موضوعك يا أخي أبا زيد مهم جدا و قد وضعت إصبعك على الداء. منذ كنت صغيرا كان يلفت إنتباهي سلوك معين سواء من زميلاتي في الدراسة أو من مدرساتي, فقد كنت ألحظ أنهن عادة يستعملن العلم الذي تعلمنه كوسيلة مهنية أو أداة دراسية للحصول على شهادة. و كان آخر ما يفكرن فيه هو إستغلال ذلك العلم و فهم المغزى منه في الحياة و محاولة توسيعه و تنويعه و الإستزادة منه. فهن لا يمِلن عادة إلى الترف الفكري و هو مفهوم هام جدا و يساهم بدرجة كبيرة في رقي المجتمعات و تقدم الحضارات. و في الأخير إستنتجت أن السبب في ذلك يعود إلى خلل تربوي لا يقتصر فقط على العالم العربي و إنما في كل العالم مع إختلاف حدة الظاهرة.فالبنت عادة ما تتربى على تقديس الجانب الأنثوي فيها من جمال أو أمومة و لا نجعل القضايا العلمية و الدينية من أولوياتها فهي بالنسبة لها وسيلة و ليست غاية.

إيلاء الجانب الأنثوي إهتمام و تربية الفتاة على الإهتمام به يعتبر من أهم الأولويات و لكن لابد أن نعطي لعقل الفتاة قيمة و نربيها على ضرورة إستغلاله لفائدة الأمة و البشرية جمعاء و لا يكون ذلك إلا بتوسيع أفق إهتمامات المرأة و غرس روح البذل و العطاء في عقليتها حتى ترقى بتفكيرها من الدائرة الضيقة في حدود العائلة إلى دائرة أوسع تظم المجتمع ككل.

للأسف الأسلوب الحالي في التربية عادة ما أدى إلى زرع روح الأنانية في المرأة سواء كانت متعلمة أو جاهلة و ذلك يعود إلى تفكيرها دوما في ضرورة إستعمال جميع الأدوات المتاحة لها - سواء علم أو أنوثة - كوسيلة للنجاح الشخصي و ليس كوسيلة للرقي بالمجتمع ككل.

نأمل أن تتغير أساليب التربية في مجتمعاتنا لتكوين أجيال أكثر و عيا بإشكاليات الأمة بطريقة مدروسة تجعل من المرأة جزء فعال و بناء في المجتمع و ليس عامل تمرد على الدين و العادات المحافظة التي تتميز بها أمة الإسلام .