بسم الله الرحمن الرحيم
فتوى فضيلة الشيخ صالح الفوزان حول مسألة الدعاء على الكفار
السؤال :هل من الأعتداء في الدعاء في القنوت طلب هلاك كل الكفار وتدميرهم كلهم وفنائهم كلهم من الوجود؟ ومالمشروع في ذلك؟
الجواب: المشروع في القنوت وغيره الدعاء على المعتدين من الكفار على
المسلمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قنت يدعو إلى الكفار خص المعتدين
منهم ولم يدع على جميعهم فقال: اللهم العن فلاناً وفلاناً والقبيلة الفلانية ولم يعمم
الكفار.
المرجع مجلة الدعوة العدد1869 16 رمضان
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
فتوى معالي الشيخ صالح آل الشيخ حول مسألة الدعاء على الكفار
س: معالي الشيخ: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قرأنا لمعاليكم فتوى في مجلة
الدعوة بعدم الدعاء على اليهود والنصارى بالهلاك ،
فأشكل علينا قول نوح عليه السلام ( رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً )
فنأمل من معاليكم توضيح هذه الفتوى مع ذكر الأدلة؟
ج: هذا على إثر سؤال جاء حين قمتُ بزيارة لمؤسسة الدعوة الصحفية.التي تصدر
مجلة الدعوة ،وقد نبهتُ مراراً من قديم على هذه المسألة لعدم موافقتها لأصول
الاعتقاد وذلك أن الدعاء بالهلاك بعامة على الكفار هذا كان لنوح عليه السلام
والرسل بعده لم تدعوا بالهلاك العام قال جل علا: ( وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ
مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً )
والنبي صلى الله عليه وسلم قال له الملك: لوشئت لأطبقتُ على أهل مكة الأ
خشبين فقال : ((لا لعل الله أن يظهر من أصلابهم من يعبد الله وحده لاشريك له))
ولعن النبي صلى الله عليه وسلم بعض صناديد الكفر. فنزل عليه كما في كتاب
التوحيد، فنزل عليه قول الله تعالى: ( لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ
يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ )
وهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الصحابة في دعائهم على الكفار أن يكون
دعاءً خاصاً على المعتدي, على الظالم، على من حارب الإسلام وأهله
كما في دعاء عمر في القنوت: اللهم عليك بكفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن دينك
ويقاتلون أولياءك
أما الدعاء على اليهود والنصارى جميعاً بالأستئصال ، فإنه لايجوز شرعاً.
وهو من الأعتداء في الدعاء وذلك لأن الله جل وعلا أخبرنا أن اليهود والنصارى،
سيبقون إلى زمن خروج المسيح الدجال فإذا دعا أحد بإن يستأصلهم الله جل وعلا
الآن قبل نزول المسيح الدجال
فهو إعتراضٌ على ماأجرى الله حكمته وقدره الكوني ببقائهم إلى آخر الزمان
ولهذا لم يؤثر عن أحد من السلف ولامن أئمة الإسلام أنه دعا بهذا الدعاء العام .
على اليهود والنصارى وإنما يدعى بالدعاء الخاص لمن قاتل، لمن حارب ، لمن آذى
المؤمنين ونحو ذلك .
الأمر الثاني من الوجهة:
أن الله جل وعلا له الأسماء الحسنى والصفات العلى ومن المتقرر عند أهل السنة
والجماعة أن للأسماء الحسنى وللصفات العلى آثاراً على خلق الله جل وعلا فمنها:
أسماء وصفات ترجع إلى عموم الخلق ومنها أسماء وصفات يرجعُ أثرها إلى خاصة
المؤمنين. فمما يرجعُ إلى عموم الخلق:
الخالق الرازق ، المحيي المميتُ، الخافض ، الرافع ، القابض، الباسط وبعض أنواع
الرحمة .
فأسماء الله جل وعلا وصفاته لها أثرٌ على جميع خلقه مؤمنهم وكافرهم ولهذا نبه الله
جل وعلا ابراهيم الخليل على هذا الأصل وفي تنبيه أبراهيم الخليل عليه السلام
على ذلك تنبيه لجميع الحنفيين، قال ابراهيم الخليل ( وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ
آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ )
قال الله جل وعلا ( قَالَ وَمَنْ كَفَرَ ) يعني أن مسألة الرزق هذه من آثارربوبية الله
لعباده فرزق العباد ،وسلامتهم من الأمراض وإعطائهم الصحة والأرزاق والإفاضة عليهم
أوأبتلائهم هذه من آثار الربوبية فليست خاصة بالمؤمن دون الكافر
ولهذا: الدعاء هذا مع عدم وروده عن أحداً من الأئمة ولا من السلف ولاثبتت به سنة
ولاقول صحابة أيضاً هو مخالفٌ كما ذكرنا لسبب نزول قول الله تعالى : ( لَيْسَ لَكَ مِنَ
الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ )
ولمعرفة هدي السلف في الدعاء ولمعرفة آثار الأسماء والصفات على الخلق ومنافاة
حكمه الله جل وعلا هذا اعتداء في الدعاء.
مثلاً يدعو بدعاء مستحيل في دعائه.
يقول: اللهم أخرج نبياً يهدي الناس !!! النبوة ختمت، فهو ولكان دعاء، فهو باطل
لمنافته بما أخبر الله جل وعلا به.
أو دعا يقول: اللهم أخرج المهدي الآن!!! اللهم انزل المسيح عيسى بن مريم الآن!!!
هذا دعا ءٌ باطل.
لأنه قد أخبر الله جل وعلا وأخبر رسوله صلى الله عليه وسلم أن وقت خروج المهدي
أو نزول عيسى عليه السلام لم تأتي علامته الآن أو يدعوا بدعاءٍ ممتنع من جهة
الخلق. هذا كله من الأعتداء في الدعاء.
هذا مأخذ الكلمة التي نشرت في مجلة الدعوة. انتهى كلام معالي الشيخ صالح آل
الشيخ حفظه الله.
ــــــــــــــــــــــــــــ
مفرغةً من شريطٍ له حفظه الله بعنوان: (( أسباب الثبات على دين الله))
فتوى الشيخ عبدالرحمن البراك
السؤال
كيف نجمع بين من قال من أهل العلم أنه لا يجوز الدعاء على الكافرين عامة، بل
تخصيص الظالمين منهم، وبين دعاء نوح -عليه السلام- على قومه في سورة نوح في
قوله تعالى: "وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا"؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فقول العلماء: ليس من المشروع الدعاء على عموم الكافرين بالهلاك؛ سببه أنه
مطلب لن يكون؛ لأن حكمة الله ومشيئته اقتضت بقاء النوع البشري حتى يأتي أمر الله
تبارك وتعالى، ويأذن الله بموت من في السماوات والأرض كما قال تعالى: "وَنُفِخَ فِي
الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ" [الزمر:68]. ومن
حكمته بقاء الصراع بين الحق والباطل بين المؤمنين والكفار، فتبقى سوق الجهاد
قائمة، ويبتلي الله كلاًّ من الفريقين بالآخر. فتتم حكمة الله، وينفذ قدره، ويبلغ الأمر
منتهاه كما قدره الله.
وأما دعاء نوح على قومه فكان الحامل له على ذلك غضبه لله، وحنقه على قومه؛
لتمردهم على دعوة الله، مع طول بقاء إقامته بينهم وهو يدعوهم إلى الله بكل طريق.
ولم يكن دعاؤه على قومه مأموراً به لكن كان ذلك باجتهاده –عليه السلام- لإصرارهم
على التكذيب ولهذا قال: "إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا" [نوح:
27]. ولم يكن على الأرض إذ ذاك إلا قوم نوح. فاستجاب الله دعاءه، وأغرق قومه، ولم
ينج إلا من حمله نوح معه على السفينة كما قال تعالى: "فَأَنْجَيْنَاهُ وَأَصْحَابَ السَّفِينَةِ
وَجَعَلْنَاهَا آيَةً لِلْعَالَمِينَ" [العنكبوت:15]. ومع هذا فإنه عليه السلام إذا طُلبت منه
الشفاعة يوم القيامة فمما يعتذر به دعاؤه على قومه حيث لم يؤمر بذلك.
أما لعن عموم الكافرين والدعاء على الظالمين والمعتدين منهم فهذا جائز كما قال
تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ" [الأحزاب:64]. وكما قال -صلى الله عليه وسلم- "لَعنَ
الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". صحيح البخاري (1330)، وصحيح
مسلم (531).
ولا يجوز لعن المعين من الكفار إلاَّ أن يكون ذا تسلط على المسلمين، وشدة عداوة
كما كان النبي –صلى الله عليه وسلم- يقنت في صلاة الفجر، ويلعن بعض رؤوس
الكفر، ويقول: "اللهم العن فلانا وفلاناً" ويسميهم، فأنزل الله تعالى: "ليس لك من
الأمر شيء" [آل عمران: 128]. مسند أحمد (5416)، وسنن النسائي (1078).
وفي هذه الآية بيان أن الأمر كله لله وليس للرسول –صلى الله عليه وسلم- من أمر هداية الخلق وإضلالهم شيء، فإنه سبحانه يضل من يشاء، ويهدي من يشاء، ويرحم
من يشاء، ويعذب من يشاء. فليس كل من لعنه الرسول يستجاب له فيه، ولهذا مَنَّ
الله على بعض أولئك الذين دعا عليهم الرسول ولعنهم، فأسلموا وحسن إسلامهم
وهم: صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام –رضي الله عنهم-. والله
أعلم.