رد : الفكر العقدي الوافد ...
الفأل المفترى عليه
إعداد: د. هيفاء بنت ناصر الرشيد
ـــــــــــــ
لا شك أن تحرير المصطلح وتحديد مفهومه مسألة في غاية الأهمية، لا سيما إذا كان الأمر متعلقاً بتقرير مسألة شرعية أو اعتقادية، وقد حصل في الفترة الأخيرة خلطٌ غريب بين بعض المصطلحات الشرعية والمفاهيم الفلسفية البعيدة عنها كل البعد، حتى التبس الأمر على كثير من الناس وظنوا أن تلك المفاهيم المنحرفة لا تتعارض مع الشرع، أو ظنوا أنها جزء منه.
ومن تلك المصطلحات المثيرة للجدل: الفأل، والتفاؤل، والظن بالله سيئُه وحسنه، وعلاقة كل منها بما يُسمى: قانون الجذب.
وفي هذا البحث تتناول الباحثة كل واحد من هذه المصطلحات بالتعريف والتوضيح المقتضب من المنظور الشرعي السليم، لتتضح الفروق بينها وبين القانون الفلسفي- الخطير- الذي أصبحت تُقرن به.
ففيما يخص "الفأل" بينت الباحثة أن الفأل الذي كان يعجب النبي صلى الله عليه وسلم هو الكلمة الطيبة ونحوها يسمعها الإنسان عرضاً دون تقصد؛ فتسره وينشرح بها صدره، مع عدم تأثيرها في مضيّه أو ردّه، ودون أن يعتقد أنها سبب مباشر لحصول المرغوب.
وفيما يخص لفظة "التفاؤل" بينت الباحثة أن هذه اللفظة لم ترد في السنة مطلقاً، وإنما الذي ورد الفأل، وبينهما فرق لطيف، فالتفاؤل ليس هو الفأل، بل فيه زيادة عليه تقتضي القصد والحركة والتفاعل، فالتفاؤل هو ما يحصل عند الفأل,,
وعن حسن الظن بالله بينت الباحثة أن من اللفتات المهمة في مفهوم (حسن الظن بالله): أنه لا يكون إلا مقترناً بالعمل، فإحسان الظن مقترن بالعمل، ولا يمكن أن ينفصل عنه في أمر الدنيا والدين، والظن المجرد من العمل ليس من الرجاء ولا من حسن الظن، بل هو من الأماني المنهي عنها شرعاً.
ثم تحدثت الباحثة عن مصطلح قانون الجذب، مبينة أن قانون الجذب قائم على أن الفكر هو الذي يخلق الواقع، وأن ما يفكر فيه الإنسان يتجلى عبر تحول الفكرة المجردة إلى حدث أو وجود محسوس، وهو مبدأ قديم له أصل في الفلسفة الشرقية وفي الفكر الباطني الثيوصوفي، فالإنسان مسؤول مطلق عن حياته، وهو الذي يصنع قدره بنفسه!
وهذا المعنى القبيح لو بقي على صورته الفلسفية الأصلية لكان بطلانه ظاهراً، ولكنه أُلبس لباساً شرعياً؛ متستراً بتفسير مبتدع محدث لنصوص الوحيين، حتى التبس الأمر على عوام الناس- بل على بعض طلاب العلم- حين ظنوا أن هذا القانون لا يخالف الشرع، أو أنه من الدين أصلاً، وهذا ظلم للشريعة وتعد سافر على مدلول النص الشرعي، فحملت النصوص من المعاني الفلسفية ما لا تحتمل، وطبق الاصطلاح الشرعي على تلك المعاني.
وكان آخر ما ختمت به الباحثة بحثها الإشارة إلى أبرز الفروق بين المفهوم الشرعي للفأل والظن وبين المفهوم الفلسفي لقانون الجذب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً..
التعديل الأخير تم بواسطة *سر الحياة* ; 11-11-2013 الساعة 04:41 AM