البكاء سنة عظيمة، وعادة لصالح المؤمنين قديمة..
وقد كان النبي يصلي، فيبكي حتى يبل لحيته،
ثم يبكي حتى يبل حجره، ثم يبكي حتى يبل الأرض..
ولما قال النبي في مرضه (مروا أبا بكر فليصل بالناس)،
قالت عائشة (يا رسول الله، إن أبا بكر رجل أسيف -رقيق القلب- لا يملك دمعه،
إذا قام يصلي لم يسمع الناس من شدة بكائه).
وقد تعوذ النبي من قلب لا يخشع وعين لا تدمع،
ولكن فليحذر المصلي أن يرفع صوته بالبكاء في الصلاة فيشوش على المصلين ويؤذيهم.
اسأل ربك أن يذيقك برد عفوه،
ولذة طاعته، وحلاوة مناجاته..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية:
" إذا أديت لله طاعة ولم تجد أثرها في قلبك، فاتهم عملك؛ فإن المعبود كريم، أكرم من أن يتقرب إليه عبده بطاعة ثم لا يثيبه عليها ".
في قوله سبحانه {كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ}
تشبيه في أصل فرض الصوم لا في الكيفيات، والتشبيهُ قد يكتفى فيه ببعض وجوه المشابهة،
والغرض من هذا التشبيه بيان أن في التشبيه بالسابقين تهويناً على المكلفين بهذه العبادة
أن يستثقلوا هذا الصوم؛لأن في الاقتداء بالغير أسوة في المصاعب.
(الطاهر ابن عاشور)
التعديل الأخير تم بواسطة *سر الحياة* ; 14-07-2013 الساعة 05:22 AM
إنما عبر عن رمضان بأيام وهي جمع قلة ووصف بمعدودات وهي جمع قلة أيضا؛
تهوينا لأمره على المكلفين، والمعدودات كناية عن القلة؛ ولذلك يقولون: الكثير لا يعد،
ولأجل هذا اختير في وصف الجمع مجيئه في التأنيث على طريقة الجمع بألف وتاء وإن كان مجيئه
على طريقة الجمع المكسر الذي فيه هاء تأنيث أكثر.
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}وهذه حقيقة الصوم.. حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات،
وتعديل قوتها الشهوانية.. لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها ونعيمها،
وقبول ما تزكو به مما فيه حياتُها الأبدية، فيكسِر الجوعُ والظمأ مِن حدتها،
ويذكِّرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين،
وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجارى الطعام والشراب.
ابن القيم.
فهو لجامُ المتقين، وجُنَّةُ المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين،
وهو لربِّ العالمين مِن بين سائر الأعمال؛ فإن الصائم لا يفعلُ شيئاً،
وإنما يتركُ شهوتَه وطعامَه وشرابَه من أجل معبوده؛ فهو تركُ محبوبات النفس
وتلذُّذاتها إيثاراً لمحبة اللَّه ومرضاته.. وذلك حقيقة الصوم .
ابن القيم.