[SIZE="5"][COLOR="Blue"]لعله لا يخلو بيت من البيوت من حالات تباين في المواقف واختلاف في وجهات النظر بين الزوج وزوجته، بل لعل الأمر يصل الى حد التناحر والجفاء في بعض الحالات وقد تتعداها لتصل الى الغضب والخصومة في حالات اخرى.
ولما ان هذه الحالات قد تكون موجودة في اغلب البيوت ان لم تكن في كلها الا ان هناك فارقا كبيرا بين بيت وآخر في كيفية التعاطي مع هذه الظروف والخروج منها بسلام او بأقل خسائر ممكنة.
ولما ان
الزوج هو رب البيت وهو ربان السفينة وهو المسؤول والراعي فإنه هو المطالب اكثر من غيره بتحمل كامل المسؤولية والعمل على ايجاد الحلول لهذه الاشكالات والخروج من هذه الظروف بلباقة تضمن استمرار استقرار البيت والأسرة فلا تعصف بها هذه الظروف لتجعل البيت ممزقا ومبعثرا.
وعليه، فإن الزوج وحيال هذه المسؤولية المهمة فإنه اما ان يكون ز
وجا ناجحا واما ان يكون
زوجا فاشلا، وان مظاهر وعلامات ودلائل نجاح وفشل الزوج في آداء مهمته تظهر عبر كيفية تعاطيه مع هذه الظروف التي تمس العلاقة مع البيت بشكل عام ومع الزوجة بشكل خاص.
وانها جملة صفات اذا توفرت في الزوج فإننا ولا شك نستطيع الاشارة الى صاحبها بأنه زوج ناجح لأن تخلقه بهذه الاخلاق وممارسته لهذه السلوكيات تجعله زوجا ناجحا وربانا ماهرا ، وتكون سفينة هذا البيت ابعد ما تكون عن الغرق- بإذن الله- بل ان نسائم الحب والتفاهم والمودة هي التي تظل تهب على هذه الأسرة وانها سحائب الرحمة والتوفيق هي التي تظللها، وانها عين الله سبحانه التي تظل ترعى وتحرس مثل هذا البيت،
ومن هذه الصفات في الزوج الناجح والتي انقلهل حضراتكم):
-1 ان يتقن بث مشاعر الأمان الحقيقية لدى زوجته
-2 ان يستشعر ربانية العلاقة بينه وبين زوجته، قال سبحانه ( واخذن منكم ميثاقا غليظا) ( وجعل بينكم مودة ورحمة) وقال صلى الله عليه وسلم:" اتقوا الله في النساء فإنكم استحللتم فروجهن بكلمة الله)
-3 ان يستشعر ما في الزواج من مسؤولية فيتحملها مختارا راغبا
-4 ان تدفعه مسؤولية الزواج للنجاح في الحياة العملية فلا يكون اتكاليا ولا هامشيا
-5 ان يتذكر مسؤوليته الأخلاقية نحو اسرته فيكون متواضعا، متسامحا، عطوفا، هينا، لينا
-6 ان يكون قادرا على التحكم بانفعالاته فيستطيع ان يكظم غيظه في احرج المواقف واصعبها.
-7 ان يلتمس الاعذار ويصبر على اخطاء افراد اسرته ويعمل على تصحيحها
-8ان يكون وسطيا ومتوازنا بين الرومانسية الرقيقة والواقعية المدركة
-9 ان يؤمن بالشورى واحترام الرأي الآخر داخل مؤسسة البيت
-10 ان يملك القدرة على الموازنة بين الحزم والمرونة وبين الرعاية والعدل
-11 ان يخلع عنه هموم العمل ومشاكل المجتمع مع خلعه لحذائه عند الباب الخارجي للبيت، ولا يدخل البيت ومعه هذه الهموم والمتاعب التي ستؤثر على تفاعله مع اهل بيته.
-12 قدرته على اشعار زوجته ان العمل والواجبات وهموم الحياة وحتى الأولاد لن يستطيعوا تغييب مكانتها المميزة وموقعها الخاص في قلبه.
اذا كان هذا هو الزوج
الناجح الذي يرسي دعائم اسرة مترابطة متحابة، ويبني لبنة صلبة من لبنات مجتمع قوي، فإن الزوج الفاشل هو الذي يتصف بصفات ويتخلق بأخلاق كلها او بعضها يمكن ان تعصف بالأسرة والبيت وتجعل هذه الأسرة بدل ان تكون لبنة من لبنات المجتمع فإنها تصبح نقطة ضعف وثغرة يسهل اختراق المجتمع من خلالها،
ومن صفات الزوج الفاشل:
-1غير موفق في حياته العملية ومحدود في علاقاته الاجتماعية
-2 انهزامي، سريع اليأس غير قادر على مواجهة المشكلات والمعضلات
-3 يعتمد الكذب في الوصول الى تحقيق اهدافه
-4يفتقد المرح ويعتبر العبوس والانغلاق من علامات الرجولة
-5 جامد في آرائه، ظالم في رعايته، لا يتقن الحوار ولا يرى الحق الا فيما هو عليه
-6 عدواني، يعيش حالة من القحط في مشاعر الخير والرحمة تجاه افراد اسرته عموما وزوجته خصوصا
-7 يزعم انه رجل يغار كثيرا، وتكون غيرته هذه حالة مرضية وليس وقافا عند حدود الله
-8 الزوجة عنده مجرد متاع من متاع البيت، لا رأي لها عنده
-9 يفهم نصوص الشرع كما يحلو له هو وبما يصب في مصلحته، فيلوي اعناق النصوص لتتلاءم مع قناعاته ومواقفه.
-10 الزوج الفاشل هو الذي يغلب عليه الاهمال واللامبالاة، المشاجرة لأتفه الأسباب، الصمت القاتل، التجريح والطعن.
لعل هذه العلامات والمزايا يتصف بها الزوج الفاشل وهي بلا شك تساهم في جعل البيت جحيما لا يطاق بدل ان يكون سكنا ومودة ورحمة.
ليس بالامكان حصر وتحديد كل مظاهر ومواصفات الفشل في الرجل حتى تقوده الى خانة الأزواج الفاشلين لأنها حقا كثيرة مثلها هي الصفات التي تجعل رجلا وزوجا يضمن ويصنف في خانة الأزواج الناجحين، ولكنها جملة مزايا في الزوج الفاشل نسردها للتمثيل لا للحصر:
*
الزوج الشكاك: ان الأصل في العلاقة بين الزوجين انها تقوم على المودة والرحمة والثقة، وان تحفظ المرأة زوجها في غيبته في ماله وعرضها، وبنفس مقدار الحب والتفاهم والمودة بين الزوجين تكون الثقة بينهما.
وان من مظاهر
وعلامات فشل الزوج في بناء عش الزوجية على المودة والمحبة والثقة انه يكثر من الشك في تصرفات زوجته وحركاتها ومواقفها من دون ان يكون لذلك اي مبرر بل وغالبا ما يستعمل الزوج الفاشل التشكيك وسيلة لتغطية تقصيره وعجزه، فأفضل طريقة للدفاع عنده هي الهجوم.
ان الحياة الزوجية اذا غلب عليها التشكيك بين الزوجين فإنه العذاب بعينه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ان من الغيرة غيرة يبغضها الله عز وجل وهي غيرة الرجل على اهله من غير ريبة" وقال علي - كرم الله وجهه-:" لا تكثر الغيرة على
اهلك فترمى امرأتك بالسوء لأجلك"، والمقصود هنا الغيرة الزائدة بغير داع ولا مبرر والتي يمكن ان تفسر عند البعض بأن لها اسبابا وخلفيات والحقيقة ليست كذلك.
ان اختصار المسافة وذهاب كل منهما الى حال سبيله خير وأفضل من استمرار العيش في ظلال الشك والترقب والترصد، فالزوج الناجح هو الذي يستولي على قلب زوجته ويتربع على عرش مشاعرها فلا يبقي لغيره مكانا ، والزوج الفاشل هو الذي بسوء تصرفه يترك مساحات وفجوات بينه وبين زوجته فيظن ان غيره يملأها فتسيطر عليه نزعة الشك فيفسد عليه وعلى زوجته واسرته الحياة وينغص عليهم عيشهم.
*
يضرب الوجه ويقبح: انا لا ازعم ان بيوتنا يجب ان تكون بيوتا ملائكية، وإنما هي بيوت بشرية يخطىء افرادها ويصيبون ويحسنون ويسيئون، ولكن وحتى في الظرف الذي فيه قد يخطىء احد الزوجين او يسيء فإن هناك وسائل كثيرة يمكن ان تعتمد من اجل تجاوز هذه الاساءة وتلطيف الأجواء والعودة بالبيت الى اجواء الاستقرار والتفاهم والرحمة.
وان الزوج الفاشل هو الذي ينفي ويغيب كل الوسائل اللطيفة والهادئة وسرعان ما يعتمد اسلوب الضرب او التقبيح وسيلة لنصرة موقفه او ارواء غريزة التسلط فيه.
ان الأصل ان يكون الحوار والتفاهم وتبادل وجهات النظر وسماع الرأي الآخر. ان اعتماد الضرب وسيلة لتعزيز موقف، انما هي وسيلة الضعيف الذي لا يملك الحجة وقوة الحوار والاقناع فيعتمد على قوة الصفعة والذراع مع ان النبي صلى الله عليه وسلم قال :"
ولا تضرب الوجه" وقال في الحديث الآخر:" ولا تقبح ولا تضرب الوجه ولا تهجر الا في البيت".
ان
الزوج الناجح هو الذي يملك القدرة على ضبط النفس حتى عند الخطأ الكبير ويسعى الى لملمة اطراف هذا الخطأ ودوافعه والبحث عن الحل الأسلم، انه الذي يملك الجرأة حتى لسؤال نفسه لعله يكون هو السبب في ذلك الخطأ فيراجع نفسه ولا ينظر الى القشة في عين زوجته ويتجاهل الخشبة الموجودة في عينه هو. ايها الزوج،
اذا عظمت مساوىء زوجتك في عينك فاذكر محاسنها وقل ان توجد زوجة ليس فيها بعض المحاسن، واذا ساءتك زوجتك بأشياء وسرّتك بأشياء فلست بمغبون، واجعل ما ساءك لقاء ما سرك تكن غير مديون، والزوج المحظوظ هو الذي يكون مع زوجته لا دائنا ولا مدينا.
* هو كالحمار:
انا
اعلم ان هذا اللفظ ثقيل الوقع على الآذان، ولكن عندما تعلم ايها الأخ تحديدا وأنت كذلك ايتها الأخت اسباب استعمال هذا المصطلح فإنكم ستوافقونني ولا شك.
انه الزوج الفاشل الذي يظن ان حدود علاقته مع زوجته لا تتعدى كونها وسيلة لقضاء شهوته الجنسية وامتاع غريزته، وذلك من طرف واحد هو شخصه بغض النظر عن ظروف زوجته وأحاسيسها ومشاعرها، بل لعل الأمر يتعدى ذلك الى درجة ايمانه انها هي ليست بحاجة الى ذلك وان دورها ووظيفتها تقتصر عند حد كونها مقتضى شهوة الرجل ( كما يقول الدكتور اكرم رضا).
ان الزوج الفاشل هو الذي يبحث عن قضاء شهوته بأي ظرف وبأي شكل ودون الالتفات والانتباه الى حقها هي، وأنه هو كذلك الذي يعتبر ان اسمى واجبات الزوجة ان تكون على استعداد تام لزوجها في اي وقت من ليل او نهار بغض النظر عن ظرفها النفسي والجسدي والعاطفي.
بربكم، اليس هذا الذي يعتبر العلاقة الجنسية مع زوجته علاقة ميكانيكية جافة مثله كمثل الحمار نظرا لما تخلفه هذه العلاقة من هذا النوع من جفاف في المشاعر وتباعد في العقول والأجساد والأرواح ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم :" لا يقع احدكم على امرأته كالحمار بل يبدؤها بقبلة، او لمسة او مداعبة" بل اسمع ايها الزوج الفاشل الى عظيم الفهم لنصوص هذا الدين ممن هم سادتنا من العلماء الأفاضل حيث يقول ابن حجر العسقلاني في شارح صحيح البخاري في تفسير قول النبي صلى الله عليه وسلم :" وان لزوجك عليك حقا" فقال ابن حجر:"
فلا ينبغي ان يجهد نفسه حتى بالعبادة حتى لا يضعف عن القيام بحق زوجته من الجماع والاكتساب وغيرها".
نعم، انه الزوج الفاشل الذي لا يرى الا نفسه ولا يهتم الا بذاته وهو لا يدري بجهله وفشله ان هذا لا يساهم في استقرار البيت ولا في ان تظلله الرحمة والمودة والحب ،
وإنما هو البعد والجفاف والجفاء ولعلها رياح الشر تعصف بالبيت فتقوض اركانه