هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في نكاح و معاشرة أهله
•
صح عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال : [ حبب إلي من دنياكم : النساء والطيب وجعلت قرة عيني في الصلاة ] وكان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة وكان قد أعطي قوة ثلاثين في الجماع وغيره وأباح الله له من ذلك ما لم يبحه لأحد من أمته، وكان يقسم بينهن في المبيت والإيواء والنفقة وأما المحبة فكان يقول : [ اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك ] فقيل : هو الحب والجماع ولا تجب التسوية في ذلك لأنه مما لا يملك.
• وكانت سيرته مع أزواجه حسن المعاشرة وحسن الخلق وكان يسرب إلى عائشة بنات الأنصار يلعبن معها، وكان إذا هويت شيئا لا محذور فيه تابعها عليه، وكانت إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان إذا تعرقت عرقا - وهو العظم الذي عليه لحم - أخذه فوضع فمه موضع فمها، وكان يتكئ في حجرها ويقرأ القرآن ورأسه في حجرها، وربما كانت حائضا وكان يأمرها وهي حائض فتتزر ثم يباشرها، وكان يقبلها وهو صائم، وكان من لطفه وحسن خلقه مع أهله أنه يمكنها من اللعب ويريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده وهي متكئة على منكبيه تنظر وسابقها في السفر على الأقدام مرتين وتدافعا في خروجهما من المنزل مرة، وكان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه ولم يقض للبواقي شيئا وإلى هذا ذهب الجمهور.
• وكان عليه الصلاة و السلام يقول : [ خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي [وربما مد يده إلى بعض نسائه في حضرة باقيهن، وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فدنا منهن واستقرأ أحوالهن فإذا جاء الليل انقلب إلى بيت صاحبة النوبة فخصها بالليل، وقالت عائشة : كان لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندهن في القسم وقل يوم إلا كان يطوف علينا جميعا فيدنو من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ التي هو في نوبتها فيبيت عندها، وكان يقسم لثمان منهن دون التاسعة ووقع في صحيح مسلم من قول عطاء أن التي لم يكن يقسم لها هي صفية بنت حيي وهو غلط من عطاء رحمه الله وإنما هي سودة فإنها لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة، وكان صلى الله عليه وسلم يقسم لعائشة يومها ويوم سودة وسبب هذا الوهم - والله أعلم - أنه كان قد وجد على صفية في شئ فقالت لعائشة : هل لك أن ترضي رسول الله صلى الله عليه وسلم عني وأهب لك يومي ؟ قالت : نعم فقعدت عائشة إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في يوم صفية فقال : [ إليك عني يا عائشة فإنه ليس يومك فقالت : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأخبرته بالخبر فرضي عنها ]
زاد المعاد لإبن القيم (بتصرف): الجزء 1، الصفحة 145