السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
-•✵ #حديث_اليوم ✵•-
كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : ( احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ ) .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2516 خلاصة حكم المحدث: صحيح
https://youtu.be/EhAAuHbyDBc
—•✵-•-✵•—
-•✵ من دل على خير
فله مثل أجر فاعله ✵•-
#شرح_الحديث :🌸
"احفَظِ اللهَ"، أي: اتَّقِ اللهَ في الأوامِرِ والنَّواهي، والْزَمِ الطَّاعاتِ، ولا تَقرَبِ المعاصيَ، "تَجِدْه تُجاهَك"، والمعنى: أنَّك تَجِدُه حينَئذٍ كأنّه حاضرٌ تِلقاءَك وقُدَّامَك في مقام إحسانك وإيقانك وكمال إيمانك، كأنَّك تراه بحيثُ تُغْنَى بالكُلِّيَّةِ عن نظَرِك ما سِواه، وقيل: المعنى: إذا حَفِظْتَ طاعةَ اللهِ وجَدتَه يَحفَظُك ويَنصُرُك في مُهِمَّاتِك أينَما توجَّهتَ، ويُسهِّلُ لك الأمورَ الَّتي قصَدتَ، وقيل المعنى: تجِدُ عِنايتَه ورَأفتَه قَريبًا منك؛ يُراعيك في جَميعِ الحالاتِ، ويُنقِذُك مِن جميعِ المضَرَّاتِ.
"إذا سألتَ فاسأَلِ اللهَ"، أي: إذا أرَدتَ أن تَطلُبَ شيئًا، فلا تَطلُبْ إلَّا مِن اللهِ، "وإذا استَعنتَ فاستَعِنْ باللهِ"، أي: وإذا أردتَ العونَ فلا تَطلُبِ العونَ إلَّا مِن اللهِ ولا تَستَعِنْ إلَّا باللهِ، "واعْلَمْ"، كرَّرَ فِعلَ الأمْرِ زِيَادَةً في الحَثِّ عَلَى التَّوَجُّهِ إِلَى اللهِ تعالى "أنَّ الأُمَّةَ لو اجتَمَعَت"، أَيِ: اتَّفَقَتْ فَرْضًا وَتَقْدِيرًا "على أن يَنفَعوك بشيءٍ لم يَنفَعوك" أَيْ: لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ، "إلَّا بشيءٍ قد كتَبه اللهُ لك"، والمعنى: وَلْيَكُنْ عِندَك عِلمٌ ويقينٌ أنَّه لن يَكونَ إلَّا ما قدَّره اللهُ لك؛ فلن تُحصِّلَ مَنفَعةً إلَّا ما كتَبه الله لك، ولو اجتَمَع على مَنفَعتِك أهلُ الأرضِ جَميعًا، "وإنِ اجتَمَعوا على أن يَضُرُّوك بشيءٍ لم يَضُرُّوك إلَّا بشيءٍ قد كتَبه اللهُ عليك"، أي: وَلْيَكُنْ عِندَك عِلمٌ أيضًا أنَّك لن تَرى إلَّا ما قدَّره اللهُ عليك، فلَن يَبلُغَك ضُرٌّ إلَّا ما قدَّره اللهُ عليك، ولو اجتَمَع على ضُرِّك أهلُ الأرضِ جميعًا، وهذا مُتَّفِقٌ مع الحُكمِ المقرَّرِ في الاعتقادِ أنَّ اجتِماعَهم على إيصالِ النِّفعِ والضُّرِّ بدونِ مَشيئةِ اللهِ مِن المُحالِ، وخُلاصةُ المعنى أنَّ المطلوبَ مِنك أن تُوحِّدَ اللهَ في المطلَبِ والمهرَبِ، فهو الضَّارُّ النَّافعُ، والمعطي المانعُ.
"رُفِعَت الأقلامُ"، أي: كُتِبَت مَقاديرُ الخلائقِ جميعًا، ورُفِع القلمُ، فلا زِيادةَ ولا نُقْصانَ في كِتابَةِ الأحْكامِ، "وجَفَّتِ الصُّحفُ"، أي: جفَّت الصُّحفُ بما كتَبَته الأقلامُ فيها مِن مَقاديرِ الخلائقِ، فلا تَبْديلَ ولا تَغْييرَ، فكلُّ شيءٍ قد كُتِبَ في اللَّوحِ المحفوظِ؛ فعبَّر عن سبْقِ القضاءِ والقدَرِ برَفْعِ القلَمِ، وجَفافِ الصَّحيفةِ؛ تَشبيهًا بفراغِ الكاتبِ في الشَّاهدِ مِن كتابتِه، وهذا كلُّه مِن التَّربيةِ النَّبويَّةِ للأُمَّةِ على أن تتَعامَلَ بصِدقٍ مَع اللهِ، وأنْ تُراقِبَه في كلِّ أعمالِها، وألَّا تَخافَ غيرَه سُبحانه؛ فمِنْه النَّفعُ والضَّرُّ، وأن تُربِّيَ أطفالَها على هذه المفاهيمِ الطَّيِّبةِ فيَنشَؤوا ويَشِبُّوا عليها.