الحمد لله رب العالمين
قطعناً شوطاً مهماً .. وبقي لنا أشواط أخرى
فقد اتفقنا على مايلي :
1- أن التشخيص الدقيق للمشكلة يكمن في خشيتك ورعبك من فقد هذا الزوج .. أي الطلاق .. ولاشيء سوى ذلك
2- أنك أنت صاحبة المشكلة .. وبالتالي أنت التي يجب أن تعالجين منها .. وليس زوجك .. ولا أي أحد آخر
3- الأسباب التي أدت إلى هذه المشكلة .. وقد قسمناها إلى ثلاثة أقسام
وبقي لنا :
1- إزالة هذه الأسباب .. أو التقليل منها قدر الإمكان .. وقدر الجهد
2- إيجاد كل الأساليب الممكنة لدعم الشخص صاحب المشكلة وهو أنت ياأختاه.. وتقويتك وتعزيزك في مواجهتها
3- معالجة النفس لصاحب المشكلة .. وهو أنت ياأختاه ... ومحاولة إبراءك تماماً مما علق بك من أحزان بسبب المشكلة .. لتستعيدي عافيتك وشفائك.. وهذه المرحلة يجب أن تكون على التوازي مع كل المراحل السابقة .
وسأبدأ الآن بإن الله معك يا أختاه .. في إزالة أسباب المشكلة .. والتقليل من تأثير مالا نستطيع أن نزيله تماماً منها .. وهذا الجزء هام للغاية .. وتفهمك .. وإقناعك لنفسك بما سيأتي فيه أكثر أهمية .
وكما رأيت فقد قسمنا هذه الأسباب إلى ثلاثة أقسام .. يسهم كل قسم منها في إحساسك بالمشكلة بنسبة مختلفة .. وهي في رأيي كالآتي :
أسباب خاصة بك أنت شخصياً تجعل أفكارك تنحصر دائماً في التفكير الدائم في هذه المشكلة برعب .. وهذه تشكل تسهم بنسبة لاتقل أبداً عن 70% من إحساسك أنت بالمشكلة .. فلو زالت هذه الأسباب .. لما شكل الإنفصال أو الطلاق عندك هذا الهم الكبير .. ولأصبحت مثل الآلاف بل الملايين غيرك من النساء اللاتي أزواجهن مثل زوجك .. ولكنهن لا يحملن في أنفسهن هذا الخوف الكبير من الطلاق .. ويعشن حياتهن بشكل عادي .. حتى وإن تخللتها المشكلات التي لا يخلو منها بيت .
أسباب خاصة بأفعال وتصرفات زوجك .. وهذه تسهم بنسبة حوالي 20% من إحساسك بالمشكلة .. وليس أكثر من ذلك بأية حال من الأحوال .. ولتتأكدي من ذلك تذكري كم زوجة تعاني من زوجها ما تعانين أنت بل أكثر كثيراً .. فهل سيطرت عليهن كلهن هذه الأفكار المرعبة من خشيتهن للطلاق ؟ .. أبداً لم تسيطر عليهن .. ويعشن حياتهن بشكل عادي .. ولا يتجاوز قلقهن من فكرة الإنفصال واحد على مائة من قلقك أنت من هذه الفكرة .. إذن فإن أفعال وتصرفات زوجك .. من ناحية كونها هي من أسباب المشكلة لاتستحق أبداً أن نوليها أكثر من 20% ... بل أنني أخشى أن أغضبك إّذا قلت أنها تشكل أقل من ذلك بكثير .. ولكن لا بأس دعينا نعتبرها 20 % .
أسباب ترجع إلى المجتمع الذي تعيشين فيه .. ونظرته القاسية إلى المطلقة .. وهذه تسهم في إحساسك بالمشكلة بالباقي من النسبة وهي 10% .. وصحيح أن نظرة مجتمعنا للمطلقة ظالمة وجائرة .. بل وغبية ومتحيزة .. ولكنها تبقى نظرة عامة ضد أي مطلقة .. وليست أبداً ضدك أنت بالذات ... فحتى أٍسعد الزوجات وأهنئهن .. تخشى الطلاق نتيجة هذه النظرة الظالمة من المجتمع ... وبالتالي فنصيب هذه النظرة لا يمكن أبداً أن يتجاوز هذه النسبة البسيطة .
طبعاً أنت تنتظرين مني أن أبدأ أولاً بالأسباب الخاصة بزوجك .. بل لعلك ستشعرين بالإحباط أو الضيق أنني لن أفعل .. بل وأظنك تريدن أن تقولي بأنن ظالم حينما أعطيت الأسباب الخاصة بزوجك نسبة 20% فقط من المشكلة
أعذريني ياأختاه إن خذلت توقعك وبدأت بالأكثر أهمية كثيراً .. وهي الأسباب الخاصة بك أنت ... وصدقيني لن تهون عندك المشكلة تماماً وتبرئين من كل آثارها لو لم تقتنعي بذلك .. ولو أبقيت على إصرارك أن الأسباب الخاصة بزوجك هي الأهم .. فلن تتقدمي إلى الأمام أبداً .. وستظلين تراوحي مكانك بين بضع كلمات هي لم يتصل .. لماذا يفعل ذلك .. ولم لم يفعل ذاك .. تأكدي ياأختاه أن حكم الآخرين ومنهم أنا الذين لا تأسرهم العاطفة كما هو الحال عندك .. يأتي دائماً حكمهم أصوب لأن العقل هو من يحكم .. ولأن النظرة من بعيد تدع المرء يرى الأمور كاملة .. بينما من ينظر إليها من قريب لا يرى إلا جزءاً يسيراً منها .. فأرجو أن تقتنعي بأن الأهم هي الأسباب الخاصة بك أنت .. ثم بعدها تأتي الأسباب الخاصة بزوجك .. ولتطمئني فسنناقشها أيضاً ولكن في دورها من الأهمية وبعد ....
أن أبدأ بمناقشة الأسباب الأكثر أهمية في نظري ونظر كثير من الإخوة هنا في المنتدى وصاحبة نصيب الأسد من المشكلة وهي الأسباب الخاصة بك أنت شخصياً .. والتي تمثل النسبة الأعظم في إحساسك بالمشكلة .. ولنأخذها واحداً .. واحداً .. ولنحاول معاً أن نزيلها من نفسك تماماً .. أو نقللها قدر الإمكان .. وأنا أعدك هنا أن لا أكون مجاملاً أبداً .. وأعدك أن أصدقك القول مهما كان قولي .. وفي المقابل أرجو أن تعدي نفسك بأن تأخذي الأمر بجدية .. وتغيري بقوة وبإرادة لا تلين من هذه الأسباب الخاصة بك أنت نحو الأفضل .. والأحسن .. وأن تعتبري نفسك في مهمة لا بد من إنجازها .. وهي إنصافك لنفسك .. وبذل مافي وسعك لدفعها نحو الأفضل ... ما رأيك هل تعدين بذلك ؟
والآن لنبدأ بهذه الأسباب .. سبباً .. سبباً
1- كونك في فراغ قاتل .. ليس عندك مايشغلك سوى زوجك وأفكارك الخائفة
وهذا ياأختاه سيء للغاية .. وصدقيني هو سبب رئيسي لإحساسك بالمشكلة ... ولا بد أن تزيلي هذا السبب تماماً .. فبقاءه .. سيبقي جزءاً كبيراً من المشكلة .. ثم أنه قد يتسبب لك بمشاكل أخرى في المستقبل وكما فهمت من قصتك .. ومن كل ما قلتيه لنا منذ بداية كتابتك في المنتدى .
والأمر .. لايحتمل السلبية أو ( الدلع ) أو التهاون .. فلا بد أن تنظري إليه بجدية كسبب جوهري .. وستتغير نظرتك لكثير جداً من الأمور إلى الأفضل لو أزلت هذا السبب ... وإزالته المثالية في رأيي تكون بالبحث الجاد .. وأقول الجاد .. وأكرر الجاد .. عن عمل .. وأنت لديك شهادة .. وعندك دورة تدريبية في السكرتارية التنفيذية كما فهمت .. إذن فأمر العمل قد يكون أيسر عليك من غيرك .. فلا بد أن تضعيه أمامك كهدف لا تحيدي عنه .. وإياك والتهاون أو ضعف الإرادة والكسل .. فالبداية فقط هي الصعبة أما بعد ذلك فستستقيم في حياتك الكثير من الأمور .
وحتى إن لم توفقي في الحصول على عمل في وقت سريع .. فلا تكفي عن المحاولة .. والمحاولة بحد ذاتها ستسهم إسهاماً كبيراً في إزالة هذا السبب الهام من أسباب المشكلة .. جربي وسترين .. وأرجو أن تقفي إلى جوار نفسك وتدعميها .. وكفاك تقصيراً في حق نفسك عليك .. كما أن العمل سيسهم إٍسهاماً كبيراً في إزالة سبب آخر من أسبابك الشخصية وهو السبب المادي كما سنرى .
2- كونك تخافين من أنه لو وقع الطلاق فسوف تفقدين فرصة مثلاً للحياة المريحة ... أو ستفقدين مثلاً مصدر مالي تحصلين عليه من الزوج .. ولا يتوافر بديل عنه .
وهذا السبب إزالته أيضاً من نفسك تكمن في العمل .. فلو وجدت لنفسك عملاً .. ولو حتى لم يرضيك راتبه في البداية .. فهو بكل تأكيد سيشكل نواة صلبة لقدرتك على الإعتماد على النفس في مجال المادة .. وعدم حاجتك للآخرين مهما كانوا هؤلاء الآخرين .. وحتى لو كان منهم زوجك أو أمك أو أخوك .. فما أروع أن يشعر المرء أنه بغنى عن كل الخلق .. ولاحاجة له أبداً بما في أيديهم .. وحاجته تكمن فقط فيما في يد الله وحده ... وهذا إحساس أكثر من رائع يا أختاه تحرمين نفسك منه تماماً .. وتحمليها هم التفكير في المصيبة الإضافية التي قد تقع إذا وقع الطلاق .. وهي الحاجة المادية .. فيزيد رعبك .. وتكبر مشكلتك .. في حين أنك لو كنت آمنة مادياً فستهون المشكلة كثيراً في نظرك .
أرأيت ياأختاه كيف أنك لو حصلت لنفسك على عمل كريم .. فسوف تزيلين سببين كبيرين من أسباب المشكلة في خبطة واحدة ... إنها صفقة رائعة .. فلا تدعيها .. ولا تتركي نفسك للتهاون والكسل والخور وإختلاق الأعذار .. وإنصفي نفسك من نفسك .. وكوني قوية ذات إرادة .. وفاعلة ولاترضي دائماً بدور المفعول به .. ولا تشتكي حالك لنفسك .. وأنت تقصرين كثيراً في حق هذه النفس التي إئتمنك الله عليها ... هيا .. هيا . إعقدي العزم ولا تتأخري .
3- عدم ثقتك الكافية بنفسك .. وإنكارك على نفسك أن تكون لك حقوق لا تتنازلين عنها أبداً .. فأنت ياأختاه كما فهمت من كتاباتك المتعددة ( وأرجو أن لاتغضبي مني .. فقد إتفقنا على الصراحة المطلقة ) .. تفهمين الزواج على أن المرأة يجب أن تكون مضحية دائماً فإن تفضل عليها الرجل فأنعم بهذا .. وإن بخل أو إمتنع فلابد من الصبر إلى مالانهاية ... وأن هذا الصبر إذا نفذ .. فإن كل ماهو ممكن هو الإكتئاب والحزن .. و ( مد البوز .. ) فقط ولاشيء سوى ذلك .
4- وأعتقد أنك ربما تظنين ( وآسف مرة أخرى على الصراحة ) أن زوجك أفضل منك .. وأنه قام ببعض التنازلات عندما ارتبط بك .
وعلاج هذين السببين يكمن في أن تفهمي جيداً يارعاك الله بأنه ليس لزوجك فضل عليك أو أنه أحسن منك .. أو أن له أن يفعل ما يشاء وليس لك إلا الصبر .. فالأمر ليس كذلك أبداً ... وأرجو أن تفهميني جيداً فلا تظنيني والعياذ بالله أحرضك على زوجك .. أو أنصحك بأن تشاكسيه وتضايقيه .. أو حتى أن تعامليه الند للند .. لا فلا أقصد ذلك على الإطلاق .. بل بالعكس نصحتك كثيراً ومازلت أنصحك .. وسأنصحك عندما يأتي الدور على الأسباب الخاصة بزوجك بحسن تعاملك مع زوجك .. وبحنانك .. بل وبتدليلك له .. ولكن يجب أن تفهمي تماماً الآتي :
وضعك أفضل من وضع زوجك .. وهو الذي يجب أن يكون ممتناً أنه إقترن بك .. فلو كان قد سبق لك الطلاق .. فهو أيضاً كذلك .. بل هو لديه أطفال من أخرى وأنت لا .
من أبسط حقوقك أن يكون لك أطفال .. والشرع قد كفل لك ذلك الحق تماماً .. وزوجك مقصر في محاولة منعك من الإنجاب .. بل لا أتجاوز إن قلت أنه آثم لذلك .. وبالتالي فأنت الآن ولو مؤقتاً تتنازلين عن حق هو من صميم حقوقك .. فيجب أن يكون زوجك شاكراً .. ويجب أن تفهمي أنت ذلك .. فأنت المتفضلة .
ومن حقك أيضاً أن يكون لك مسكن مستقل ... وزوجك قد وعدك بذلك .. وبالتالي فعليه أن يفي بوعده .. وكونك تصبرين على ذلك ولا تشقين عليه فهو فضل يحسب لك .. وثواب تنالينه بإذن الله .. ومرة أخرى أنت صاحبة فضل .
كون زوجك يلاقي مشاكل في عمله تؤثر عليه كل هذا التأثير ... وتنكد عليك حياتك بهذا الشكل .. وهو لايحاول أن يحرك ساكناً ..ليغير من ظروف عمله .. ولا يعرف كيف يترك مشاكله بالعمل .. لئلا يثقلك بها ويحملك مالا تطيقين .. فكل هذا ليس بذنبك .. ولا خطئك حتى تتحملينه بهذا الشكل ... وأنت إنما تحتملين ذلك كحسن تبعل لزوجك .. وكفضل منك ترجين ثواب ربك عليه ... ومرة ثالثة أنت أيضاً صاحبة الفضل وليس زوجك أبداً .
كون زوجك يحسن الإنفاق عليك .. فهذا حق لك كفله الشرع .. وليس فضلاً من المرء أن يمنح الحق لأصحابه .. وليست اليد التي تأخذ حقها هي اليد السفلى أبداً .. فهي لا تأخذ إلا حقها .. الذي أمر به رب العالمين .. والإنفاق من الزوج واجب عليه .. بل ويلزمه شرعاً أن يكون حسب مستواه هو .. وحسب دخله هو .. ولو أنفق الزوج الفقير مئة مثلاً .. لكان موافقاً للشرع .. بينما قد ينفق الغني ألف ويعد بخيلاً ويأثم .. لأن قدرته أعلى من ذلك .. وسعته أكبر من ذلك .
فلا أدري بعد كل ذلك ياأختاه .. ألا تظنين أنك على أقل الأحوال كفؤ لزوجك .. ولا فضل له عليك .. بل أنت من تتنازلين عن حقوق هي لك من أجل المحافظة على هذا الزوج ... ولو نويت بها التقرب إلى الله .. لرزقك الله بها مالايعد أو يحصى من الحسنات .
لذا أرجوك .. إجعلي ثقتك في نفسك فائقة .. ولاتظنين أن زوجك متفضل عليك .. واقصدي بتنازلك عن بعض حقوقك هذا وجه الله .. واجعلي نيتك هكذا .. وستغترفين من الحسنات الكثير بإذن الله .. وستكونين أكثر عرضة لجوائز ربك التي إختص بها الصابرين .
مرة أخرى أنصفي نفسك من نفسك فأنت لها تظلمين .. واقدري نفسك حق قدرها بدون غرور أو تعالي .. وستجدين كيف أن أمورك ستسير بسرعة كبيرة إلى الأحسن .
سأواصل في الردالتالي