أختي الفاضلة
إليك الإجابة للشيخ جاد الحق على جاد الحق-شيخ الأزهر السابق-رحمه الله-:
إن النساء أقسام أربعة: طاهر، وحائض، ومستحاضة، وذات الدم الفاسد. فالطاهر ذات النقاء من الدم، والحائض من ترى دم الحيض في زمنه وبشروطه. والمستحاضة من ترى الدم بعد الحيض على صفة لا يكون حيضًا. وذات الفساد من الدم من يبتديها دم لا يكون حيضا، كمن نزل منها الدم قبل بلوغ سن التاسعة من العمر، والتميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة إنما هو يجارى عادة المرأة في زمن رؤيتها الدم ومدته، ثم بعلامات مميزة في ذات الدم.
وقد وصف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- دم الحيض في حديث فاطمة بنت حبيش الذي روته عائشة -رضى الله عنها- حيث قال لها: (دم الحيض أسود وإن له رائحة، فإذا كان ذلك فدعي الصلاة، وإذا كان الآخر فاغتسلي وصلي)، وروى الدارقطني والبيهقي والطبراني من حديث أبى أمامة مرفوعًا (دم الحيض أسود خاثر تعلوه حمرة، ودم الاستحاضة أصفر رقيق) وفى رواية: (دم الحيض لا يكون إلا أسود غليظًا تعلوه حمرة، ودم الستحاضة دم رقيق تعلوه صفرة)، وروى النسائي وأبو داود عن عائشة: (إذا كان دم الحيض فإنه دم أسود يعرف فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي فإنما هو عرق)، وقال ابن عباس: (أما من رأت الدم البحرانى فإنها تدع الصلاة)، وقال: (والله لن ترى الدم الذي هو الدم بعد أيام حيضها إلا كغسالة ماء اللحم).
وقد فسر الإمام النووي لون دم الحيض بأنه الأسود، وهو ما اشتدت حمرته، فصار يميل إلى السواد، والقاني هو الذي اشتدت حمرته.
وإنه ليس المراد بالأسود في الحديث الأسود الحالك، بل المراد ما تعلوه حمرة مجسدة، كأنها سواد بسبب تراكم الحمرة، لما كان ذلك كان ما ينزل من هذه المرأة بعد طهرها من حيضها على جاري عادتها استحاضة وليس حيضًا، لأنه لا يتوالى حيضان، بل لا بد أن يفصل بينهما طهر تام، وأقله خمسة عشر يومًا في فقه الأئمة أبى حنيفة ومالك والشافعي. وثلاثة عشر يومًا في فقه الإمام أحمد بن حنبل.
وقد اتفق فقهاء المذاهب على أن حكم المستحاضة أن تتوضأ لكل صلاة وتصلي بهذا الوضوء الفرض الذي توضأت له في وقته وما شاءت من النوافل، وأجاز لها في ذات الوقت مس المصحف وحمله وسجود التلاوة والشكر. وعليها الصلاة والصوم وغيرها من العبادات المفروضة على الطاهر.
ونقل ابن جرير الإجماع على أن لها قراءة القرآن. وروى إبراهيم النخعي أنها لا تمس المصحف وهو أيضًا فقه مذهب الإمام أبى حنيفة، وفيه أيضًا أنها لا تمس ما فيه آية تامة من القرآن. هذا وينتقض وضوء المستحاضة بخروج الوقت الذي توضأت لصلاته، فإذا توضأت لصلاة الظهر في وقته فلا تصلي بهذا الوضوء العصر. بل عليها أن تتوضأ من جديد متى حان وقت العصر، وهذا غير نواقض الوضوء التي ينتقض فيها بطروئها.
وأميل إلى الأخذ بقول القائلين بأنها متى توضأت لوقت الصلاة جاز لها فعل كل عبادة جائزة للمتوضئ من قراءة القرآن ومس المصحف وحمله وصلاة النافلة وسجدة التلاوة وسجدة الشكر.
تحياتي
__________________