حذر خبراء دوليون بمناسبة اليوم العالمي للإيدز, من أن عدد النساء الحاملات لفيروس نقص المناعة المكتسبة (إتش آي في) المسبب لمرض الإيدز, ازداد في كل منطقة من مناطق العالم على مدى السنتين الماضيتين, مع ارتفاع حاد في شرق آسيا ثم في أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.
وقد بيَّن التقرير العالمي للإيدز هذا العام, الذي ركز على النساء والفتيات كأهم أساس لحملات الإيدز الحالية, أن عدد المصابين بالمرض في العالم في سن (15 - 49) عاما، بلغ 37.2 مليون شخص نصفهم من النساء, مشيرا إلى أن أكبر زيادة عالمية حدثت في أعداد المصابات بالإيدز, كانت في مناطق شرق ووسط آسيا وأوروبا الشرقية, حيث فاقت أعداد النساء المصابات أعداد الرجال المصابين.
وحسب التقرير, فإن عدد الأشخاص الذين يحملون فيروس المرض عالميا وصل إلى أعلى مستوى له مع وجود ما يقدر بحوالي 39.4 مليون شخص عام 2004 بعد أن كان 36.6 مليون في عام 2002 وزيادة كبيرة في نسبة النساء الحاملات لفيروس الإيدز في كل أقاليم العالم خلال العامين الماضيين, وبالذات في شرق آسيا, التي ازدادت فيها بحوالي 56 في المائة, وفي أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى بنسبة وصلت إلى 48 في المائة.
ولا تزال قوة الوباء تتمركز في الدول الواقعة في جنوب الصحراء الأفريقية, حيث يحمل نحو 28 مليون شخص فيروس المرض, ويتوقع أن يتوفى من جراء المرض حوالي 3.2 مليون شخص, حسب الإحصاءات الجديدة.
وتشير الإحصاءات إلى أن العام الماضي شهد وفاة 3 ملايين شخص بمرض الإيدز وإصابة 5 ملايين آخرين بالفيروس نفسه, مسجلاً بذلك رقمين قياسيين جديدين يدقان ناقوس الخطر حول مدى انتشار المرض بدلا من انحساره.
وقد مات بهذا المرض أكثر من 28 مليون شخص منذ عام 1989، وما تزال حصيلة الوفيات آخذة بالارتفاع, خصوصا مع إصابة حوالي 40 مليون شخص في العالم من الكبار والأطفال بفيروس المرض, ويجهل أكثر من نصفهم أنهم مصابون.
وفي هذا العام الذي شهد فعاليات كثيرة في أنحاء العالم تعكس الوعي الجماهيري المتنامي حول مرض التدمير الشامل الرهيب, الإيدز, الذي يعتبر أسوأ وباء عرفته البشرية, تم إحصاء خمسة ملايين إصابة جديدة بالمرض في العالم بينها 650 ألف طفل كما سجلت 3.1 ملايين وفاة.
النساء وخطر الإيدز
ويكرس اليوم العالمي للإيدز الذي يصادف الأول من كانون أول (ديسمبر) من كل عام, ويأتي هذا العام تحت عنوان "النساء والفتيات في مواجهة فيروس ومرض الإيدز" وشعاره "هل ستصغون إليّ أخيرا?", لوضع النساء في صلب التحرك العالمي لمكافحة المرض ووقف التمييز الذي يقعن ضحيته دائما ويحرمهن من حقوقهن في التعليم والرعاية الصحية والعمل, وخصوصا أنه في عدد كبير من الدول يصعب على النساء رفض العلاقات الجنسية المحفوفة بالمخاطر أو فرض استخدام الواقي كأهم طرق الوقاية الضرورية ضد الإيدز.
وأوضح الخبراء في لجنة البرنامج المشترك للأمم المتحدة "يو إن إيدز", أن النساء أكثر استعدادا من الناحية الفسيولوجية والبيولوجية للإصابة بالإيدز مقارنة مع الرجال, فالانتقال الجنسي للفيروس من الرجل إلى المرأة أكثر انتشارا بحوالي الضعف من الانتقال من المرأة إلى الرجل, منبهين إلى أن طرق الوقاية التي تشمل الامتناع عن الجنس المحرم وتعظيم منظومات القيم التي تردع العلاقات الجنسية المتعددة، إضافة إلى استخدام العوازل الجنسية.
وأفاد التقرير الدولي أن ملايين الشباب يتجهون للممارسات الجنسية دون أي رادع أو وعي بأساليب الوقاية, ففي شبه الصحراء الأفريقية, تمثل الإناث ثلاثة أرباع الحاملين لفيروس الإيدز في سن 15 - 24 عاما, وتكون النساء أكثر استعدادا للإصابة بالإيدز بحوالي ثلاث مرات من أقرانهم الذكور, فبالإضافة إلى استعدادهن البيولوجي للمرض أكثر من الرجال, تجبر الكثير من النساء والفتيات, خصوصا في جنوب أفريقيا, على ممارسة الرذيلة إما بالقوة أو لأسباب اقتصادية, فيبعن أنفسهن في مقابل حصولهن على المال والخدمات وحاجات الحياة الأساسية, ويمارسن الجنس مع رجال كبار في السن غالبا, وبالتالي فإن هذه الصفقات الجنسية غالبا ما يمولها الفقر والرغبة في الحصول على حياة أفضل.
وتمثل النساء في شبه الصحراء الأفريقية التي تعتبر أسوأ المناطق الموبوءة بالإيدز, 60 في المائة من البالغين الحاملين لفيروس المرض ويبلغ عددهن 13.3 مليون امرأة.
وفي تقرير لصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة "يونيسف", فإن الإيدز تسبب في تيتّم أكثر من 11 مليون طفل في أفريقيا عام 2001، مقارنة مع أقل من مليون في عام 1990، ومن المقدر أن يفقد نحو 20 مليون طفل أفريقي آباءهم أو أمهاتهم أو كلاهما بسبب الإيدز بحلول عام 2010.
أوبئة الإيدز في العالم
ونبه الخبراء إلى عدم وجود وباء وحيد للإيدز في العالم, بل إن الكثير من المناطق والبلدان تعاني من أوبئة متعددة للمرض, بعضها في مراحل مبكرة, لذا لابد من التدخل السريع لوقف هذا الوباء الآخذ في الانتشار, وتحقيق التوازن بين طبيعة هذه الأزمة الطارئة والحاجة لحلول دائمة.
وقال المسؤولون إن وباء الإيدز يتنوع ضمن القارة الواحدة, ولكن ما زالت المنطقة الجنوبية من قارة أفريقيا تعاني من أسوأ وباء, حيث تجاوزت نسبة الإصابات فيها 25 في المائة, بينما بلغت في بوتسوانا وليسوثو وسوازيلاند أكثر من 30 في المائة بين النساء الحوامل, وانخفضت مدة الحياة المتوقعة إلى أقل من 40 عاما في تسع دول من هذه المنطقة.