ضرب الزوجة جائز إذا كان هناك مسوغ شرعي مع عدم تجاوز ذلك السؤال ما هو حكم ضرب الزوجة؟ وهل هناك حالات يعتبر فيها هذا جائزا؟ الرجاء إيراد الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة بهذا الخصوص وشكرا. الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فمن المعلوم أن الله ـ جل وعلا ـ قد شرع من أحكامه، وسن من معاملاته، ما يكفل للعباد تحقيق كافة مصالحهم على وجه التمام، في جميع أمورهم وأحوالهم. ولا ريب أن من أعظم ما أولاه الشرع عنايته، وصرف له رعايته، حفظ رابطة الزوجية التي تجمع شمل الزوجين، وتضم أنفاسهما في ظلال بيت واحد. فقد أحاطت الشريعة المطهرة هذا الصرح (صرح الزوجية) أحاطته بسور من الأحكام التي ترسي دعائمه، وتقيم بنيانه على وجه الكمال والتمام. وهذا في غاية الوضوح والبيان لمن كان له أدنى اطلاع على علل الأحكام، وأسرار التشريع والإبرام. وبالجملة، فإن قاعدة الشرع الثابتة هي: "جلب المصالح للعباد وتكميلها، ودرء المفاسد عنهم وتقليلها". إذا علم هذا، فليعلم أن الأحكام الشرعية قد تطرقت إلى حال الشقاق والخلاف إذا طرأ بين الزوجين، وقسمتها إلى أحوال، فنأخذ منها الحالة التي ورد السؤال عنها، ألا وهي "حكم ضرب الزوجة، وهل هناك حالة يجوز فيها ذلك؟. والجواب : أن الله جل وعلا قد حرم على كلا الزوجين ـ بل على عموم الخلق ـ الظلم والتعدي، ولا ريب أن في ضرب الزوجة بلا مسوغ شرعي أذية لها، واعتداء على حقها، فإن من حقوقها المعاملة والمعاشرة بالمعروف قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) [البقرة:228] وقال جل وعلا: (وعاشروهن بالمعروف)[ النساء:19]. وقد حرم الله جل وعلا إبقاء الزوجة في العصمة بقصد إذايتها ومضارتها، وسمى ذلك اعتداءً وظلماً، قال جل وعلا: (ولا تمسكوهن ضراراً لتعتدوا، ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه)[ البقرة: 231] وقد ثبت مرفوعا إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه أنه قال: "لا ضرر ولا ضرار" أخرجه الإمام أحمد في مسنده وهو أيضا في سنن الدارقطني. وعليه فضرب الزوجة بلا مسوغ من الاعتداء والظلم الذي لا يجوز، وقد ثبت عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال فيما يرويه عن ربه جل وعلا: "يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا" أخرجه مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه. إذا ثبت هذا فإنه مما ينبغي أن يعرف أن هنالك حالات يسوغ فيها مثل هذا الفعل ، ولكن مع مراعاة الضوابط الشرعية في ذلك. فقد نص الله جل وعلا في كتابه العزيز أن ذلك يسوغ إذا خرجت الزوجة عن طوع زوجها بلا مسوغ لها في ذلك. فمن المقرر أن طاعة الزوجة زوجها من الواجبات المتحتمات المقررة في الكتاب والسنة وبإجماع أهل العلم بالملة، فإن خرجت الزوجة عن طوع زوجها تمردا وعصيانا بلا مسوغ، فقد شرع الله ـ جل وعلا ـ علاج ذلك بجملة أمور. أولها: النصح والإرشاد، بأن يعظ الزوج زوجته ويبين لها وجوب طاعته، وما افترضه الله عليها وعليه من الحقوق، مترفقا بها تارة، وزاجراً لها أخرى بحسب المقام والأحوال. فإن تعذر ذلك لعدم استجابتها انتقل إلى الخطوة الثانية، ألا وهي الهجر، فيسوغ له عند تعذر الأمر الأول أن يهجرها في الفراش، إظهاراً لها منه بعدم الرضا عنها، والاستياء من معاملتها. فإن استوفى الزوج هاتين الخطوتين، وبذل وسعه في ذلك ولم ينصلح الأمر، جاز له أن يضربها تأديباً لها مراعيا جملة أمور في ذلك: أ ـ أن لا يكون الضرب مبرحا، أي شديداً ، بل يكون على وجه التأديب والتأنيب ضرباً غير ذي إذاية شديدة. ب ـ أن لا يضربها على وجهها. ج ـ أن لا يشتمها بالتقبيح. د ـ أن يستصحب أثناء هذه المعاملة، أن القصد حصول المقصود من صلاح الزوجة وطاعتها زوجها، لا أن يكون قصده الثأر والانتقام. هـ ـ أن يكف عن هذه المعاملة عند حصول المقصود. والأصل في كل ما قدمناه قوله ـ عزَّ من قائل ـ (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض، وبما أنفقوا من أموالهم، فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله، واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجرون في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان عليا كبيراً) [النساء :34]. وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في حجة الوداع: "ألا واستوصوا بالنساء خيراً فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئاً غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً، ألا إن لكم على نساءكم حقا ولنسائكم عليكم حقا ... الحديث) أخرجه الترمذي وقال حديث حسن صحيح. وخرج الإمام أبوداود في سننه من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله ما حق زوجة أحدنا عليه قال: أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت". وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة الجياد، ولا بد من الإشارة إلى أنه ينبغي لكلا الزوجين مراعاة جانب الرأفة والرحمة كلاً مع الآخر، وأن يتجنبنا الجنوح إلى هذه الحالة ما استطاعا إلى ذلك سبيلاً. وأيضا فإنه مما يعين على ذلك التغاضي عن بعض الأخطاء التي لا تخل بأمور الشرع ، ولو أن كلا الزوجين تدارسا طرفا من الهدي النبوي في ذلك لكان حسنا، كباب حق الزوج على المرأة، وباب الوصية بالنساء من كتاب رياض الصالحين، جعلنا الله جميعاً من عباده الصالحين. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً. والله أعلم حكم ضرب الزوجة لأجل المعاشرة السؤال الوالد الكريم سامحه الله يضرب الوالدة لأجل الجماع علما أنه لا يعيلها ويضربها ضربا مبرحا كيف التصرف؟ علما أنها تطلب الطلاق. جازاكم الله عنا خيراً. الفتوى الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فإن الضرب غير المبرح للزوجة هو أحد أنواع العلاج التي أباح الله تعالى للزوج بغرض إصلاح زوجته، وهي المرتبة الثالثة بعد الوعظ والهجر، كما قال تعالى: (وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيرا)ً [النساء:34]. وقد مضى الجواب عن ضوابط وحدود ضرب الزوج لزوجته برقم: 69، وليُعلم أن النفقة لا تجب للزوجة إلا إذا مكنت زوجها من الاستمتاع بها تمكيناً كاملاً في كل وقت وفي المكان الذي يريد، إلا إذا منع من ذلك مانع كالحيض والنفاس، ولمعرفة المزيد من أحكام النفقة راجعي الفتوى رقم: 722، والفتوى رقم: 2317. وإذا كانت والدتك لا تريد أن تبقى في عصمة والدك لسبب شرعي، وهي تطلب الطلاق منه وهو لا يريد، فمن حقها أن تلجأ إلى المحاكم المختصة للفصل في مثل هذا النزاع. ولتحذر والدتك من طلب الطلاق دون سبب، لئلا تدخل في الوصف المذكور في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" رواه الترمذي وغيره، وصححه الألباني. ولمعرفة المزيد عن الخلع وأحكامه راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 10917، 7820، 3875، 3484. ويجب على الزوجة قبل طلب الطلاق اتباع الخطوات الشرعية للصلح، لقول الله تبارك وتعالى: (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128]. ولمعرفة هذه الخطوات راجعي الفتوى رقم: 8649. والواجب عليك أيها الأخ السائل أن تنصح والديك بحسن المعاشرة والمعاملة بالمعروف حفاظاً على كيان الأسرة الذي يعود على الأبناء بالخير والبركة، ونبذاً للخلاف والفرقة، لما يسببان من شر مستطير لا يعلم مداه إلا الله. وهدانا الله وجميع المسلمين لما يحب ويرضى. والله أعلم. |
مواقع النشر |
ضوابط المشاركة |
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك
BB code متاحة
الابتسامات متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
|