عضو المنتدى الفخري [ وسام العطاء الذهبي لعام 2015 ]
تاريخ التسجيل: Apr 2014
المشاركات: 4,649
رد: تلاوة كتاب الله ( دورة اقرأ وارتق 2 )
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
القصَصُ القرآنيّ من أبلغِ الوسائل لتربية الأفراد والجماعات وفي سورة القصص يمكننا استنباط بعض الفوائد والعبر من رحلة وقصة موسى عليه السلام
إن آيات اللّه تعالى في الأمم السابقة، والعبرة منها ،إنما يستفيد منها ويستنير بها كل من تدبر الآيات وأراد الوصول لطريق الهداية والنجاة ،
في هذِه السورةِ العظيمةِ مواقف وأحداث تحوي العبر لكل من نظر، لقد بين الله تعالى طغيان فرعون وجنوده على بني إسرائيل، وكيف كان يستعبدهم ويتتبع أطفالهم ليذبحهم .
كما بين لنا كيف علا في الأرض وملئها بالفساد وقهر الناس وسبب الهلاك قال الله سبحانه :{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ }[القصص: 4]، وفي آخرِ السّورةِ: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا }[القصص: 83].
في تلك الظروفِ القاسية ولد موسى عليه السلام، ولد والخطر محدق به والموت يتلفت عليه، وها هي ذي أمه خائفة عليه، عاجزة عن حمايته، لا حيلةلها ،تنتظر أن يصل نبؤه للجلادين، وأن ينم عليه، وهنا نزلت الرحمة من الله و لطف اللّه بأم موسى، وألقى في روعها الإيمان والأمان وهون عليها المصيبة ببشارة، أنه سبحلنه سيرد إليها ابنها، ويجعله من المرسلين.
جاء في السورة :{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنْ الْمُرْسَلِينَ} [القصص: 7].
ونستنبط من قصة موسى في هذه السورة أن اللّه إذا قدر على عبده بعض المشاق، فذلك لينال سرورا أعظم من ذلك، أو يدفع عنه شرا أكثر منه، كما قدر على أم موسى ذلك الحزن الشديد، والهم البليغ، الذي هو وسيلة إلى أن يصل إليها ابنها، على وجه تطمئن به نفسها، وتقر به عينها، وتزداد به غبطة وسرورا.
وهنا نجد أن الخوف الطبيعي من الخلق، لا ينافي الإيمان ولا يزيله، كما جرى لأم موسى ولموسى من تلك المخاوف.التي أوردتها السورة
كما أن الإيمان يزيد وينقص, وأن من أعظم ما يزيد به الإيمان، ويتم به اليقين، الصبر عند لابتلاءات، والتثبيت من اللّه، كما قال تعالى. { لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ }
طبعا إن من أعظم نعم اللّه على عبده، تثبيته ، وربط على قلبه عند المخاوف، والشدائد ,وذلك بالتوكل عليه واللجوء إليه
ورغم أن وعد اللّه لأم موسى نافذ لا بد منه- غير أنها لم تهمل فعل الأسباب التي أمر بها، ولا يكون ذلك منافيا لإيمانها بخبر اللّه، وقد بينت السورة كيف انها أرسلت أخته لتقصه وتطلبه.
إن قتل موسى عليه السلام القبطي الكافر أعده ذنبا، واستغفر اللّه منه.لأن قتل النفوس بغير حق يعد من الفساد في الأرض.
كما جاء في السورة : { فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلاَّ أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ} آية 19
وخروج موسى هاربا من بطش فرعون بعدما وصله خبر التآمر عليه ، على وجه التحذير نستدل به على ان تحذير شخص من سوء سيلحقه أو أدى لا يعتبر نميمة بل ربما يكون واجبا ,
وفي رحلته التي لم تكن مخططة وليس له وجهة معينة سلم امره الى الله إذ جاء في السورة :{
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ}آية 22
توضح لنا السورة أن الرحمة بالخلق، والإحسان على من يعرف ومن لا يعرف، من أخلاق: الأنبياء، وأن من الإحسان سقي الماشية الماء، وإعانة العاجز.
وفيها من الدروس حياء البنتين ,ومكافأة من يسدي لك خدمة ,كما فعل الشيخ بدعاء موسى ليجازيه , كذلك جواز الخطبة لابنتك ممن ترى فيه الخير والصلاح
كما أن السورة فيها من الدلالة على رسالة محمد صلى اللّه عليه وسلم، حيث أخبر بذلك تفصيلا من غير ما يعايش الفترة