بسم الله
الرجاء قراءة هذه النصائح لعلها تساعد في تعديل الموازين
وتغيير القناعات ، و الاستعاذة من الشيطان ، والإقبال على طاعة الرحمن
والبر بالوالدة مهما فعلت ، والإحسان إليها حتى لو كفرت ، والتنازل إليها
والجلوس تحت قدميها ، ولا يحصل ذلك إلا بشحنة إيمانية عالية ، هذا جزء منها :
لقد أوصى الله بالوالدين خيراً ، وأمر ببرِّهما وجعل الإحسان إليهما قرين عبادته ، قال تعالى
: { وَقَضَى رَبُكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ..... } [ الإسراء : 23 ] ،
كما جعل شكره قريناً لشكر الوالدين ، قال تعالى :
{ وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَاُلُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ } [ لقمان : 14 ] ،
وفي جعل الشكر لهما مقترناً بالشكر لله دلالة على أن حقَّهما من أعظم الحقوق على الولد وأكبرها وأشدها راجع فتح القدير،
وعكس ذلك فقد جعل الشرك قرين العقوق لهما ، فلقد روى أنس - رضي الله عنه -
أن الكبائر ذُكرت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ...)) رواه البخاري.
ولقد نهى الله عز وجل عن نهرهما بأدنى الكلمات ، وهي : أف ،
ونقل السيوطي عن الديلمي أن الحسن بن علي - رضي الله عنهما -
قال : (( لو علم الله شيئاً من العقوق أدنى من أف لحرّمه )) راجع الدر المنثور.
ولقد أتى بِرُّ الوالدين في المرتبة الثانية بعد الصلاة في محبة الله، لِما رواه ابن مسعود - رضي الله عنه -
قال: (( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم : أي العمل أحب إلى الله ؟ قال : الصلاة على وقتها .
قال ثمَّ أي ؟ قال : ثمَّ بر الوالدين . قال : ثمَّ أي ؟ قال : الجهاد في سبيل الله))رواه البخاري.
والوالدان هما مفتاح الجنة للابن فببرهما يدخل الجنة وبخاصة من أدرك أبويه عند الكبر ،
لما أخرجه مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: (( رغم أنفه ، ثمَّ رغم أنفه ، ثمَّ رغم أنفه . قيل مَنْ يارسول الله ؟ قال :
من أدرك والديه عنده الكبر أحدهما أو كليهما ثمَّ لم يدخل الجنة )) رواه مسلم
ولقد قدَّمَ الرسول صلى الله عليه وسلم برهما على الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإسلام ،
فعن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال
: (( أحيّ والداك ؟ قال نعم . قال : ففيهما فجاهد )) رواه مسلم
ولقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن بر الوالدين سبب لإطالة العمر وزيادة الرزق،
أخرج أحمد في المسند عن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : (( من أحبَّ أن يُمد له في عمره وأن يزاد له في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه )) رواه أحمد 3/293 ،
( ومهما بذل الإنسان من عمل فلن يجزي والده إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه ويعتقه كما
أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم رواه مسلم.
ويؤكد ذلك ما ذكره ابن حجر : أن سليمان بن بريدة روى عن أبيه - رضي الله عنه - :
أن رجلاً كان في الطواف حاملاً أمه يطوف بها ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم : هل أديت حقها ؟
قال : (( ولا بزفرة واحدة )) راجع مختصر زوائد مسند البزار على الكتب الستة ومسند أحمد جزء 2 ، ص 83 .
، وعند البخاري في الأدب المفرد ص 20 أن الذي أجاب السائل هو ابن عمر -
رضي الله عنهما - وليس الرسول صلى الله عليه وسلم
إن بر الوالدين لا يقتصر على الوالد المسلم أو الأم المسلمة ،
بل الابن مطالب ببرهما حتى وإن كانا كافرين ، وليس هذا فحسب ،
بل وإن جاهداه ليشرك بالله فعليه واجب برهما من غير طاعة لهما في الشرك .
روى الإمام مسلم في صحيحه عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص : أنه نزل فيه آيات من القرآن
قال : حلفت أم سعد أن لا تكلمه أبداً حتى يكفر بدينه ، و لا تأكل ولا تشرب ، قالت :
زعمت أن الله وصاك بوالديك وأنا أمك وأنا آمرك بهذا ، قال :
فمكثت ثلاثاً حتى غشي عليها من الجهد ، فقام ابن لها يقال له عمارة ،
فسقاها ، فجعلت تدعو على سعد ، فأنزل الله عز وجل هذه الآية { ووصينا الإنسان بوالديه حُسناً .
وإن جاهداك على أن تشرك بي.... } وفيها : {وصاحبهما في الدنيا معروفا } .. رواه مسلم.
وهذه أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها - تقدم عليها أمها ( قتيلة بنت عبدالعُزَّى ) وهي
كافرة ، فتستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلة له : (( إن أمي قدمت وهي راغبة )) ،
وفي رواية : (( وهي راغمة )) - أي : ساخطة وكارهة للإسلام - (( أفأصل أمي ؟ قال : نعم . صلي أمك ))
رواه البخاري وغيره ونزل قوله تعالى { لا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِيَن لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدّيِنِ ... الآية } [ الممتحنة : 8 ] .
ولا يمنع كُفر الوالدين برَّ الأبناء بهما ، ولا حتى نفاق الوالدين وهو أشد من الكفر ،
ففي الحديث الذي رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - :
(( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ على عبدالله بن أبي سلول وهو في ظل ، فقال :
غبَّر علينا ابن أبي كبشة . فقال ابنه عبدالله بن عبدالله : والذي أكرمك وأنزل عليك الكتاب لئن شئت لآتينك برأسه .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا . ولكن برّ أباك وأحسن صحبته )) الأوسط للطبراني 1/177
ويستمر البرُّ بالوالدين الكافرين حتى بعد مماتهما فعن علي - رضي الله عنه -
أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن أبا طالب مات . فقال له صلى الله عليه وسلم (( اذهب فواره )) .
فقال : إنه مات مشركاً ، فقال : (( اذهب فواره ... )) وفي الحديث أن عليّا - رضي الله عنه -
عاد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما واراه ، فدعا له الرسول صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وصححه الألباني،
وأخذاً من هذا الحديث فإنه يشرع للمسلم أن يتولى دفن قريبه المشرك ، وأن ذلك لا ينافي بغضه إياه لشركه ،
ودفن الولد أبيه المشرك أو أمه المشركة هو آخر ما يملكه الولد من حسن صحبة الوالد المشرك
في الدنيا راجع السلسلة الصحيحة للألباني
والأمر ببرِّ الوالدين ليس مختصاً بهذه الأمة الإسلامية ، بل هو مما كُتب على السابقين
وما ذلك إلا لأهميته ووجوبه ، قال تعالى : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللهَ وبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً ... }
الآية [ البقرة : 83 ] .
اخونا الحبيب و الكبير ابو همام .............. وفقه الله تعالى
جزاك الله خيرا على مجهوداتك وبارك الله لك بوقتك وجهدك ووجودك هو شرف لنا جميعا نعتز بك بالمنتدى
اخوك هااامس