وهــذا موقفنا اليوم بعنوان :
حـيـن اختلفت الأولويات .. عند صديقي فـهـد .. !!
تضايقت حقاً حين علمت من صديقي عبدالرحمن أن صديقنا فهداً غير راض عن زوجته , وأن خلافات
قليلة نشبت بين الزوجين .
وكان سبب ضيقي معرفتي الجيدة بفهد , وبكمال خلقه , وعفة نفسه , وشدة زهده في الدنيا ومتاعها .
قال لي عبدالرحمن: أرى أن تتدخل قبل أن يستفحل الخلاف .
قلت له: قبل أن نعرف السبب ؟
قال لي: حاول أن تسأله .
قلت: هل أسأله: لماذا أنت غير راض عن زوجتك ؟ ألا ترى في هذا حرجاً ؟
قال: لعلك تعرف السبب من زوجتك .. فإن المرأة تُـسـِـر أحياناً بما بينها وبين زوجها إلى صديقتها .
قلت: اقتراح صائــب .
* * *
قلت لزوجتي: من خلال لقاءاتك بزوجة فهد .. ألم تحيطي بسر عدم رضاه عنها ؟
ابتسمت زوجتي وقالت: ولِمَ لم تقل : عدم رضاها هي عنه ؟
أعجبني استدراك زوجتي وفهمت منه أنها محيطة بأسباب خلافهما , فقلت مبتسماً أيضاً : حسن .
ما سر عدم رضاها عنه ؟
قالت: إنها والله لتثني عليه الثناء كله .. ولا تشكو فيه إلا عيباً واحداً .
( أثارت زوجتي في نفسي الاستعجال لمعرفة سبب الخلاف , فقلت على الفـور : وهـــو ؟ )
قالت: إمســـاك يده .
قلت: تعنين أنه بخيــل .
قالت: لا أحب إطلاق هذه الصفة عليه .
قلت: وأنا والله كذلك .. فقد عرفته متصدقاُ , باذلاً في سبل الخير .
قالت: وهذا ما أكدته زوجته ..
قلت: إن زهده إذن , زهده جعله يمسك يده في الإنفاق على زوجته .
قالت: أنـت لم تزره منذ أن تزوج .. فلماذا لا تزوره في بيته وتحدثه برفق دون أن تشعره بما يحرجه
أو يجرح نفسه ؟
قلت: أنــت على حق , وهذا ما سأفعله إن شاء الله .
* * *
حين دخلت بيت فهد , وشاهدت أثاثه القديم , على الرغم من أنه حديث عهد بالزواج , زاد اعتقادي
بصدق دعوى زوجته بإمساك يده عنها .
كان فهد شديد الترحيب بي , عاتباً علي تأخري بزيارته بعد زواجه , معبراً عن شوقه لجلساتنا القديمة
الطيبة , أبديت له اعتذاري , وأقررت له بتقصيري , وخضت معه في أحاديث مختلفة .. لكنني أم أنجح
في أن أنتقل من أحدها إلى ما أردت محادثته من أجله .
أخيراً قلت له : كم سرني يا أخي أن زواجك لم يشغلك عن حب الصدقة على الفقراء , والمساكين والأرامل
واليتامى .
ابتسم راضياً وقال : وكيف عرفت ؟ إني والله لأحاول أن أكتم هذا حتى لا تعلم شمالي ما تنفق يميني .
قلت ممازحاً: نحن الصحفيين لا نكشف عن مصادر أخبارنا .
قال: ... على ذكر الصحافة .. ما آخر الأخبار ؟
( خشيت أن يخرجني عن غايتي وقد اقتربت منها , فقلت له عائداً إليها : دعنا من الصحافة ومتاعبها
وأخبارها .. ابتسم موافقاً )
قلت: ولكن أليس هذا على حساب زوجتك ؟
قال: ( وأحسبه نسي ما كنا فيه ) : وماذا تعني ؟
قلت: إنفاقك في سبل الخير .. ألم يكن على حساب زوجتك ؟
قال متسائلاً: ما يأخذه مني من وقت أم من مال ؟
قلت: ما يأخذه منك من وقت ومن مال .
قال: لقد ذكرت زوجتي منذ البداية .. أننا في هذه الدنيا عابرو سبيل .. وأننا لسنا خيراً من النبي
صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام رضي الله عنهم حين كانوا يعيشون عيشة الكفاف والزهد .
( شعرت بالرضا لأنني نجحت في الوصول معه إلى الغاية التي أبتغيتها .. لكنني في الوقت نفسه أدركت
أن إقناعه فيه بعض الصعوبة )
قلت: ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم علمنا أن نعطي كل ذي حق حقه .. ولزوجتك عليك حقوق كثيرة.
قال: لا أحسب أنني مقصر في حق من حقوقها إنها تأكل وتشرب وتلبس .
قلت: ولكن ماذا تأكل ؟ وماذا تشرب ؟ وماذا تلبس ؟
قال: ماذا تعني ؟
قلت: هل سألتها يوماً عما تشتهيه نفسها لتشتريه لها ؟
( صمــــت ولم يُجب )
قلت له : هل ناولتها يوماً مائة دينار وقلت لها اشتري لنفسك ثياباً جديدة ؟
رد في شيء من الاعتراض: ولم الملابس الجديدة ... وفساتينها لم يهترئ منها شيء ؟!
قلت: ومن من النساء اليوم تشتري ( فستاناً ) لأن فساتينها اهترأت .. إنهن يحببن الجديد .. ولا بأس من
بعض مجاراتهن في ذلك .. لإدخال السرور على قلوبهن .
قال ممازحاً: ومن نصبك يا أخي محامياً عن زوجتي ...
قلت: ماذا تبتغي من وراء تصدقك على الفقراء والمساكين ؟
قال: لا شك في أنه الأجر من الله تعالى .
قلت: عظيــم . هل تعلم أن في تصدقك على زوجتك أجراً عظيماً . بل إن تصدقك عليها أعظم من أجر
تصدقك على الفقراء والمساكين ؟
قال: ولكن إنفاقي عليها واجب .. فأين الصدقة ؟
قلت: استمع إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه :
< دينــار أنفقته في سبيل الله , ودينــار أنفقته في رقبة , ودينــار تصدقت به على مسكين , ودينــار أنفقته
على أهلك .. أعظمها أجراً الذي أنفقته على أهلك >.
قال صاحبي مندهشاً: الله أكبر . هل تصدق أني أسمع بهذا الحديث لأول مرة ؟ ولكن .. هل هو
حديث صحيح ؟
قلت: أجل . لقد رواه مسلم في صحيحه .
قال (وكأنه يخاطب نفسه ): أشتري لزوجتي ما تشتهيه من طعام ولباس وغيرهما .. فأكسب حبها ورضاها
وأكسب في الوقت نفسه أجراً عظيماً من الله ! كم أضعت من الأجـر ؟ وكم ظلمت زوجتي ؟!
قلت: لا بأس عليك .. ولا تحزن على ما فات .. فما زلت في بداية زواجك .. وأمامك الحياة الزوجية
ممتدة إن شاء الله .. لتعيد ترتيب الأولويات .. وتعطي كل ذي حق حقه .
قال: إنفاقي على زوجتي أعظم أجراً من تصدقي على مسكين .. ومن إنفاقي في سبيل الله ؟!
كم يحرص الإسلام على التأليف بين الأزواج !
قلت: ولكن احـــذر .. !
قال: مـاذا ؟
قلت: أن يُنسيك هذا مساكينك وفقراءك الذين تنفق عليهم .. فالرسول صلى الله عليه وسلم لا يدعوا
إلى هذا , إنما هو ترتيب للأولويات كما أمر عليه الصلاة والسلام في حديثه : < وأبدأ بمن تعـول >.
قال: وزوجتي أول من أعــول .
قلت: ويؤكد هذا أيضاً حديث آخر رواه البخاري في صحيحه , فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : < إذا انفق المسلــم نفقة على أهله وهو يحتسبها .. كانت له صدقة >.
قال متسائلاً: (( يحتسبها )) ؟
قلت: أي يريد بها وجه الله تعالى بأن يتذكر أنه يجب عليه الإنفاق فينفق بنية أداء ما أٌمر بـه .
قال: مـا أعظم كــرم الله تعالى .
قلت: أليس للمرء أن يعجب من أولئك الذين يبخلون فيحرمون أنفسهم تلك الأجور العظيمة ؟
قال: بلى والله .
قلت: وغير هذا أيضـــاً .
قال: أهناك خير آخر لهذا الإنفاق .
قلت: نعم . وأحسب أنك تعرفه في تصدقك على الفقراء والمساكين , وهو أنه تعالى يُخلف لك
في الدنيا ما أنفقته .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: < قال الله عز وجل : أنفق
أُنفق عليــك > . رواه البخاري.
وكذلك الحديث الذي يقسم فيه الرسول صلى الله عليه وسلم على ثلاث .. أحدهما : < ما نقص مال عبد من صدقة>.
محمد رشيد العويد .
نطرونا بالموقف الأخير ...
__________________
اتشرف بأني اغثك بمواضيعي
كيف تحولين الزوج الغاضب إلى محب عاشق ؟ ( دوره لعشاق التحدي فقط
http://www.66n.com/forums/showthread...33#post1562633
احــب زوجتي .. واكرهها .. فما الحل ؟!!
http://www.66n.com/forums/showthread...36#post1273036
حــــوارات مع صديقي الزوج .. ( ملفات حساسة ومفيدة )
http://www.66n.com/forums/showthread.php?t=99861