عزيزتي الغاضبة جدا أم فهد
كلا .. لم تخطئ
حتى بلوغه الستة أو السبعة شهور تقريباً كان ابني سلطان ينام طوال الليل نوماً متواصلاً دون انقطاع وحتى الصباح .... لماذا؟؟
لأنني كنت حازمة جداً فيما يتعلق بمسألة (الحمل والشيل) .. سواء مع نفسي أو مع المحيطين بي .. ووقت النوم كنت أضعه في سريره حتى يغمض عينيه ولم أكن أجعله ينام وهو في حضني بتاتاً.
بعد هذه الشهور .. ضعف قلبي ورق فؤادي .. وشعرت بالتقصير والذنب كوني أحرم ابني من حضني وحناني .. فبدأت أسمح له بالنوم بين ذراعي ثم أضعه بعد ذلك في سريره ... بل وصل بي الأمر أنني بدأت أسمح له بالنوم معي في السرير ـ عندما يكون زوجي في عمله ـ حتى يكون ملتصقاً بي وأكثر شعوراً بالقرب والدفء والحنان!!!!!
النتيجة؟
الغالي استمرأ الأمر وأصبح يرفض النوم في سريره .. وإن تنازل وتعطف وتكرم عليّ فإنه يوافق على المكوث في سريره شرط أن أبقى أنا بجانبه ولا أتحرك من مكاني!! .. وحينها كنت أرضخ للأمر وأقول لنفسي: ابقي بجانبه حتى ينام ثم عودي لسريركِ .. ولكن ما أن أتحرك من مكاني حتى يستيقظ حضرته وتبدأ وصلة البكاء حتى أعود لمكاني بجانب سريره!!!!!!!!
واستمرت هذه المأساة عدة شهور كدت خلالها أفقد عقلي وكرهت نفسي وكرهت وقت النوم كرهاً شديداً .. فلا أنا كنت أنام بشكل كافِ ولا حتى سلطان كان يحصل على كفايته من النوم بسبب استيقاظه كل حين إما كي أعود إلى جانب سريره أو حتى ليتأكد أنني مازلت مكاني لم أتحرك!!!!!!!
بعدها قررت وضع حدٍ لهذه المأساة .. وخلال ثلاثة أيام فقط انتهت المشكلة ... والحل ببساطة كان هو تجاهل بكائه. (إن أحببتِ أن اذكر لكِ تفاصيل الاستراتيجية التي اتبعتها فأنا حاضرة)
عزيزتي أم فهد..
أتفق معكِ تماماً في مشاعركِ وغضبكِ وضيقكِ ... ومع احترامي للجميع إلا أن الحنان الذي تحدث عنه البعض ليس بالضرورة أن يكون وقت البكاء .. خاصةً إن كان البكاء بدون سبب ولا معنى ..... فالأم يمكنها أن تمنح حنانها لطفلها في مختلف الأوقات والظروف كوقت الاستحمام أو وقت الطعام أو وقت اللعب أو وقت المرض .. أما بكاء الدلع فهو لا يحتاج لحنان .. ولكنه يحتاج لحزم (حتى في الشهور الأولى).
والحقيقة أنني أدرك أن الطفل ليس شريراً ولا يتعمد مضايقة أمه .. ولكنني أؤمن بأنه استغلالي وطماع دون شك .. وهو يدرك نقاط ضعف والدته ويلعب على أوتارها بشكل جيد جداً.
لذلك فإن نصيحتي الدائمة في هذا الشأن هي عدم (الإسراع) للطفل عندما يبدأ في البكاء (بالطبع إن كنت متأكدة من طريقة بكائه أنه لا يعاني من أمرٍ جاد) .. يعني اتركيه يبكي لنصف دقيقة أو دقيقة مثلاً قبل أن تذهبي إليه لتتفقديه.
والنصيحة الأخرى .. لا تحمليه وهو يبكي .. ولكن احمليه بعد أن يتوقف بكاؤه .. فالطفل في النهاية يريد تجاوبكِ معه .. وسبب بكائه هو لفت انتباهكِ وجذبك إليه .. لذلك لا تسمحي له باستخدام البكاء للحصول على مبتغاه .. وهو ذكي لدرجة تسمح له بأن يعي أنكِ ستتجاوبين معه إن كان هادئاً .. وأنه لن يحصل على التجاوب المنشود إن استمر في البكاء.
وشخصياً لي صديقة كانت تخاطب ابنتها ذات (الأربعة شهور) عندما تبدأ في بكاء الدلع وتقول لها: توقفي عن البكاء حتى أحملكِ ..... وتؤكد أن الصغيرة كانت تتوقف عن البكاء بالفعل .. ثم بعد ذلك تحملها أمها.
وبالمناسبة .. حالياً سلطان حفظه الله ينام أحياناً في حضني .. وكذلك ينام معي في سريري .... ولكنه يدرك أن النوم في حضني هو لفترة قصيرة فقط ثم بعد ذلك يذهب لسريره دون مقاومة أو اعتراض .. وهو يدرك أنه ممنوع الاقتراب من سريري إلا بعد ظهور نور الصباح من الشباك وغير مسموح النوم معي إطلاقاً أثناء الليل .. وهكذا أنا أعتبر أنني منحته ما يريد وحققت ما أريد .. وكلانا يحصل على كفايته من النوم براحة وهدوء.
أما بخصوص اللهاية أو المصاصة .. فأنا لا أحبها ولا أؤيد استخدامها كذلك.
وتجربتي الشخصية تقول إن الأم لا ترتاح دائماً إن سمحت لطفلها باستخدامها .. لأنه سيعاود وصلة البكاء كلما وقعت اللهاية من فمه .. وما أكثر ما ستقع
وأذكر أنني كنت خارجة مع ابني سلطان في أحد الأيام .. وطبعاً كان يجلس هو في كرسي السيارة في الخلف وكنت أنا أقود السيارة .. وشاء حظي السيء أن تقع اللهاية من فمه على الأرض وأنا في طريق مزدحم .. وتعالى بكاؤه ثم صراخه وأنا عاجزة لأنني لا أستطيع الوصول إلى اللهاية وأنا في مكاني أمام المقود .... واضطررت بعد حين إلى أن أنزل من السيارة وأتوجه إليه حتى ألتقط له لهايته وأضعها في فمه .. ثم عدت مكاني أمام المقود لأكمل طريقي معتقدة أن الأمور ستكون أكثر هدوءاً .... ولكن وقعت اللهاية مرة أخرى
.. وطبعاً حتى وصلت البيت كان رأسي يكاد ينفجر بسب وصلة البكاء والصراخ التي لم تنتهي طوال الطريق لأنني بالطبع لم أكن مستعدة للنزول من السيارة مرة أخرى من أجل اللهاية!!!!!
ومن يومها قررت قطع العلاقة مع اللهاية تماماً .. وخلال ثلاثة أيام كنا قد تخلصنا منها تماماً ولله الحمد.
أخيراً..
نعم الأمومة تعب دون شك ..... ولكنها ليست تعذيباً.
الحنان مطلب حيوي بالتأكيد .. ولكنه لا يتعارض مع الحزم .. والأم إن لم تكن مرتاحة (إلى حد ما) فإنها لن تتمكن من إراحة طفلها كما يجب.
ومنكن المعذرة.