وا عجبي..ممن شرب من كأس فارغة..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثرت في الآونة الأخيرة بعض صور الحب التي لم تكن صحيحة لا من حيث المبدأ
ولا من حيث الصورة..
والمتأمل في ما يدور حوله أن هناك خلل في زاوية ما...
قبل أن أوغل في الموضوع سأذكر حدثا ونقاشا دار بيني وبين مجموعة من الشباب قبل يومين..
كنا نتجاذب أطراف الحديث في مقر العمل فترة الإسترخاء والغداء.. وبينما كنا كذلك..إذ تغنى
بعض الإخوة بنغم وطريقة تدل على الإنسجام مع الكلمات أذكر منها ( أد الحروف ...بحبك) و (أد الدموع الي..بحبك)
ولم ألبث إلا وأخذ يردد معه بعض البقية ما كان يقول من كلمات...
قبل ذلك وفي أيام خلت .. كنت أسمع منهم أو من غيرهم ما يشبه تلكم الكلمات ولكن الجميع كان يتفق في مدى
التأثر بالكلمات واللوعة التي يحسون بها وهم يؤدون الغناء..
ففي تلك الجلسة استوقفتهم وسألتهم... وكالعادة .. مع ما بيننا من إحترام.. عرف أحدهم أني سأسألهم عما يقولون..
فقال على سبيل المزاح وربما شيء من الجد ( أووه .. وش عندك بعد .. خير وش تبي ) فقلت لا ..سؤال بسيط...
هل ما يظهر على قسمات وجهك من تأثر بالغناء وكلمات الحب .. ينبع من القلب .. أم هو تمثيل يتماشى مع الكلمات؟
قال لي ( وهل الحب حرام ) ..
قلت إن كان في غير محله فهو حرام.. كأن يكون في فتاة لا تحل لك.. ألم تعلم أن في بعض مواقع المحادثة
على الشبكة المعلوماتية هناك من الشباب والشابات من يكلم بعضهم بعضا ويهدون لبعض الأغاني ويتبادلون
الإهداءات وكلام الحب والأغاني وقد يتطور الأمر لأكثر من ذلك؟
قال أعلم.. قلت فذاك حب في غير محله..وأكملت قائلا..ولا يخفى عليك ما يحدث عن طريق الهاتف النقال بين
الفتية والفتيات والله المستعان ...فذاك أيضا حب في غير محله...
قلت له ولمن كان حاضرا.. ألم تعلموا أن هناك حب أسمى من ذلك هو أوجب علينا من هذا الحب؟
أليس هناك حب من أجل الله وفي الله.. أليس من نقاطع منتجات الغرب حبه أولى وهو من قال(لا يؤمن أحدكم
حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين)
قال لي أحدهم .. هذا حب يختلف في نوعه عن الحب والغرام بين الناس..وسألني أهناك علاقة
بين حب الشخص للآخر في الله وحب الشخص لذاته كحب أحدنا لزوجته..
قلت سأضرب لك مثالا بسيطا أنهما ذوا علاقة..
لو أن زوجة طلبت من زوجها أن تلبس لباسا يخالف الشرع أمام النساء كأن يكون (كاسيا عاريا)..هنا بناء على
موقف الزوج سيظهر إما حبه لله وإما تقديم حب ورضا الزوجة على حب الله والرسول صلى الله عليه وسلم..
إن قال .. إلبسي ما شئت فهو قدم حبها على الله ..وإن نصحها وبين لها الحق وألزمها لبس الساتر من الثياب
فهو قدم حب الله عليها...هنا انتهى الحوار ..
أعود إلى ما أردت أن أبينه في هذا المقال...
سمعنا الكثير من القصص التي كانت نهاية بعضها مأساوية قضاء وقدرا من الله..
فتلك فتاة أعلم قصتها يقينا ارتبطت بعلاقة حب (على ما كانت تعتقد) لمدة ثلاث سنوات وعدها فارس أحلامها (حسب
ظنها) بملكة وزواج ومن أجله فسخت خطبتها من ابن عمها (ولا حول ولا قوة إلا بالله) ووعدها بزواج قريب أخذ
يماطل فيه حتى احتج آخرا بأن ( أباه لا يرضى أن يرتبط بها) ، ولو كنت عنده لسألته.. أرضي أبوك
بعلاقتك بها 3 سنوات؟.. ولسألتها عزيزتي ..ماذا جنيت من وراء الزبد؟ ..ذهب جفاء ولا حول ولا قوة إلا بالله...
إن المتأمل في كثير من الحالات المشابهة..يجد أن أسباب حدوث مثل تلك العلاقات واضح..وأسباب انهيارها أيضا
جلية...
من أهم الأسباب في تكوين مثل تلك العلاقات... ضعف الوازع الديني..ونسيان أن هناك
حب لله ورسوله يقتضيان عدم الشروع في المحرم وكما قيل..إن المحب لمن يحب مطيع..
وقال ابن القيم رحمه الله .. زعم أقوام حبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فابتلو بهذه الآية
قوله تعالى(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم)..
و السبب القوي الآخر هو... وإن كنت أقبل النقاش فيه وأود معرفة آرائكم حوله... هو نقص العاطفة والحنان
والإهتمام من قبل كثير من الآباء والأمهات وحتى الإخوة تجاه أخواتهن..إما بالإنشغال أو القسوة..مما يؤدي
في أغلب الأحيان إلى البحث عن الرحمة والشفقة والحنان عند الآخر..بل أكاد أجزم أن بعض المتزوجات والله
المستعان ممن يعانون المر من أزواجهن أقمن بعض العلاقات المماثلة لا سيما عللا الإنترنت..وإن كنت
أجزم أن كثيرا من أرباب هذه العلاقات يعلم أن الطرف الآخر يمثل الحب ولا يملكه ولكن كما قالو..ظل الحنان
ولا مقابلة الجدران ( أعرف أني حرفت المثل)
أما سبب فشل ذلك النوع من العلاقات فليس إلا أنها أسست على غير تقوى من الله وعلى شفا جرف هار
فانهار بأصحابها...أيرفعون كأسا فارغة ليشربوا منها...ذاك هو القلب الفارغ يامن أردتم رشف حبه وأنى لكم..
والسلام عليكم ورحمة الله..