منقول من د. خالد منتصر - ايلاف GMT 15:45:00 2005 الأربعاء 6 أبريل الحب والجنس:
عندما تسأل شاباً إنفصل عن رفيقته بعد قصة حب طويلة. لماذا لم تتزوجها؟، فيرد عليك أشهر وأغرب رد عربى مختوم بخاتم النسر: ماأقدرش أتجوز واحدة مشيت معاها!، وإذا طلبت منه تفصيلاً أكثر يقول: يعنى ماأقدرش أتجوز واحدة مسكت إيدها أو بوستها، ثم يعقب على كلامه بالحكمة الخالدة "الست اللى تعطى نفسها لراجل تعطى نفسها لأى راجل بعد كده".
بين هذه المعانى والمفاهيم تختلط الحدود، وتتوه الفواصل، وتميع التحديدات، ويصبح الحب كالجيلى، والجنس كقنديل البحر، معانى ومفاهيم هلامية.
ثم تتردد كلمات مثل "الحب شئ والجواز شئ تانى"، أو "أنا ممكن أمشى مع واحدة لكن لازم أتجوز واحدة تانية"، وكأنه يدخل فى علاقة الحب ليختبر طهارتها، ويضع لها الفخ تلو الآخر كى يقيس عفتها بالملليمتر، ويتناسى أنها عندما قبلت أن تمسك يده فهى قد قبلت لأنها يده هو، يده التى تحس بها عندما تتسلل بين أصابعها بأنها فى جنة الأمان المفتقد، وأنها عندما وافقت على أن تحتضن شفتاه شفتيها فإنها كانت فى تمام الثقة بأنه سيفهم رسالتها التى كتبتها بإرتعاشة الفم، إنها بكل تأكيد لم تكن مومساً أو عاهرة، ولكنها كانت تصدق وتثق ولاتتخيل أنها فى إمتحان، لأن أبسط قواعد الإمتحان أن تخبرها بالميعاد، وأن تطلعها أيضاً على المنهج!.
علاقة الحب بالجنس والتأثير المتبادل بينهما علاقة مركبة ذات تأثير متشابك، وقد تحولت هذه العلاقة على أيدينا إلى وصايا كالتى تكتب على أغلفة كراسات المدارس من قبيل "إغسل يديك قبل الأكل وبعده"، بينما علاقتهما أكثر سحراً وأكثر تعقيداً وليس فيها على الإطلاق كتاب الوزارة.
الجنس بدون حب:
يقسم علماء النفس الجنس إلى جنس عرضى أو جنس الصدفة وجنس العلاقة، وببساطة -أعتقد أنها مخلة بعض الشئ - الجنس العرضى هو الجنس الذى يتم بدون حب، على عكس النوع الثانى وهو الذى يبنى على الحب، والتبسيط مخل بعض الشئ كما ذكرت لأنه من الممكن أن يتطور الجنس العرضى إلى حب، وأيضاً من الممكن أن يتم جنس العلاقة بدون حب.
الجنس الذى يتم بدون حب، هو جنس ميكانيكى بحت وسريع، يتم وكأن طرفى العلاقة يؤديان واجباً مدرسياً فى أجازة نصف السنة!، والجنس هنا غير شخصى، بمعنى أن المهم فيه هو أنه جنس فقط وليس أنه جنس مع فلان أو فلانة، إن الجنس هنا جملة مبنية للمجهول، الحب فيها ضمير مستتر تقديره غير موجود!.
الجنس فى هذه الحالة ممكن أن يكون مثيراً ولكنه ليس ممتعاً، يمكن أن يرضى الحاجة البيولوجية ولكنه لايرضى الحاجة النفسية، والشخص الذى يمارس مثل هذه العلاقة من الممكن أن تمنحه العاهرة كل الخبرات والمثيرات والمشهيات، ولكنه يفتقد معها الثقة والتواصل الروحى وطزاجة المشاعر.
الفرق بين ممارسة الجنس مع عاهرة أو حبيبة، أنه مع الحبيبة يحتفظ الإنسان ببنائه النفسى سليماً وبكيانه متماسكاً حين يخلع الملابس وحين يرتديها ثانية، أما مع العاهرة فبعد إنتهاء العلاقة يرتدى ملابسه سريعاً وهو ينظر فى الساعة ويتحسس جيوبه وعيناه مليئتان بالذنب.
الجنس بدون حب، طعام به كل السعرات الحرارية حقاً، ممكن أن يكون طعاماً صحياً كأكل المستشفيات، ولكنه بدون شك طعام مسلوق وغير ممتع وناقص بالبلدى النفس!!.
الجنس بدون حب سيكون مقياس نجاحه هو كيف إنتصبت كرجل وإلى أى مدى؟ وكيف إنقبضت عضلات حوضك كإمرأة وكم من الزمن؟، وما هى كمية القذف وسرعته؟، وكأننا فى برج مراقبة بالمطار، وهنا لا مكان لأسئلة من قبيل كيف شعرت بى؟ وإلى أى مدى؟، وما هى كمية التواصل وسرعته؟!!!.
الحب بدون جنس:
فى أحوال كثيرة يمارس الحب بدون جنس، فيتفق الطرفان على عدم الإقتراب حتى يتم الزواج، أو يتم هذا تحت ظروف خاصة وإجبارية مثل المرض الخطير لأحد الطرفين، أو بعده الجغرافى نتيجة لسفره مثل ما يحدث لنسبة كبيرة عندنا من الزوجات حين يسافر الزوج إلى بلاد الخليج، هنا فى أغلب الأحيان يكون القرار فردياً يتخذه طرف وعلى الطرف الاخر السمع والطاعة والإمتثال ومواجهة دوامات الإكتئاب والإحباط بدون أى طوق للنجاة، هنا توجد ملاحظة بالنسبة للنوع الأول الذى يتفق فيه الطرفان على الحب بدون جنس، ففى الغالب يتخذ هذا القرار لإعتبارات دينية وأخلاقية، وهذا يوجه النظر إلى العلاقة الوطيدة ما بين الدين والجنس.