التدواي بالأعشاب ..ماله وماعليه
* القاهرة - تحقيق - دعاء نبيل فايد:
قد يعتقد البعض أن الرجوع إلى استخدام النباتات الطبية والأعشاب في معالجة الأمراض إنما هو ضرب من التخلف والردة، وكان من الممكن أن يجد هذا الرأي بعض القبول إذا استطعنا بالفعل قهر المرض والحفاظ على الصحة وتخفيف آلام هؤلاء الذين يعانون المرض؛ ولكن على العكس تزداد أمراضنا ونسمع كل يوم عن أمراض جديدة ولا نجد لها علاجاً، وفي أحيان كثيرة يقف الطب الحديث عاجزاً ولا يملك أن يقدم شيئاً.
وعلى الرغم من أننا لا نستطيع بأي حال من الأحوال أن ننتقص من حجم الانتصارات التي حققها الطب الحديث؛ إلا أننا في حاجة هامة إلى ترشيد المسيرة العلمية في معالجة الأمراض وشفاء الأبدان، وأن نعود بشكل أكبر للطبيعة - وبشكل علمي - للتداوي بالنباتات والأعشاب، بعد أن بات ابتعادنا عن الطبيعة أحد أسباب شقائنا وآلامنا التي باتت تنخر في عظامنا بلا رحمة ولا شفقة.
ربما يكون إدراك أهمية الرجوع إلى الطبيعة وراء الدعوة المستنيرة المتزايدة للاعتماد بشكل أكبر على النباتات الطبية، وهي الدعوة التي تقوم على عنصرين مهمين أولهما استخدام معارف وتراث الأجداد في العلاج بالأعشاب، ووضعها في إطار وقوالب عصرية وثانيهما هو الاستفادة أيضاً من منجزات الطب الحديث لتفادي الآثار الجانبية التي قد تنتج عن استخدام الأعشاب.
وفي هذا الإطار يقول د. عبد الباسط سيد أستاذ ورئيس قسم الفيزياء الحيوية الجزئية والطبية بالمركز القومي للبحوث وعضو جمعية المواد الحيوية بالولايات المتحدة الأمريكية إن التداوي بالأعشاب واقع علمي، لأن الله خلق النباتات على الكرة الأرضية قبل أن تطأها قدم إنسان أو حافر حيوان، وأصبحت النباتات بذلك هي الغذاء الأساسي لكل مخلوق، كما أن الله جعل النباتات من أساسيات الحياة، فأوجد فيها الدواء للأمراض وأعطى الحيوان الذي لا يعقل ولا يفكر غزيزة الاهتداء إلى نوع النباتات التي تشفيه من مرضه؛ ولكن الله منح الإنسان العاقل وحده منحة الاهتداء بالدراسة والتجارب والاستنتاج إلى النباتات التي تشفيه من الأمراض.
الأعشاب الصينية
ويضيف د. عبد الباسط أن التقرير القومي للصين يشير إلى أن العلاج بالطب غير التقليدي يبلغ حوالي 10% من قيمة الدخل القومي الكلي، وذلك بعد أن أدت العودة إلى التراث الصيني على سبيل المثال إلى علاج الأمراض المستعصية في الحي الصيني في نيويورك وكذلك في وسط أوربا باللجوء للأعشاب في علاج حالات الإكزيما والحساسية والضعف الجنسي وتسمم الحمل والسمنة المفرطة والنحافة المفرطة والخلل الهرموني والنقرس وحالات تصلب الشرايين والشلل الرعاش وزيادة المناعة الطبيعية والصداع المزمن والنصفي وآلام أعصاب الوجه والصرع وضعف الذاكرة... وغيرها من الأمراض التي عجز الطب عن الشفاء منها، وكان من بين الأمراض التي عالجها الطب الصيني أيضاً أنواع من السرطان.
وأضاف د. عبد الباسط أن التراث العربي والإسلامي والمسيحي المتاح في العالم العربي بخصوص هذا الشأن يزيد على مثيله الصيني في العلاج بالأعشاب - إن لم يكن ضعفه فهو أكثر منه - إلا أننا لم نستفد من هذا التراث كما ينبغي، ونقننه التقنين العلمي الصحيح، كما كانت كل الجهود في هذا السياق جهوداً فردية، أو لفرق بحثية محدودة واجهت الصعوبات والتحديات، وتُرك هذا التراث لكي تحتكره مهنة العطارة التي يتحكم فيها السعي إلى الكسب المادي فقط، مع الجهل بالأثر السمي لبعض الأعشاب بالإضافة إلى التعاطي العشوائي، وعدم تحديد الجرعات وعدم الإلمام بالمواد الفعالة.
تجارب ناجحة
ويشير د. عبد الباسط إلى أن ذلك هو ما جعله يسعى إلى تحويل الأعشاب إلى دواء في شكل كبسولات أو أقراص تحتوي على منتجات طبيعية ذات آثار وقائية وعلاجية وأغراض خاصة، وذلك بعد أن طُبقت بالفعل تجارب عديدة منها مثلاً العلاج المضاد للفيروس، وهو عبارة عن العصير الخلوي لنباتين بريين من القرعيات، أحدهما يحتوي على كمية من السموم أمكن فصلها بالطرق الطبيعية، وتم التعرف على ما بها من مواد فعالة، ووجد أنها تحتوي على أربع مواد فعالة أساسية تكون فيما بينها تأثيراً تعاونياً للقضاء على الفيروس، وبحساب هذه المواد الأربعة وجد أنها تساوي 82 كيلو جول وهو الرقم اللازم لتقطيع ضفيرة الفيروس.
وقد تم تجريب ذلك على خمسة آلاف مريض مصابين بالالتهاب الكبدي الفيروسي (c)، وأوضحت النتائج أن نسبة الاستجابة تزيد عن 86%، وكذلك على عدد 200 مريض مصابين بالالتهاب الكبدي الفيروسي (B) وكانت نسبة الاستجابة تزيد على 90%، والفضل في هذا كله لله سبحانه وتعالى الذي ألهمنا ومنحنا سر هذه الأعشاب؛ لأن هناك كثيراً من الأمراض التي تم علاجها بالأعشاب الطبيعية والتي أمكن تقنينها علمياً منها، قطرة علاج المياه البيضاء في العيون، والصدفية، الروماتيزم المفصلي، الذئبة الحمراء، والطفيليات، والديدان، والخلل في الاتزان الهرموني، وتليف الكبد، والاستقصاء الناتج عن الكبد، والسمنة وزيادة الوزن، والعلاج المكمل للعلاج الكيميائي للسرطان، والالتهاب الكبدي الفيروسي c، B (براءة اختراع أوربية وأمريكية) وكثيراً من الأمراض التي تم علاجها أيضاً بالأعشاب المقننة علمياً.
علاج عرض... ولا دواء مرض
أما أ.د نجوى الإسناوي الأستاذة بالمركز القومي للبحوث فتؤكد أن الطب الكيميائي لا يشفي المرض تماماً، فالفيروسات بجميع أنواعها ليس لها علاج قاتل وإنما يوجد لها مسكنات، وحتى الأنفلونزا ليس لها علاج وإنما مسكنات لأعراضها فقط؛ ونفس الأمر بالنسبة لفيروس C فلا يوجد أي شيء يعالجة كيميائياً وإنما الأدوية الموجودة تسكن المرض ولا تعالجه أبداً.
وعلى سبيل المثال، فإن فيروسات herbs التي تصيب الفم نتيجة نوع من الأمراض التي تصيب المعدة أو الجهاز الهضمي، فإن كل ما تفعله الأدوية التي نتناولها هو أنها تعالج الفيروسات الناتجة عن الفيروسات الأكبر، أما المرض نفسه فإنها لا تعالجه.
وعن العلاج بالأعشاب تقول د. نجوى إن الأعشاب مواد فعالة وسامة في نفس الوقت وعندما نعطي هذا العشب للمريض العادي ليغليه مثلا أو ليشربه، فإن المواد السامة تسري في الجسم أسرع من المواد الفعالة.. وعندها نضر المريض، ومن هنا تبرز أهمية التعامل مع الأعشاب بحرص وأن يتم التداوي بها عبر مصدر موثوق وعبر جهة بحثية محترمة، أما أخذ الأعشاب من جهات غير متخصصة، فمعنى ذلك أننا نأخذ العشب ومعه السم، ولا شك أن إدراك الكثير من شركات الأدوية لتلك المسألة هو ما يدفعها حين تستخدم الأعشاب لصنع العقاقير والأدوية أن تضع عليها مواد مضادة للسموم.
العسل ومرضى السكر
ويؤكد د. حسام فتحي أستاذ الكيمياء بكلية العلوم الأمر نفسه فيقول عن الطب الكيميائي إنه فعلاً لا يشفي المرض وإنما يشفي عرضاً، فمثلاً علاج مرض السكر لا يشفي الإنسان من المرض وإنما هو يخفضه لفترة معينة ثم يعيده مرة أخرى، ولكن هناك أشياء في الطبيعة تقضي على هذا المرض تماماً فمثلاً، ترددت مقولة خاطئة بأن العسل يضر بمرضى السكر، إلا أن الدراسات أثبتت أن العسل النقي الذي يتمتع بكفاءة عالية يساعد في شفاء مرضى السكر وتأثيره أفضل من الأنسولين ولكن بشرط أن ينقي العسل بطريقة حذرة، بحيث يصوم النحل قبل القطفة بثلاث أو أربع أشهر ليعطينا عسلاً طبيعياً جداً ونقي ولكن إذا لم يصم النحل، فإن هذا العسل يكون مخلوطاً بماء وسكر.
الطب القرآني
ويقول د. خالد منتصر أخصائي الأمراض الجلدية والذكورة بجامعة قناة السويس عن هذه القضية إن الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي والاستخدام الخاطئ للأعشاب هو ما جعل الناس تبحث عن بديل، وفي الفترة الأخيرة على سبيل المثال خرجت إلينا طبيبة بيطرية تزف علينا خبر نجاح العلاج ببول الإبل وافتتحت عيادة لتمارس فيها أسلوبها الجديد في العلاج، مدعية أن هذا البول يساعد على علاج الكلى وزيادة الكولسترول في الدم وأيضاً علاج الالتهاب الكبدي الوبائي ويعالج بل يقضي على الفيروس تماماً الذي يتكاثر بسرعة في الدم، وهكذا - والكلام ما زال على لسان د. خالد منتصر - فإن المشكلة لم تعد تقتصر على رجل الشارع العادي ولكنها دخلت أروقة الجامعات وصفوف العلماء أو المتعلمين.
النباتات العطرية
ويشير د. أحمد مصطفى الراوي وهو صاحب شركة عطارة وأعشاب أن التداوي العشبي يتم باستخدام العشب ولكن لابد أن نستخرج منه المواد السامة، وأن نضيف عليه مذيبات كميائية أو أعشاب نازعة للسموم، فحتى تلك الأعشاب التي لا تحتوي على السموم، فإنها تحتوي على الفطريات والبكتيريا، لذا يجب أن يتم التعامل بدراية كافية مع الأعشاب لانتزاع السموم منها ومنعها من أن تتسبب في آثار جانبية كالإسهال والتهاب المرارة، وعلى سبيل المثال، فإن الكثير من الأطباء ينصحون باستخدام عشب يسمى (رجل الأسد) للتخسيس ولكن تبين أن هذا العشب يتسبب في التهابات المرارة.