عندما لايتفق الزوجان على تأديب الطفل
" الاب يشرق والام تغرب " مقولة تلخص نموذجا تربويا سيئا بشهادة جميع المختصين ’ وهي تقال وصفا لحالة بعض الاباء تجاه ابنائهم , اذا كان كل طرف منهما يجر الحبل في اتجاهه , انها الاشكالية التربوية التي سيكون فيها الزوجين غير متفقين على نموذج تربوي موحد , فهذا ينهى وذاك يسمح , وهذا يعاقب والاخر يداعب , هذا يوبخ والاخر يطبطب .....
قديما قال الاجداد : ولد الدلع مايعيش , ولي عاش , يعيش قليل صحة هذه المقولة وعلى بداءتها تلخص حيزا كبيرا من النتائج التي وصل اليها الطب النفسي فيما يخص تأديب الاطفال والطرق التي يجب على الابوين اتباعها في ذلك .
انعدام الرؤية التربوية الموحدة بين الاب والام اتجاه الطفل , تسبب شقوقا فجة ومتعددة في الجدار الاسري , توفر فرصا لا حصر لها امام الطفل للانسلال من الرقابة الابوية , ولنا بعد ذلك ان نخمن في النتائج التي سيسفر عنها هذا الانسلال .....
اثار التناقض في الاساليب التربوية بين الابناء :
هذا التناقض في الاساليب التربوية يتسبب في حدوث حالة من الاعتلال والاضطراب في شخصية الطفل بصفته المتلقي حيث يتحتم عليه ان يتعاطى مع كل طرف بما يناسبه وبما يضمن له تحقيق مآربه ومقاصده الامر الذي يتسبب في خلق حالة من الصراع الداخلي في نفس الطفل والذي يعبر عنه هذا الاخير بصورة سلوكيات غير مرغوبة ولو تناولنا بعض الاثار المحتملة لقيام حالة في الاساليب التربوية بين الابوين فاننا نجد ان ابرزها :
1- ظهور حالة من التذبذب وعدم الثقة في النفس وعدم القدرة على اتخاذ القرار عند الطفل .
2- ظهور حالة من القلق المرضي بسبب عدم قدرة الطفل على توقع ردود الافعال من الابوين او احدهما وذلك نتيجة عدم نضجه وضحالة خبرته .
قد تقود هذه الحالة الى ظهور حالة الانحراف السلوكي عند الابناء سواء بدافع الانتقام اللاارادي او بسبب الاحساس بعدم اهتمام الابوين اتجاهه بالاخص وان حالة التناقض هذه تصاحبها حالة ضعف الرقابة الاسرية من الغالب .
3- فقدان الابوين لمصداقيتهما امام الطفل الامر الذي يجعل عملية التوجيه والتربية صعبة او ربما غير ممكنة الى حد ما فالابن يصل الى حالة من الادراك او القناعة بان اي قرار يتخذه ابوه يمكن ان يكسره باللجوء الى امه والعكس صحيح وفي هذه الحالة تكون الارض خصبة ومهيأة لاتجاه الابناء نحو الانحرافات السلوكية .
4- من الاثار المستقبلية المحتملة ان يتبنى الابناء نفس الاتجاه التربوي عندما يصلون الى سن الزواج وتكوين الاسرة على اعتبار ان هذا الاسلوب هو الاسلوب الذي تربوا عليه وبهذا تستمر حالة التناقض وتنتقل من جيل الى اخر وبالتالي تستمر عملية انتاج عناصر غير فاعلة او ربما هدامة في المجتمع .
حددوا استراتيجتكم التربوية :يجب ان تختاري مع شريكك قواعد التربية التي يجب تطبيقها فالطفل لايفهم ولايتقبل ان يسمح له احد الوالدين فعل شيء في حين ان الاخر يمنعه منه , اذ ان مثل هذه الوضعيات المتناقضة تسبب قلقا له , تجنبي ان اقدم طفلك على فعل قبيح ان تحذريه بقولك سأخبر اباك عندما يحضر لان ذلك سيحول هذا الاب (او الام ) الى انسان مرعب مخيف او على العكس سينتفي لهذه التحذيرات اي دور او جدوى اذا نسيت تحذيراتك هذه او اذا استخف رفيقك بها او لم يعرها انتباها ولم يبد بالتالي اي ردة فعل اتجاه الطفل وفي جميع الاحوال اعلمي ان تاخير معاقبة الطفل بعد عدة ساعات من فعله تصرف لامعنى له ولايمكن ان يؤدي الى نتائج ايجابية .
انعدام الاتفاق يؤدي الى انحراف الطفل :
لان الطفل اذا اتضح له ان كلا الابوين سواء الام او الاب غير متفقين على اتخاذ قرار معين يخص تصرفا يجب ان يعمل به او موقفا موحدا يتعلق بفعل بدر منه فذاك يعني بالنسبة اليه ان احدهما ليس على صواب واذا كان الامر كذلك فهذا يعني ان هناك خللا في الاستراتيجية التربوية وهذا ماسوف يوفر للطفل منافذ متعددة للانفلات من رقابة الوالدين اي ان الطفل سيلعب على عدم الاتفاق هذا ليفعل مايحلو له واستغلال الظرف لصالحه فيقول لهذا كلاما ولذلك كلاما اخر .....
فيصاب بخلل في شخصيته وهذا مايفرز عنه اطفال منكمشين على ذواتهم انطوائيين يجدون صعوبة في التأقلم مع المحيط او بالعكس نجد اطفالا عدوانيين