مجتمع مريض
وبعد التعرف على آراء بعض المطلقات، ورصد نظرات المجتمع لهن توجهنا لخبراء الاجتماع ليحللوا العوامل التي أدت إلي هذه الوضعية المتردية التي تعانيها المطلقة في المجتمع.
يقول الدكتور أحمد المجدوب "خبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية المصري": لقد أصبح المجتمع مريضاً بأمراض اجتماعية خطيرة، ويعاني من تناقضات غريبة من ضمنها التعامل مع المرأة المطلقة "كعدوة"؛ ولذا يفضل الابتعاد عنها، ويعرض الرجال عن الارتباط بها لأسباب وهمية، مثل أن المرأة المطلقة مثل "الطبخة البائتة"
ويتابع: كما يوجد اعتقاد خاطئ لدى البعض مؤداه أن المرأة المطلقة احتمالية انحرافها كبيرة، ولا يؤمن جانبها، ولا يجب الاطمئنان إليها، ويعتبرها بعض الرجال فريسة سائغة لهم، غير أن المطلقة تكون على عكس ذلك تماماً، فهي الأكثر حرصاً لعلى كرامتها وعفتها من نظيراتهن اللائي يعشن في كنف أزواجهن.
ويضيف الدكتور المجدوب: الغريب في الأمر أن أكثر أعداء المطلقات هن النساء أنفسهن، وذلك لخوفهن على أزواجهن من أن تخطفه المطلقة؛ لأنهن يعتبرن السيدة المطلقة تبحث عن أي فرصة للزواج، حتى لو كان زوج أعز صديقاتها، والشيء المدهش أيضا أن أسهم المرأة المطلقة بدأت تهبط، حيث لا يتقدم للزواج منها سوى زوج على المعاش، ويحتاج إلى سيدة تخدمه، أو مريض يحتاج إلى زوجة ممرضة، أو رجل مزواج، أو آخر طامع في مالها لو كانت غنية.
كما يحمل الأسرة مسئولية انحراف المطلقة في حال حدوثه؛ لأن الأسر أصبحت تصد المطلقة، ولا ترحب بها، بل في كثير من الأحيان تقوم بطردها. ويرى أن المطلقة لا تهدد المجتمع كما يدعي البعض، بل المجتمع هو الذي يهددها بإغلاقه جميع الأبواب أمامها، ووصمه لها بالانحراف، فضلا عن قيامه برصد خطواتها، ومقاطعة الصديقات لها لا لشيء سوى لأنها أصبحت مطلقة فكلهن في هذه الحالة يرفعن شعار "الباب الذي يأتيك منه الريح أغلقه وأستريح".
الإرادة القوية
وترى الدكتورة سامية خضر "أستاذ علم الاجتماع بعين شمس" أن المطلقة من أكثر النساء حساسية، وهي أكثرهن تعرضاً للاكتئاب والقلق والاضطرابات النفسية، بسبب الهمسات والنظرات الغريبة التي تحيطها، وتشعر الكثيرات من المطلقات بالاكتئاب والعزلة الشديدين، نتيجة لابتعاد الصديقات عنهن، أو خوف النساء منهن، أو كثرة الشائعات حولهن. وحذرت من تجنب المطلقات، وضرورة التقرب منهن، وأن تعمل صديقاتهن على حثهن على العودة لأسرهن، وإصلاح الأخطاء السابقة إذا أمكن ذلك.
وينصح الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة جميع المطلقات بأن يشغلن أوقاتهن بممارسة أنشطة جديدة ومفيدة، كأن يكملن تعليمهن، أو يحصلن على وظيفة، أو يلتحقن بنادٍ اجتماعي، وغيرها من الأنشطة الاجتماعية التي ستعزز احترامهن لأنفسهن. كما أن هناك كثيراً من المطلقات في حاجة للمساعدة من خبراء الصحة النفسية، ولكنهن قد يخجلن من التوجه لعيادة نفسية. ومهم جدا لكل مطلقة أن تكون لديها إرادة قوية لإثبات ذاتها في المجتمع، وإن توافرت لها فرصة الحصول على وظيفة فلا تتردد في قبولها، ولا مانع في التفكير في الزواج مرة أخرى، فالدنيا ما زالت بخير، والزوج الثاني قد يعوضها ويحسن معاملة أبنائها.