الفقه الميسر ثم فتاوى العثيمين - الصفحة 11 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

الثقافة الاسلامية صوتيات ومرئيات إسلامية ،حملات دعوية ، أنشطة دينية.

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 06-11-2017, 10:14 AM
  #101
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

القسم الثاني: المحرمات تأقيتاً:
يحرم تأقيتاً عدة نساء يمكن تقسيمهن إلى نوعين:
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض.
النوع الأول: ما يحرم من أجل الجمع:
1 - الجمع بين الأختين، سواء كانتا من النسب أو من الرضاع، وسواء عقد عليهما معاً أو متفرقاً. لقوله تعالى: (وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ) [النساء: 23].
2 - الجمع بين المرأة وعمتها وبين المرأة وخالتها، وبين المرأة وبنت أختها، أو بنت أخيها، أو بنت ابنها، أو بنت ابنتها.
والقاعدة هنا: أن الجمع يحرم بين كل امرأتين لو فرضت إحداهما ذكراً لما جاز له أن يتزوج الأخرى. ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها) (البخاري ومسلم).
وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: (أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نهى أن تنكح المرأة على عمتها، ولا العمة على بنت أخيها، ولا المرأة على خالتها، ولا الخالة على بنت أختها، ولا تنكح الكبرى على الصغرى، ولا الصغرى على الكبرى) (صححه الشيخ الألباني). كما أجمع العلماء على هذا التحريم.
النوع الثاني: ما كان تحريمه لعارض:
1 - يحرم تزوج المعتدة من الغير؛ لقوله تعالى: (وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَه) [البقرة: 235].
2 - يحرم تزوج من طلقها ثلاثاً حتى يطأها زوج غيره، بنكاح صحيح؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ) [البقرة: 230].
3 - يحرم تزوج المحرمة حتى تحل من إحرامها؛ لحديث عثمان - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا يَنْكِحُ المحرم، ولا يُنْكَحُ، ولا يخطب) (رواه مسلم).
4 - يحرم تزوج الكافر بالمرأة المسلمة؛ لقوله تعالى: (وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا) [البقرة: 221].
5 - ويحرم على الرجل المسلم أن يتزوج الكافرة إلا الكتابية، فيجوز له أن يتزوج بها، لقوله تعالى: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) [البقرة: 221]، وقوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ) [المائدة: 5]. يعني: فهن حل لكم.
6 - يحرم على الحر المسلم أن يتزوج الأمة المسلمة، إلا إذا خاف على نفسه الزنى، ولم يقدر على مهر الحرة، أو ثمن الأمة، فيجوز حينئذ تزوج الأمة المسلمة؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ) [النساء: 25] إلى قوله تعالى: (ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) [النساء: 25].
7 - يحرم على العبد المسلم أن يتزوج سيدته؛ لأن العلماء أجمعوا على ذلك، وللمنافاة بين كونها سيدته وكونه زوجاً لها.
8 - يحرم على السيد أن يتزوج مملوكته؛ لأن عقد الملك أقوى من عقد النكاح.

المسألة الثامنة: حكم نكاح الكتابية:
لقد أباح الإسلام نكاح الحرائر من أهل الكتاب؛ لقوله تعالى: (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آَتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [المائدة: 5].
وقد أجمع العلماء على جواز نكاح نساء أهل الكتاب.
ويقصد بأهل الكتاب الذين يجوز نكاح نسائهم: أهل التوراة والإنجيل؛ لقوله تعالى: (أَنْ تَقُولُوا إِنَّمَا أُنْزِلَ الْكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنَا) [الأنعام: 156].
__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 08-11-2017, 09:40 PM
  #102
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الثاني: في الصداق وحقوق الزواج وواجباته، ووليمة العرس،
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الصداق، ومشروعيته، وحكمه:
أ- تعريف الصداق:
لغة: مأخوذ من الصدق خلاف الكذب.
وشرعاً: هو المال الذي وجب على الزوج دفعه لزوجته؛ بسبب عقد النكاح.
وسمي الصداق صداقاً لإشعاره بصدق رغبة باذله في النكاح، ويسمى أيضاً: المهر، والنِّحْلة، والعُقْر.
ب- مشروعيته:
الأصل في مشروعية الصداق الكتاب والسنة والإجماع، كما سيأتي بيانه في الكلام على حكم الصداق.
ج- حكم الصداق:
يجب على الزوج دفع المال بمجرد تمام العقد، ولا يجوز إسقاطه. ودل على هذا قوله تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء: 4]، وقوله تعالى: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) [النساء: 24]. وقوله تعالى: (لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً) [البقرة: 236].
وحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال: أتت امرأة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: إني وهبت نفسي لله ولرسوله، فقال: (مالي في النساء من حاجة)، فقال رجل: زوجنيها، قال: (أعطها ثوباً ... الحديث) (البخاري ومسلم)، وحديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر زعفران، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مَهْيَمْ؟)، - يعني: ما شأنك وما أمرك؟ - فقال: يا رسول الله تزوجت امرأة، فقال: (ما أصدقتها؟) قال: وزن نواة من ذهب، فقال: (بارك الله لك، أولم ولو بشاة) (البخاري ومسلم). وأجمع المسلمون على مشروعية الصداق في النكاح.

المسألة الثانية: حدُّه، وحكمته، وتسميته:
أ- حد الصداق:
لا حد لأقل الصداق ولا أكثره، فكل ما صح أن يكون ثمناً أو أجرة صح أن يكون صداقاً؛ لقوله تعالى: (وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ) [النساء: 24]، فأطلق المال، ولم يقدره بحد معين. ولحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - وفيه أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في المرأة الواهبة نفسها: (أعطها، ولو خاتماً من حديد) (البخاري ومسلم). فدل هذا على جواز أقل ما يطلق عليه مال.
وأما الدليل على أنه يجوز ولو كان كثيراً، فقوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا) [النساء: 20]، والقنطار المال الكثير.
ب- الحكمة من مشروعية الصداق:
الحكمة من تشريع الصداق: هي إظهار صدق رغبة الزوج في معاشرة زوجته معاشرة شريفة، وبناء حياة زوجية كريمة. كما أن فيه إعزازاً للمرأة، وإكراماً لها، وتمكيناً لها من أن تتهيأ للزواج بما تحتاج إليه من لباس ونفقات.
ج- الحكمة في جعل الصداق بيد الرجل:
جعل الإسلام الصداق على الزوج؛ رغبة منه في صيانة المرأة من أن تمتهن كرامتها في سبيل جمع المال الذي تقدمه مهراً للرجل، وهذا يتفق مع المبدأ التشريعي: في أن الرجل هو المكلف بواجبات النفقة، دون المرأة.
د- ملكية الصداق:
الصداق ملك للزوجة وحدها، ولا حق لأحد فيه من أوليائها، وإن كان لهم حق قبضه، إلا أنهم يقبضونه لحسابها وملكها؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا) [النساء: 4]، وقوله تعالى: (فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [النساء: 20].
هـ- تسمية الصداق في العقد:
يسن تسمية الصداق في عقد الزواج وتحديده؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يخل نكاحاً من تسمية المهر فيه، ولأن في تسميته دفعاً للخصومة والنزاع بين الزوجين.
شروط المهر وما يكون مهراً ومالا يكون:
1 - أن يكون مالاً متقوَّماً، مباحاً، مما يجوز تملكه وبيعه والانتفاع به، فلا يجوز بخمر وخنزير ومال مغصوب يعلمانه.
2 - أن يكون سالماً من الغرر، بأن يكون معلوماً معيناً، فلا يصح بالمجهول كدار غير معينة، أو دابة مطلقة، أو ما يثمر شجره مطلقاً، أو هذا العام ونحو ذلك.
وعلى هذا، يصح المهر بكل ما يصلح أن يكون ثمناً، أو أجرة، من عين أو دين أو منفعة معلومة.
ز- تعجيل المهر وتأجيله:
يجوز تعجيل المهر وتأجيله، كله أو بعضه، حسب عرف الناس وعاداتهم، بشرط ألا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، وألا تكون المدة بعيدة جداً؛ لأن ذلك مظنة سقوط الصداق.
المسألة الثالثة: حكم المغالاة في الصداق:
يستحب عدم المغالاة في المهر لما يلي:
1 - حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: (من يُمْنِ المرأة تسهيل أمرها، وقلة صداقها) (حسنه الألباني). واليُمْن: البركة.
2 - عن عمر - رضي الله عنه - أنه قال: (ألا لا تغالوا في صُدُق النساء، فإنه لو كان مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله، كان أولاكم بها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ما أصدق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امرأة من نسائه، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة أوقية، وإن الرجل ليغلي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في قلبه، وحتى يقول كَلِفْتُ فيك عَلَقَ القِرْبة) (قال الألباني: حسن صحيح). عَلَقَ القربة: حبلها الذي تعلق به، فالمراد: تحملت لأجلك كل شيء حتى علق القربة
3 - وعن أبي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صداق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فقالت: اثنتي عشرة أوقية ونَشّاً. قالت: أتدري ما النشُّ؟ قلت: لا أدري. قالت: نصف أوقية. (رواه مسلم)


__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 11-11-2017, 11:40 AM
  #103
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة الرابعة: الحقوق الزوجية:
إذا وقع عقد النكاح صحيحاً ترتب عليه كثير من الحقوق بين الزوجين، وهي:
أولاً: حقوق الزوجة:
للزوجة على زوجها حقوق مالية كالصداق والنفقة، وحقوق معنوية غير مالية، كالعدل، وإحسان العشرة، وطيب المعاملة. وتفصيل ذلك على النحو التالي:
1 - المهر: وهو حق للزوجة على زوجها؛ لقوله تعالى: (وَآَتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً) [النساء: 4]، وغير ذلك من الأدلة التي سبق ذكرها.
2 - النفقة والكسوة والسكنى: فيجب على الزوج تحصيلها للمرأة؛ لقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 233]. ولقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) [النساء: 34].
ولحديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله ما حق الزوجة؟ فقال: (أن تطعمها إذا طعمت، وأن تكسوها إذا اكتسيت) (صححه الألباني).
ولحديث جابر رضي الله عنه في خطبة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وفيه: (ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف) (رواه مسلم).
3 - إعفاف الزوجة بالجماع؛ مراعاة لحقها ومصلحتها في النكاح، ودفعاً للفتنة عنها، لعموم قوله تعالى: (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه) [البقرة: 222].
وقوله تعالى: (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ) [البقرة: 223] ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وفي بُضْع أحدكم صدقة) (أخرجه مسلم) يعني: الجماع.
4 - حسن مَعاشرتها، ومعاملتها بالمعروف؛ لقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19] فيكون حَسَنَ الخلق مع زوجته رفيقاً بها، صابراً على ما يصدر منها، محسناً للظن بها. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خيركم خيركم لأهله) (صححه الألباني).
5 - العدل بين نسائه في المبيت والنفقة، لمن كانت له أكثر من زوجة؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً…) [النساء: 3]. وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تسع نسوة، فكان إذا قسم بينهن لا ينتهي إلى المرأة الأولى إلا في تسع ... ) (أخرجه مسلم).
ثانياً: حق الزوج:
وحق الزوج على زوجته أعظم من حقها عليه؛ لقوله سبحانه (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) [البقرة: 228]، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله، حتى تؤدي حق زوجها عليها كله) (صحح الألباني إسناده على شرط مسلم).
ومن حقوق الزوج على زوجته:
1 - حفظ سره وعدم إفشائه لأحد؛ لقوله تعالى: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34].
2 - وجوب طاعته في المعروف؛ لقوله تعالى: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34].
3 - تمكينه من نفسها إذا دعاها إلى فراشه، ما لم يكن هناك مانع شرعي؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت أن تجيء، فبات غضبان عليها، لعنتها الملائكة حتى تصبح) (البخاري ومسلم).
4 - المحافظة على بيته وماله وأولاده وحسن تربيتهم، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ... والمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسؤولة عن رعيتها) (البخاري ومسلم). وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ولكم عليهن أن لا يُوْطئن فرشكم أحداً تكرهونه) (رواه مسلم).
5 - المعاشرة بالمعروف، وحسن الخلق، وكف الأذى عنه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قَاتَلَكِ الله، فإنما هو دخيل يوشك أن يفارقك إلينا) (صححه الألباني). والدخيل: الضيف والنزيل.
ثالثاً: الحقوق المشتركة بين الزوجين:
أغلب الحقوق الماضي ذكرها حقوق مشتركة بين الزوجين، وبخاصة حق الاستمتاع، وما يتبعه من حقوق، وكذا تحسين كل من الزوجين خلقه لصاحبه، وتحمل أذاه ومعاشرته بالمعروف، فلا يماطله بحقه ولا يَتَكَرَّهُ لبذله، ولا يتبعه أذىً ومنةً؛ لقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [النساء: 19]، وقوله سبحانه وتعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) [البقرة: 228]، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (خيركم خيركم لأهله) (تقدم تخريجه).
كما يسن للزوج إمساك زوجته حتى مع كراهته لها؛ لقوله تعالى: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) [النساء: 19].
المسألة الخامسة: إعلان النكاح:
يسن إعلان النكاح، وإظهاره، وإشاعته، والضرب عليه بالدف؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (فصل ما بين الحرام والحلال الصوت، والدف في النكاح) (حسنه الألباني)، ويكون الضرب بالدف للنساء دون الرجال، شرط ألا يصحب ذلك فحش في القول، أو ما يخالف الشرع.

المسألة السادسة: الوليمة في النكاح:
الوليمة: طعام العرس يدعى إليه الناس ويجمعون.
ويسنُّ عمل وليمة للنكاح؛ لحديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أنه تزوج امرأة فقال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أوْلِمْ ولو بشاة) (البخاري ومسلم)، و (أولم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على زينب رضي الله عنها بخبز ولحم) (البخاري ومسلم)، و (أولم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على بعض نسائه بمدين من شعير) (البخاري).
المسألة السابعة: حكم إجابة دعوة وليمة العرس:
يجب على من دعي لوليمة عرس أن يجيب؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إذا دعي أحدكم إلى الوليمة فليأتها) (البخاري ومسلم)، وحديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله) (مسلم).
شروط إجابة دعوة وليمة العرس:
1 - أن تكون هي الوليمة الأولى، فإن أولم في أكثر من يوم استحب في الثاني، وكره في الثالث؛ لحديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة. ومن سَمَّعَ سمع الله به) (ضعفه الألباني).
2 - أن يكون الداعي مسلماً؛ فلا تجب إجابة دعوة الكافر.
3 - أن يكون الداعي من غير العصاة المجاهرين بالمعصية، وألا يكون ظالماً أو صاحب مال حرام.
4 - أن تكون الدعوة معينة؛ فإن دعاه في جمع فلا تجب الإجابة.
5 - أن يكون القصد من الدعوة التودد والتقرب، فإن دعاه لخوف منه، أو طمع في جاه، فلا تجب الإجابة.
6 - ألا يكون في الوليمة منكر، كخمر وغناء ومعازف واختلاط رجال بنساء، فإن وجد شيء من ذلك فلا تجب الدعوة؛ لحديث جابر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر) (صححه الألباني). فإن كان المدعو يستطيع إزالة المنكر بحضوره وجب عليه الحضور، وإجابة الدعوة، وإزالة المنكر؛ لحديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) (مسلم).




__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 12-11-2017, 01:37 PM
  #104
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الثالث: في الخلع،
وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته:
أ- تعريف الخلع:
الخُلْعُ لغة: مأخوذ من خلع الثوب؛ لأن كلاً من الزوجين لباس للآخر.
وشرعاً: فُرْقَةٌ تجري بين الزوجين على عوض تدفعه المرأة لزوجها، بألفاظ مخصوصة.
ب- مشروعية الخلع:
الخلع مشروع؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة: 229].
ولحديث ابن عباس رضي الله عنهما: أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقالت: يا رسول الله ثابت بن قيس ما أعتب عليه في خلق ولا دين، ولكني أكره الكفر في الإسلام. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أَتَرُدِّينَ عليه حديقته؟)، قالت: نعم. فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اقبل الحديقة، وطلقها تطليقة) (رواه البخاري). أي: أنها تكره الوقوع في كفران العشير، والتقصير في حقه عليها وما يجب له، وذلك لشدة بغضها إياه، لا لعيب عليه في خلق ولا دين.

المسألة الثانية: الأحكام المتعلقة به، والحكمة منه:
أ- أحكام الخلع:
تتلخص أحكام الخلع في الآتي:
1 - أن الخلع جائز لسوء العشرة بين الزوجين، ولا يقع إلا بعوض مالي، تفرضه الزوجة للزوج.
2 - لا يقع من غير الزوجة الرشيدة؛ لأن غير الرشيدة لا تملك التصرف لنقص الأهلية.
3 - إذا خالع الرجل امرأته ملكت المرأة بذلك أمر نفسها، ولم يبق للزوج عليها من سلطان، ولا رجعة له عليها.
4 - لا يلحق المخالعة طلاق، أو ظهار، أو إيلاء، أثناء عدتها من زوجها الذي خالعها، لأنها تصير أجنبية عن زوجها.
5 - يجوز الخلع في الحيض والطهر الذي جامعها فيه؛ لعدم الضرر عليها بذلك، فإن الله سبحانه أطلقه، ولم يقيده بزمن دون زمن.
6 - يحرم على الرجل أن يؤذي زوجته ويمنعها حقوقها، حتى يضطرها إلى خلع نفسها؛ لقوله تعالى: (وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [النساء: 19].
7 - يكره للمرأة ويحظر عليها مخالعة زوجها مع استقامة الحال ودون سبب يقتضيه، كأن يكون الزوج معيباً في خَلْقِهِ ولم تطق المرأة البقاء معه، أو كان سَيِّئاً في خُلُقِهِ، أو خافت ألا تقيم حدود الله.
ب- الحكمة من مشروعية الخلع:
من المعلوم أن الزواج ترابط بين الزوجين وتعاشر بالمعروف. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) [الروم: 21].
فهذه ثمرة النكاح، فإذا لم يتحقق هذا المعنى، فلم توجد المودة من الطرفين أو لم توجد من الزوج وحده، فساءت العشرة، وتعسَّر العلاج، فإن الزوج مأمور بتسريح الزوجة بإحسان؛ لقوله تعالى: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 229]. فإذا وجدت المحبة من جانب الزوج دون الزوجة بأن كرهت خُلُق زوجها، أو كرهت نقص دينه، أو خافت إثماً بترك حقه، فإنه في هذه الحالة يباح للمرأة طلب فراقه على عوض تبذله له، وتفتدي به نفسها؛ لقوله تعالى: (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) [البقرة: 229].

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 15-11-2017, 11:49 AM
  #105
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الرابع: في الطلاق،
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: معناه، وأدلة مشروعيته، وحكمته:
أ- تعريف الطلاق:
الطلاق لغة: التخلية، يقال: طَلَقَت الناقة إذا سرحت حيث شاءت.
وشرعاً: حل قيد النكاح أو بعضه.
ب- مَن يصح طلاقه:
يصح إيقاع الطلاق من الزوج البالغ العاقل المميز المختار الذي يعقله، أو من وكيله، فلا يقع طلاق غير الزوج، ولا الصبي، ولا المجنون، ولا السكران، ولا المكره، ولا الغضبان غضباً شديداً لا يدري معه ما يقول.
ج- مشروعية الطلاق:
الأصل في الزواج استمرار الحياة الزوجية بين الزوجين، وقد شرع الله تعالى أحكاماً كثيرة وآداباً جمّة في الزواج لاستمراره، وضمان بقائه. إلا أن هذه الآداب قد لا تكون مرعيَّة من قبل الزوجين أو أحدهما، فيقع التنافر بينهما حتى لا يبقى مجال للإصلاح، فكان لابد من تشريع أحكام تؤدي إلى حل عقدة الزواج على نحو لا تهدر فيه حقوق أحد الزوجين، ما دامت أسباب التعايش قد باتت معدومة فيما بينهما.
والطلاق مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب: فقد قال تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 229]. وقال عز وجل: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1] ومن السنة: حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أنه طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعمر: (ليراجعها، فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها) (البخاري ومسلم). وأجمع علماء الأمة على جواز الطلاق ومشروعيته.
د- حكمة مشروعيته:
شرع الطلاق لأن فيه حلاً للمشكلات الزوجية عند الحاجة إليه، وبخاصة عند عدم الوفاق، وحلول البغضاء التي لا يتمكن الزوجان معها من إقامة حدود الله، واستمرار الحياة الزوجية، وهو بذلك من محاسن الدين الإسلامي.

المسألة الثانية: حكم الطلاق، وبيد من يكون؟
الأصل في الطلاق أن يكون جائزاً، مباحاً، عند الضرورة والحاجة إليه؛ كسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، ويكره من غير حاجة إليه؛ لإزالته النكاح المشتمل على المصالح المندوب إليها: من إعفاف نفسه، وطلب النسل، وغير ذلك.
ويحرم الطلاق في بعض الأحوال، كما سيأتي بيانه في الكلام على الطلاق البدعي، وقد يكون واجباً على الشخص؛ كما لو علم بفجور زوجته وتبين زناها، لئلا يكون ديوثاً، ولئلا تُلْحق به ولداً من غيره، وكذا لو كانت الزوجة غير مستقيمة في دينها، كما لو كانت تترك الصلاة، ولم يستطع تقويمها.

المسألة الثالثة: ألفاظ الطلاق:
وألفاظ الطلاق تنقسم إلى قسمين:
1 - ألفاظ صريحة: وهي الألفاظ الموضوعة له، التي لا تحتمل غيره، وهي لفظ الطلاق وما تصرَّف منه، من فعل ماض، مثل: طلَّقتك، أو اسم فاعل، مثل: أنت طالق، أو اسم مفعول، مثل: أنت مطلقة. فهذه الألفاظ تدل على إيقاع الطلاق، دون الفعل المضارع أو الأمر، مثل: تطلقين واطلقي.
2 - ألفاظ كنائية: وهي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره، مثل قوله لزوجته: أنت خلية، وبرية، وبائن، وحبلك على غاربك، والحقي بأهلك، ونحوها.
والفرق بين الألفاظ الصريحة وألفاظ الكناية في الطلاق: أن الصريحة يقع
بها الطلاق ولو لم ينوه، سواء كان جادّاً أو هازلاً أو مازحاً؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة) (حسَّنه الشيخ الألباني). وأما الكناية فلا يقع بها طلاق، إلا إذا نواه نية مقارنة للفظه؛ لأن هذه الألفاظ تحتمل الطلاق وغيره، فلا يقع إلا بنيته، إلا إذا وجدت قرينة تدل على أنه نواه، فلا يصدق قوله.

المسألة الرابعة: طلاق السنة وحكمه:
أ- طلاق السُّنَّة:
يقصد بطلاق السنة: الطلاق الذي أذن فيه الشارع، وهو الواقع طبقاً لتعاليم الشريعة الإسلامية، ويكون ذلك بأمرين:
1 - عدد الطلاق. 2 - حال إيقاعه.
فالسنة إذا اضطر الزوج إلى الطلاق: أن يطلق طلقة واحدة في طهر لم يجامعها فيه، ويتركها فلا يتبعها طلاقاً آخر حتى تنقضي عدتها؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1]، أي: في الوقت الذي يَشرعن فيه في استقبال العدة وهو الطهر، إذ زمن الحيض لا يحسب من العدة.
قال ابن عمر وابن عباس وجماعة في هذه الآية: الطهر من غير جماع (انظر: تفسير ابن كثير).
ب- حكم طلاق السنة:
أجمع العلماء على أن طلاق السنة واقع؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1]، أي في زمن الطهر.

المسألة الخامسة: الطلاق البدعي وحكمه:
أ- الطلاق البدعي:
هو الطلاق الذي يوقعه الرجل على الوجه المحرم الذي نهى عنه الشارع،
ويكون بأحد أمرين:
1 - عدد الطلاق. 2 - حال إيقاعه.
فإن طلقها ثلاثاً بلفظ واحد، أو متفرقات في طهر واحد، أو طلقها وهي حائض أو نفساء، أو طلقها في طهر جامعها فيه، ولم يتبيَّن حملها، فإن هذا طلاق بدعيُّ محرمٌ، منهيٌّ عنه شرعاً، وفاعله آثم.
فالطلاق البدعي في العَدَد يحرمها عليه حتى تنكح زوجاً غيره، لقوله تعالى: (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) [البقرة: 230]. -يعني الثالثة- والطلاق البدعي في الوقت يستحب له مراجعتها منه؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض، فأمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمراجعتها (البخاري ومسلم). وإذا راجعها وجب عليه إمساكها حتى تطهر، ثم إن شاء طلقها، وإن شاء أمسكها.
ب- حكم الطلاق البدعي:
يحرم على الزوج أن يطلق طلاقاً بدعياً، سواء في العدد أو الوقت؛ لقوله تعالى: (الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة: 229]، وقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) [الطلاق: 1]، أي: طاهرات من غير جماع، ولأن ابن عمر رضي الله عنهما لما طلق زوجته وهي حائض، أمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمراجعتها.
ويقع الطلاق البدعي كالسُّنيّ؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر ابن عمر بمراجعة زوجته، ولا تكون الرجعة إلا بعد وقوع الطلاق، وحينئذ تحسب هذه التطليقة من طلاقها.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 16-11-2017, 11:33 AM
  #106
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة السادسة: الرَّجْعة:
أ- تعريفها: لغة: المرة من الرجوع. وشرعاً: إعادة زوجته المطلقة طلاقاً غير بائن إلى ما كانت عليه قبل الطلاق بدون عقد.
ب- مشروعيتها: دلَّ على مشروعية الرجعة الكتاب والسنة والإجماع. أما الكتاب فقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً) [البقرة: 228] وقوله تعالى: (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) [البقرة: 231] أي بالرجعة.
وأما السنة: فحديث ابن عمر الماضي ذكره، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مره فليراجعها) وأجمع العلماء على أنَّ من طلق دون الثلاث فإن له الرجعة في العدة.
ج- الحكمة منها: الحكمة من الرجعة إعطاء الزوج الفرصة إذا ندم على إيقاع الطلاق وأراد استئناف العشرة الزوجية، فيجد الباب مفتوحاً أمامه، وهذا من رحمة الله -عز وجل- بعباده ولطفه بهم.
د- شروطها: تصح الرجعة بشروط، وهي:
1 - أن يكون الطلاق دون العدد الذي يملكه الزوج، وهو ثلاث تطليقات للحر واثنتان للعبد، فإن استوفى عدد الطلاق لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
2 - أن تكون المطلقة مدخولاً بها؛ لأن الرجعة لا تكون إلا في العدة وغير المدخول بها لا عدة عليها؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا) [الأحزاب: 49].
3 - أن يكون الطلاق بغير عوض؛ لأن العوض في الطلاق جعل لتفتدي المرأة نفسها من الزوج، ولا يحصل لها ذلك مع الرجعة، فلا تحل إلا بعقد جديد برضاها.
4 - أن يكون النكاح صحيحاً، فلا رجعة إذا طلق في نكاح فاسد. فإذا لم يصح الزواج لم يصح الطلاق؛ لأنه فرعه، وإذا لم يصح الطلاق، لم تصح الرجعة.
5 - أن تكون الرجعة في العدة، لقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ) [البقرة: 228] أي: في العدة.
الباب الخامس: في الإيلاء
1 - تعريف الإيلاء، ودليله:
أ- تعريف الإيلاء:
الإيلاء لغة: مأخوذ من الأليَّة بمعنى اليمين، يقال: آلى فلان يُولي إيلاءً وأليَّة أي: أقسم.
وشرعاً: أن يحلف زوج بالله أو بصفة من صفاته -وهو قادر على الوطء- على ترك وطء زوجته في قبلها أبداً، أو أكثر من أربعة أشهر.
ب- دليله:
قوله تعالى: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [البقرة: 226، 227].
2 - شروط الإيلاء:
أ- أن يكون من زوج يمكنه الوطء، فلا يصح من عاجز عن الوطء لمرض لا يرجى برؤه، أو شلل، أو جبّ كامل.
ب- أن يحلف بالله أو صفة من صفاته، لا بطلاق أو عتق أو نذر.
ج- أن يحلف على ترك الوطء أكثر من أربعة أشهر.
د- أن يحلف على ترك الوطء في القُبل -الفرج-، فلو حلف على ترك الوطء في الدبر لم يكن مولياً؛ لأنه لم يترك الوطء الواجب.
هـ- أن تكون الزوجة ممن يمكن وطؤها، أما المرأة المتعذر وطؤها كالرَّتقاء والقَرْنَاء ، فلا يصح الإيلاء منها.
الرتقاء : هي التي انضم فرجها والتصق فلا يمكن جماعها، من الرتق: ضد الفتق.
القَرْنَاء: هي المرأة التي في فرجها مانع يمنع من ولوج الذكر فيه، إما غدّة غليظة، أو لحمة ملتصقة، أو عظم
3 - حكمه:
الإيلاء محرم في الإسلام؛ لأنه يمين على ترك واجب، فإذا أقسم الزوج على عدم جماع زوجته أبداً أو أكثر من أربعة أشهر فهو مولٍ، فإن حصل منه وطء لها وتكفير عن يمينه قبل انتهاء الأربعة أشهر فقد فاء، أي: رجع إلى فعل ما تركه، والله يغفر له ما حصل منه، وان أبى أن يطأ بعد مضي المدة، وطلبت المرأة ذلك منه، فإن الحاكم يأمره بأحد أمرين:
1 - الرجوع عن يمينه ووطء زوجته، ويكفر عن اليمين.
2 - أو الطلاق، إن أبى إلا التمسك بيمينه.
فإن رفض الأمرين السابقين فإن القاضي يطلق عليه، أو يفسخ؛ لأنه يقوم مقام المولي عند امتناعه، والطلاق تدخله النيابة. فإن انقضت مدة الإيلاء، وبأحد الزوجين عذر يمنع الجماع، أمر الزوج أن يفيء بلسانه فيقول: متى قدرت جامعتك؛ لأن القصد بالفيئة تَرْكُ ما قصده من الإضرار بها. وألحق الفقهاء بالمولي في هذه الأحكام مَنْ ترك وطء زوجته إضراراً بها بلا يمين، أكثر من أربعة أشهر، وهو غير معذور.
4 - من أحكام الإيلاء:
- ينعقد الإيلاء من كل زوج يصح طلاقه، مسلماً كان أم كافراً، حراً أم عبداً، ومن الغضبان والمريض، ومن الزوجة التي لم يدخل بها؛ لعموم الآية.
- في هذا التشريع الحكيم من الله سبحانه -بأمر المولي بالوطء أو الطلاق- إزالة للظلم والضرر عن المرأة، وإبطال لما كانوا عليه في الجاهلية من إطالة مدة الإيلاء.
- لا ينعقد الإيلاء من مجنون، ومغمى عليه؛ لعدم تصورهما ما يقولان، فالقصد معدوم منهما.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 18-11-2017, 03:18 PM
  #107
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب السادس: في الظهار
1 - تعريف الظهار وحكمه:
أ- تعريف الظهار:
الظهار لغة: مأخوذ من الظهر.
وشرعاً: أن يُشَبِّه الرجل زوجته في الحرمة بإحدى محارمه، بنسب، أو رضاع أو مصاهرة، أو ببعضها، فيقول الرجل إذا أراد الامتناع عن الاستمتاع بزوجته: أنت عليَّ كظهر أمي، أو أختي أو غيرهما، فمتى فعل ذلك فقد ظاهر من امرأته.
ب- حكمه:
الظهار حرام؛ لقوله تعالى: (الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْكُمْ مِنْ نِسَائِهِمْ) إلى قوله تعالى: (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا) [المجادلة: 2]. وكان الظهار طلاقاً في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أنكره واعتبره يميناً مكفرة؛ رحمة من الله سبحانه وتيسيراً على عباده.
فيحرم عل المظاهر والمظاهر منها استمتاع كل منهما بالآخر -بجماع ودواعيه، كالقبلة، والاستمتاع بما دون الفرج- قبل التكفير؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا) [المجادلة: 3]. وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمظاهر: (لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله به) (حسَّنه الشيخ الألباني).
2 - كفارة الظهار:
كفارة الظهار مرتبة على النحو الآتي:
أ- عتق رقبة مؤمنة، سليمة من العيوب.
ب- فإن لم يجد الرقبة أو لم يجد ثمنها، صام شهرين قمريين متتابعين، لا يفصل بين الشهرين إلا بصوم واجب كصوم رمضان، أو إفطار واجب كالإفطار للعيد وأيام التشريق، والإفطار للمرض والسفر.
ج- فإن لم يستطع الصوم، فيطعم ستين مسكيناً لكل مسكين مد من البر، أو نصف صاع من غيره، من قوت البلد؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا …) الآيتين [المجادلة: 3، 4]. ولحديث سلمة بن صخر البياضي لما جعل امرأته عليه كظهر أمه أمره النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فالإطعام (صححه الشيخ الألباني).
فإن جامع المظاهر قبل أن يكفِّر كان آثماً عاصياً، ولا تلزمه إلا كفارة واحدة، وتبقى الكفارة معلقة في ذمته حتى يُكَفِّر، وتحريم زوجته عليه باق أيضاً حتى يكفِّر.
الباب السابع: في اللعان،
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف اللعان، ودليل مشروعيته، وحكمته:
1 - تعريف اللعان:
اللعان لغة: مصدر لاعَنَ، مأخوذ من اللعن وهو الطرد والإبعاد.
وشرعاً: شهادات مؤكدات بالأيمان، مقرونة باللعن من جهة الزوج وبالغضب من جهة الزوجة، قائمة مقام حد القذف في حق الزوج، ومقام حد الزنى في حق الزوجة. وسُمِّي اللعان بذلك؛ لقول الرجل في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ولأن أحدهما كاذب لا محالة، فيكون ملعوناً.
2 - دليل مشروعية اللعان:
يستدل على تشريع اللعان بقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ .. ) الآيات [النور: 6 - 10].
وبحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - أن رجلاً من الأنصار جاء إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً أيقتله أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين. فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (قد قضى الله فيك وفي امرأتك) قال: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد.
وفي رواية: فتلاعنا، وأنا مع الناس عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (متفق عليه).
3 - الحكمة من مشروعية اللعان:
والحكمة من مشروعية اللعان للزوج: ألاّ يلحقه العار بزناها، ويفسد فراشه، ولئلا يلحقه ولد غيره، وهو لا يمكنه إقامة البينة عليها في الغالب، وهي لا تقر بجريمتها، وقوله غير مقبول عليها، فلم يبق سوى حلفهما بأغلظ الأيمان، فكان في تشريع اللعان؛ حلاً لمشكلته، وإزالة للحرج، ودرءاً لحد القذف عنه، ولما لم يكن له شاهد إلا نفسه مُكِّنت المرأة أن تعارض أيمانه بأيمان مكررة مثله، تدرأ بها الحد عنها، وإلا وجب عليها الحد. وإن نكل (النكول: القعود والنكوص والامتناع.) الزوج عن الأيمان وجب عليه حد القذف، وإن نكلت هي بعد حلفه صارت أيمانه مع نكولها بَيِّنَةً قوية، لا معارض لها، ويقام عليها الحد حينئذ.

المسألة الثانية: شروطه وكيفيته:
1 - شروط صحة اللعان:
1 - أن يكون بين زوجين مكلفين (بالغين عاقلين)؛ لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ) [النور: 6].
2 - أن يقذف الرجل امرأته بالزنى، كقوله: يا زانية، أو: رأيتك تزنين، أو: زنيت.
3 - أن تُكَذِّبَ المرأة الرجل في قذفه هذا، ويستمر تكذيبها له إلى انقضاء اللعان.
4 - أن يتم اللعان بحكم حاكم.
2 - كيفية اللعان وصفته:
صفة اللعان: أن يقول الزوج عند الحاكم أمام جَمْع من الناس: أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميت به زوجتي فلانة من الزنى، يقول ذلك أربع مرات، ويشير إليها إن كانت حاضرة، ويسمِّيها إن كانت غائبة بما تتميز به. ثم يزيد في الشهادة الخامسة -بعد أن يعظه الحاكم ويحذره من الكذب-: وعليَّ لعنة الله، إن كنت من الكاذبين.
ثم تقول المرأة أربع مرات: أشهد بالله لقد كذب فيما رماني به من الزنى، ثم تزيد في الشهادة الخامسة: وأن غضب الله عليها إن كان من الصادقين.
لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ) [النور: 6 - 9].

المسألة الثالثة: الأحكام المترتبة على اللعان:
إذا تم اللعان فإنه يترتب عليه ما يأتي:
1 - سقوط حد القذف عن الزوج.
2 - ثبوت الفرقة بين الزوجين، وتحريمها عليه تحريماً مؤبداً، ولو لم يفرق الحاكم بينهما.
3 - ينتفي عنه نسب ولدها ويلحق بالزوجة، ويتطلب نَفْيُ الولد ذِكْرَه صراحة في اللعان، كقوله: "أشهد بالله إني لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنى، وما هذا بولدي". لحديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لاعن بين رجل وامرأته ففرق بينهما، وألحق الولد بالمرأة (البخاري ومسلم).
3 - وجوب حد الزنى على المرأة، إلا أن تلاعن هي أيضاً؛ فإن نكولها عن الأيمان مع أيمانه بينةٌ قوية، توجب إقامة الحد عليها.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 19-11-2017, 09:42 AM
  #108
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب الثامن: في العدة والإحداد،
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف العدة ودليل مشروعيتها، والحكمة منها:
1 - تعريف العِدَّة:
العِدَّةُ لغة: اسم مصدر من عَدَّ يَعُدُّ، عَدّاً، وهي مأخوذة من العَدَد والإحصاء؛ لاشتمالها عليه من الأقراء والأشهر.
وشرعاً: اسم لمدة معينة تتربصها المرأة؛ تعبداً لله عز وجل، أو تفجعاً على زوج، أو تأكداً من براءة رحم.
والعدة من آثار الطلاق، أو الوفاة.
2 - دليل مشروعية العدة:
الأصل في وجوب العدة ومشروعيتها: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) [البقرة: 228]. وقوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق: 4]. وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا) [البقرة: 234].
وأما السنة: فحديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه -: (أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نُفِسَت (ولدت) بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت) (البخاري)، وغير ذلك من الأحاديث.
3 - الحكمة من مشروعية العدة:
الحكمة من ذلك: استبراء رحم المرأة من الحمل؛ لئلا يحصل اختلاط الأنساب. وأيضاً: إتاحة الفرصة للزوج المُطَلِّق ليراجع نفسه إذا ندم، وكان طلاقه رجعياً. وأيضاً: صيانة حق الحمل إذا كانت المفارقة عن حمل.
المسألة الثانية: أنواع العدة:
تنقسم عدة المرأة إلى قسمين:
1 - عدة وفاة. 2 - عدة فراق.
أولاً: عدة الوفاة:
هي عدة تجب على من مات عنها زوجها، ولا يخلو الحال فيها من أمرين:
- إما أن تكون حاملاً.
- أو تكون غير حامل.
فإن كانت حاملاً: فعدتها تنتهي بوضع الحمل ولو بعد ساعة من وفاة زوجها؛ لقوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق: 4].
ولحديث المسور بن مخرمة - رضي الله عنه - (أن سبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاستأذنته أن تنكح، فأذن لها، فنكحت) (تقدم تخريجه).
وإن كانت غير حامل: فعدتها أربعة أشهر وعشرة أيام، وهذه تعتد مطلقاً سواء أدخل بها الزوج، أم لم يدخل. لعموم قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [البقرة: 234]، ولم يرد ما يخصص هذه الآية.
ثانياً: عدة الفراق:
هي العدة التي تجب على المرأة التي فارقت زوجها بفسخ، أو طلاق، أو خلع بعد الوطء، ولا يخلو الحال فيها من أمور:
- أن تكون حاملاً.
- أن تكون غير حامل.
- لا ترى الحيض لصغر، أو آيسة لكبر.
فإن كانت حاملاً: فعدتها تنتهي بوضع الحمل؛ لعموم قوله تعالى: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) [الطلاق: 4].
وإن كانت غير حامل وهي من ذوات الحيض: فعدتها بمرور ثلاثة أطهار بعد الفراق؛ لقوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ) [البقرة: 228].
وإن كانت لا ترى الحيض بأن كانت صغيرة أو آيسة لكبر سن: فعدتها تنتهي بمرور ثلاثة أشهر على فراقها. لقوله تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) [الطلاق: 4].
حكم المطلقة قبل الدخول بها:
إذا فارق الزوج زوجته بفسخ أو طلاق قبل الدخول بها فلا عدة عليها؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا) [الأحزاب: 49]. ولا فرق بين الزوجات المؤمنات، والكتابيات، في هذا الحكم باتفاق أهل العلم، وذكر المؤمنات هنا من باب التغليب.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 20-11-2017, 10:25 AM
  #109
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

المسألة الثالثة: التزامات العدة، وما يترتب عليها:
أولا - عدة الطلاق:
إذا كانت المرأة معتدة من زوجها عدة طلاق، فلا يخلو الحال من أمرين:
- أن يكون طلاقها رجعياً.
- أن يكون طلاقها بائناً.
أولاً: المعتدة من طلاق رجعي:
يترتب للمعتدة من طلاق رجعي ما يلي:
1 - وجوب السكنى لها مع الزوج إذا لم يكن هناك مانعٌ شرعيٌ.
2 - وجوب النفقة لها من مؤنة، وكسوة، وغير ذلك.
3 - يجب عليها ملازمة السكن ولا تفارقه إلا لضرورة؛ لقوله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ... ) [الطلاق: 6]، ولقوله تعالى: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الطلاق: 1].
4 - يحرم عليها التعرض لخطبة الرجال؛ إذ هي حبيسة على زوجها، فهي في حكم الزوجة؛ لقوله تعالى: (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) [البقرة: 228].
ثانياً: إذا كانت معتدة بطلاق بائن:
ولا يخلو الحال فيها من أمرين:
- إما أن تكون حاملاً.
- وإما أن تكون غير حامل.
أولاً: إن كانت حاملاً: فيترتب لها ما يلي:
1 - وجوب السكنى على الزوج؛ لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ) [الطلاق: 1].
2 - النفقة؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُن) [الطلاق: 6].
3 - ملازمة البيت الذي تعتد فيه، وعدم الخروج منه إلا لحاجة؛ لقوله تعالى: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ) [الطلاق: 1]. ودليل خروجها لحاجة: حديث جابر - رضي الله عنه - قال: طُلِّقت خالتي، فأرادت أن تَجُدَّ نخلها (الجداد -بالفتح والكسر-: صرام النخل، وهو قطع ثمرتها.)، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: (بلى اخرجي، فجُدِّي نخلك، فإنك عسى أن تَصَدّقي، أو تفعلي معروفاً) (مسلم).
ثانياً: إن كانت غير حامل: فيثبت لها ما يثبت للحامل إلا النفقة، وما يتبعها كالملبس فلا يثبت لها؛ لحديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها حين طلقها زوجها تطليقة كانت بقيت لها، أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لها: (لا نفقة لك إلا أن تكوني حاملاً) (صححه الألباني).
ثانيا - عدة المتوفى عنها:
يلزم المعتدة من وفاة زوجها الأحكام التالية:
1 - يجب عليها أن تعتد في المنزل الذي مات فيه زوجها، وهي فيه، ولو مؤجراً أو معاراً؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للفريعة بنت مالك: (امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله) (صححه الألباني). وفي رواية: (امكثي في بيتك الذي جاء فيه نعيُ زوجك ... ). ولا يجوز تحولها إلى غيره إلا لعذر، كأن تخاف على نفسها البقاء فيه، أو تحول عنه قهراً أو لغير ذلك، فيجوز لها التحول حيث شاءت؛ للضرورة.
2 - ملازمة البيت الذي تعتد فيه وعدم الخروج منه لغير حاجة. ويجوز لها الخروج من بيتها لحوائجها نهاراً لا في الليل؛ لأن الليل مظنة الفساد، فلا تخرج فيه من غير ضرورة، بخلاف النهار فإنه مظنة قضاء الحاجات.
3 - يجب عليها الإحداد على زوجها مدة العدة، وسيأتي الكلام على أحكام الإحداد تفصيلاً.
4 - ليس لها النفقة، لانتهاء الزوجية بالموت.

المسألة الرابعة: في الإحداد:
تعريف الإحداد، ودليل مشروعيته:
1 - تعريف الإحداد:
الإحداد لغة: الامتناع، يقال: حادٌّ ومُحِدٌّ، إذا تركت المرأة الزينة والطيب.
وشرعاً: هو ترك المرأة الزينةَ، والطيب، وغير ذلك مما يُرَغِّبُ فيها، ويدعو إلى جماعها.
2 - دليل مشروعية الإحداد:
الإحداد واجب على المرأة المتوفى عنها؛ لحديث أم حبيبة رضي الله عنها أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً) (البخاري ومسلم). وحديث أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت: (كنا نُنهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْب 000الحديث (البخاري ومسلم). (العَصْبُ: بُرْد يصبغ غزله ثم ينسج)
ويجب في حقِّ المرأة المُحِدَّة ما يلي:
1 - المنع عن مظاهر الزينة والطيب، فتمنع من لبس الثياب ذات الألوان الزاهية، ولا تكتحل، ولا تلبس الحلي ذهباً أو فضة أو غيرهما، ولا تستعمل شيئاً من الأصباغ؛ لحديث أم سلمة رضي الله عنها مرفوعاً: (المتوفى عنها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا المُمَشَّق، ولا الحلي، ولا تختضب، ولا تكتحل) (صححه الألباني)، ولحديث أم عطية الأنصارية المتقدم قبل قليل.
2 - وجوب ملازمتها بيتها الذي تعتد فيه ولا تخرج إلا لحاجة؛ لحديث الفُريعة بنت مالك رضي الله عنها الماضي ذكره.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
قديم 21-11-2017, 11:32 AM
  #110
صاحب فكرة
قلم مبدع [ وسام القلم الذهبي 2016]
 الصورة الرمزية صاحب فكرة
تاريخ التسجيل: Nov 2015
المشاركات: 1,108
صاحب فكرة غير متصل  
رد: يوميا مع ... الفقه الميسر

الباب التاسع: في الرضاع،
وفيه مسائل:
المسألة الأولى: تعريف الرضاع، ودليل مشروعيته، وحكمه:
1 - تعريف الرضاع:
الرضاع لغة -بفتح الراء ويجوز كسرها-: مص اللبن من الثدي، أو شربه.
وشرعاً: هو مص طفل دون الحولين لبناً ثاب عن حمل، أو شربه أو نحوه.
2 - دليل مشروعية الرضاع:
الرضاع مشروع؛ لقوله تعالى: (وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى) [الطلاق: 6].
ولقوله تعالى: (وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ) [البقرة: 233].
3 - حكم الرضاع:
حكم الرضاع حكم النسب في تحريم النكاح، وثبوت المحرمية، وإباحة الخلوة والنظر. فهو موجب للقرابة ناشر للتحريم بشروطه.
والدليل على التحريم بالرضاع: الكتاب، والسنة، والإجماع.
أما الكتاب: فقوله تعالى: (وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ) [النساء: 23] وذلك في سياق بيان المحرمات من النساء.
وأما السنة: فحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الرضاعة تُحَرِّم ما تحرم الولادة) (رواه البخاري ومسلم). وحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بنت حمزة: (إنها لا تحل لي، إنها ابنة أخي من الرضاعة، ويحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم) (البخاري ومسلم واللفظ لمسلم).
وأما الإجماع: فقد أجمع علماء الأمة على التحريم بالرضاع.
المسألة الثانية: شروط الرضاع المحرم، وما يترتب على قرابة الرضاع:
1 - شروط الرضاع المحرم:
لا يعد الرضاع موجباً للقرابة، وناشراً للتحريم، إلا بشرطين وهما:
1 - أن يكون الإرضاع خلال السنتين الأوليين من عمر الرضيع، فلا يؤثر الرضاع بعد السنتين؛ لقوله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ) [البقرة: 233]، مع قوله تعالى: (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) [لقمان: 14].
ولحديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء في الثدي، وكان قبل الفطام) (صححه الألباني). ومعنى فتق الأمعاء: وصل إليها ووسعها؛ فالرضاع المحرم هو ما كان في الصغر، وقام مقام الغذاء، وذلك حيث يكون الرضيع طفلاً فيسدُّ اللبن جوعه وينبت لحمه.
2 - أن ترضعه خمس رضعات مشبعات فأكثر؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان فيما نزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يُحَرِّمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهن فيما يقرأ من القرآن) (رواه مسلم). وهذا مما نسخت تلاوته وبقي حكمه.
ولو وصل اللبن إلى جوف الطفل بغير الرضاع، كأن يقطر في فمه، أو يشربه في إناء ونحوه، فحكمه حكم الرضاع، بشرط أن يحصل من ذلك خمس مرات.
2 - ما يترتب على قرابة الرضاع:
يترتب على القرابة الناشئة بسبب الرضاع حكمان، وهما:
1 - حكم يتعلق بالحرمة.
2 - حكم يتعلق بالحل.
أما ما يتعلق بالحرمة: فإنَّ الإرضاع له من التأثير في حرمة النكاح مثل ما لقرابة النسب؛ فأمك من الرضاع وان علت، وبنتك وإن سفلت، وأختك لأبويك أو لأحدهما، محرمات عليك بسبب هذه القرابة التي جاءت عن طريق الرضاع.
وأما ما يتعلق بأثر الحل: فإن كل ما يحل بينك وبين قريبة لك من النسب كالأم والبنت، يحل بينك وبين من بينك وبينها رضاعة، فيحل بينهما النظر والخلوة؛ لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة) (تقدم تخريجه).

المسألة الثالثة: إثبات الرضاع:
يثبت الرضاع بشهادة امرأة واحدة مرضية معروفة بالصدق، شهدت بذلك على نفسها أو على غيرها، أنها أرضعت طفلاً في الحولين خمس رضعات؛ وذلك لحديث عقبة بن الحارث قال: تزوجت امرأة، فجاءت امرأة فقالت: إني قد أرضعتكما، فأتيت النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: (وكيف وقد قيل؟ دعها عنك) أو نحوه (رواه البخاري)، ولأن هذه شهادة على عورة، فتقبل فيها شهادة النساء منفردات عن الرجال، كالولادة.

__________________
أليس في صحبة المتقين طمأنينة ؟ !! لماذا نغالط أنفسنا ؟!!


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:42 PM.


images