رحلة ليست كأي رحلة .. رحلة في كنف الله - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

أرشيف السياحة والسفر والرحلات موضوعات مفيدة في السفر والسياحة

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 07-12-2010, 02:40 PM
  #1
مهره
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية مهره
تاريخ التسجيل: Aug 2003
المشاركات: 17,491
مهره غير متصل  
رحلة ليست كأي رحلة .. رحلة في كنف الله

بسم الله الرحمن الرحيم



في بداية القول لابد من حمد الله حمداً كثيراً على نعمته وزرقه وتيسيره .. أن رزقني حج بيته الحرام .. وأعانني ـ بالعمر والصحة والمال ـ على أداء فريضته العظيمة.

اللهم لك الحمد حمداً كثيراً .. ولك الشكر شكراً جزيلاً.




رحلة الحج ليست كأي رحلة .. فهي رحلة إلى الله ومع الله .. والخطوات التي تأخذنا إلى بيت الله الحرام ليست كأي خطوات .. فنحن نسير إلى أرض الله المباركة .. ونتوجه إلى بيته العتيق .. ومع كل خطوة وفي كل ساعة نشعر بقلوبنا تفز من هيبة الموقف وحلاوة اللقاء.


تشعر حينها أنك لست كأي إنسان ... فأنت حاج.

وسبحان الله شعرت في الحج أنني إنسانة غير عادية .. وأنني أؤدي مهمة عظيمة .. أسأل الله أنني أديتها كما يحب ويرضى.





بدأت رحلتنا في اليوم السادس من شهر ذي الحجة .. حيث وصلنا إلى مطار جدة ومنه انطلقنا إلى مكة المكرمة بالباص .. ثم وصلنا إلى السكن الذي كان عبارة عن عمارتين إحداهما للرجال والأخرى للنساء .. ووضعنا حقائبنا وارتحنا قليلاً ثم انطلقنا لنعتمر بعد ساعات قليلة من الوصول ـ باعتبارنا متمتعين ـ ولأننا في موسم الحج والزحام أمر مفروغ منه فقد توقعنا عدم تمكننا من الطواف في صحن الحرم .. وأننا سنضطر للطواف في الطابق الأعلى .. ولكن الحمدلله الذي يسر لنا الطواف في الصحن .. واستطقنا بعون الله الاقتراب أحياناً من الكعبة المشرفة لدرجة أننا في أحد الأشواط طفنا ما بينها وبين مقام إبراهم.

ولكننا لم نحلم بأكثر من ذلك .. ولم نجرؤ على التفكير في استلام الحجر الأسود أو الركن اليماني مثلاً

كان المكان يضيق علينا بعض الشيء بدءاً من الحجر الأسود وما بعده بقليل .. ولكن سبحان الله كنت أشعر دوماً بنسمة باردة تلفح وجهي كلما اقتربنا من مقام إبراهيم وبعد تجاوزه بقليل .. كما أن الزحام كان يقل مع اقتربنا وتخطينا الركن اليماني .. حيث تصبح الحركة أكثر سهولة والاحتكاك بالطائفين أقل .. ثم يشتد الزحام مرة أخرى مع اقترابنا وتخطينا الحجر الأسود في الشوط التالي.

طبعاً كان زوجي العزيز يمثل لي الدرع الواقي في حال تعرضت لأي دفع .. حيث كان يطوف خلفي مباشرةً بحيث أشير له بيدي عندما أشعر بأن أحد الطائفين قد يلتصق بي أو يعيق حركتي فيرفع ذراعه ليبعده عني قليلاً .. وكان ينجح في هذا غالباً ويُغلب على أمره أحياناً قليلة .. وسبحان الله رغم حدوث بعض الاحتكاك بالطائفين إلا أنني لم أشعر بالضيق أو النفور ـ على عكس ما كنت أتوقع ـ بل كنت أشعر بسكينة في قلبي جعلتني أبتسم لمن حولي حتى لو ضايقني أحدهم عن غير قصد.


أما الطريف أثناء الطواف فهو بعض النساء اللواتي كنّ يطفن بعباءات طويلة تزحف خلفهن على الأرض .. حيث كنت أدوس أحياناً على عباءة إحداهن مما كان يسبب إرباكاً واحتمالية السقوط .. ولكن الله سلّم .. ومع تكرار هذا الموقف اضطررت في النهاية أن أهمس للواحدة منهن: ارفعي عباتج عن الأرض الله يرضى عليج.

بشكل عام كان الأمر هيناً والحمدلله .. وكان وقتاً رائعاً انشغلت في الجزء الأكبر منه بالدعاء والاستغفار والتسبيح .. والجزء اليسير كنت أنظر فيه إلى الناس من حولي وأستشعر معنى وجودنا جميعاً في هذا المكان العظيم دون الالتفات لجنس أو جنسية أو أبيض أو أسمر.


ومن المواقف التي يؤسف لها أن بعض الحجاج بعد إنهاء طوافهم فإنهم يصلون ركعتي السنة على مسافة قريبة جداً من مقام إبراهيم .. غير مراعين الزحام وكثرة عدد الطائفين التي لا تسمح لهم بصلاة هادئة وخاشعة .. كما أننا أثناء الطواف وبسبب كثرة الناس لا يمكن أن ننظر تحت أقدامنا .. والنتيجة أنني أثناء طوافي ضربت بقدمي رأس أحد المصلين الذي كان ساجداً في صلاته خلف المقام .. أسأل الله ألا أكون قد آذيته أو آلمته .. وأسأله تعالى أن يعفو عني فوالله لم أرَه خلال طوافي.


بعد الطواف صلينا ركعتي السنة خلف مقام إبراهيم .. ولكن نظراً للزحام فقد صلينا على مسافة غير قريبة من المقام .. ثم شربنا ماء زمزم .. ويا حلاة ماء زمزم .. ثم توجهنا إلى المسعى الذي كان السعي فيه يسيراً والحمدلله .. حيث لم يكن هناك زحام يذكر والحركة كانت في منتهى السلاسة.











أنهينا العمرة بفضل الله ثم عدنا للسكن مع فجر اليوم السابع .. حيث قصرنا وتحللنا .. نمنا قليلاً .. وبعد أن استيقظنا سنحت لنا الفرصة حينها للتعرف على زميلات السكن في الغرفة المخصصة لنا .. وألفنا بعضنا لدرجة أننا ذهبنا للسوق ظهراً معاً .. وحدث أننا لم نتمكن من معرفة الطريق الصحيح فعدنا للسكن على أن نعاود المحاولة عصراً .. وبالفعل صلينا العصر وعدنا إلى السوق .. ولكن سبحان الله الذي لم يشأن لنا أن نستغرق وقتاً طويلاً حيث عدنا مع أذان المغرب .. وقد اشتريت سجادات صلاة ومسابيح فقط.

ولمن يعرف قصة طبطاب الجنة .. فقد حاولت أن أعثر عليه ولكن يبدو أنني كنت أسأل عن مخلوق فضائي مجهول الهوية!!


قضينا باقي اليوم السابع في السكن ما بين عبادة فردية واستماع للشيخ المرافق لحملتنا .. الذي كان يرافقنا صوته على مدار اليوم خاصةً بعد كل صلاة .. حيث كان يقيم في قسم الرجال ونستمع له نحن النساء عبر الميكروفونات .. فكان جزاه الله خيراً يحدثنا عن مناسك الحج تارةً وعن بعض المواضيع الدينية المختلفة تارةً أخرى .. كما كان يجيب على أسئلة الحجاج (الرجال يسألونه مباشرة والنساء يبعثن له رسائل نصية عنر الموبايل) .. وكان هذا حاله على الدوام بارك الله فيه .. حيث كان حريصاً إضافةً إلى كل هذا على توضيح وشرح العمل المطلوب من الحجاج في كل يوم من أيام الحج.




وفي صباح اليوم الثامن انطلقنا إلى منى حيث أحرمنا في الباص قبل تحركنا .. وبعد الوصول ذهب كلٌ إلى المخيم المخصص له رجالاً ونساءً .. ووضعنا حاجياتنا وقضينا هذا اليوم ما بين دعاء وصلاة وقراءة قرآن ... وطبعاً بعض السوالف .. ولكن الحمدلله كانت صحبة السكن ـ وهي ذاتها كانت معنا في المخيم ـ صحبة صالحة تعي أهمية العبادة في هذه الأيام المباركة وعدم التفريط فيها .. لذلك فإننا رغم بعض السوالف والحكاوي كنا نعود بعد قليل للتعبد والدعاء والتسبيح وقراءة القرآن.











ومع اقتراب اليوم من نهايته طلب منا مسؤول الحملة أن نستعد للتوجه إلى عرفة في تمام الثانية بعد منتصف الليل .. وذلك تحسباً للزحام ولأننا لو انطلقنا مع الفجر فربما يعوقنا الزحام ونتأخر كثيراً عن الوصول .. وبالفعل وصلنا إلى مخيمنا في عرفة قبل الفجر بقليل.





وعندما أشرقت شمس اليوم التاسع اتصلت بزوجي أسأله: هل سنبقى في المخيم هكذا طوال الوقت؟ نريد أن نخرج لنرى جبل عرفة من بعيد على الأقل .. فأحبطني قائلاً إن مسؤول الحملة قال إن الجبل بعيد عن المخيم بمسافة طويلة وقد نضل الطريق ذهاباً أو إياباً .. لذلك فالبقاء في المخيم أفضل

سلمت أمري إلى الله مع أنني كنت متشوقة جداً لرؤية جبل عرفة والحجاج منتشرون من حوله .. وقضينا نهارنا في الدعاء وقراءة القرآن .. ودعوت لي ولأبنائي ولزوجي ولأهلي وأهل زوجي ولمعارفي ولكم جميعاً .. أسأل الله أن يتقبل دعائي.


كان معظمنا يستشعر عظم هذا اليوم .. حريصاً على استغلال دقائقه ولحظاته أفضل استغلال .. وبعد أن صلينا الظهر والعصر جمعاً قمت أبحث عن مكان أختلي فيه بنفسي .. فرأيت في طريقي كثيرات تبارك الرحمن قد منّ الله عليهن بالخشوع والتضرع منهمكات في الدعاء والقراءة .. ثم رأيت إحدى زميلات السكن تبحث لنفسها عن خلوة هي الأخرى .. فصحبنا بعضنا وجلسنا في مكان بعيد قليلاً عن الأخريات وعاشت كل منا مع نفسها لتستمع بحلاوة هذا اليوم العظيم ولسان حالها يقول: هي لحظات معدودة لا يجب التفريط فيها .. فإن هي ذهبت فلن تعود.

وعند الرابعة عصراً طلب منا مسؤول الحملة التوجه إلى الباصات والبقاء فيها حتى غروب الشمس .. وخيراً فعل لأن الزحام قد اشتد مع اقتراب الغروب ونفير الحجاج ولم نكن سنتمكن من الخروج من المخيم وركوب الباصات بسهولة عندها .. ولكن كان يجب أن ننتظر لبعض الوقت الإضافي بسبب الزحام وكثرة الباصات .. ثم تحركنا أخيراً منطلقين إلى مزدلفة.





يتبع...
__________________


اللهم طِيبَ الأثر .. وحُسْنَ الرحيل.
قديم 07-12-2010, 02:41 PM
  #2
مهره
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية مهره
تاريخ التسجيل: Aug 2003
المشاركات: 17,491
مهره غير متصل  
في مزدلفة لم تكن هناك مخيمات بالطبع .. لذلك فقد قام موظفو الحملة مشكورين بفرش سجاد ونصب حاجز أحاطنا نحن النساء وجلس الرجال على جانبه الآخر .. وبعد صلاة المغرب والعشاء جمعاً قضينا جزءاً من الليل ما بين عبادة وسوالف .. وجزءاً منه في النوم .. وإن كنت شخصياً وجدت صعوبة في النوم كوني غير معتادة على النوم على أرض يابسة .. ولكنني أخذت غفوة قصيرة .. بعدها قمنا لجمع بعض الحصى من أجل الري رغم أن الحملة كانت قد وفرت لكل حاج كيساً صغيراً به الحصى المخصص للرمي.

وخلال ذلك كان المزيد من الحجاج يصلون ويأخذون مجالسهم حولنا وبالقرب منا .. حتى اكتظ المكان بالناس مع اقتراب منتصف الليل.

حتى ذلك الوقت لم أكن متأكدة من الخطوة التالية .. هل سنتوجه للرمي أولاً أم لطواف الإفاضة .. وإن كنت أفضل البدء بطواف الإفاضة هرباً من الزحام الشديد المتوقع .. وكنت بحاجة لمعرفة ذلك قبل تحركنا من مزدلفة حتى أتوضأ لأن الوضوء في الحرم من سابع المستحيلات بالنسبة لي بسبب الزحام الشديد على الحمامات أكرمكم الله.

في النهاية لم أنتظر قرار زوجي وتوضأت وأنا أدعو أن نذهب للطواف أولاً .. وسبحان الله أتصل بي زوجي بعدها ليخبرني بأننا سنتوجه إلى الحرم .. وبالفعل تحركت الباصات من مزدلفة بعد منتصف الليل بقليل حيث أوصلت بعض الحجاج إلى منى لرمي جمرة العقبة وأوصلت البعض الآخر إلى الحرم لطواف الإفاضة .. وبعد أو وصلنا اضطررت لانتظار زوجي لمدة تزيد عن الساعة إلا ربع حتى يتوضأ .. ثم قلنا سنجرب الطواف في صحن الحرم فإن كان الزحام شديداً صعدنا للطابق الأول .. والحمدلله كان طوافنا في الصحن ـ كما في طواف العمرة ـ يسيراً هيناً .. وبعد الطواف صلينا ركعتي السنة وشربنا ماء زمزم .. ثم توجهنا للسعي الذي كان يسيراً أيضاً كما كان وقت العمرة ولله الحمد.









بعد ذلك توجهنا إلى السكن حيث قصرنا وتحللنا التحلل الأول ثم اغتسلنا (وفرت لنا الحملة خدمة الهدي حيث دفع كل حاج مبلغاً من المال على أن تتولى الحملة مهمة الذبح والتصدق) .. ثم عدنا إلى منى لرمي جمرة العقبة.




كان رجوعنا في الصباح الباكر من اليوم العاشر (أول أيام العيد) حيث كانت أفواج الحجاج قد بدأت بالقدوم لذات المهمة .. ولا أخفيكم أنني عندما رأيت تلك الجموع خفت .. فأعطيت حصياتي لزوجي وطلبت منه أن يرمي عني .. ومكثت في المخيم أنتظر رجوعه .. فعاد بعد أكثر من ساعتين وبعد أن عصفت بي الأفكار خوفاً عليه من أن يكون قد أصيب بأذى في ذلك الزحام الرهيب .. حيث أخبرني بأن تأخره كان بسبب طول مسافة طريق العودة .. حيث إن اتجاه السير في طرقات منى واحد ولا يمكن للشخص أن يعود من ذات الطريق التي ذهب منها .. ورغم أن المسافة بين مخيمنا وبين الجمرات قصيرة والوصول إليها كان سريعاً إلا أن طريق العودة كان طويلاً .. وهذا ما أخره.

بعدها قررنا العودة إلى السكن مرة أخرى لأن زوجي كان يحتاج دواءً لقدمه التي كانت قد بدأت تؤلمه من كثرة المشي (كُسرت قدم زوجي منذ بضع سنوات ولا يزال يعاني منها إن مشى عليها طويلاً .. وقد كان التحرك ما بين السكن ومخيم منى مشياً على الأقدام) .. وفي طريق العودة كانت أعداد الحجاج المتوجهين للرمي قد بدأت في التزايد بشكل كبير جداً .. وسبحان الله كانوا مثل السيل البشري .. حيث أعداد هائلة من الناس لا مكان ولا فراغ بينها على طول الطريق وعلى مد البصر.

وللأسف لم أتمكن من التصوير لأن بطارية موبايلي كانت فارغة.

وصلنا للسكن حيث تحدثت مع بعض الأخوات عن أنني وكلت زوجي للرمي .. فأخبرني بعضهن أن ذلك لا يجوز وأنني يجب أن أرمي بنفسي .. فاتصلت بالشيخ المرافق للحملة وسألته فأجاز لي ما فعلت .. ولكن سبحان الله كان قد أصبح في نفسي شيء وشعرت بعد الراحة والتقصير .. فاتصلت بزوجي وأخبرته برغبتي في الرمي بنفسي عندما نعود إلى منى .. وقد كنت أتوقع أن يرفض بسبب ألم قدمه .. ولكنه وافق ربي يحفظه .. وبالفعل عدنا قبل العصر إلى منى وتوجهنا إلى جمرة العقبة ورميت بنفسي .. حيث كان الزحام في ذلك الوقت خفيفاً ـ قياساً بما كان عليه وقت الضحى ـ ولم يكن هناك احتكاك أو تدافع على الإطلاق .. فوصلنا سريعاً ووقفت أمام الشاخص مباشرةً ورميت ولله الحمد .. ولا أستطيع أن أصف لكم شعوري بعد أن أديت واجبي بنفسي .. فقد كان خليطاً من الحماس والانتصار والفخر .. كنت سعيدةً جداً وفي منتهى النشاط رغم إرهاق وقلة نوم اليوم السابق .. وبعد أن انتهيت مازحني زوجي: الحين الله يعينج على طريق الرجوع (بسبب طول المسافة) .. فقلت: وبه نستعين .. ودعوت الله أن ييسر أمرنا .. وسبحان الله الذي سخر لنا رجل شرطة عند أحد الحواجر القريبة من مخيمنا .. حيث سمح لنا بالمرور .. فلم نضطر لقطع كل تلك المسافة الطويلة للعودة.

دخلت المخيم وأنا أكاد أطير من الفرح .. وسلمت على الأخوات وأنا أرفع يدي بعلامة النصر .. وكأنني حققت أكبر إنجاز في حياتي.


كنت في ذلك اليوم أرغب في العودة إلى السكن بعد الساعة الثانية ليلاً (الشيخ أجاز لنا ذلك) .. ولكن سبحان الله الذي لم يشأن لي أن أغادر منى خلال هذا اليوم واليوم التالي .. فقد قدر الله أن يزيد الألم في قدم زوجي فمكثنا تلك الليل حتى يرتاح .. والحقيقة إن الوضع في المخيم لم يكن يساعد كثيراً على النوم بسبب ضيق المساحة وعدم وجود حواجز بين الأسرّة .. فقضيت ليلتي كلها في قراءة القرآن والتسبيح والاستغفار والدعاء.




وبعد صلاة الفجر (اليوم الحادي عشر) لم أتمكن من إبقاء عيناي مفتوحتان ووقعت على فراشي ولم أشعر بمن حولي ونمت من شدة الإرهاق والنعاس .. واستيقظت بعدها بحوالي ثلاث ساعات حيث انتظرنا لما بعد صلاة الظهر وانطلقنا لرمي الجمرات الثلاث وقد دعوت الله بالتيسير .. حيث كان الزحام مقبولاً والمشي يسيراً .. وكما في اليوم السابق لم يكن هناك احتكاك أو تدافع ولله الحمد .. وأعانني الله ووقفت كذلك أمام كل شاخص مباشرةً ورميت بفضله وتيسيره .. ويسر الله لي الدعاء بعد رمي كل جمرة .. وشعرت بخشوع لم أتوقعه من نفسي وسط كل هذه الجموع البشرية .. وكما في اليوم السابق سخر الله لنا شرطياً سمح لنا بالمرور عبر الحاجز القريب من مخيمنا فوصلنا إليه سريعاً.


مع بداية مساء هذا اليوم أبرقت السماء وأرعدت وهطلت الأمطار وتسارعت حركة الريح وبرد الجو قليلاً .. وبعد صلاة العشاء أخبرنا مسؤول الحملة بأن أمراً صدر من البعثة الرسمية الإماراتية للحج بإخلاء مخيم منى والعودة إلى السكن تحسباً لسوء الأحوال الجوية .. وبالفعل احتشد الحجاج نساءً ورجالاً وعاد معظمهم إلى السكن وبقي القليلون .. وخلال ذلك طلب مني زوجي الانتظار قليلاً ليخبرني بعدها بأننا لن نخرج من منى وأننا باقون لليوم التالي ... بصراحة كنت خائفة وقلقة بعض الشيء وقلت له: ماذا لو ساء الجو وتضرر المخيم .. فطمأنني بأن الجو في الخارج أصبح صافياً وحرام نخرب حجتنا بسبب توقع غير مضمون الحدوث .. وقال: توكلي على الله ونامي وانا باتم واعي أراقب السماء .. وإن شفت الغيوم تتجمع بنرجع السكن على طول

في تلك الليلة تحررت من قلقي ونمت ملء جفني .. لأن المخيم كان شبه خالي والمكان متسع والجو أصبح بارداً .. يعني كل الظروف تشجع على النوم



يتبع...
__________________


اللهم طِيبَ الأثر .. وحُسْنَ الرحيل.
قديم 07-12-2010, 02:42 PM
  #3
مهره
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية مهره
تاريخ التسجيل: Aug 2003
المشاركات: 17,491
مهره غير متصل  
استيقظنا فجراً (اليوم الثاني عشر) وانتظرنا لما بعد صلاة الظهر للتوجه للرمي .. ولكن نظراً لأن معظم الحجاج متعجلين ـ مثلنا ـ فقد كان الزحام في الخارج على أشده .. فانتظرنا قليلاً لعل الزحام يخف .. ثم دعوت الله بالتيسير وتحركنا عند الواحدة والنصف تقريباً وانغمسنا في زحام شديد رهيب وكأنه يوم الحشر .. ورغم أنني رأيت بعيني بعض التصرفات المؤسفة بسبب تدافع الحجاج إلا أننا رغم ذلك لم نتعرض لأي أذى والحمدلله.

كنت أتوقع أنني سأضطر للرمي من مسافة بعيدة .. وخشيت أنني لن أتمكن من الرمي بشكل صحيح بسبب هذا .. ولكن سبحان الله الذي ييسر على عباده حيث تمكن زوجي من إفساح طريق لي واستطعت عند كل جمرة الوقوف أمام الشاخص مباشرة والرمي بسهولة ولله الحمد .. أما الدعاء فقد دعوت بما استطعت .. ولكن شدة الزحام وضرورة سرعة المشي حرمني لذة التعمق والخشوع الذي شعرت به في اليوم السابق.











وخلال يومي الرمي كنت أشعر بذات الشعور الرائع الذي شعرت به بعد الرمي في اليوم الأول (الحماس والانتصار والفخر) .. وطوال تلك الأيام الثلاثة كانت العزيزة (جداوية وافتخر) على بالي وأقول: والله صدقتي يا جداوية .. لأنها هي من نصحتني بعدم توكيل زوجي والرمي بنفسي حتى أشعر بقيمة الثواب الذي سأحصل عليه بإذن الله .. ويشهد الله إن كلامها صحيح 100%.


بعد انتهائنا من الرمي عدنا مباشرة إلى السكن مشياً على الأقدام .. ومنذ خروجنا من المخيم وقيامنا بالرمي وعودتنا إلى السكن كان الجو جيداً والحرارة معتدلة مع تجمع بسيط للسحب .. ولكن ما إن دخلنا السكن وبعد حوالي ربع ساعة فقط أبرقت السماء وأرعدت وهطلت أمطار غزيرة وتسارعت حركة الرياح حتى إن الشارع الخلفي الذي تطل عليه نافذة غرفتنا في السكن تحول إلى نهر صغير يمشي الماء فيه بسرعة بسبب الرياح .. فقلت: سبحان الله الذي شاء ألا نخرج من منى وأن يكون أداؤنا للمناسك كاملاً.



كان هذا يومنا الأخير في السكن حيث كان يجب أن نعد حقائبنا ونسلمها للحملة في ساعة مجحدة من اليوم .. على أن توصلنا الباصات إلى الحرم لطواف الوداع بعد ذلك .. وبالفعل تحركنا عند العاشرة مساءً .. حيث بدأن بصحن الحرم كما هي العادة إلا أننا لم نتمكن من الصمود وآثرنا النفاذ بجلودنا والصعود إلى الطابق الأول .. فقد كان الزحام والتدافع في الصحن شديداً جداً جداً ولم يكن هناك مجال للحركة بسهولة .. أما في الطابق الأول فقد كان الوضع أفضل بكثير حيث كان الزحام خفيفاً والحركة يسيرة والحمدلله .. ورغم أن المسافة طويلة في الأعلى قياساً بالصحن إلا أننا كنا نقطع الأشواط بسهولة ونتفاجأ بعد كل شوط أنه انتهى سريعاً فلم نشعر بتعب بفضل الله.

وبعد الطواف شربنا ماء زمزم .. ثم صعدنا للطابق الأخير وصلينا هناك ركعتي السنة.





ومن الأعلى رأينا المسعى الذي كان ممتلئاً على آخرة بالساعين.






بعد أن أتمننا طواف الوداع عدنا إلى السكن مع آذان الفجر .. حيث لم يكن هناك متسع كبير من الوقت للنوم .. وتحركنا بالباصات إلى جدة في الصباح الباكر متوجهين إلى المطار .. وآآآآآه من المطار .. وما أدراك ما المطار .. وما حدث في المطار .. ولا أقول سوى ما مازحت به الأخوات معنا: إنه كان جهاد آخر لعل الله أراد به أن يجبر أي تقصير بدر منا أثناء مناسك الحج.


وعدنا للبلاد بحمد الله



يتبع...
__________________


اللهم طِيبَ الأثر .. وحُسْنَ الرحيل.
قديم 07-12-2010, 02:43 PM
  #4
مهره
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية مهره
تاريخ التسجيل: Aug 2003
المشاركات: 17,491
مهره غير متصل  
لفتات ومقتطفات


في الحج أنت إنسان آخر .. إنسان مختلف .. أو هكذا يفترض أن تكون.

في الحج أنت تستحضر هذه العبادة العظيمة في كل خطوة .. وكل سلوك .. وكل كلمة .. فكل شيء محسوب عليك وعلى عبادتك .. وطوال الوقت تجد نفسك تلقائياً وفي كل موقف أو قبل كل سلوك تقول: أنا حاج يجب أن أفعل كذا .. أنا حاج يجب ألا أقول كذا.

الحج لحظاته ثمينة جداً .. وتشعر أنك لا تريد أن تهدرها بأي حرف أو لفتة تقسده عليك وتفقدك أجره وثوابه.




الصحبة هامة جداً في رحلة كرحلة الحج .. فإن رزقك الله صحبة صالحة فقد كسبت الكثير .. فهي تعينك على عبادتك .. كما أنها تؤثر فيك وفي سلوكك تلقائياً .. فتحاول التمثل بهم فتزداد همتك وإقبالك على العبادة.




خلال الرحلة كنت أسمع تعليقات وانتقادات من البعض على أداء الحملة وخدماتها .. فمنهم من انتقد الطعام .. ومن انتقد مكان النوم في منى .. ومن انتقد مخيم عرفة .. ومن انتقد الوضع في مزدلفة .. ومن انتقد طول الانتظار وطول البقاء في الباصات .. ومن اعترض على مشينا على الأقدام ما بين السكن ومخيم منى ..... كنت أسمع هذه الانتقادات (المرفهة) وأنا أرى في ذات الوقت أناس افترشوا الأرض والتحفوا بالسماء في الحرم وفي طرقات منى .. فلا خيمة ولا فراش .... وأنا أرى أناس تعلقوا بأسطح الباصات لنقلهم إلى عرفة ومزدلفة .. فلا باص مكيف ولا كراسي مريحة .... وأنا أرى أناس يأكلون أقل القليل .. فلا بوفيه مليء بأصناف الطعام ومختلف المشروبات .... وأنا أرى أناس يمشون مسافات أطول بكثير من المسافة التي مشيناها وهم يحملون حقائبهم فوق رؤوسهم وعلى ظهورهم .. فلا وسائل نقل ولا من يحمل عنهم أثقالهم .... فكنت أتساءل كيف يمكن لأي شخص أن يعترض على أي شيء ولا يقدر النعمة التي رزقه الله إياها ويتجاهل أن هناك آخرون يعانون معاناة حقيقية لأداء هذه الفريضة العظيمة؟!!!!




خلال طواف الإفاضة طرأ على ذهني أمر ـ ولا تضحكوا عليّ ـ حيث إن الناس كانوا كثراً وكنت أرى كثيرين يتصببون عرقاً .. وبعضهم كان يتقرب منا كثيراً بحكم الزحام .. ولكنني رغم ذلك لم أشم رائحة منفرة من أي شخص على الإطلاق.




خلال طواف الوداع كانت هناك امرأة عجوز قد تكون سبعينية .. انحنى ظهرها انحناءاً شديداً .. رافقتنا في كل شوط من أشواط الطواف .. رأيتها تمسك بيد زوجها الكهل وتطوف بهمة دون تعب أو كلل .. فتذكرت بعض أخواتنا وإخواننا ـ الشباب ـ الذين رفضوا العودة إلى منى في اليوم التالي من الإخلاء لأنهم تعبوا من المشي!!!








موقف طريف

كما قلت سابقاً كان الإخوان والأخوات يطرحون أسئلتهم على الشيخ المرافق لنا .. وأكثر سؤال تم طرحه طوال أيام الحج هو سؤال عن استخدام مناديل ومعقم الديتول .. حيث كان هذا السؤال يُطرح يومياً وأكثر من مرة في اليوم والواحد بدون مبالغة .. لدرجة أن الشيخ عندما سئل عنه بعد التحلل الأول قال: نعم نعم الآن تستطعيون استخدام الديتول وأم الديتول وأبو الديتول وكل طوايف الديتول







أخواتي وإخواني..

بصراحة فاشلة جداً في الاختصار والتلخيص فلا تنعتوني بالثرثرة .. ولعلي أحببت أن تعيشوا معي لحظاتي في الحج كما عشتها .... فمنكم المعذرة


وسامحوني إن كانت هناك أخطاء غير مقصودة في الموضوع .. فمهرة الله يحفظها يالسة فوق راسي
__________________


اللهم طِيبَ الأثر .. وحُسْنَ الرحيل.
قديم 07-12-2010, 03:28 PM
  #5
رسيـــل
كبار شخصيات المنتدى
تاريخ التسجيل: Mar 2004
المشاركات: 2,470
رسيـــل غير متصل  
تقبل الله منكم ...


صراحة فعلا عيشتيني وشوقتيني للحج مرة اخرى ...


تطورت أشياء كثيرة ....

وكل سنة يزيد شي ... سبحان الله ...



تقبل الله منكم .. حج مبرور وذنب مغفور بإذن الله ...
قديم 07-12-2010, 04:02 PM
  #6
GREEN222
VIP
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 11,121
GREEN222 غير متصل  
عيشتينا معك بكل لحظه


بالعكس سعداء جدااا بكتابتك ويا ريت يكون هندك اخببار اكثر اختك طماعه


والحمد لله انك بقيتي بالخيمه في عرفات لانها لحظات عباده واستغفار ودعاء

انما ليه اصحاب الحمله ما اخذوكم زياره لجبل الرحمه قبل يوم عرفه كنتي استمعتي



الله يتقبل منك ومن زوجك ومن الجميع وعقبال العوده يا رب فانا بشوق كبير
__________________
http://live.gph.gov.sa/
اللهم اني استودعك اولادي
قديم 07-12-2010, 04:03 PM
  #7
معدن الرجوله
قلب المنتدى النابض
تاريخ التسجيل: Jan 2010
المشاركات: 2,020
معدن الرجوله غير متصل  
تقبل الله منكم اختي الفاضلة

وحقيقة أثرت فيه هذه الصورة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مهره مشاهدة المشاركة

..
و بالنسبة لطبطاب الجنة أسأل الله أن يعوضك بالفردوس الأعلى من الجنة لك و لزوجك و ذريتكما
قديم 07-12-2010, 04:09 PM
  #8
GREEN222
VIP
تاريخ التسجيل: Jun 2008
المشاركات: 11,121
GREEN222 غير متصل  
ما هو طبطاب الجنه ممكن تفسرو لنا
__________________
http://live.gph.gov.sa/
اللهم اني استودعك اولادي
قديم 07-12-2010, 04:50 PM
  #9
أمة البديع
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية أمة البديع
تاريخ التسجيل: Dec 2005
المشاركات: 1,737
أمة البديع غير متصل  
عزيزتي أم سلطان

حج مقبول بإذن الله

ذكرتيني لما حجيت أول حجة لي عندما وصلنا إلى رمي جمرة العقبة

كنت صغيرة عمري وقتها خمسة عشر سنة

وطلعت بباص عائلي

رفض أخي الكبير إنو يخليني أرمي بنفسي وقال أنا أرمي عنك

ماني مستعد دخلك وسط الزحمة إنتي قصيرة ونحيفة والله تروحي فيها

فعندت ووقفت جنب عامود وجلست أبكي أمام الجميع وانا أقول له مادخلك فيني

وهو يصرخ من خوفه علي وأنا أبكي

حتى خرج خالي من الرمي ورآنا على هذه الحال

فقال لأخي خلاص روح إرمي انا أدخلها

وبالفعل أحاطني بيده كالسوار وأدخلني إلى أن أوصلني أمام الشاخص ورميت

ومن شدة تأثري كنت أضحك وانا أرمي وخالي يقول لي يابنت أخشعي وانت ترمي مو تتبسمي لإبليس

سبحان الله من 11 سنة كانت حجتي الأولى

وبالفعل الحج مع كل تعبه ماإن تنتهي منه حتى تشتاقي له مجددا

أعتذر عن الثرثرة الطويلة

ولكن موضوعك ذكرني بالذي مضى

الله يتقبل منك ومني ومن جميع أمة محمد

ويطعم الحج لكل مشتهي

دمتي وأسرتك في حفظ الرحمن

تحياتي
__________________




ياسوريا سامحينا *** والله حقك علينا
قديم 07-12-2010, 04:51 PM
  #10
أم داليا
كبار شخصيات المنتدى
 الصورة الرمزية أم داليا
تاريخ التسجيل: Jan 2006
المشاركات: 2,782
أم داليا غير متصل  


الله يا أم سلطان تقرير جميل جميل جميل جدا جدا جدا ..
وصفتي فيه مدى تمتعك بحجك أسئل الله أن يتقبله منك و من كل الحجاج وأن يجعله حجا مبرورا ليس له جزاء الا الجنة ..
أبدعتي بالرغم من إن مهرة الله يحفظها و تقرى الموضوع (يالسة على راسج) يا ملح هل الامارات و هرجهم ..
بصراحة يا أم سلطان إن قلبي يدق مع كل كلمة قريتها بموضوعك .. إنت إستمتعتِ ما شاء الله لا قوة الا بالله .. و انا إنهلكت لان العمل على الحملة .. حملتك باين عليها ممتازة بل رائعة .. و كذلك محرمك الله يحفظه لك ..
الصورة أعلاه أعجبتني .. على ما يبدو إنه غروب قريب جدا من حملتي المتواضعة اللي حجيت فيها .. بي لا تطرينها بالرد لانك أكيــــــــد عرفتيها ..
تحياتي لك ؛
 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:57 AM.


images