"لقد قرأتُ في المدح لي ما رفعني إلى مرتبة الخالدين، ومن القدْح فيَّ ما هبط بي إلى دركة الشياطين، وكُرِّمتُ تكريمًا لا أستحقُّه، وأُهملت حتَّى لقد دُعي إلى المؤتمرات الأدبيَّة وإلى المجالس الأدبيَّة الرسميَّة المبتدئون وما دعيت منها إلى شيء! فألِفتُ الحالين، وتعودتُ الأمرين، وصرتُ لا يَزدهيني ثناءٌ ولا يهزّ السَّبّ شعرة واحدة في بدني، أسقطتُ المجد الأدبي من الحساب، لما رأيتُ أنَّه وهم وسراب! "
"رأيت كلاب الصيد، إذا مرَّت بكلاب المحلَّة، نبحتها هذه، وبالغت، وأسرعت خلفها، وكأنَّها تراها مكرمة مجلَّلة، فتحسدها على ذلك! ورأيت كلاب الصَّيد حينئذ لا تلتفت إليْها، ولا تعيرها الطَّرف، ولا تعدّ نباحها شيئًا! فرأيتُ أنَّ كلاب الصيد كأنَّها ليست من جنس تلك الكلاب؛ لأنَّ تلك غليظة البدن، كثيفة الأعضاء، لا أمانة لها، وهذه لطيفة، دقيقة الخِلقة، ومعها آداب قد ناسبتْ خلقتها اللَّطيفة، وأنها تحبس الصيد على مالكها خوفًا من عقابه، أو مراعاة لشُكْر نعمته عليها، فرأيت أنَّ الأدب وحسن العشرة يتبع لطافة البدَن، وصفاء الروح، وهكذا المؤمن العاقل، لا يلتفت إلى حاسِدِه، ولا يعدّه شيئًا؛ إذ هو في وادٍ وذاك في واد، وذاك يحسده على الدنيا، وهذا همَّته الآخرة، فيا بعد ما بين الواديين!".
: "من آمن بالله فكأنَّما قال له: "امتحنّي!"، وكيف تراك إذا كنت بطلاً من الأبطال مع قائد الجيش، أما تفرض عليْك شجاعتُك أن تقول للقائد: "امتحني وارم بي حيث شئت"؟! وإذا رمى بكَ فرجعت مثخنًا بالجراح ونالك البتْر والتَّشويه، أتراها أوصافًا لمصائبك أم ثناء على شجاعتك؟!".