جاءت إليها أمها ووجهها يتهلل بالبشر، تكاد أساريره أن تنطق فرحا، وقالت: بنيتي، لقد جاء فلان وابنه لخطبتك. ألجم الفرح الفتاة وأخرس لسانها، ونطقت عيناها ببريق السرور: الآن سيتحقق حلمي؛ أبني بيتا من السعادة، وأربي جيلا يكون قطعة مني، أربيه على ناظري، يكون عونا لي في الدنيا وذخرا لي في الآخرة.. لم تبت تلك الليلة فهي لا تحتاج النوم بعد أن تحولت أحلام نومها إلى حقائق تداعب يقظتها.
وافق أبوها على الخطبة، وتمت الرؤية الشرعية، سُرَّ بها العريس، وسُرَّتْ به، وابتدأ الجميع يوزعون بطاقات الدعوة لليلة الفرح الموعودة.
ذهب العريس إلى عمله، أخبر بعض أصحابه بأنه سيتزوج ابنة فلان، بارك له الجميع، وفي اليوم التالي جاءه أحد زملائه، وقال له: الله الله أنت إذن ستتزوج الكاتبة الفلانية التي تكتب في المنتدى الفلاني؟ نظر العريس إلى زميله متعجبا عمن يتحدث؟! وما هذا الكلام؟!
قال زميله: خطيبتك كاتبة في منتدى بالاسم الفلاني؟
- وما أدراك؟ ومَنْ أعلمك؟
- أختي تعرفها وأسرت لها بذلك، وهي تكتب باسم مستعار، أتريد أن تعرف المنتدى لتشاهد مواضيع خطيبتك؟
قال العريس والعرق يتصبب: ولم لا؟ فتح الزميل المنتدى، استخرج بالبحث جميع مواضيعها، ثم بدأ الاثنان في التصفح؛ فهاهي ترد على فلان، وتشكر فلانا، وتتناقش مع فلان، وتضحك من طرفة فلان، وهذا فلان يمدح ما تكتب ويثني على ما تقدم، وهي ترد عليه بالثناء والشكر.. احمرَّ وجه الخطيب، وخرج من المكتب واتصل ببيت خطيبته، وقال لأمها: هل تسمحين لي أن أكلم خطيبتي؟ قالت أمها: لا مانع.. أخذت البنت الهاتف وقلبها يخفق ويداها ترتجفان تخشى من سماع الكلام المعسول، أو ألا تملك القدرة على الرد وهو يحدثها عن بيت المستقبل.. لكنه فاجأها بسؤال واحد: هل أنت الكاتبة الفلانية في المنتدى الفلاني؟ قالت: نعم أنا هي، قاطع حديثها، وقال: آسف، أنا لا أتزوج فتاة إنترنت وأغلق السماعة.
منقوووووووووووووووووووووووول