الهمسة الثالثة
إيـــــاكِ و التباطــــؤ !
صرخ عليها في الهاتف : أين أنتِ ؟ أجابت بأدب : في النادي يا أبتِ استمع
لموعظة الشيخ , رد والدها : الآن الساعة الثامنة , يجب أن تكوني في البيت
الثامنة والنصف , أجابت : يا أبتِ لم ينته البرنامج بعد , وقد دفعت قيمة تذكرة
البرنامج الذي بعده والذي ينتهي التاسعة والنصف , ولاتوجد الآن سيارة تردني
إلى المنزل , ومعي مجموعة اصطحبتهن معي ودفعوا مثلما دفعت .
رد الوالد: الساعة الثامنه والنصف في المنزل , وإياكِ أن تتأخري عن هذا الموعد
أجابت: إن شاء الله يا أبتِ , الساعة الثامنة والنصف أنا في المنزل , يقول الأب :
فأغلقت الهاتف بغضب , وبعد نصف ساعة أحزنني مافعلت مع ابنتي البارة المطيعة
وأنا أتذكر إجابتها بأدب تام واستجابتها السريعة , فسارعت واتصلت بوالدتها لتخبرها
بأني قد أذنت لها أن تتأخر إلى نهاية البرنامج , فأجابت والدتها : هاهي أمامي الآن
في البيت , قد أتى بها والد المجموعة التي معها بسرعة , فحزنت كثيراً للحدث !
* * *
أيتها الزوجة : أطفئي غضب الزوج بسرعة التجاوب , فإنه كالنار الملتهبة التي تلتهم
كل ما أمامها , وتحرق الرباط الوثيق الذي يجمع بين القلبين , وتنطفئ تماماً بالماء
وتصبح كأن لم تكن .
* * *
أتى عمر بن الخطاب إلى النبي-صلى الله عليه وسلم- وفي يده نسخة من التوراة ,
فقال: يارسول الله , هذه نسحة من التوراة ! وجعل يقرأ , ووجه رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- يتغير , فقال أبو بكر : ثكلتك الثواكل ! أما ترى مابوجه رسول الله-صلى الله
عليه وسلم- ؟ فنظر عمر إلى وجه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقال: أعوذ بالله
من غضب الله وغضب رسوله , رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد-صلى الله عليه
وسلم- نبياً (رواه الدارمي)
فترك عمر ماهو عليه في الحال وحاول التلطف إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
* * *
تخلصي مما وقعت فيه من الخطأ في الحال أمام الزوج
, وإن رافقه الاعتراف بالخطأ فهو أفضل.
* * *
قال أحد الآباء : كنت في السابق أُفضل أحد أولادي على الآخر , فاسترسل يوضح سبب
ذلك قائلا: الأول عندما أطب منه شيئاً أو أنهاه فإنه يسارع في تنفيذه بينما الآخر يتباطأ
في ذلك , وفي يوم من الأيام ونحن على الطعام امتنع الاثنان عن أكل صنف من الطعام
فغضبت , وأمرتهما بتناوله , أما الأول فسارع لذلك وأما الآخر فتباطأ , مما أثار الدم في وجهي
فرفعت يدي عليه , وإن كنت أعلم أني تصرفت خطأ .
* * *
وُشيَ إلى الحجاج أن أنس بن مالك خادم رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كان مع ابن
الأشعث ضد الخليفة عبدالملك بن مروان , فأحضر أنس بين يدي الحجاج فقال له : إيه يا
أنيس , يوم لك مع علي , وآخر مع ابن الزبير , وثالث مع ابن الأشعث .. والله لأستأصلنك
كما تستأصل الشاة .. لأختمن على عنقك كما تختم الشاة , صك الله سمعك .
فأمر الحجاج أن يختم عنق أنس بعبارة ( هذا عنق الحجاج) , فكتب أنس إلى الخليفة
عبدالملك بذلك فاستشاط غضباً وتشقق غيظاً , فكتب رسالة إلى أنس يترضاه وآخرى إلى
الحجاج يتوعده وأرسلها مع رسوله , فعندما قرأها الحجاج أخذ يتصبب عرقاً وأمتلأ رعباً.
وفيها : إنك عبد طمت بك الأمور , وعددت طورك وجاوزت قدرك وركبت داهية إداً , فلعنك
الله من عبدِ أخفش العينين , وثبتَ على رجل من أصحاب رسول الله-صلى الله عليه و
سلم- جرأةً منك على الرب عزوجل ؟ واستخفافاً منك بالعهد ؟ فإذا قرأت كتابي هذا فكن
أطوع له من خُفه ونعله , وإلا أتاك مني سهم بكل حتف قاض , ولكل نبأ مستقر وسوف
تعلمون .
فما كاد الحجاج ينتهي حتى ذهب مع الرسول إلى أنس يترضاه فما زال به حتى رضي عنه.
* * *
أيتها الزوجة إياك أن تحدثي نفسك بالتباطؤ وعدم الخضوع للزوج تظنينه ذلاً , كوني إمرأة
جليلة كبيرة القدر صاحبة نظر ثاقب ومعرفة بعواقب الأمور , فضياع الحياة الزوجية بسبب
موقف ما , أعظم مفسدة من ضياع إمارة وولاية قطعة من الأرض .
فأصحاب المراكز يخضعون لرؤسائهم حفاظاً على المنصب , فحريُ بك أن تحافظي على
أبنائك والحياة الأسرية بقلب كبير .
* * *
يقول أحد الأزواج : من أكبر أسباب المشاجرة بيني وبين زوجتي , أنني عندما أنهاها عن
شيء فإنها تتباطأ في ذلك , مما يسبب الصراخ والشجار والهجرة عدة أيام , مما جعلني
أكره العيش معها , أتساءل في فراقها .
* * *
قالت عائشة رضي الله عنها : < حشوت وسادة للنبي-صلى الله عليه وسلم- فيها
تماثيل (صور) فلما رآها قام , وجعل وجهه يتغير , فقلت: مالنا يارسول الله ؟ أتوب إلى
الله مما أذنبت , فقال-صلى الله عليه وسلم- : أما علمت أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه
صورة ؟ وأن من صنع الصور يعذب يوم القيامة , فيقال أحيوا ما خلقتم ؟
قالت: فما دخل حتى أخرجتها . (رواه البخاري)
* * *
تسابقي إلى التخلص من المغضبات , وسترين اتبسامة قلبية بادية على محياه ,
ولكنه يحاول أن يُخفيها ! بل ستحصلين على مكافأة من الزوج
إما لفظاً وإما ضمناً بإذن الله
تعالى .
* * *
حكم أرياط الحبشي أرض اليمن نيابة عن ملك الحبشة , فنازعه أحد أمرائه وهو أبرهة
الأشرم , حتى تفرقت أرض اليمن إلى طائفتين , فالتقى الجيشان فانتصر أبرهة على
أرياط , واجتمعت له أرض اليمن , فلما بلغ ذلك ملك الحبشة غضب غضباً شديداً على
أبرهة , وحلف أن يطأ أرض اليمن ويحلق ناصيته ! , فعلم أبرهة بذلك .
فسارع وحلق رأسه , وملأ إناءاً كبيراً من تراب اليمن , ثم بعث به إلى الملك وكتب إليه
" أيها الملك إنما كان أرياط عبدك , وأنا عبدك فاختلفنا في أمرك , وكل منا طاعته لك
إلا أنني كنت أقوى على أمر الحبشة في اليمن , وأضبط لها , وقد حلقت رأسي كله
حين بلغني قسم الملك ويمينه , وبعثت إليك بتراب من أرضي لتضعه تحت قدمك فتبر
قسمك فيَ " .
فلما انتهى ذلك إلى الملك رضي عنه , وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري .
* * *
مسارعتك في إزالة غضبه ستمكنك من قيادته والتربع على عرش قلبه
وستكونين أحب الناس إليه بإذن الله تعالى .
* * *
" تجاوبي بسرعة مع مطالبه "
!!