وتسمى أيضاً سورة (الظلة)؛ لقوله تعالى فيها: {فأخذهم عذاب يوم الظلة} (الشعراء:189). وذكر ابن كثير أنه وقع في "تفسير مالك" المروي عنه، تسميتها (الجامعة).
عالجت السورة أصول الدين من ( التوحيد ، والرسالة ، والبعث ) .
1- ابتدأت السورة بموضوع القرآن العظيم الذي أنزله تعالى هداية للخلق ، وذكرت موقف المشركين منه فقد كذبوا به مع وضوح آياته وسطوع براهينه وطلبوا معجزة أخرى غير القرآن الكريم عناداً واستكباراً، قال تعالى : (طسم {1} تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ {2} إلى قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {9})
لقد أوحى الله عز وجل الى نبيه الكريم يخاطبه عن الكتاب المبين ، ( طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) وان لا يحزن عليهم ولا يهلك نفسه ألا يكونوا مؤمنين ولو يشاء الله لأنزل عليهم من السماء آية قاهرة يظل أعناقهم لها خاضعة لا يملكون معها جدالا , ولا انصرافا عن الإمان وتظل أعناقهم لها خاضعة ، ولكن شاء الله أن تكون أية و معجزة هذه الرسالة الأخيرة هى القرآن الكريم فهو آية عظيمة ومعجزة لا تنتهى عجائبها الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
(فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاء مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُون )
وقص الله جل ثناؤه على نبيه الكريم سبع مشاهد من قصص سبع أنبياء وكل مشهد من المشاهد جاء بأسلوب يختلف عن ما ورد فى ذكرهم من قبل أو من بعد ،
2- تحدثت السورة عن سبع قصص من قصص الرسل الكرام الذين بعثهم الله لهداية البشرية فبدأت بقصة موسى مع فرعون الجبار وانتهت ببيان العظة والعبرة من قصص الأمم الغابرة ، من قوله تعالى وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {10}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {67} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {68})
3- تناولت قصة إبراهيم الخليل عليه السلام وموقفه من أبيه وقومه حيث أقام لهم الأدلة على وحدانية الله تعالى فكذبوه وجحدوا بها ، من قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ {69} إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ {70}) إلى قوله تعالى : (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {103} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {104})
4- تتابعت الآيات في ذكر قصص الأنبياء نوح و هود و صالح ولوط وشعيب عليهم السلام وبينت سنة الله في معاملة المكذبين لرسله ، من قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ {105} إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ ) إلى قوله تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ {189} إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ {190} وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ {191})
سورة الشعراء (الجامعة ) تشمل عدة مشاهد ، يشاهدها المبصرون ، ويتدبرها المتدبرون ، ويتعظ بها المؤمنون ،
و كتاب الله معجزا في بنائه الفكري , وتناسق أجزائه وتكاملها , فلا فلتة فيه ولا مصادفة أبدا فهو معجزة المعجزات اجتمعت فيه اقصى درجات الجمال والسمو والكمال ، و كل توجيهاته وتشريعاته تلتقي وتتناسق وتتكامل مع بعضه البعض ، وكل ذلك يثبت ويؤكد ويجزم أن هذا الخطاب القرآنى وإدارته بهذا الدقة والبراعة إنه من لدن عليما خبير ولا يمكن لأى بشر أن يأتى بمثله أبدا، والسورة الكريمة واضح فيها التهديد والتخويف والإنذار بالعذب حتى لرسول الله كان الخطاب شديد قال تعالى : ( فلا تدعُ مع الله اله أخر فتكون من المُعذّبين )
وتنتهى السورة بهذا التهديد المخيف الذي يلخص موضوع السورة وهذا يخلع قلوبنا
وانظر بداية عرض المشاهد فى سورة الشعراء ( وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين ) ( واتل عليهم نبا إبراهيم ) ( كذبت قوم نوح المرسلين ) ( كذبت قوم عاد المرسلين ) (كذبت ثمود المرسلين ) ( كذبت قوم لوط المرسلين ) ( كذبت أصحاب لئيكة المرسلين )
، وقوله تعالى وتل عليهم نبأ إبراهيم ) أى قصته وأخباره ، خطاب فيه الحزم والشدة لأهل مكة ، وفى سرد قصة نوح وهود وصالح ولوط وشعيب ، سبقت القصة فعلتهم قبل القصة و هى تكذيب المرسلين ( كذبت ) مما يجعلك تتوقع نتيجة التكذيب وهى التعذيب والهلاك واستئصال القوم ، والتعذيب والهلاك لهذه الأمم كان متنوع وكان اشد عذاب كان لقوم لوط .
( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ )
( ترتيب الأنبياء فى سورة الشعراء )
1- موسى عليه السلام
2- إبراهيم عليه السلام
3- نوح عليه السلام
4- هود عليه السلام
5- صالح عليه السلام
6- لوط عليه السلام
7- شعيب عليه السلام
- خُتمت السورة بوعيد الظالمين، وبيان أن عاقبتهم عاقبة وخيمة، وأن ظلمهم شامل، يشمل ظلم أنفسهم بكفرهم بالله وآياته، وشامل أيضاً ظلم الآخرين، وذلك بالاعتداء على حقوق الناس.