صحيح السيرة النبوية - الصفحة 4 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 18-12-2018, 12:40 PM
  #31
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

المبحث الحادي عشر: عبد الله بن الزبير "أول مولود بعد الهجرة"
199 - من حديث أسماء رضي الله عنها أنها حملت بعبد الله بن الزبير، قالت: فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة، فنزلت بقباء فولدته بقباء، ثم أتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد في الإِسلام" (1).
دخوله صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها
200 - من حديث عائشة رضي الله عنها: "تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين، فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن الخزرج، فوعكت فتمزق شعري، فوفي جميمة، فأتتني أمي أم رومان -وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي، فصرخت بي فأتيتها, لا أدري ما تريد بي، فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار، وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي، ثم أخذت شيئًا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي، ثم أدخلتني الدار، فإذا نسوة من الأنصار في البيت، فقلن: على الخير والبركة، وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فأصلحن من شأني، فلم يرعني إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذ بنت تسع سنين" (2).
201 - وقد دخل النبي في شوال كما جاء ذلك عنها (3).
المبحث الثاني عشر: قصة الأذان ومشروعيته
202 - من حديث عبد الله بن زيد قال: "لما أمر رسول الله وسلم بالناقوس ليضرب به للناس لجمع الصلاة، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسًا: فقلت: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: وما تصنع به؟ فقلت: ندعو به إلى الصلاة. قال: أفلا أدلك على خير من ذلك؟ فقلت: بلى فقال: تقول الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
قال: ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال: وتقول إذا قمت إلى الصلاة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدًا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، فلما أصبحت أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بما رأيت، فقال: (إنها لرؤيا حق إن شاء الله، فقم مع بلال، فألق عليه ما رأيت فليؤذن به، فإنه أندى صوتًا منك).
وزاد أحمد في رواية "فقمت مع بلال، فجعلت ألقيه عليه، ويؤذن به، قال: فسمع ذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته، فخرج يجر رداءه ويقول: والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فلله الحمد) (4).
المبحث الثالث عشر: عبد الله بن أبي وإيذاؤه للنبي صلى الله عليه وسلم
203 - من حديث أسامة بن زيد قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب حمارًا، عليه إكاف تحته قطيفة فدكيه، وأردف وراءه أسامة، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج. وذاك قبل وقعة بدر، حتى مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، فيهم عبد الله بن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، خمَّر عبد الله بن أبي أنفه بردائه ثم قال: لا تغبروا علينا.
فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف فنزل، فدعاهم إلى الله وقرأ عليهم القرآن. فقال عبد الله بن أبي: أيها المرء! لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًّا، فلا تؤذنا في مجالسنا، وارجع إلى رحلك فمن جاءك فاقصص عليه.
فقال عبد الله بن رواحة: اغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، قال: فاستب المسلمون والمشركون واليهود، حتى هموا أن يتواثبوا. فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم، ثم ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: (أي سعد ألم تسمع إلى ما قال أبو حباب؟) -ويريد عبد الله بن أبي- (قال كذا وكذا) قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح. فوالله! لقد أعطاك الله الذي أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة أن يتوجوه، فيعصبوه بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاكه، شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -" (5).
المحبث الرابع عشر: الإذن بالقتال
204 - قال الزهري أول آية نزلت في القتال كما أخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} (6).
205 - ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة قال أبو بكر: أخرجوا نبيهم، إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ - {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} (7) وهي أول آية نزلت في القتال" (8).
المبحث الخامس عشر: غزوة الأبواء
قال البخاري رحمه الله: "قال ابن إسحاق أول ما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الأبواء ثم بواط ثم العشيرة" (9).
الأبواء: قرية من أعمال الفرع من المدينة بينها وبين الجحفة ثلاثة وعشرون ميلًا (10).
أو ودان: قرية جامعة من أمهات القرى من عمل الفرع (11). والأبواء وودان: مكانان متقاربان ليس بينهما إلا ستة أميال أو ثمانية أميال.
وكان خروجه - عليه السلام - إلى الأبواء في صفر على رأس اثني عشر شهرًا من مهاجره (12).
وقبل هذ الغزوة كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل بعض السرايا وهي: 1 - سرية حمزة بن عبد المطلب إلى سيف البحر من جهينه، فلقوا أبا جهل بن هشام فحجز بينهم مخشي بن عمرو الجهني وكان حليفًا للفريقين (13).
2 - سرية عبيدة بن الحارث حتى بلغ ثنية المرة، فوجد هناك جمعًا للمشركين، ولم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبي وقاص قد رمى يومئذ بسهم، فكان أول سهم رمي في الإسلام، وفي هذه السرية فر من المشركين إلى المسلمين المقداد بن عمرو، وعتبة بن غزوان وكانا قد حبسا من قبل المشركين (14).
واختلف أهل السير: أي البعثين كان أول: أبعث حمزة، أو بعث عبيدة. فقال ابن إسحاق أول راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأول سرية بعثها عبيدة بن الحارث (15)، قال ابن إسحاق: وبعض الناس يزعمون أن راية حمزة أول راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (16).
وقال المدائني " أول سرية بعثها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: حمزة بن عبد المطلب في ربيع الأول من سنة اثنتين إلى سيف البحر من أرض جهينة" (17).
ويقول ابن إسحاق: "ويقول بعض الناس: كانت راية حمزة أول راية عقدها - صلى الله عليه وسلم - لأحد من المسلمين، وذلك أن بعثه وبعث عبيدة كانا معًا، فشبه ذلك على الناس" (18).
.................................................. .................................................. ......
(1) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب هجرة النبي وأصحابه رقم: 3909، ومسلم في الأدب باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته حديث: 2146 وقد جاء أيضًا من حديث عائشة عند البخاري رقم: 3910 ومسلم: 2148.
(2) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب تزويج النبي عائشة رقم: 3894 وجاء بأرقام: 3896، 5133، 5134، 5156، 5158، 5160، ومسلم في النكاح باب تزويج الأب البكر الصغيرة: 1422.
(3) أخرجه مسلم في النكاح باب استحباب التزويج في شوال: 1423، الترمذي النكاح باب ما جاء في الأوقات التي يستحب فيها النكاح رقم: 1093، وابن ماجه النكاح باب متى يستحب البناء بالنساء: 1990.
(4) أخرجه أبو داود في الصلاة باب كيف الأذان: 499 الدارمي: 1/ 269، الصلاة باب في بدء الأذان، ابن ماجه الأذان باب بدء الأذان رقم: 706، البيهقي 1/ 391، أحمد في المسند: 4/ 43، الترمذي في الصلاة باب ما جاء في بدء الأذان رقم: 189 وقال حسن صحيح، والبخاري في خلق أفعال العباد ص: 34 - 35، وابن الجارود: 158، والدارقطني: 1/ 341، والسيرة النبوية لابن هشام: 2/ 177، 178، وابن خزيمة: 371، وعبد الرزاق: 1787. وقد صححه جماعة من الأئمة كالبخاري والذهبي والنووي وغيرهم- انظر نصب الراية: 1/ 259 - 260.
(5) أخرجه البخاري في التفسير باب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب ... رقم: 4566، ومسلم في الجهاد والسير باب في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره على أذى المنافقين رقم: 1798.
* أكاف: هو للحمار بمنزلة السرج للفرس، قطيفة: دثار مخمل.
* عجاجة الدابة: ما ارتفع من غبار حوافرها. خمَّر أنفه: غطاه. يخفضهم: يسكنهم ويسهل الأمر بينهم شرق بذلك: غص ومعناه حسد النبي.

(6) فتح الباري: 7/ 280، وقال أخرجه النسائي وإسناده صحح، انظر السنن الكبرى، للنسائي التفسير باب قوله تعالى: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} رقم: 11346.
(7) سورة الحج: 39.
(8) أخرجه الترمذي في التفسير باب سورة الحج رقم: 3170، والنسائي الجهاد باب وجوب الجهاد: 6/ 2، وفي الكبرى رقم: 11345، أحمد في المسند: 1/ 216، الحاكم في المستدرك: 2/ 66، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
(9) أخرجه البخاري في كتاب المغازي باب غزوة العشيرة أو العسيرة. 3949 من ضمن الترجمة للباب.
(10) دلائل النبوة للبيهقي: 3/ 9.
(11) السيرة النبوية ابن هشام: 1/ 591.
(12) السيرة ابن هشام: 1/ 591.
(13) ابن هشام: 1/ 595، ابن سعد: 2/ 6، الطبري: 2/ 259، 260، ابن كثير: 2/ 338 ابن سيد الناس: 1/ 224.
(14) ابن هشام: 1/ 591 ابن سعد: 2/ 7 ابن كثير: 2/ 338، 339، ابن جرير: 2/ 261.
(15) أخرجه ابن هشام: 1/ 591.
(16) ابن هشام: 1/ 595.
(17) دلائل النبوة للبيهقي: 3/ 10 نقلا عن المدائني، ابن هشام: 2/ 228 - 230، بينما هي في المغازي في رمضان من السنة الأولى للهجرة: مغازي الواقدي: 1/ 2 البيهقي الدلائل: 3/ 15.
(18) أخرجه ابن هشام: 1/ 595 - 596.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 23-12-2018, 01:41 PM
  #32
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

المبحث السادس عشر: غزوة بواط
207 - من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:
"سرنا مع رسول - صلى الله عليه وسلم - في غزوة بطن بواط، وهو يطلب المجدي بن عمرو الجهني، وكان الناضح يعقبه منا الخمسة والستة والسبعة، فدار عقبة رجل من الأنصار على ناضح له، فأناخه فركبه ثم بعثه فتلدن عليه بعض التلدن، فقال له: شأ لعنك الله. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من هذا اللاعن بعيره) فقال: أنا يا رسول الله. قال: (أنزل عنه، فلا تصحبنا بملعون، لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم) (1).
وهي على رأس ثلاثة عشر شهرًا من مهاجره.
المبحث السابع عشر: غزوة العشيرة
208 - عن أبي إسحاق قال: "كنت إلى جنب زيد بن أرقم، فقيل له: كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - من غزوة؟ قال: تسع عشرة، قال: كم غزوت أنت معه؟ قال سبع عشرة. قلت فأيهم كان أول؟ قال: العشير أو العشيرة، فذكرت ذلك لقتادة فقال العشيرة" (2).
وعند الإمام أحمد لفظ آخر" عن أبي إسحاق قال: سألت زيد بن أرقم رضي الله عنه كم غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: تسع عشرة غزوة وغزوت معه سبع عشرة وسبقني بغزوتين" (3).
قال الحافظ في الفتح: 7/ 280 - 281: كذا قال، ومراده الغزوات التي خرج النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بنفسه سواء قاتل أو لم يقاتل، لكن روى أبو يعلى من طريق أبي الزبير عن جابر أن عدد الغزوات إحدى وعشرون، وأصله في مسلم: 1813، فعلى هذا ففات زيد بن أرقم ذكر ثنتين منها ولعلهما الأبواء وبواط، وكأن ذلك خقي عليه لصغره، ويؤيد ما قلته ما وقع عند مسلم بلفظ "قلت ما أول غزوة غزاها؟ قال: ذات العشير أو العشيرة" والعشيرة كما تقدم هي الثالثة.
وأما قول ابن التين: يحمل قول زيد بن أرقم على أن العشيرة أول ما غزا هو أي زيد بن أرقم، والتقدير: فقلت: ما أول غزوة غزاها أي وأنت معه؟ قال: العشير فهو محتمل أيضًا، ويكون قد خفي عليه ثنتان مما بعد ذلك، أو عد الغزوتين واحدة، فقد قال موسى بن عقبة: قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه في ثمان: بدر، ثم أحد ثم الأحزاب، ثم المصطلق، ثم خيبر، ثم مكة، ثم حنين، ثم الطائف وأهمل غزوة قريظة لأنه ضمها إلى الأحزاب، فكونها كانت في إثرها وأفردها غيره لوقوعها منفردة بعد هزيمة الأحزاب، وكذا وقع لغيره عن الطائف وحنين واحدة لتقاربهما، فيجتمع على هذا أقوال زيد بن أرقم وقول جابر.
المبحث الثامن عشر: سرية عبد الله بن جحش
209 - عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه: "عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه بعث رهطًا وبعث عليهم أبا عبيدة فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فجلس، فبعث عليهم عبد الله بن جحش مكانه، وكتب له كتابًا وأمره أن لا يقرأ الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا، وقال: (لا تكرهن أحدًا من أصحابك على المسير معك).
فلما، قرأ الكتاب، استرجع وقال: سمعًا وطاعة لله ولرسوله، فخبرهم الخبر، وقرأ عليهم الكتاب، فرجع رجلان، ومضى بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه، ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب أو جمادى، فقال المشركون للمسلمين: قتلتم في الشهر الحرام، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ - {يسألونك عن الشهر الحرام} الآية، فقال بعضهم: إن لم يكونوا أصابوا وزرًا فليس لهم أجر فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- {إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم} (4).
المبحث التاسع عشر: حادثة تحويل القبلة
210 - من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل على أجداده -أو قال أخواله- من الأنصار، وأنه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت، وأنه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر، وصلى معه قوم، فخرج رجل ممن صلى معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون، فقال: أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مكة، فداروا -كما هم- قبل البيت، وكانت اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل بيت المقدس، وأهل الكتاب، فلما ولى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك".
قال زهير، حدثنا إسحاق عن البراء في حديثه هذا أنه : مات على القبلة قبل أن تحول قبل البيت رجال قتلوا، فلم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله تعالى {وما كان الله ليضيع إيمانكم} (5).
211 - ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الكعبة قالوا: يا رسول الله كيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس فأنزل الله {وما كان الله ليضيع إيمانكم} الآية" (6).
212 - ومن حديث أنس قال: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يصلي نحو بيت المقدس، فنزلت: {قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام} (7) فمر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة: فنادى ألا إن القبلة قد حولت. فمالوا كما هم نحو القبلة" (8).
213 - ومن حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "بينما الناس في صلاة الصبح بقباء إذ جاءهم آت فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أنزل عليه الليلة، وقد أمر أن يستقبل القبلة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا إلى الكعبة" (9).
.................................................. .................
(1) أخرجه مسلم في كتاب الزهد والرقائق باب حديث جابر الطويل رقم: 3009.
* بطن بواط: قال القاضي رحمه الله قال أهل اللغة وهو بالضم وهي رواية أكثر المحدثين، وهو جبل من جبال جهينة، الناضح: البعير الذي يستقى عليه. يعقبه: يركبه. التلدن: التوقف التلكأ. شأ: كلمة زجر للبعير.
(2) أخرجه البخاري في كتاب المغازي: باب غزوة العشيرة أو العسيرة: رقم: 3949، ومسلم: 1254 في الجهاد والسيرة باب غزاوات النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(3) الفتح الرباني: 21/ 22 وقال الساعاتي أخرجه الشيخان وغيرهما.
(4) أخرجه البيهقي: 9/ 11 - 12 والطبري في التفسير: 2/ 349 - 350، وأبو يعلى: 1534 والطبراني في الكبير: 1670، وقال البيهقي: سنده صحيح إن كان الحضرمي هو ابن لاحق.
وذكره الهيثمي في مجمع الزواند: 6/ 198، وقال رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح . وقد جاء من حديث سعد بن أبي وقاص أخرجه ابن أبي شيبة: 14/ 351 وأحمد في المسند كما في الفتح الرباني: 21/ 25 - 26، وقال أبو زرعة: فيه زياد بن علاقة لم يسمع من سعد بن أبي وقاص شيئًا كما في المراسيل: 57 فيكون سند أحمد منقطعًا، وأخرجه البيهقي في الدلائل: 3/ 17 - 21 مرة من طريق ابن إسحاق مرسلًا عن عروة وقد صرح بالسماع، ومرة عن الزهري مرسلًا عن عروة أيضًا وأخرجه في السنن: 9/ 55 - 59 وابن سعد في الطبقات: 2/ 10 - 11.
(5) أخرجه البخاري في الإيمان باب الصلاة من الإيمان حديث رقم: 40، وجاء بأرقام: 399، 4486، 4492، 7252، الترمذي حديث: 2962 وقال حسن صحيح، ابن ماجه: 1010، أحمد: 4/ 274 أبو داود والطيالسي: 1/ 85، مسلم في الصحيح كتاب المساجد باب تحويل القبلة رقم: 525.
(6) أخرجه الترمذي في كتاب التفسير باب ومن سورة البقرة حديث: 2964، وقال حسن صحيح، الطيالسي: 1944، والحاكم: 2/ 269، وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.
(7) سورة البقرة: 144.
(8) أخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب تحويل القبلة من القدس إلى الكعبة رقم: 527.
(9) أخرجه مسلم في كتاب المساجد باب تحويل القبلة رقم: 526، قلت: والظاهر أن القول والتحويل قد تكرر من عده رجال كما جاء من مجموع هذه الأحاديث
.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 26-12-2018, 12:52 PM
  #33
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

الفصل الثاني غزوة بدر الكبرى
المبحث الأول: تاريخ الغزوة وأسبابها

214 - حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "التمسوها (يعني ليلة القدر) في سبع عشرة، وتلا هذه الآية (يوم التقى الجمعان) يوم بدر، قال: أو تسع عشرة، أو إحدى وعشرين" (1).
215 - ومن حديث ابن مسعود أيضًا: قال في ليلة القدر (تحروها لإحدى عشرة يبقين صبيحتها يوم بدر).
قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله: "أما غزوة بدر فمتفق عليه بين أهل السير: ابن إسحاق وموسى بن عقبة وأبو الأسود وغيرهم، واتفقوا على أنها كانت في رمضان، قال ابن عساكر: والمحفوظ أنها كانت في يوم الجمعة، وروي أنها كانت في يوم الاثنين وهو شاذ، ثم الجمهور على أنها كانت سابع عشرة، وقيل ثاني عشرة، وجمع بينهما بأن الثاني ابتداء الخروج والسابع عشر يوم الوقعة" (2).
قلت: وخلاصة الأمر كما جاء في قول ابن حجر أن الخروج كان في الثاني عشر، والسابع عشر يوم الوقفة، والتاسع عشر كما في قول ابن مسعود الثاني هو انتهاء الغزوة وخاصة أن الرسول - عليه السلام - كان يقيم في عرصة أي قوم يغزوهم ثلاثًا، وكذا فعل في بدر كما سيأتي بيانه".
المبحث الثاني: مرحلة ما قبل المعركة
1 - إرسال العيون للتجسس على قوافل قريش
216 - من حديث أنس: قال: "بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسيسة عينًا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله (قال: لا أدري ما استثنى بعض نسائه) قال: فحدثه الحديث قال: فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكلم فقال: (إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرًا فليركب معنا) فجعل رجال يستأذنونه في ظهرانهم في علو المدينة فقال: (لا إلا من كان ظهره حاضرًا) (3).
2 - المشاورة الأولى من الرسول لأصحابه في المدينة
217 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان قال: فتكلم أبو بكر فأعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد بن عبادة، فقال: إيانا تريد يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله الناس فانطلقوا ..) الحديث (4).
3 - دعوة الرسول - عليه السلام - الناس للخروج
218 - من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال: "لما سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأبي سفيان مقبلًا من الشام: ندب المسلمين إليهم وقال: (هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها، فانتدب الناس فخف بعضهم وثقل بعضهم، وذلك أنهم لم يظنوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلقى حربًا.
وكان أبو سفيان حين دنا من الحجاز يتحسس الأخبار، ويسأل من لقي من الركبان خوفًا على أمر الناس، حتى أصاب خبرًا من بعض الركبان: أن محمدًا استنفر أصحابه لك ولعيرك فحذر عند ذلك. فاستأجر ضمضم بن عمرو الغفاري فبعثه إلى مكة، وأمره أن يأتي قريشًا فيستنفرهم إلى أموالهم، ويخبرهم أن محمدًا قد عرض لها في أصحابه، فخرج ضمضم بن عمرو سريعًا إلى مكة (5).
4 - قلة المراكب من الجمال والخيول
219 - من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "كنا يوم بدر كل ثلاثة على بعير، كان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: وقال: وكانت عقبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فقالا: نحن نمشي عنك.
فقال: (ما أنتما بأقوى مني، ولا أنا بأغنى عن الأجر منكما) (6).
220 - ومن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"قال: لقد أتينا ليلة بدر وما فينا إلا نائم إلا النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه كان يصلي إلى شجرة ويدعو، وما كان فينا فارس إلا المقداد" (7).
5 - عدد المسلمين في غزوة بدر
221 - من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "كنا أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - نتحدث أن عدة أصحاب بدر على عدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلاثمائة" (8).
222 - ومن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: "كان عدة أهل بدر عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلثمائة وسبعة عشر" (9).
223 - ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر رجلًا من أصحابه .. فذكر الحديث" (10).
وهذه الرواية لا تنافي التي قبلها لاحتمال أن تكون هذه الرواية لم يعد فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا الرجل الذي لحق بهم.
6 - عدم السماح لمن لم يبلغ بالخروج
224 - من حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: "استصغرت أنا وابن عمر يوم بدر، وكان المهاجرون يوم بدر نيفًا على ستين، والأنصار نيفًا وأربعين ومائتين" (11).
225 - ومن حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نظر إلى عمير بن أبي وقاص، فاستصغره حين خرج إلى بدر، ثم أجازه قال سعد: فيقال: أنه خانه سيفه قال عبد الله بن جعفر قتل يوم بدر" (12).
7 - رفضه الاستعانة بالمشركين
226 - من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: جئت لأتبعك وأصيب معك، قال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (تؤمن بالله ورسوله؟).
قال: لا: قال: (فارجع فلن أستعين بمشرك).
قالت: ثم مضى، حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل. فقال له كما قال أول مرة، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - كما قال أول مرة: قال: (فارجع فلن أستعين بمشرك) قال: ثم رجع فأدركه بالبيداء. فقال له كما قال أول مرة: (تؤمن بالله ورسوله) قال: نعم. فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (فانطلق) (13).
.................................................. ..................................
(1) أخرجه أبو داود في الصلاة باب من روى أنها ليلة سبع عشرة: 1384 والبيهقي: 4/ 310 وابن أبي شيبة: 3/ 75 - 76، والطبراني في الكبير: 9074: 9579، وعبد الرزاق في المصنف: 7697 والطحاوي: 2/ 54، وابن نصر المروزي في مختصر قيام رمضان ص: 108، والحاكم في المستدرك 3/ 20 - 21 وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي وهو كما قالا، وأخرجه الطبري في التاريخ: 2/ 266 بإسناده صحيح، وعزاه السيوطي في الدر المنثور: 6/ 376، إلى سعيد بن منصور وابن مردويه.
(2) التلخيص الحبير: 4/ 89 رقم الحديث: 1826.
(3) أخرجه مسلم في صحيحه الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد رقم: 1901 أحمد في المسند: 3/ 136.
* يعني الخيل أي لو أمرتنا بإدخال خيولنا في البحر وغشيتنا إياها فيه لفعلنا.
(4) أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب غزوة بدر رقم: 1779 وأحمد في المسند: 3/ 188، 3/ 100، 4/ 228، 6/ 29.
(5) أخرجه ابن هشام من طريق ابن إسحاق: 2/ 606 - 607، بسند صحيح فقد صرح ابن إسحاق بالتحديث.
(6) أخرجه أحمد في المسند: 1/ 411، طبعة لبنان رقم: 3901، طبعة أحمد شاكر، ابن حبان: 1688، والحاكم: 3/ 20، وقال حديث صحيح على شرط مسلم ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في المجمع: 6/ 69، رواه أحمد والبزار وفيه عاصم بن بهدلة وحديث حسن وبقية رجال أحمد رجال الصحيح، وحسنه الشيخ أحمد شاكر.
(7) الفتح الرباني: 21/ 36 والطيالسي: 2342 وأبو يعلى والحديث سنده صحيح.
(8) أخرجه البخاري في المغازي باب عدة أصحاب بدر رقم: 3958، الترمذي في السير باب ما جاء في عدة أصحاب بدر رقم: 1598 وقال حديث حسن صحيح.
(9) كشف الأستار عن زوائد البزار رقم: 1784 وقال الهيثمي: 6/ 93 رواه البزار ورجاله ثقات.
(10) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب في نفل السرية تخرج من العسكر رقم: 2747، والحاكم: 2/ 145 وقال صحيح على شرط مسلم، والبيهقي: 9/ 57، وحسنه الحافظ في الفتح: 7/ 292 والحديث حسن والله أعلم.
(11) أخرجه البخاري في المغازي باب عدة أصحاب بدر رقم: 3956.
(12) كشف الأستار عن زوائد البزار: 1770 قال الهيثمي في المجمع: 6/ 69، رواه البزار ورجاله ثقات.
(13) أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب كراهة الاستعانة في الغزو بالكافر رقم: 1817، أبو داود في الجهاد والسير باب في المشرك يسهم له:2732، والترمذي في السير ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم: 1558، وقال حسن غريب، والدارمي: 2/ 233 وأحمد: 6/ 67، 49.
يحتمل أن عائشة كانت مع المودعين فرأت ذلك، ويحتمل أنها أرادت بقولها: كنا، كان المسلمون، كذا قال النووي في شرح مسلم: 12/ 198 - 199.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 28-12-2018, 02:46 PM
  #34
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

[COLOR="navy"][CENTER][SIZE="5"]
8 - رؤيا عاتكة وإنذار ضمضم لقريش
سبق وأن ذكرت في حديث ابن عباس رقم: 218، أن أبا سفيان كان يتحسس الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، وأنه كان يخاف أن يقوم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بقطع الطريق على قافلته، وسلب ما معه من أموال قريش.
فلما سمع من بعض الركبان بخروج رسول الله وأصحابه لاعتراض القافلة، استأجر رجلًا من بني غفار واسمه ضمضم بن عمرو الغفاري لينذر قريشًا من أجل أن تخرج لحماية قافلتها، وقبل أن يصل النذير مكة رأت عاتكة بنت عبد المطلب رؤيا أولت بأن مصابًا سيحل في مكة، سيؤدي إلى قتل عدد من زعماء قريش، مما أثار حفيظة بعض زعماء الشرك، ولنترك المجال لراوي الحدث ليخبرنا بالتفصيلات:
227 - قال ابن إسحاق وحدثني يزيد بن رومان (2) عن عروة بن الزبير قال: "وقد رأت عاتكة بنت عبد المطلب رضي الله عنها قبل قدوم ضمضم (الغفاري) مكة بثلاث ليال، رؤيا أفزعتها، فبعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب، فقالت له: يا أخي والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني (أي : اشتدت علي )، وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة، فاكتم عني ما أحدثك به، فقال لها: وما رأيت؟
قالت: رأيت راكبًا أقبل على بعير له، حتى وقف بالأبطح، ثم صرخ بأعلى صوته: ألا انفروا يا آل غُدُر لمصارعكم في ثلاث، فأرى الناس اجتمعوا إليه، ثم دخل المسجد والناس يتبعونه، فبينما هم حوله مثل به بعيره على ظهر الكعبة، ثم صرخ بمثلها، ألا انفروا يا آل غدر لمصارعكم في ثلاث، ثم مثل به بعيره على رأس أبي قبيس، فصرخ بمثلها. ثم أخذ صخرة فأرسلها، فأقبلت تهوي، حتى إذا كانت بأسفل الجبل ارفضت، فما بقي بيت من بيوت مكة، ولا دار إلا دخلتها منها فلقه، قال العباس: والله إن هذه لرؤيا! وأنت فاكتميها، ولا تذكريها لأحد. ثم خرج العباس، فلقي الوليد بن عتبة بن ربيعة، وكان له صديقًا، فذكرها له، واستكتمه إياها، فذكرها الوليد لأبيه عتبة، ففشا الحديث بمكة، حتى تحدثت به قريش في أنديتها.
قال العباس: فغدوت لأطوف بالبيت، وأبو جهل بن هشام في رهط من قريش قعود يتحدثون برؤيا عاتكة، فلما رآني أبو جهل قال: يا أبا الفضل، إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا.
فلما فرغت أقبلت حتى جلست معهم، فقال لي أبو جهل: يا بني عبد المطلب، متى حدثت فيكم هذه النبّية؟ قال: قلت: وما ذاك؟ قال: تلك الرؤيا التي رأت عاتكة، قال: فقلت: وما رأت؟ قال: يا بني عبد المطلب، أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساءكم! قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال: انفروا في ثلاث، فسنتربص بكم هذه الثلاث، فإن يك حقًّا ما تقول فسيكون، وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شيء، نكتب عليكم كتابًا أنكم أكذب أهل بيت في العرب. قال العباس: فوالله ما كان مني إليه كبير، إلا أني جحدت ذلك، وأنكرت أن تكون رأت شيئًا قال: ثم تفرقنا.
فلما أمسيت، لم تبق امرأة من بني عبد المطلب إلا أتتني، فقالت: أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم، ثم قد تناول النساء وأنت تسمع، ثم لم يكن عندك غيرة لشيء مما سمعت!، قال: قلت: قد والله فعلت، ما كان مني إليه من كبير، وأيم الله لأتعرضن له، فإن عاد لأكفيَّنكُنَّه.
قال: فغدوت في اليوم الثالث من رؤيا عاتكة، وأنا حديد مغضب أرى أني قد فاتني منه أمر أحب أن أدركه منه.
قال: فدخلت المسجد فرأيته، فوالله إني لأمشي نحوه أتعرضه ليعود لبعض ما قال فأقع به، وكان رجلًا خفيفًا، حديد الوجه، حديد اللسان، حديد النظر.
قال: إذ خرج نحو باب المسجد يشتد. قال: فقلت في نفسي ما له لعنه الله! أكل هذا فرقٌ مني أن أشاتمه!
قال: وإذا هو قد سمع ما لم أسمع: صوت ضمضم بن عمرو الغفاري، وهو يصرخ ببطن الوادي واقفًا على بعيره، قد جدع بعيره، وحول رحله، وشق قميصه وهو يقول: يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد وأصحابه ، فالغوث الغوث: قال: فشغلني عنه وشغله عني ما جاء من الأمر" (3).
9 - إجارة الشيطان قريشًا
228 - قال ابن إسحاق: وحدثني يزيد بن رومان، عن عروة بن الزبير، قال: "لما أجمعت قريش المسير ذكرت ما كان بينها وبين بني بكر، فكاد ذلك يثنيهم، فتبدى لهم إبليس في صورة سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة، فقال لهم: أنا جار لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه، فخرجوا سراعًا" (4).
10 - تخوف بعض أئمة الكفر من الخروج
أمية بن خلف وقصته مع سعد بن معاذ.
229 - من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حدث عن سعد بن معاذ أنه قال: "كان صديقًا لأمية بن خلف، وكان أمية إذا مر بالمدينة نزل على سعد، وكان سعد إذا مر بمكة نزل على أمية، فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة انطلق سعد معتمرًا، فنزل على أمية بمكة، فقال لأمية: انظرني ساعة خلوة لعلي أن أطوف بالبيت، فخرج به قريبًا من نصف النهار، فلقيهما أبو جهل فقال: يا أبا صفوان من هذا معك؟
فقال: هذا سعد. فقال له أبو جهل: ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد آويتم الصباة، وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينوهم. أما والله لولا أنك مع أبي صفوان ما رجعت إلى أهلك سالمًا، فقال له سعد -ورفع صوته عليه-: أما والله لئن منعتني هذا لأمنعنك ما هو أشد عليك منه: طريقك على المدينة، فقال له أمية: لا ترفع صوتك يا سعد على أبي الحكم سيد أهل الوادي. فقال سعد: دعنا عنك يا أمية، فوالله لقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (إنهم قاتلوك). قال: بمكة؟ قال: لا أدري، ففزع لذلك أمية فزعًا شديدًا. فلما رجع أمية إلى أهله قال: يا أم صفوان، ألم تري ما قال لي سعد؟ قالت: وما قال لك؟ قال: زعم أن محمدًا أخبرهم أنهم قاتلي. فقلت له: بمكة؟ قال: لا أدري. فقال أمية: والله لا أخرج من مكة.
فلما كان يوم بدر استنفر أبو جهل الناس قال: أدركوا عيركم، فكره أمية أن يخرج، فأتاه أبو جهل فقال: يا أبا صفوان إنك متى ما يراك الناس قد تخلفت، وأنت سيد أهل الوادي تخلفوا معك، فلم يزل به أبو جهل حتى قال: أما إذا غلبتني فوالله لأشترين أجود بعير بمكة. ثم قال أمية: يا أم صفوان جهزيني. فقالت له: يا أبا صفوان وقد نسيت ما قال لك أخوك اليثربي؟ قال: لا ما أريد أن أجوز معهم إلا قريبًا. فلما خرج أمية أخذ لا يترك منزلًا إلا عقل بعيره. فلم يزل بذلك حتى قتله الله -عزَّ وجلَّ- ببدر" (5).
.................................................. ...........................................
(1) أخرجه مسلم في الجهاد والسير باب كراهة الاستعانة في الغزو بالكافر رقم: 1817، أبو داود في الجهاد والسير باب في المشرك يسهم له:2732، والترمذي في السير ما جاء في أهل الذمة يغزون مع المسلمين هل يسهم لهم: 1558، وقال حسن غريب، والدارمي: 2/ 233 وأحمد: 6/ 67، 49.
يحتمل أن عائشة كانت مع المودعين فرأت ذلك، ويحتمل أنها أرادت بقولها: كنا، كان المسلمون، كذا قال النووي في شرح مسلم: 12/ 198 - 199.
(2) يزيد بن رومان ثقة من الخامسة، تقريب: 2/ 364.
(3) أخرجه ابن هشام في السيرة: 1/ 607، وسنده صحيح إلا أنه مرسل، وقد جاءت حادثة عاتكة من طرق متعددة -من حديث ابن عباس عد الحاكم: 3/ 19 إلا أن سنده ضعيف، ورواه الطبراني بإسنادين أحدهما مرسل، والآخر مرفوع من حديث مصعب بن عبد الله وفيهما ابن لهيعة وحديثه حسن كما قال الهيثمي في المجمع: 6/ 732، وله سند آخر عند ابن إسحاق عن ابن عباس ولكنه ضعيف"، وأورده ابن منده بسنده عن عاتكة بنت عبد المطلب وسنده ضعيف كما قال ابن حجر في الإصابة: 4/ 347 وبهذه الطرق يقوى الحديث فيرتفع الحديث إلى درجة الحسن لغيره والله أعلم.
* أفظعتني: اشتدت علي.
* يا لغدر: يا أهل غدر، يا آل غدر، مثل به: قام به، أرفضت: تفتتت، جدع بعيره: قطع أنفه، اللطيمة: الإبل التي تحمل البر والطيب.
(4) ابن هشام في السيرة: 1/ 612، وسنده صحيح لكنه مرسل، ابن كثير من طريقه: 2/ 432.
(5) أخرجه البخاري في المغازي باب ذكر النبي من يقتل ببدر رقم: 3950، وأحمد في المسند: (1/ 400) انظر الفتح الرباني: (21/ 42)
.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 10-01-2019, 04:28 AM
  #35
العذبة
عضو المنتدى الفخري [ وسام القلم الذهبي لعام 2016 ]
 الصورة الرمزية العذبة
تاريخ التسجيل: Sep 2005
المشاركات: 7,094
العذبة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أين التكملة عسى المانع خير ؟
__________________


سبحان الله وبحمده عدد خلقه
ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته

رد مع اقتباس
قديم 13-01-2019, 07:03 PM
  #36
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة العذبة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أين التكملة عسى المانع خير ؟

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
نكمل بمشيئة الله تعالى وجزاكم الله خيرا على السؤال
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!



التعديل الأخير تم بواسطة صاحب فكرة ; 13-01-2019 الساعة 07:05 PM
رد مع اقتباس
قديم 13-01-2019, 07:07 PM
  #37
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

11 - عدد المشركين في بدر
230 - من حديث أنس رضي الله عنه، وهو تتمة لما جاء في حديث المشورة رقم: 217: قال: "فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس، فانطلقوا حتى نزلوا بدرًا، ووردت عليهم روايا قريش، وفيهم غلام أسود لبني الحجاج، فأخذوه، فكان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه: فيقول: ما لي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف، فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم: أنا أخبركم هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوه فقال: ما لي بأبي سفيان علم، ولكن هذا أبو جهل وعتبة وشيبة وأمية بن خلف في أناس، فإذا قال هذا أيضًا ضربوه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائم يصلي، فلما رأى ذلك انصرف وقال: والذي نفسي بيده لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوه إذا كذبكم" (1).
231 - ومن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "لما قدمنا المدينة أصبنا من ثمارها فاجتويناها، فأصابنا بها وعك، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخبر عن بدر، فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بدر، وبدر بئر، فسبقنا المشركون إليها، فوجدنا فيها رجلين منهم رجل من قريش ومولى لعقبة بن أبي معيط، فأما القريشي فانفلت، وأما مولى عقبة فأخذناه، فجعلنا نقول له: كم القوم؟ فيقول: هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذا قال ذلك ضربوه، حتى انتهوا به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: له النبي - صلى الله عليه وسلم -: (كم القوم؟)، فقال: هم والله كثير عددهم شديد بأسهم، فجهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبره فأبى، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله: كم ينحرون من الجزر؟ قال: عشر لكل يوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (القوم ألف كل جزور لمائة ونيفها) (2).
12 - تحديد مصارع القوم
232 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: "كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال" ... إلى أن قال: "ثم أنشأ يحدثنا عن أهل بدر فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول (هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله) قال: فقال عمر: فوالذي بعثه بالحق! ما أخطؤوا الحدود التي حد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (3).
13 - الاستشارة الثانية من الرسول - عليه السلام - لأصحابه
وقد استشار الرسول - صلى الله عليه وسلم - أصحابه رضوان الله عليهم المرة الثانية ليبين للأمة الإسلامية أهمية مبدأ الشورى في الإسلام، ولأن الأنصار رضوان الله عليهم كانوا يشكلون الغالبية العظمى من جيشه - صلى الله عليه وسلم -، وبذلك يبنى القرار الذي يتخذ على رأيهم وأكثريتهم، ولأنهم أصحاب الأرض التي انطلقت منها القوة المؤمنة فلا بد من أخذ رأيهم وسأنقل وصف مشهد المشاورة كما وصفها الصحابة رضوان الله عليهم.
233 - من طريق ابن إسحاق بسنده الصحيح إلى ابن عباس في رواية أحداث بدر يقول ابن عباس رضي الله عنهما: " ... وأتاه الخبر عن قريش بمسيرهم ليمنعوا عيرهم، فاستشار الناس، وأخبرهم عن قريش، فقام أبو بكر الصديق، فقال وأحسن. ثم قام عمر بن الخطاب، فقال وأحسن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امضي لما أراك الله، فنحن معك، والله لا نقول كما قالت بنو إسرانيل لموسى {اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون} ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون، فوالذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى تبلغه، فقال له رسول الله خيرًا، ودعا له به.
ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (أشيروا علي أيها الناس)، وإنما يريد الأنصار، وذلك أنهم عدد الناس، وأنهم حين بايعوه بالعقبة قالوا: يا رسول الله: إنا برآء من ذمامك حتى تصل إلى ديارنا، فهذا وصلت إلينا، فأنت في ذمتنا، نمنعك مما نمنع منه أبناءنا ونساءنا، فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتخوف ألا تكون الأنصار ترى عليها نصره إلا ممن دهمه بالمدينة من عدوه، وأن ليس عليهم أن يسير بهم إلى عدو في بلادهم.
فلما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: (أجل). قال: فقد آمنا بك وصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا، على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، لعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، فسرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول سعد ونشطه ذلك، ثم قال: (سيروا وابشروا، فإن الله تعالى قد وعدني إحدى الطائفتين، والله لكأني أنظر إلى مصارع القوم) (4).
234 - حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "شهدت من المقداد بن الأسود مشهدًا، لأن أكون صاحبه أحب إلي مما عدل به، أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -وهو يدعو على المشركين فقال: لا نقول كما قال قوم موسى {اذهب أنت وربك فقاتلا} ولكنا نقاتل عن يمينك، وعن شمالك، وبين يديك وخلفك، فرأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرق وجهه وسر. يعني قوله" (5).
ويقول الحافظ في فتح الباري: "ويمكن الجمع بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - استشارهم في غزوة بدر مرتين: الأولى: وهو بالمدينة أول ما بلغه خبر العير مع أبي سفيان، وذلك بين في رواية مسلم ولفظه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان والثانية كانت بعد أن خرج" (6).
14 - الانشقاق في صفوف المشركين حين وصولهم بدر
235 - ومن حديث علي رضي الله عنه في تكملة حديث رقم: 231 قال رضي الله عنه:
"فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذا رجل منهم على جمل أحمر، يسير في القوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (يا علي ناد حمزة)، وكان أقربهم من المشركين من صاحب الجمل الأحمر وماذا يقول لهم، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن يكن في القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر)، قال: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال، ويقول لهم: يا قوم: إني أرى قومًا مستميتين لا تصلون إليهم، وفيكم خير، يا قوم، اعصبوها اليوم برأسي وقولوا جبن عتبة بن ربيعة، وقد علمتم أني لست بأجبنكم، فسمع ذلك أبو جهل فقال: أنت تقول هذا، والله لو غيرك يقول لأعضضته، قد ملات رئتك جوفك رعبًا، فقال عتبة: إياي تعني يا مصفر إسته، ستعلم اليوم أينا الجبان" (7).
236 - وقد جاء من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "لما نزل المسلمون وأقبل المشركون، نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عتبة بن ربيعة وهو على جمل أحمر فقال: (إن يكن عند أحد من القوم خير فهو عند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا) وهو يقول:
"يا قوم أطيعوني في هؤلاء القوم، فإنكم إن فعلتم لن يزال ذلك في قلوبكم، ينظر كل رجل إلى قاتل أخيه، وقاتل إليه، فاجعلوا حقها برأسي وارجعوا، فقال أبو جهل: انتفخ والله سحره حين رأى محمدًا وأصحابه، إنما محمد وأصحابه كأكلة جزور ولو قد التقينا، فقال عتبة: ستعلم من الجبان المفسد لقومه، أما والله إني لأرى قومًا يضربونكم ضربًا، أما ترون كأن رؤسهم الأفاعي، وكأن وجوههم السيوف، ثم دعا أخاه وابنه، فخرج يمشي بينهما ودعا بالمبارزة" (8).
.................................................. .....................................
(1) انظر حديث: 217، وتخريجه هناك
(2) أخرجه أحمد في المسند: 1/ 117، وأبو داود: 2665، في الجهاد باب في المبارزة من حديث علي وإسناده صحيح، وأخرجه الحاكم: 3/ 187 - 188، عن ابن عباس وسنده حسن وقال الهيثمي في حديث علي: 6/ 76 أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة وانظر كشف، الأستار: 1761.
اجتويناها: أصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها، ما واستوخموها.
(3) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه رقم: 2873، وأحمد في المسند: 1/ 26، والنسائي في الجنائز باب أرواح المؤمنين: 4/ 108.
(4) أخرجه ابن هشام في السيرة: 1/ 614 - 615، بإسناد صحيح وقد صرح ابن إسحاق بالسماع، وأخرجه الطبراني وإسناده حسن كما في المجمع: 6/ 73، والبيهقي في دلائل النبوة: 3/ 32، وقال ابن كثير في البداية: 3/ 262 - 263 هكذا رواه ابن إسحاق رحمه الله، وله شواهد من وجوه كثيرة من، ذلك رواية البخاري والنسائي وأحمد.
(5) أخرجه البخاري في المغازي باب قوله تعالى {إذ تستغيثون ربكم} رقم: 3952، أحمد في المسند: 390 - 428، الحاكم في المستدرك: 3/ 349، وصححه ووافقه الذهبي.
وقد جاء مثل هذا القول دون ذكر اسم المقداد من حديث عتبة بن عبد السلمي قال الهيثمي في المجمع: 6/ 75، رواه أحمد ورجاله ثقات، وجاء أيضًا من حديث أبي أيوب الأنصاري عند الطبراني بإسناد حسن كما قال الهيثمي في المجمع: 6/ 73 - 74.
(6) فتح الباري: 7/ 288.
(7) انظر تخريج الحديث رقم: 231.
(8) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 76 رواه البزار ورجاله ثقات، وانظر كشف الأستار: 1762، والحاكم: 3/ 187، 188، وسنده حسن.
* الطش: المطر الضعيف وهو فوق الرذاذ، الجحفة: الترس الصغير.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 17-01-2019, 09:21 PM
  #38
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

15 - مناجاة ودعاء، ومطر ونقاء
237 - من حديث علي السابق الذكر رقم: 231: قال: " أصابنا من الليل طش من المطر -يعني الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر- فانطلقنا تحت الشجر والحجف، نستظل تحتها من المطر، وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه ويقول: (اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد) قال: فلما تطلع الفجر نادى: (الصلاة عباد الله) فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلى بنا رسول الله وحض على القتال" (1).
238 - من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لما كان يوم بدر نظر رسول الله إلى المشركين وهم ألف، وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلًا، فاستقبل نبي الله - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه (اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهم آت ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض)، فما زال يهتف بربه، مادًّا يديه مستقبل القبلة، حتى سقط رداؤه عن منكبيه.
فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه، ثم التزمه من ورائه، وقال: "يا نبي الله، كفاك مناشدتك ربك، فإنه سينجز لك ما وعدك، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين} (2) فأمده الله بالملائكة" (3).
238 - ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قال النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر (اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد) فأخذ أبو بكر بيده، فقال حسبك فخرج وهو يقول: (سيهزم الجمع ويولون الدبر) (4).
239 - ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر في ثلاثمائة وخمسة عشر رجلًا من أصحابه، فلما انتهى إليها قال (اللهم إنهم حفاة فاحملهم اللهم إنهم عراة فاكسهم اللهم إنهم جياع فأشبعهم ففتح الله له يوم بدر فانقلبوا حين انقلبوا وما منهم رجل إلى قد رجع بجمل أو جملين واكتسوا أو شبعوا " (5).
16 - استفتاح أبي جهل ودعاؤه يوم بدر
240 - أ - من حديث عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال: "كان المستفتح يوم بدر أبا جهل قال: اللهم "أقطعنا للرحم وآتانا بما لم يُعرف فأحنه الغداة" فبينما هم على تلك الحال، وقد شجع الله المسلمين على لقاء عدوهم، وقللهم في أعينهم حتى طمعوا فيهم، خفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خفقة في العريش ثم انتبه فقال: (أبشر يا أبا بكر هذا جبريل معتجر بعمامته، آخذ بعنان فرسه يقوده، على ثناياه النقع، أتاك نصر الله وَعِدتُه) (6).
240 - ب - من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "قال أبو جهل: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنزلت (7): {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} (8) (9).
17 - نزول جبريل عليه السلام يوم بدر
241 - من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: (هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب) (10).
18 - أسلوب القتال
242 - من حديث أبي طلحة رضي الله عنه قال: "غشينا النعاس ونحن في مصافنا يوم بدر" (11).
وهذا المبدأ "قتال الصف" قرره الإسلام وحث عليه في قول الله تعالى: {إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًّا كأنهم بنيان مرصوص} (12).
فأسلوب القتال هذا الذي ذكره القرآن يعطي القائد القدرة الفائقة للسيطرة على الجند.
19 - تسويته الصفوف وقصته مع سواد
243 - من حديث محمد بن علي بن الحسين أبي جعفر الباقر: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتخطى بعرجون فأصاب به سواد بن غزية الأنصاري فقال: "يا رسول الله أوجعتني، وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني"، فكشف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه فقال: (استقد) قال: فاعتنقه فقبل بطنه، فقال: (ما حملك على هذا يا سواد؟).
قال يا رسول الله: "حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخير، وقال له خيرًا" (13).
20 - عريش القيادة النبوية يوم بدر
ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له عريش يدير منه المعركة يوم بدر، وقد شارك أيضًا صلوات الله عليه في الحرب والمعركة ونزل إلى ساحة القتال.
244 - من حديث ابن عباس رضي الله عنهما "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال وهو في قبة له يوم بدر .. وذكر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - (14).
245 - ومن طريق ابن إسحاق: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما حرض أصحابه على القتال، ورمى المشركين بما رماهم به من التراب، وهزمهم الله تعالى صعد إلى العريش أيضًا ومعه أبو بكر، ووقف سعد بن معاذ ومن معه من الأنصار على باب العريش، ومعهم السيوف خشية أن تكر راجعة من المشركين إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (15).
المبحث الثالث: المرحلة الثانية: أحداث المعركة
1 - المبارزة بين المسلمين والمشركين
246 - من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة، وقال قيس بن عبادة: وفيهم أنزلت {هذان خصمان اختصموا في ربهم} قال: هم الذين تبارزوا يوم بدر، حمزة، وعلي، وعبيدة، أو أبو عبيدة بن الحارث، وشيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة" (16).
247 - ومن طريق ابن إسحاق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة قال:
"ثم خرج عتبة بن ربيعة، بين أخيه شيبة بن ربيعة وابنه الوليد بن عتبة، حتى إذا فصل من الصف دعا إلى المبارزة، فخرج إليه فتية من الأنصار ثلاثة، وهم عوف، ومعوذ، أبناء الحارث -وأمهما عفراء- ورجل آخر يقال: هو عبد الله بن رواحة فقالوا: من أنتم؟ فقالوا: رهط من الأنصار. قالوا: ما لنا بكم من حاجة. ثم نادى مناديهم: يا محمد، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قم يا عبيدة بن الحارث، قم يا حمزة، قم يا علي، فلما قاموا ودنوا منهم.
قالوا: من أنتم؟ قال عبيدة: عبيدة، وقال حمزة: حمزة، وقال علي: علي، قالوا: نعم، أكفاء كرام.
فبارز عبيدة -وكان أسن القوم، عتبة بن ربيعة، وبارز حمزة شيبة بن ربيعة، وبارز علي الوليد بن عتبة.
فأما حمزة فلم يمهل شيبة أن قتله، وأما علي فلم يمهل الوليد أن قتله، واختلف عبيدة وعتبة بينهما ضربتين، كلاهما أثبت صاحبه، وكر حمزة وعلي بأسيافهما على عتبة فذففا عليه، واحتملا صاحبهما، فحازاه إلى أصحابه (17).
248 - من حديث علي بن أبي طالب قال: "تقدم يعني عتبة بن ربيعة، وتبعه ابنه وأخوه، فنادى من يبارز فانتدب له شباب من الأنصار، فقال: من أنتم؟ فأخبروه فقال: لا حاجة لنا فيكم، إنما أردنا بني عمنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيده بن الحارث) فأقبل حمزة إلى عتبة، وأقبلت إلى شيبة، واختلف بين عبيدة والوليد ضربتان، فأثخن كل واحد منهما صاحبه، ثم ملنا على الوليد فقتلناه، واحتملنا عبيدة" (18).
وقد وافقت رواية حديث علي هذه بأنه قتل شيبة وحمزة قتل عتبة ثم أعانا عبيدة على الوليد ما رواه الطبراني بإسناد حسن عن علي قال: "أعنت أنا وحمزة عبيدة بن الحارث على الوليد بن عتبة، فلم يعب النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك علينا" (19).
وقال ابن حجر (بعد أن ذكر حديث علي الذي رواه أبو داود): وهذا أصح الروايات، لكن الذي في السير أن الذي بارز علي هو الوليد، وهو المشهور، وهو اللائق بالمقام لأن عبيدة وشيبة كانا شيخين كعتبة وحمزة، بخلاف الوليد وعلي فكانا شابين (20).
ولمن أراد زيادة تفصيل في هذا الأمر فليراجع كتاب مرويات غزوة بدر ومناقشة الأقوال في بيان من بارز كل واحد من الثلاثة من المشركين الثلاثة أيضًا، والأظهر والله أعلم ما جاء في حديث أبي داود عن علي رضي الله عنه؛ لأنه أصح الروايات كما قال ابن حجر رحمه الله تعالى.
.................................................. .......................
(1) انظر التخريج حديث رقم: 231.
* يهتف بربه: يصيح ويستغيث بالله بالدعاء.
(2) سورة الأنفال: 9.
(3) أخرجه مسلم في صحيحه كتاب الجهاد باب الإمداد بالملائكة في غزوة بدر رقم: 1763، وأحمد في المسند: 1/ 30 - 32.
(4) أخرجه البخاري في المغازي باب: (إذ تستغيثون ربكم ...) رقم: 3953.
(5) انظر تخريج الحديث رقم: 223.
(6) أخرجه أحمد في المسند: 5/ 431، الحاكم في المستدرك: 2/ 328، وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي، ابن كثير في السيرة: 2/ 434 وسنده حسن، وفي التفسير: 296/2 وعزاه للنسائي، وانظر سيرة ابن هشام: 1/ 626 - 627، البيهقي في الدلائل: 3/ 74.
(7) الآية: 32 سورة الأنفال.
(8) سورة الأنفال آية:33.
(9) أخرجه البخاري في تفسير سورة الأنفال باب وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم رقم: 4649 فتح الباري: 3098، مسلم في صحيحه كتاب صفة القيامة والجنة والنار باب قوله تعالى: {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم}، الآية حديث رقم: 2796.
(10) أخرجه البخاري في المغازب باب شهود الملائكة بدرًا رقم: 3995.
(11) أخرجه أحمد في المسند الفتح الرباني: 21/ 43، وإسناده صحيح كما قال شاكر في تحقيقه للمسند: 4/ 39 حديث رقم: 2197 - 2198 ورجال هذا الإسناد ثقات، وقد جاء أيضًا من حديث أبي أسيد الساعدي أخرجه أبو داود: 2663 بسند حسن.
(12) سورة الصف: 4.
(13) الإصابة في تمييز الصحابة: 2/ 95، وسنده حسن إلا أنه مرسل، ويسنده ما جاء عن عبد الله بن جبير الخزاعي في مجمع الزوائد: 6/ 289، وقال الهيثمي: رواه الطبراني ورجاله ثقات على ما في عبد الله بن جبير من ضعف كما جاء في التهذيب: 5/ 168.
(14) أخرجه البخاري في المغازي باب إذ تستغيثون ربكم ... رقم: 3953 من طرق متعددة.
(15) البداية والنهاية: 3/ 284، وانظر سيرة ابن هشام: 1/ 620، والطبري في التاريخ: 2/ 440، والبيهقي في الدلائل: 3/ 44، جميعًا من طريق ابن إسحاق من مرسل عبد الله بن أبي بكر.
(16) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل أبي جهل حديث رقم: 3965، وقد جاء هذا الحديث أيضًا من طريق أبي ذر رضي الله عنه عند البخاري في المغازي باب قتل أبي جهل رقم: 3966، ومسلم بشرح النووي: 18/ 166، وابن ماجه برقم: 2835، الطيالسي: 2/ 21، والطبراني في الكبير: 3/ 164، وقال الحاكم: 2/ 386 عن حديث علي: لقد صح الحديث بهذه الروايات من طريق علي، كما صح من طريق أبي ذر.

(17) أخرجه ابن هشام في السيرة بإسناد حسن عن ابن إسحاق: 1/ 625 ولكنه مرسل، وفتح الباري: 7/ 298، وقد أخرجه الإمام أحمد بتحقيق أحمد شاكر: 2/ 193 من حديث علي وإسناده صحيح.
* فذففا: أسرعا قتله.
(18) أخرجه أبو داود في الجهاد باب في المبارزة رقم: 2665 وإسناده صحيح كما قال ابن حجر في فتح الباري: 7/ 298، وأحمد: 1/ 117، وأخرجه الحاكم: 3/ 187 - 188، عن ابن عباس وسنده حسن وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
(19) فتح الباري: 7/ 298.
(20) فتح الباري: 7/ 298.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 20-01-2019, 09:22 PM
  #39
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

2 - أوامر القائد الأعلى بالنضح بالنبل
249 - من حديث أبي أسيد الساعدي رضي الله عنه قال: "قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: (إذا أكثبوكم فارموهم واستبقوا نبلكم) " (1).
وفي رواية أبي داود زيادة (إذا اكثبوكم فارموهم بالنبل، ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم" (2).
3 - وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى
250 - من حديث ابن عباس قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعلي: (ناولني كفًّا من حصى) فناوله، فرمى بها وجوه القوم، فما بقى أحد من القوم إلا امتلأت عيناه من الحصباء، فنزلت {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} (3).
251 - ومن حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: "لما كان يوم بدر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ كفًّا من الحصى، فاستقبلنا به فرمى بها وقال: (شاهت الوجوه) فانهزمنا فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} (4).
4 - مشاهد وأحداث من المعركة
أ - عمير بن الحمام والتمرات:
252 - من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: " ... فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا يقدمَنَّ أحد منكم إلى شيء، حتى أكون أنا دونه) فدنا المشركون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض).
قال: يقول عمير ابن الحمام الأنصاري: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: "نعم" قال: بخ بخ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (ما يحملك على قولك بخ بخ؟) قال: لا. والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها) فأخرج تمرات من قرنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه، إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قتل" (5).
ب - مصرع أبي جهل لعنه الله:
253 - من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: قال: "بينما أنا واقف في الصف يوم بدر، نظرت عن يميني وشمالي، فهذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما، تمنيت لو كنت بين أضلع منهما، فغمزني أحدهما فقال: يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال: قلت: نعم وما حاجتك إليه يا ابن أخي؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده، حتى يموت الأعجل منا. قال: فتعجبت لذلك، فغمزني الآخر فقال مثلها.
قال: فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يزول في الناس فقلت: ألا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، قال: فابتدراه بسيفيهما حتى قتلاه، ثم انصرفا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه، فقال: (أيكما قتله؟) فقال كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال: (هل مسحتما سيفيكما؟) قالا: لا: فنظر في السيفين فقال: (كلاكما قتله)، وقضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح. والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح، ومعاذ بن عفراء" (6).
254 - من حديث أنس رضي الله عنه قال: " قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر: (من ينظر ما صنع أبو جهل؟) فانطلق ابن مسعود فوجده قد ضرباه! أبناء عفراء حتى برد، فأخذ بلحيته فقال: أنت أبو جهل، قال: وهل فوق رجل قتله قومه أو قال: قتلتموه" (7).
255 - ومن حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: "أدركت أبا جهل يوم بدر صريعًا، فقلت: أي عدو الله قد أخزاك الله؟ قال: وبما أخزاني: من رجل قتلتموه، ومعي سيف لي، فجعلت أضربه ولا يحتك فيه شيء، ومعه سيف له جيد، فضربت يده فوقع السيف من يده فأخذته، ثم كشفت المغفر عن رأسه فضربت عنقه، ثم أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته، فقال: (الله الذي لا إله إلا هو).
قلت: الله الذي لا إله إلا هو.
قال: فانطلق فاستثبت فانطلقت وأنا أسعى مثل الطائر، ثم جئت وأنا أسعى مثل الطائر أضحك فأخبرته.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (انطلق) فانطلقت معه فأريته، فلما وقف عليه - صلى الله عليه وسلم - قال: (هذا فرعون هذه الأمة) (8).
جـ - مصرع أمية بن خلف:
256 - من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: "كاتبت أمية بن خلف كتابًا بأن يحفظني في صاغيتي (9) بمكة، وأحفظه في صاغيته بالمدينة، فلما ذكرت "الرحمن" قال: لا أعرف الرحمن، كاتبني باسمك الذي كان في الجاهلية، فكاتبته (عبد عمرو).
فلما كان في يوم بدر خرجت إلى جبل لأحرزَه حين نام الناس، فأبصره بلال، فخرج حتى وقف على مجلس من الأنصار، فقال: أمية بن خلف لا نجوت إن نجا أمية، فخرج معه فريق من الأنصار في آثارنا فلما خشيت أن يلحقونا خلفت لهم ابنه لأشغلهم فقتلوه، ثم أبوا حتى يتبعونا -وكان رجلًا ثقيلًا - فلما أدركونا قلت له: ابرك، فبرك، فألقيت عليه نفسي لأمنعه، فتجللوه بالسيوف من تحتي حتى قتلوه، وأصاب أحدهم رجلي بسيفه، وكان عبد الرحمن ابن عوف يرينا ذلك الأثر في ظهر قدمه" (10).
257 - ومن حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: "كان أمية بن خلف لي صديقًا بمكة، وكان اسمي عبد عمرو فتسميت حين أسلمت عبد الرحمن، ونحن بمكة، فكان يلقاني إذ نحن بمكة فيقول: يا عبد عمرو أرغبت عن اسم سماك أبوك؟ قال: فأقول: نعم.
قال: فإني لا أعرف الرحمن، فاجعل بيني وبينك شيئًا أدعوك به، أما أنت فلا تجبني باسمك الأول، وأما أنا فلا أدعوك بما لا أعرف!.
قال: وكان إذا دعاني يا عبد عمرو لم أجبه، قال: فقلت: يا أبا علي اجعل ما شئت، قال: فأنت عبد الإله، قال: قلت نعم.
قال: فكنت إذا مررت به قال: يا عبد الإله فأجبته فأتحدث معه، حتى إذا كان يوم بدر، مررت به وهو واقف مع ابنه علي، وهو آخذ بيده قال: ومعي أدراع لي قد استلبتها، فأنا أحملها، فلما رآني قال: يا عبد عمرو فلم أجبه، فقال: يا عبد الإله، فقلت: نعم، قال: هل لك فيَّ فأنا خير لك من هذه الأدراع التي معك؟ قال: قلت: نعم ها الله؟
قال: فطرحت الأدراع من يدي، وأخذت بيده وبيد ابنه وهو يقول: ما رأيت كاليوم قط، أما لكم حاجة في اللبن؟ ثم خرجت أمشي بهما.
قال ابن هشام: يريد باللبن أن من أسرني افتديت منه بإبل كثيرة اللبن" (11).
د - مصرع عبيد بن سعيد بن العاص على يد الزبير:
258 - من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه قال: "لقيت يوم بدر عبيد ابن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يرى منه إلا عيناه، وهو يكنى أبا ذات الكرش، فقال: أنا أبو ذات الكرش، فحملت عليه فطعنته في عينه فمات".
قال هشام، فأخبرت أن الزبير قال: "لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها".
قال عروة: "فسأله إياها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه، فلما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها، ثم طلبها أبو بكر فأعطاه، فلما قبض أبو بكر سأله إياها عمر فأعطاه إياها، فلما قبض عمر أخذها، ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها، فلما قتل عثمان وقعت عند آل علي، فطلبها عبد الله بن الزبير، فكانت عنده حتى قتل" (12).
.................................................. ............................
(1) أخرجه البخاري في المغازي باب من شهد بدرًا رقم: 3984، 3985 أحمد انظر الفتح الرباني: 21/ 42 والبيهقي في الدلائل: 3/ 70.
(2) أخرجه أبو داود في السنن طبعة الساعاتي: 2/ 48 وسكت عنه المنذري والإسناد ضعيف والله أعلم، وفي إسناده إسحاق بن نجيح قال في التقريب: 1/ 61، مجهول، ومالك بن حمزة بن أبي أسيد: التقريب: 2/ 224، مقبول، ولكنه أخرجه بإسناده آخر وهو سند حسن في نفس الصفحة.
(3) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 84 رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح انظر الطبراني: 11750.
(4) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 84 رواه الطبراني وسنده حسن، انظر الطبراني في الكبير: 3127، 3128، ورواه الطبراني في الأوسط كما في مجمع البحرين: 237.
(5) أخرجه مسلم في الإمارة باب ثبوت الجنة للشهيد: رقم: 1901، أحمد في المسند: 3/ 136 - 137، والحاكم في المستدرك:3/ 426 - وابن سعد في الطبقات: 2/ 25، والبيهقي في السنن: 9/ 43.
* بخ بخ: كلمة تطلق لتفخيم الأمر وتعظيمة في الخير.
قرنه: جعبة النشاب.
(6) أخرجه البخاري في المغازي باب فضل من شهد بدرًا رقم: 3988، ومسلم في الجهاد والسيرة باب استحقاق القائل سلب القتيل: 1752، الحاكم: 3/ 425 - والطبري في التاريخ: 2/ 454 - 455، والبيهقي في الدلائل: 3/ 83 - 85.
(7) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل أبو جهل رقم: 3963، مسلم في الجهاد، باب قتل أبي جهل رقم: 1800، أبو داود في الجهاد باب خصة في السلاح يقاتل به في المعركة رقم: 2709، أحمد في المسند: 3/ 115، 129، 236.
(8) أخرجه الهيثمي في المجمع: 6/ 79 وقال رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن وهب بن أبي كريمة وهو ثقة، قال عنه في التقريب: 2/ 216، صدوق من العاشرة فيكون الحديث حسنًا والله أعلم، وانظر الطبراني من حديث: 8468 - 8476، والبيهقي في الدلائل: 2/ 261 - 262، والبزار كلما في الكشف: 1/ 288 - أحمد كما في الفتح الرباني: 21/ 38.
(9) الصاغية: صاغية الرجل: ما يميل إليه، ويطلق على الأهل والمال.
(10) أخرجه البخاري في كتاب الوكالة باب إذا وكل المسلم حربيًّا في دار الحرب رقم: 2301، فتح الباري: 4/ 480، ابن هشام في السيرة، 1/ 632، بإسناد حسن والطبري في التاريخ: 2/ 451 - 453، مسلم برقم:1752.
(11) السيرة النبوية ابن هشام: 1/ 631، وسنده صحيح وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث.
(12) أخرجه البخاري في صحيحه في المغازي باب شهود الملائكة بدرًا حديث رقم: 3998.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 22-01-2019, 08:55 PM
  #40
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: صحيح السيرة النبوية

هـ - استشهاد حارثة بن سراقة:
259 - من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام، فجاءت أمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تر ما أصنع؟. فقال: (ويحك -أوهبلت- أوجنة واحدة هي؟ إنها جنان كثيرة، وإنه في جنة الفردوس) (1).
و- عوف بن الحارث وسؤاله: ما يضحك الرب من عبده:
260 - قال ابن إسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة: "أن عوف بن مالك وهو الحارث بن عفراء، قال: يا رسول الله، ما يضحك الرب من عبده؟ قال: (غمسه يده في العدو حاسرًا)، فنزع درعًا كانت عليه فقذفها، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل" (2).
ز - شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم:
261 - من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"قال: لقد رأيتنا يوم بدر، ونحن برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أقربنا من العدو، وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا" (3).
262 - ومن حديث أنس رضي الله عنه قال: "فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (لا يقومن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه ...) فذكر الحديث وفيه قصة عمير بن الحمام (4).
حـ - مشاركة الملائكة يوم بدر:
263 - من حديث ابن عباس قال: "بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم. فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيًا، فنظر إليه فهذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (صدقت، ذلك من مدد السماء الثالثة) (5).
264 - ومن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أيضًا قال: "إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال يوم بدر: (هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب) (6).
265 - من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجهًا على فرس أبلق ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله فقال: (اسكت فقد أيدك الله بملك كريم) (7).
266 - ومن حديث أبي داود المازني: قال: "إني لأتبع رجلًا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قتله غيري" (8).
267 - ومن حديث البراء قال: "جاء رجل من الأنصار بالعباس قد أسره، فقال العباس، يا رسول الله ليس هذا من أسرني، أسرني رجل في القوم أنزع من هيئته كذا وكذا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (قد آزرك الله بملك كريم) (9).
268 - ومن حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولأبي بكر يوم بدر (مع أحدكما جبريل، ومع الآخر ميكائيل، وإسرافيل ملك عظيم يشهد القتال، أو يكون في الصف) (10).
قال الحافظ في الفتح: "قال الشيخ تقي الدين السبكي:
"سئلت عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه؟
فقلت: وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي وأصحابه، وتكون الملائكة مددًا على عادة مدد الجيوش، رعاية لصورة الأسباب وسنتها التي أجراها الله تعالى في عباده، والله تعالى هو فاعل الجميع والله أعلم" (11).
ط - قتال سعد بن أبي وقاص:
269 - من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كان سعد يقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، قتال الفارس والراجل" (12).
ك - شدة بأس علي بن أبي طالب يوم بدر:
270 - من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "كنت على بئر فكنت يوم بدر أميح وأمتح منه، فجاءت ريح شديدة، ثم جاءت ريح شديدة، فلم أر ريحًا أشد منها إلا التي كانت قبلها، ثم جاءت ريح شديدة، فكانت الأولى ميكائيل في ألف من الملائكة عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -، والثانية إسرافيل في ألف من الملائكة عن يسار النبي - صلى الله عليه وسلم -، والثالثة جبريل في ألف من الملائكة، وكان أبو بكر عن يمينه، وكنت عن يساره، فلما هزم الله الكفار حملني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فرسه، فلما استويت عليه حمل بي، فصرت على عنقه فدعوت الله فثبتني عليه، فطعنت برمحي حتى بلغ الدم إبطي" (13).
ل - الريح العقيم التي أرسلت على المشركين يوم بدر:
271 - من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "أخذتهم ريح عقيم يوم بدر" (14).
م - قذف قتلى أئمة الكفر في القليب:
272 - من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن أبي طلحة رضي الله عنه: "أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلًا من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان إذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث: أمر براحلته فشدت عليها رحلها، ثم مشى واتبعه أصحابه وقالوا: ما نرى ينطلق إلا لبعض حاجته، حتى قام على شفى الركي فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: (يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله؟ فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًّا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا).
قال: فقال: عمر يا رسول الله، ما تكلم من أجساد لا أرواح لها.
فقال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم).
قال قتادة: "أحياهم الله حتى أسمعهم قوله، توبيخًا وتصغيرًا ونقيمة وحسرة وندمًا" (15).
273 - من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: "وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قليب بدر فقال: (هل وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟) ثم قال: (إنهم الآن يسمعون)، فذكر لعائشة، فقالت: إنما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنهم الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق). ثم قرأت {إنك لا تسمع الموتى} حتى قرأتْ الآية .. (16).
274 - ومن حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك قتلى بدر ثلاثًا، ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال: (يا أبا جهل بن هشام! يا أمية بن خلف! يا عتبة بن ربيعة! يا شيبة بن ربيعة! أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقًّا؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقًّا) فسمع عمر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله كيف يسمعوا وأنَّى يجيبوا وقد جيفوا قال: (والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا) ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدرًا" (17).
ولمن أراد التوسع في هذه المسألة والآراء المعروضة فيها فليراجع فتح الباري وأقوال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في تعليقه على حديث ابن عمر رضي الله عنهما السابق وقول ابن كثير رحمه الله في التفسير: (3/ 438) فإن في ذلك فائدة جيدة والله أعلم.
.................................................. .........................................
(1) أخرجه البخاري في المغازي باب فضل من شهد بدرًا حديث رقم: 3982.
(2) أخرجه ابن هشام في السيرة: 1/ 627 - 628 والبيهقي في السنن: 6/ 99 - 100، الطبري في التاريخ: 2/ 448 - 449 من طريق ابن إسحاق وصرح ابن إسحاق بالتحديث فسنده حسن ولكنه مرسل.
(3) أخرجه أحمد في المسند: 1/ 86، وأبو الشيخ في أخلاق النبي - صلى الله عليه وسلم -: ص: 57، من طريق وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب به، وهذا إسناد صحيح فقد صحح الشيخان رواية إسرائيل عن جده، وانظر مجمع الزوائد: 9/ 12، وصححه أحمد شاكر في تعليقه على المسند: 2/ 228، ويشهد له حديث البراء عند مسلم: 1776، الجهاد باب في غزوة حنين.
(4) انظر تخريج الحديث: 252، فإنه قطعة منه.
* خطم: الخطم الأثر على الأنف. حيزوم: اسم الفرس الذي يركبه الملك.
(5) أخرجه مسلم في الجهاد باب الإمداد بالملائكة من حديث عمر الذي حدثه ابن عمر رقم: 1763. انظر شرح مسلم للنووي: 12/ 85 - 86.
(6) رواه البخاري في المغازي باب فضل من شهد بدرًا رقم: 3995.
(7) تقدم تخريجه حديث رقم: 248.
(8) أخرجه ابن هشام: 1/ 633، وأحمد في المسند: 5/ 450 من طريق ابن إسحاق حدثني أبي إسحاق بن يسار عن رجال من بني مازن عن أبي داود المازني وسنده حسن -والبيهقي في الدلائل: 3/ 56، والطبري في التاريخ: 2/ 451.
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 6/ 83، رواه أحمد وفيه رجل لم يسم.
(9) قال الهيثمي: 6/ 85، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.
(10) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 82، رواه أحمد بنحوه والبزار واللفظ له ورجالهما رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى" كشف الأستار رقم: 1467، 1762، أحمد: 1/ 147، أبو يعلى رقم: 340، الحاكم: 3/ 134، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي والحديت بإسناده صحيح.
(11) فتح الباري: 7/ 313، في التعليق على حديث رقم: 3995.
(12) كشف الأستار: 1768 - 1769، وكان الهيثمي في المجمع: 6/ 82، رواه البزار بإسنادين أحدهما متصل والآخر مرسل ورجالهما ثقات.
* متح الدلو جذبها متسقيا لها.
(13) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 77، رواه أبو يعلى ورجاله ثقات.
(14) قال الهيثمي في المجمع: 6/ 78 رواه البزار ورجاله ثقات، وانظر كشف الأستار رقم: 1782.
(15) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل أبي جهل حديث رقم: 3976، مسلم في الجنة باب عرض مقعد الميت من الجنة أو النار عليه رقم: 2874 - 2875، والنسائي: 4/ 109 - 110، وأحمد في المسند: 3/ 104 - 182 من طريق حميد به.
الركى: البئر.
(16) أخرجه البخاري في المغازي باب قتل أبي جهل حديث رقم: 3980 - 3981، النسائي: 4/ 111، أحمد في المسند: 2/ 131، ورجال أحمد رجال الصحيح كما قال الهيثمي في المجمع: 6/ 91.
(17) أخرجه مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها رقم: 2874، وأحمد في المسند: 3/ 287.
* جيفوا: أنتنوا وصاروا جيفًا.
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:21 PM.


images