عضو المنتدى الفخري [ وسام العطاء الذهبي لعام 2015 ]
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 4,649
رد: تلاوة كتاب الله ( دورة اقرأ وارتق 2 )
سورة الإنسان سورة مدنية، وهي من المفصلات تعالج السورة أمورًا تتعلقُ بالآخرة ، وبوجه خاص تتحدث عن نعيم المتقين الأبرار في دارِ الخلد والإقامة في جنات النعيم ، ويكاد يكون جوُّ السورةِ هو جوُّ السور المكيةِ لإيحاءاتها وأسلوبها ومواضيعها المتنوعة .
وصلتها بما قبلها، أنه ذكر في السابقة الأهوال التي يلقاها الفجار يوم القيامة، وذكر في هذه ما يلقاه الأبرار من النعيم المقيم في تلك الدار.
سورة الانسان تتحدث عن حقيقة الإنسان وتبين له غايته وهدايته وعاقبته. فمن تدبرها انتفع وارتفع.
اسم هذه السورة الإنسان إذن هي تتحدث عن الإنسان سواء كان رجلًا أو امرأة، هي تتحدث عن الإنسان وعن الدهر
ولو رجعنا إلى أيّ كتاب في التفسير سنجد أن سورة الإنسان تسمى سورة الدهر أيضًا فهي سورة الإنسان وسورة الدهر.
والدهر يعني الزمن فهي تتحدث عن زمن الإنسان كيف يستطيع الإنسان أن يستثمر زمنه في كل دقائقه إلى ما يتمناه لنفسه وإلى ما يرضاه الله عز وجل له فإذن سورة الإنسان من اسمها هي في زمن الإنسان كيف يقضيه كيف يستفيد من دقائقه لأجل أن يحقق أهدافه الدنيوية وأهدافه الأخروية.
في بداية السورة تذكير للإنسان بأصلة بأسلوب بلاغي يأخذ بمجامع القلوب الحية قال تعالى :
(إناخلقنا الإنسان من نطفة أمشاج) أيها الإنسان أعرف أصلك وتخلص من الغرور والكبر من أنت ؟ ما قُدراتك ؟ أين تكمن "قوتك" وأين يختبئ "ضعفك" ؟ لابد لك من معرفة تامة
لأن الإنسان إذا أدرك أصله وتفطن له يزداد تواضعا
وقد اشتملت هذه السورة الكريمة كذلك على أربعة مقاصد:
(1) خلق الإنسان.
(2) جزاء الشاكرين والجاحدين.
(3) وصف الجنة والنار.
(4) أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر وذكر الله والتهجد بالليل.
وجاءت سورة الإنسان من ضمن سور المفصل لتعالج عندنا جانبًا واحدًا من جوانب هذه الحياة.
إذا أردنا أن نقرأ سور القرآن فيجب علينا إحضار القلب واستشعار أن السورة كلام من الله سبحانه وتعالى موجه إلينا ويخصنا بكل أمر أو نهي أو تحفيز وغير ذلك من أسلوب القرآن
يجب فتح القلب مع العقل لتدبر كلام الله. هذه لذة الإنسان في حياته،
إن مكوث المرء مع سورة الإنسان مدة ساعة أو ساعتين يتأمل في آياتها ويتذوق عظيم إعجاز القرآن فيها فإنه يعدل الدنيا بما فيها من النعم لكن ينبغي فتح القلب للسورة. استحضار القلب مع العقل، العقل يتدبر ويتفكر ويدرس ويحلل والقلب يُشحَن إيمانًا ومستعد لتلقي الإيمان من سورة الإنسان.
سورة الإنسان جاءت لتخطط حياتك وتعلمك كيف تستفيد من زمنك وحياتك لتطوّر ذاتك. تطوير الذات جاء في سورة الإنسان والذي يطور ذاتنا هو الذي خلقنا سبحانه وتعالى.
وقد دلت السورة على ان الإنسان كثلة من نقاط الضعف مع آخرى من القوة ولو تأملنا الآيات التي ابتدت بها السورة نجدها تتكلم عن الإنسان والدهر فنبدأ نقرأ :
(هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ﴿١﴾ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ﴿٢﴾ إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ﴿٣﴾) هذه الآيات في أوائل سورة الإنسان تتحدث عن بدأ خلق الإنسان والذي أوجده الله من عدم
يقول الله عز وجل عن هذا الإنسان (هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا) كان عدمًا، لماذا يقول الله عز وجل للإنسان أنه كان عدمًا؟ كوننا لم نوجد أنفسنا وإنما كنا عدمًا ثم أُوجدنا فهذه نقطة ضعف، نحن نحتاج إلى غيرنا ليخلقنا (إِنَّا خَلَقْنَا) هناك خالق وهناك مخلوق، هذه أولى نقاط الضعف في الإنسان.
النقطة الثانية من نقاط الضعف قال الله سبحانه وتعالى (مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ) كون الإنسان من نطفة هذا دليل ضعف في المخلوق ودليل قوة في الخالق سبحانه وتعالى. (أمشاج) هي خليط من ماء الرجل مع ماء المرأة مع شيء من الدم وكلمة (أمشاج) ليست كلمة مدح وإنما كلمة تحقير كأن الله عز وجل يريد أن يغرس في قلب المستمع لهذه الكلمة أن اعرِف قدْرَك! اعرف من أنت حتى لا تتكبر على خالقك.
النقطة الثالثة من نقاط ضعف الإنسان قول الله تعالى (نَبْتَلِيهِ) الله سبحانه وتعالى يقول للإنسان أن الله سبحانه وتعالى ينزّل أقداره سبحانه وتعالى والعبد ليس له إلا أن يستقبل هذه الأقدار، لأنه لا يقدر على دفعها
قد يُخلق أحدنا بشكل معين بطول معين بأسرة معينة يخلق بمواصفات معينة عندما يخرج إلى الدنيا ليس له يد في هذه الاختيارات، الله هو الذي قدّر له فقال الله سبحانه وتعالى (نبتليه) فذكر في بداية سورة الإنسان نقاط الضعف الثلاث في الإنسان 1- لم يكن شيئًا مذكورا، 2- من نطفة أمشاج، 3- نبتليه
لكن الإنسان لم يبق على هذا الضعف وإنما يعلمنا الله سبحانه وتعالى في السورة أن نقاط الضعف اها ما يعادلها من نقاط القوة فينا التي وهبنا الله عز وجل لنا وهي ثلاث نقاط في سورة الإنسان:
وخُتمت السورة بنفس المعنى ،
تأكيد اجتماع الضعف والقوة في الإنسان ، لكنّ قوته طارئةٌ موهوبةٌ ،
للعبد مشيئة (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا)
لكنها تابعة لا مستقلة (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا)
سورة الإنسان تطرقت لتنظم حياة الإنسان من أولها إلى آخرها، تريد أن تكون عالمًا، داعيًا، شيخًا، طبيبًا، مهندسًا، إعلاميًا، أيّا كنت، سورة الإنسان جاءت لتخطط حياتك وتعلمك كيف تستفيد من زمنك وحياتك لتطوّر ذاتك. تطوير الذات جاء في سورة الإنسان والذي يطور ذاتنا هو الذي خلقنا سبحانه وتعالى.
إن الإنسان كثيرا ما يكفر بنعمة الله سبحانه وتعالى وكثيرا ما ينسى أفضال الله سبحانه وتعالى عليه وجاءت سورة الإنسان لتذكرنا بفضائله سبحانه وبعجزنا
ما شيء أفسد على دين المرء .. من حب الدنيا ونسيان الآخرة .. “إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا”
الله هو العدل قبل أن يبتلي الله الإنسان: “فجعلناه سميعا” “بصيرا” “هديناه السبيل”
أجمَلَ عذاب الكافرين وفصّل جزاءالأبرار ليناسب جو الامتنان على الإنسان في خلقه وإكرامه بالسمع والبصر وهدايته وحرية اختياره
لمن يتساءل عن غاية وجوده عليه بتدبر أول السورة:غاية الوجود أمر جدّي وله تبعات وليس مجرد صدفة أو لهو وقتل للوقت والعمر!
القرآن تذكرة في كل حين مهما انحرف الإنسان عن طريق الهدى يذكره القرآن فيعود ويصحح مساره فيقبله الله تعالى