إلى المتمنعة من زوجها ( الجزء الأخير ) :
استجابات ورفض :
صباح يوم الخميس، اليوم الذي تبدأ فيه العطلة الأسبوعية التي تستمر يومين، قالت لي زوجتي: البس ثيابك لنأخذ الأولاد إلى شاطئ البحر؟ فالجو اليوم جميل وهواؤه عليل . وعلى الرغم من أنني كنت أعد نفسي لكتابة عدد من المقالات لعدد من المجلات التي ألتزم بالكتابة إليها، فإنني آثرت أن ألبي رغبة زوجتي:-حسن، ألبسي الأولاد وأعدي لهم ما يفطرون به . ردت زوجتي على الفور: لن أعد لهم شيئاً؟ إنهم يحبون الفطائر التي تحضرها لهم من مطعم ((....)) قلت: ولكني أخشى أن لا يفتح في الصباح.قالت: سنجد مطعماً غيره.وافقت زوجتي، واصطحبنا الأطفال إلى شاطئ البحر بعد أن مررنا بالمطعم الذي يحبون الفطائر التي يصنعها فوجدناه مغلقاً، فتوجهنا إلى مطعم آخر فوجدناه مغلقاً كذلك، ثم ظفرنا بمخبز يصنع فطائر بالزعتر اشترينا منه حاجتنا.كانت سويعات جميلة على شاطئ البحر، ركض فيها أطفالنا ولعبوا حتى وأبدوا رغبتهم في العودة إلى البيت. بعد أن صرنا في السيارة؟ أدرت محركها وأنا أقول: والآن إلى البيت. لكن زوجتي قالت: لا، خذنا إلى السوق، سأشتري بعض الهدايا قبل سفرنا إلى البلد. قلت: ما رأيك لو نرتاح قليلاً في البيت، ويغسل الأطفال آثار الرمال وآثار لهوهم على شاطئ البحر...؟ ردت: لا، لا. إذا فعلنا هذا استرخينا وتكاسلنا. صحت بصوت تملؤه الحماسة: والآن إلى السوق. لم أرد أي رغبة في الشراء أبدتها زوجتي. اشتريت لها جميع ما اشتهته وأعجبها ورغبت فيه. أنهينا التسوق والساعة قد تجاوزت الثانية عشرة والنصف ظهراً، وتوجهنا إلى البيت أخيراً، نحمل ما تسوقته زوجتي من هدايا لأهلها وصديقاتها في بلدنا. ما إن دخلنا البيت وبدأت بخلع ثيابي استعداداً لنوم قيلولة قصير حتى صاحت زوجتي: انتظر.. نريد تناول طعام الغداء في أحد المطاعم. حاولت التأجيل متلطفاً: ما زال في الوقت فسحة.. ونوم سويعة لن يؤخرنا عن طعام الغداء. ردت: اليوم خميس.. ستزدحم المطاعم وسيتأخرون في إحضار الوجبات..يجب أن نخرج مبكرين. استجبت لها، وأوقفت خلع ثيابي، وجلست أشغل نفسي بمطالعة كتاب تناولته من المكتبة.
مضت ساعة، بل ساعة ونصف الساعة، حتى أنهت زوجتي استعدادها مع أطفالها. قلت في نفسي: ماذا كنت تخسرين لو تركتني أرتاح قليلاً في يوم العطلة هذا.. لأستعيد نشاطي قبل أن نتوجه إلى المطعم؟!
ابتسمت في وجه زوجتي، ولم أبد لها ما ثار في نفسي من عتب عليها. أنساني تعبي السعادة التي كانت ظاهرة على وجوه زوجتي وأطفالنا يتناولون طعامهم بحماسة واستمتاع واضحين. أوصلت زوجتي وأطفالنا إلى البيت وأنا أقول لزوجتي: أصلي العصر في المسجد قلت: خير إن شاء الله.. ما عندك؟ قلت: سنزور بيت صديقك عامر. قلت: نزورهم بعد العصر أم بعد المغرب؟ قالت: بل بعد العصر!
قلت: سأصلي العصر وأعود إن شاء الله. قاطعتني: لا تذهب إلى أي مكان بعد العصر.. عد إلى البيت فور انقضاء الصلاة. عدنا من زيارة بيت صديقي، وفي الطريق طلبت زوجتي أن أشتري "سندويشات الشاروما".
استجبت لها وتناول الأبناء طعامهم في السيارة. كان النعاس يغلبهم وقد صاروا في البيت ولبسوا ثياب النوم، ولم يلبثوا طويلاً حتى صاروا يخلدون إلى نوم عميق. اقتربت من زوجتي ووضعت يدي على كتفها معبراً لها بلطف عن رغبتي في المعاشرة الزوجية.لكني ما كدت أفعل ذلك حتى دفعت يدي بعيداً عنها وهي تصرخ: دعني.ابتعد عني. لا تلمسني. أنا في غاية التعب. منذ الصباح وأنا لم أهدأ. أريد أن أنام.
وعندها فقدت حلمي وصحت: أما تخجلين؟ منذ الصباح وأنا ألبي كل ما تطلبينه، مهما كلفني من جهد ووقت ومال، ولا أرد لك طلباً، والآن، حين أردت حقي الشرعي، تأبين وتمتنعين... إذا لم تخجلي مني.. فاخجلي واستحي من الله سبحانه !!! وأخيراً.. إليك أنت عزيزي الزوج
عزيزي الزوج.. لقد وجهنا الرسائل السابقة كلها إلى الزوجة، نحثها على تلبيتك، والاستجابة إلى دعوتك، ونحذرها من عدم طاعتك، واحتقار رغبتك . واسمح لنا الآن أن نوجه الرسالة الأخيرة إليك، فبعض أسباب انصراف زوجتك عنك.. وراءها أنت . ما هي هذه الأسباب ؟ سنحاول أن نتعرف عليها ونناقشها، وذلك عبر الدراسة التي نشرت ملخصاً لها جريدة "الوطن " الكويتية في عددها الصادر في 31/ 3/1989. لنقرأ نص ما نشرته الجريدة : "هو يريد وهي لا تريد".. حالة معروفة بين المتزوجين فالزوج يرغب.. بينما الزوجة لا تشعر برغبة في معظم الأحيان ، ما عدا أيام معدودة في الشهر وهي أيام الإخصاب، حيث تتهيأ للحمل فتشعر بالرغبة وتتجاوب مع الزوج، أما باقي أيام الشهر فبإمكانها الاستمرار دون رغبة ودون شعور بالكبت ولا الحرمان..أما الزوج فهو مستعد وراغب طوال أيام الشهر تقريبا . وقد ساد الاعتقاد لفترة أن الهرمونات هي التي تتحكم برغبة المرأة وهذا يعني عدم وجود الرغبة لديها سوى أيام قليلة في الشهر. إلا أن أحدث دراسة حول اختلاف قوة الرغبة الجنسية عند الجنسين بينت أن السبب الحقيقي "للبرود" المؤقت الذي تظهره المرأة ليس الهرمونات، بل مشاعرها وعواطفها. فالمرأة ليست كالرجل لا تستطيع التجاوب إلا إذا كانت تحب زوجها وتشعر نحوه بالارتياح والمحبة . أما الرجل فإن الجنس عنده حالة عضوية بحتة في معظم الأوقات، وغير مرتبطة بمشاعر الحب والقرب.. لذلك فإن أي شجار صغير أو سوء تفاهم، أو كلمة ليست في مكانها،كافية لإطفاء شعلة الرغبة عند الزوجة.. وما أكثر المشاجرات الزوجية، والكلمات الطائشة، والمواقف العدائية التي تحدث بين الزوجين . فما هو الحل إذن ؟ يقول الخبراء: إن على الرجل إن أراد تجاوب زوجته أن يظهر لها حبه وحنانه قبل الاقتراب منها. وحبذا لو عمل على إصلاح الأمور بعد كل مشاجرة تفاديا لتراكم البرود والنفور فيما بعد". انتهى ملخص الدراسة التي تشير بوضوح إلى سبب هام يغفل عنه كثير من الأزواج.
وأحب أن أذكر هنا مثلاً واقعياً على ما سبق، رواه أحد الأزواج الذين يعانون من قلة استجابة زوجاتهم لهم، يقول هذا الزوج : توفي قريب لزوجتي، عزيز عليها، فقلت في نفسي: المصيبة الحقيقية حفت بي؟ إذ أن زوجتي تعرض عني، ولا تستجيب إلي ، قبل وفاة قريبها، فكيف بها الآن وهي شديدة الحزن عليه، مستمرة في البكاء عليه؟! ولكن المفاجأة كانت في استجابتها غير المتوقعة، في لين وتودد غير عاديين، وفي الليلة نفسها التي توفي في نهارها قريبها. وصرت أبحث عن السر في هذه الاستجابة الرائعة ؟ أهو الموت ذكرها بالآخرة فجعلها تنقاد إلي ؟ استبعدت هذا السبب. عندها أدركت أن قسوتي كانت تنفرها مني.. بينما العطف والمودة واللين تفتح قلبها لي، وتقربني منها، وترضيها عني.ثم هداني الله إلى السر الحقيقي: لقد أظهرت عطفاً شديداً على زوجتي حين تلقت نبأ وفاة قريبها، وأبديت لها مودة عظيمة، وكنت طوال النهار أخفف عنها وأواسيها، وأذكرها بأن قريبها رجل صالح ، وقد انتقل إلى أرحم الراحمين.وكنت أطلب من أطفالنا ألا يزعجوها ولا يضايقوها لأن أمهم حزينة عندها أدركت أن قسوتي كانت تنفرها مني.. بينما العطف والمودة واللين تفتح قلبها لي، وتقربني منها، وترضيها عني.