بسم الله وحده
والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
دخلت بيتي ذات يوم متعباً مبتدأ أهله بتحية الإسلام
وإذا برد السلام يجيء مسرعاً
مباغتاً
كجلمود صخرٍ حطه السيل من علٍ
لقد نفذت اسطوانة الغاز ولم نأكل شيئاً منذ الصباح الباكر
ولقد أوسع ابنك الأكبر (ذو الرابعة) أخاه الأصغر (ذو الثالثة)
ضرباً باليمين والشمال وبالأسلحة المباحة والمحرمة وبالقنابل العنقودية
حتى أبان منه الجلد واللحم والعظم
فهلا اتخذت معه الإجراءات الرادعة المناسبة
حتى يتوقف عن غيه وبغيه
هنا وهنا فقط
وقفت واجماً لا ألوي على شيء وفضلت الانزواء على كنبة صغيرة
ارتاح من عناء السفر ومن سوء المنقلب
ثم خطرت لي فكرة
لماذا لا أذهب لزوجتي الثانية أو الثالثة
لعلي أجد عند واحدة منهما الراحة والهدوء
ولتبقى الزوجة الأولى في بؤسها وعنائها
وفعلاً
لبست ملابسي وخرجت مغاضباً لا ألوي على شيء
ودخلت مخدع الزوجة الثانية مبتدءاً بالسلام من الملك العلام
وجاء رد السلام باهتاً كأن لم يغن بالأمس
متبوعاً كالعادة بسلسلة من الشكاوي
والتنهدات والحمد لله لم يكن منها أن اسطوانة الغاز نفذت أيضا
وإلا لكنت اتهمتهما بأن هناك مؤامرة ضدي وربما مشروع كبير يحاك لي في الخفاء
لإسقاط خلافتي وأيام مجدي
وحيث أني لما أقفل باب الشقة بعد
فقد آثرت النكوص على عقبي مولياً الأدبار
راكضاً
للزوجة الثالثة
فهي التي ما فتأت تحسن عشرتي وتطلب مودتي لحداثة عدها بي
فهي أخيرتهن تسلسلاً وأقلهن تململاً
وحيث أني اعتدت منها الهدوء والسكينة فقد دخلت الباب وأقفلته خلفي إقفالاً يصعب فتحه
أو التسلسل من خلال جنباته
ولكن مهلاً اين هي زوجتي العزيزة
ما الذي حصل فهي كانت دائماً ما تستقبلني على باب المنزل قبل أن احكم إغلاقه
أواه ما الذي حصل
هل حصل مكروه
هل ملت من غيابي وهربت لبيت أهلها
أم ماذا
هنا انطلقت كالمجنون (ارجوا عدم إغفال حرف التشبيه)
قد تكون في المطبخ لا لم أجدها
قد تكون في غرفة الجلوس لا ليس كذلك
أين هي
أها وجدتها
إنها في غرفة النوم متغطية بلحافها
قلت زوجتي العزيزة ما الذي جرى لك وأقبلت عليها معانقاً
هنا مدت يدها في محاولة لصدي عن الاقتراب منها
قائلةً أوف لك
ما هذه الرائحة
أوفٍ منك ومن رائحتك الكريهة
عجباً زوجتي الحبيبة ما الذي جرى لك (مع العلم أني كنت مغتسلاً اغتسالاً ليس له مثيل)
قالت إني أتوحم فأغرب عن وجهي
هنا ضحكت ضحكة المستغرب
وتنهدت تنهد المستعجب
إلهي ماذا أعمل
ثلاثة بيوت لي
لست أجد قراراً في أي منها
وأصابتني حالة اكتئاب شديد
بل لقد أجهشت بالبكاء وكادت الجدران تحن علي لبكائي
هنا فقط
سمعت صوتاً أعرفه
نعم أعرفه
كيف لا أعرفه وقد فررت منه بادئ ذي بدئ
إنها زوجتي الأولى
تناديني بصوتها الرخيم
قم يا أبا فلان ما بك تتقلب كأنك ملدوغ
يبدو أن نومك جائعاً قد أثر على قواك العقلية
هنا قفزت فرحاً معانقاً لزوجتي الحبيبة مبادراً قائلاً
حبيبتي سأذهب لأملئ اسطوانة الغاز
ضحكت زوجتي وقالت
ومن قال لك أنها فرغت أصلاً
هل عادت لك أحلام اليقظة مرة أخرى
ألم أنهك عن متابعة مسلسلك الكرتوني
أليس في بلاد العجائب
________________________
ختاماً
لست ضد التعدد
ولكن عندما يعدد الرجل هروباً من بعض المشكلات الحياتية البسيطة
فهل كان يتوقع أن يخلو بيت من هذه المشكلات
وإذا اعتاد الرجل الهروب
فحتى متى سيظل يهرب
ويا أيتها الزوجة أعطي زوجك حقه في الراحة
فإن لم يرتاح في منزله فأين سيرتاح