع بقرة، لقوله تعالى: (فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ) [البقرة: 196].
مكان الذبح:
هدي التمتع والقران: السنة أن يذبحه بمنى، وإن ذبحه في أي جزء من أجزاء الحرم جاز.
وكذلك فدية ترك الواجب وفعل المحظور فلا تذبح إلا في الحرم، عدا هدي الإحصار، فيذبحه في موضعه. أما الصيام فيجزئه في كل مكان.
والمستحب أن يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لقوله تعالى: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ) [البقرة: 196].
ويستحب أن يذبح الحاج بنفسه، وإن أناب غيره فلا بأس بذلك، ويستحب أن يقول عند الذبح: بسم الله، اللهم هذا منك ولك.
أما شروط الهدي: فهي شروط الأضحية نفسها:
1 - أن يكون من بهيمة الأنعام (الإبل والبقر والغنم).
2 - أن يكون خالياً من العيوب التي تمنع الإجزاء، كالمرض والعور والعرج والهزال.
3 - أن تتوافر فيه السن المشروعة: فالإبل خمس سنوات، والبقر سنتان، والمعز سنة، والضأن ستة أشهر.