الأم تصرخ .. طفلي لا يذاكر !!
الأم تصرخ .. طفلي لا يذاكر !!
التأخر الدراسي... مشكلة لها حل
مفكرة الإسلام : الأم تقول: لقد وصلتُ إلى هذه الحقيقة المرة.. أنا ابني غبي.
المدّرسة: لا تقولي هذا يا أم أحمد.. إن أحمد ذكي ويعقل الكثير من الأمور التي يعقلها الكبار.
أم أحمد: لقد أفنيتُ عمري في تعليمه وتدريسي له وهو مع ذلك غبي لا يفهم... كل يوم أنا وهو في شجار أنا أصرخ وهو لا يذاكر, لا يهتم بالمدرسة, ولا يهتم بواجباته ويتركها إلى آخر اليوم, ويكتب الواجب بالضرب وهو يتثائب. لقد يئست من هذا الولد وتعبت نفسيًا منه وأوشكت أعصابي من أن تنهار. إني أضيع الوقت, وهو لا فائدة منه.
المعلمة: اهدئي يا أم أحمد, واجلسي أحمد بخير إن شاء الله.
أم أحمد: هل أفصله من المدرسة ويجلس معي في البيت وأستريح, وأوفر هذه المصاريف, وأُريح هذه الأعصاب المتعبة؟
المعلمة: لا يا أم أحمد هذا تصرف غير رشيد, إن الطفل المتعلم هو الأمل لهذه الأمة والله عز وجل يأمرنا بذلك في كتابه ويقول: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9], ويقول أيضًا: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} [طـه: 114].
الأم: ولكن ما الحل؟
المعلمة: إن ابنك أحمد ذكي بلا شك.. والدليل على ذلك أنه عندما يريد أن يحل ويذاكر ويجلس على المذاكرة بِحُب تكون النتيجة أكثر من ممتازة, أليس هذا صحيحًا؟
الأم: بلى هذا صحيح أحمد عقله جيد وعنده إمكانات جيدة ولكنه يستغلها في إتعابي.
المعلمة: علينا إذن أن نبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدّت إلى تأخره الدراسي فليس السبب الغباء كما تقولين.
إذن ما هي أسباب التأخر الدراسي؟
إن أهم العوامل التي تسبب التأخر الدراسي هي:
1ـ العامل العقلي: كالتأخر في الذكاء بسبب مرضي أو عضوي.
2ـ العامل النفسي: كضعف الثقة بالنفس أو الكراهية لمادة معينة, أو كراهية معلم المادة بسبب سوء معاملته لذلك التلميذ, وأسلوب تعامل الوالدين مع أبنائهم.
3ـ العامل الجسمي: كأن يعاني التلميذ من عاهة أو أي إعاقة بدنية على سبيل المثال.
4ـ العامل الاجتماعي: ويتعلق هذا العامل بوضع التلميذ في البيت والمدرسة وعلاقته بوالديه ومعلمه وأخوته وأصدقائه.
إن هذه العوامل كلها ذات تأثير مباشر في التأخر الدراسي لدى التلاميذ.
وعلى ضوء دراستها نستطيع أن نعالج التلاميذ المتأخرين دراسيًا والذين تُثبت مقاييس الذكاء أن تخلفهم أمر غير طبيعي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن التأخر الدراسي لدى التلاميذ يصاحبه في أغلب الأحيان الهرب من المدرسة والانحراف نحو الجرائم, من سرقة واعتداء وغيرها, ذلك أن التلاميذ الفاشلون في دراستهم يستجيبون أسرع من غيرهم لهذه الأمور وذلك بسبب شعورهم بالفشل وعدم القدرة على مواصلة الدراسة والتحصيل.
ولو تتبعنا أوضاع وسلوك معظم المجرمين والمنحرفين لوجدنا أنهم خرجوا من صفوف التلاميذ المتأخرين دراسيًا.
كيف نعالج مشكلة التأخر الدراسي؟
إن معالجة التأخر الدراسي للنوع الثاني [غير الطبيعي] تتوقف على التعاون التام والمتواصل بين ركنين أساسيين:
1ـ البيت.
2ـ المدرسة.
1ـ البيت:
ونعني بالبيت طبعًا مهمة الآباء والأمهات ومسؤولياتهم بتربية أبنائهم تربية صالحة, مستخدمين الوسائل التربوية الحديثة القائمة على تفهم حاجات الأبناء وتفهم مشكلاتهم وسبل تذليلها, والعائلة كما أسلفنا هي المدرسة الأولى التي ينشأ بين أحضانها أبناءنا ويتعلمون منها الكثير.
ولا يتوقف عمل البيت عند المراحل الأولى من حياة الطفل, بل يمتد ويستمر لسنوات طويلة حيث يكون الأبناء بحاجة إلى خبرة الكبار في الحياة وهذا يتطلب:
أولاً: الإشراف المستمر على دراستهم, وتخصيص جزء من أوقاتنا لمساعدتهم على تذليل الصعاب التي تجابههم بروح العطف والحنان والحكمة, والعمل على إنماء أفكارهم, وشخصياتهم بصورة تؤهلهم للوصول إلى الحقائق بذاتهم, وتجنب كل ما من شأنه الحط من قدراتهم العقلية بأي شكل من الأشكال؛ لأن مثل هذا التصرف يخلق عندهم شعورًا بعدم الثقة بالنفس ويحد من طموحهم.
ثانيًا: مراقبة أوضاعهم وتصرفاتهم وعلاقتهم بزملائهم وأصدقائهم, وكيف يقضون أوقات الفراغ داخل البيت وخارجه والعمل على إبعادهم عن رفقاء السوء, والسمو بالدوافع أو الغرائز التي تتحكم في سلوكهم وصقلها, وإذكاء أنبل الصفات والمثل الإنسانية العليا في نفوسهم.
ثالثًا: العمل على كشف مواهبهم وهواياتهم, وتهيئة الوسائل التي تساعد على تنميتها وإشباعها.
بحسب إمكانيات الأسرة ويخصص مكان مناسب, مكتب صغير, كرسي مكتبة, أدراج, مع توفير سبل الراحة الكافية, والهدوء اللازم وقت الاستذكار, وتوفير الطمأنينة بإحساس الطفل بقرب أفراد أسرته منه وعدم عزله كليًا عنهم, وعدم إشغاله بالنداء عليه أو بتكليفه بأداء بعض الأعمال أثناء استذكاره.
رابعًا: مساعدة أبنائنا على تحقيق خياراتهم وعدم إجبارهم على خيارات لا يرغبون فيها.
خامسًا: تجنب استخدام الأساليب القسرية في تعاملنا معهم, وعدم النظر إليهم, والتعامل معهم وكأنهم في مستوى الكبار, وتحميلهم أكثر من طاقاتهم مما يسبب لهم النفور من الدرس والفشل.
سادسًا: مساعدتهم على تنظيم أوقاتهم وتخصيص أوقات معينة للدرس, وأخرى للراحة واللعب مع أقرانهم.
سابعًا: كيف تدرسين طفلك؟
1ـ حاولي فهم ما يصادفه من صعوبات بهدوء ودون انفعال.
2ـ لا تجعليه يخلط بين العمل واللعب والجد والهزل, فوقت العمل مخصص للعمل والمذاكرة, ووقت اللعب للعب والترويح يكون بعد أداء الواجب.
3ـ إن كنت تشرحين له درسًا فاستخدمي في شرحك الكلمات التي يعرفها.
4ـ إن صعب عليه حل مسألة فلا تتركيه يغرق حتى أذنيه حتى لا يُحبط, ولكن شجعيه على المحاولة والتكرار, وحددي له النقطة الصعبة بإشارة خفيفة, ودعيه بعد ذلك يكمل الحل.
5ـ حاسبيه على جميع الأخطاء التي يقع فيها دون تأنيب, وإن تغلب على حل المشكلة فشجعيه بكلمات رقيقة وحانية.
6ـ لا تصرخي في وجهه ولا تتهاوني معه إذا قصّر في واجبه بل تابعيه في أداء واجبات المدرسة وتأكدي من أدائها بعناية, وإن أهمل فاطلبي منه الإعادة بالتشجيع.
7ـ إن حاول الكذب أو الغش فلا تصيحي في وجهه 'أنت كذاب.. أنت غشاش' لكن فاجئيه وهو متلبس بالجريمة, ليعلم أنك لست ساذجة, ثم قابل هذا الفعل بعدم الرضا عن طريق النظرات والإشارة والصمت المعبر, وبلغيه خزي الموقف ولا تشقي عليه كثيرًا حتى لا يصاب بالبلادة والتعود على الإهانة واستمري على ذلك فترة.
8 ـ لا تقارني بينه وبين غيره من الأطفال, حتى ولو كانوا أخوته فهذا يُشكل عنتًا له وحنقًا على غيره قد يصل لدرجة الكره وهو أمر مذموم, ولكن قارنيه بنفسه وقولي له: انظر كيف وصلت إلى هذه المسألة بسهولة عند الإصرار على حلها والمحاولة بصبر وهذا أحسن من قبل.
9ـ ليكن طعام العشاء خفيفًا ولا يستأنف المذاكرة بعده مباشرة بل يتحرك أو يمشي خاصة طفل ما دون العاشرة.
10ـ ينبغي أن تكون هناك حلقة اتصال بالمدرسة أو مدرسيه لمراقبة درجاته وسلوكه واستيعابه, وحل مشاكله إن وُجدت, خاصة في هذه المرحلة الحساسة.
11ـ أكملي جوانب النقص في الجوانب التربوية والسلوك التي لا يتهيأ له الحصول عليها بالمدرسة.
12ـ للعلم يمكن لطفل السنة السادسة أن يعمل ساعة بدون راحة بشرط تنويع التمرينات والتشويق والتشجيع, ويمكن لطفل الثانية عشر أن يعمل ساعتين دون توقف بنفس الشرط السابق.
13ـ لا تحرميه من حق النزهة أو اللعب يوم عطلته أو فراغه واشعريه بأن الحقوق تقتضي الواجبات.
2ـ المدرسة:
المدرسة هي المؤسسة التي تعمل على إعداد الأجيال وتهيئتهم ليكونوا رجال المستقبل مسلحين بسلاح العلم والمعرفة, والقيم الإسلامية والإنسانية السامية لكي يتواصل تقدم المجتمع المسلم, ويتواصل التطور الحضاري جيلاً بعد جيل, وهكذا نجد أن المدرسة لها الدور الأكبر في إعداد أبنائنا الإعداد الصحيح القائم على الأسس العلمية والتربوية القويمة.
إن المهمة العظيمة والخطيرة الملقاة على عاتق المدرسة تتطلب الإعداد والتنظيم الدقيق والفعّال للركائز التي تقوم عليها المدرسة والتي تتمثل فيما يلي:
1ـ إعداد الإدارة المدرسية.
2ـ إعداد المعلمين.
3ـ إعداد جهاز الإشراف التربوي.
4ـ إعداد المناهج والكتب الدراسية.
5ـ نظم الامتحانات وأنواعها وأساليبها.
6ـ تعاون البيت والمدرسة.
7ـ الأبنية المدرسية وتجهيزاتها.
وكلما توطدت وتعمقت حركة التفاعل بين هذه الركائز كلما استطاعت المدرسة تحقيق ما تصبو إليه من أهداف.
الواجبات الكثيرة... مشكلة لها آثار سلبية على الطفل:
في بداية العام الدراسي على المعلمين ألا يثقلوا على التلميذ الصغير, والجديد على الدراسة بالواجبات الدراسية, وعلى الوالدين أن يقدمان العون المناسب للصغير بالشرح والتوجيه والمعاونة على الفهم مع تحذير الوالدين من أن يقوم أحدهما بعمل الواجب نيابة عن الصغير, حتى لا يتعود على الاعتماد في ذلك على غيره, وليتعلم هو بنفسه, ويكسب الثقة في النفس والدُّربة على عمل الواجبات, وقد يكون الدافع للوالدين هو إرضاء المعلم في المدرسة عن الطفل, والسرور منه لحسن وجودة كراسته, وهذا في الحقيقة هدف ثانوي إذا قُورن بالأضرار الشديدة على الطفل من جراء ذلك, ويكفي أن يتدخل أحد الوالدين بالمساعدة القليلة عند الاحتياج للتدخل الفعلي وعلى المدرس كما أسلفنا ألا يثقل على التلميذ بالواجبات الكثيرة لأن هذا يرهقه ويبعده عن الاستفادة, بل يجعل تركيزه وتركيز والديه في إنهاء الواجب فحسب, هذا هو الهدف الوحيد من التعليم, أما أن يفهم الطفل ما يكتب أو يعقل ما يدرس, فهذا في ظل الواجبات الكثيرة يعد أمرًا شديد الصعوبة, وضربًا من المستحيل.
وبالتكاتف والترابط بين دور البيت ودور المدرسة نحل مشكلة التأخر الدراسي ولكن لابد من بذل الجهد والتفاعل مع الطفل حتى نحصد الثمرة.
فكثير من الآباء للأسف ينظر إلى مشكلة التأخر الدراسي أنها مشكلة ليس لها حل, وهم بذلك يهربون من مواجهة أنفسهم وتقصيرهم في حق أبنائهم وإن هم راجعوا أنفسهم لوجدوا أن الحل بين أيديهم, ولكن لمن يبذل الجهد والوقت, فلا يكون الأب جابيًا للأموال والأم في الأسواق ثم بعد ذلك نسأل عن سبب المشكلة. إن المشكلة تكمن في إهمالهم للأطفال وعدم التحرك لمتابعتهم, والحل يكون بالتحرك وبذل الجهد لمساعدة الطفل على الفهم والتواصل مع المدرسة والتفوق.
المراجع:
1ـ موقع حامد الحمداني.
2ـ العشرة الطيبة مع الأولاد ـ أ. أحمد حسين.
mankool
Shark