وكي نكون منصفين أكثر مع فرويد أو غيره, فإن سبب تحريم الحب في ثقافتنا – على ما أعتقد - يعود أيضاً إلى بعض الشعراء الذين عانوا من الحب لدرجة الجنون كقيس بن الملوح من قبيلة عذرة، وإليها نُسِب الحب العذري، وكالشاعر ديك الجن الحمصي, فمن المعروف أن سبب رفض تزويج قيس بمحبوبته ليلى هو تشبيبه بها, ولا يمكن للمطّلع أن يَعبُر سيرة المجنون دون أن يشير إلى أجمل بيت قاله والذي يدلّ فعلاً على جنون متفرّد فقد خاطب زوجَ ليلى في اليوم التالي لزواجها ببيت شعر يعجز عاشق غير مجنون أن يأتي به في مثل تلك الظروف الحالكة إذ قال:
بربّك هل ضَمَمْتَ إليك ليلى قُبيل الصبح أو قبّلتَ فاها؟
لذلك أصبح الحب مرادفاً للجنون والعيب, خاصة إذا ذُكر اسم المحبوبة؛ وعلى أية حال فإن كتمان اسم الحبيبة يرفع القيمة الأدبية لأي نص رمزي
__________________
[CENTER]مُتَفَرِّدٌ بصَبَابَتي ، مُتَفَرِّدٌ
بكَآبَتي ، مُتَفَرِّدٌ بعَنَائِي
شَاكٍ إِلَى البَحْرِ اضْطِرَابَ خَوَاطِرِي
فَيُجيبُني برِيَاحِهِ الهَوْجَاءِ
ثَاوٍ عَلَى صَخْرٍ أَصَمََّ ، وَلَيْتَ لي
قَلْبَاً كَهَذِي الصَّخْرَةِ الصَّمَّاء[/CENTER]