موضوع مشوق ومهم جدا واختلفت فيه الآراء كثيرا
ولكن في رأيي السؤال المهم هو ليس ماهو الحب الحقيقي (لأنه يصعب تعريفه ولكن يمكن وصفه بأنه غير مشروط) أو هل يوجد حب حقيقي (لأن الجواب حتما سيكون نعم) وانما كيف نتأكد من حب أزواجنا لنا؟ طبعا الجواب: صعب جدا
أنا أشبه الحب باللغة.. وكل شخص له لغة حب مختلفة (مثلا لغة الحب عندي هي لغة الأفعال).. وعشان أفهم زوجي وأعرف اذا كان يحبني أو لا لازم أفهم لغته (هل هي أفعال أم أقوال أم كلاهما أم كتابات {شعر أو خواطر} أم مجرد احساس لايرتبط بأقوال أو أفعال) وأفكر من وجهة نظره هو ومن مفهومه هو للحب مش من مفهومي أنا (عشان أفهمه صح وما أظلمه)
لكن فهم لغة وشخصية الزوج ومعرفة مفهومه للحب أمر صعب و يحتاج إلى وقت ومهارة لاسيما اذا كان الزوج من النوع المراوغ أو متقلب الشخصية أو ممن تتغير لديه المفاهيم بسرعة
أتوقع هذه الطريقة التي تعتمد على دراسة الزوج وتحليل شخصيته ونظرته للحب هي الطريقة الصحيحة والدقيقة لمعرفة مدى حب الزوج لزوجته (والعكس).. لكن يبقى السؤال: هل هو حقيقي أم لا وهل يمكن الجزم به؟ جوابي هو العلم عند الله.. هو وحده الذي يعلم ما تخفي الصدور
قد يكون الزوج معسول اللسان يمطر زوجته بكلام الحب والغزل ليس لأنه يحب زوجته ولكنه يجيد ذلك بمعنى أنه أصلا صاحب لسان معسول مع كل الناس
قد يقرأ الزوج الشعر لزوجته ليس لأنه يحبها بل لأنه يحب الشعر
قد يكثر الزوج من المشتريات للزوجة ليس لأنه يحبها ولكن لأنه كريم (مع كل الناس) ولا يريد أن يبخل على من يعول بشيء
قد يحترم الزوج زوجته ليس لأنه يحبها بل لأنه انسان محترم مهذب
قد يهتم الزوج بزوجته ويلبي طلباتها ليس لأنه يحبها بل لأنه يستشعر مسؤولية الزوج تجاه زوجته
وقد يلبي الزوج جميع طلبات زوجته وينفق عليها بسخاء ولا ينتقدها في شيء ليس لأنه يحبها بل لأنه ضعيف شخصية أو أنه يخاف منها أو أنه يخاف من فقدها لأي سبب عدا أنه يحبها (مثلا بسبب تخوفه من كلام الناس واتهامه بالفشل أو تخوفه من البقاء وحيدا أو صعوبة ارتباطه بزوجة أخرى لقلة المادة أو أي سبب آخر)
قد يضحي الزوج برغباته الشخصية (مثلا رغبته في التعدد) ليس لأنه يحب زوجته بل لأنه أولا انسان نبيل يعرف قيمة التضحية في سبيل الآخرين وثانيا لأنه يريد أن يتجنب المشاكل و يحافظ على بيته ويضمن استقرار أسرته أي أنه أخذ بقاعدة (درء المفاسد مقدم على جلب المصالح)
قد يغار الزوج على زوجته ليس لأنه يحبها بل لأنه شخص غيور يغار على محارمه
بشكل عام نستطيع أن نقول أن الزوج الذي يسيء معاملة زوجته ويؤذي مشاعرها ويهضم حقوقها لا يمكن أن يكون يحبها (لأنه أمر ينافي المنطق) ولكن في المقابل لا نستطيع أن نجزم بأن كل زوج يحسن معاملة زوجته ويؤدي حقوقها ولا يؤذيها بالقول أو الفعل هو يحبها بحق!
وطبعا جميع ماذكر ينطبق أيضا على الزوجة تجاه زوجها (ماعدا فيما يخص التعدد)
ولكن هناك أمور حتما تدل على الحب أو "الحب الحقيقي" كما تسمونه:
1- الاشتياق .. فالشخص لا يشتاق إلا لمن يحب. 2- تعظيم ايجابيات الحبيب وتصغير أو التغاضي عن سلبياته (رغم أن الدافع لهذا التصرف قد يكون الرغبة في التعايش وتحبيب النفس في الطرف الآخر). 3-المبادرة إلى فعل مايحب الحبيب دون أن يطلب منه.4- أن يفعل المحب أمرا يحبه الحبيب رغم كراهته هو لهذا الأمر أو أن يتخلى عن أمر يحبه لكراهة الحبيب لهذا الأمر (أي الإيثار). 5- البعد عن كل مايؤذي مشاعر الحبيب من أقوال أو أفعال
أدري اني عقدت الموضوع وطولتها وهي قصيرة
حابه بس أختم تعليقي بنقطة: فيه فرق بين أن يكون الزوج غاية أو هدف وأن يكون وسيلة.. طبعا الزوجة التي ترى الزوج غاية هي تنظر من منظور دنيوي(هي تحب الزوج لذاته وتريد منه أن يبادلها الحب والاهتمام لكي تسعد).. وهذه فكرة كثير من الزوجات.. والزوجة التي ترى الزوج وسيلة لإرضاء الله عزوجل ودخول الجنة تنظر من منظور ديني مثل فكرة هند كايزن.. لذلك نجد مثل هؤلاء النساء يقدسن الزوج ويعظمن من شأن رغباته واحتياجاته و يقدمن هذه الرغبات على رغباتهن الشخصية ويقدمن أيضا الكثيييير من التنازلات على حساب مشاعرهن وأحاسيسهن ويستكثرن على أنفسهن حتى مشاعر الامتعاض والأسى والغيرة في حالة التعدد.. وهذا في رأيي خطأ لأن حسن التبعل (الذي يعدل الجهاد في سبيل الله ويوصل إلى رضا الله والجنة) لا يوجب الحب ولا يتطلب تحميل المرأة فوق طاقتها (من حيث كبت المشاعر واخفاء الغيرة).. فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يستنكر على عائشة رضي الله عنها غيرتها وهي من أكمل النساء وأفضل نساء هذه الأمة وأيضا لم يستنكر على امرأة ثابت بن قيس بغضها لزوجها وكرهها "الكفر في الإسلام" وأجاز لها الخلع.. نعم لا يحق للمرأة أن تعترض على شرع الله في مسألة التعدد ولكن لا تطالب بإخفاء مشاعرها من حزن واحباط وغيرة..
هذا والله أعلم