اضطراب نتف الشعر Trichollomania هو اضطراب نفسي يعاني فيه المريض/المريضة، معاناة كثيرا ما يحاول إخفائها طويلا لكنها غالبا ما تنفضح، فهؤلاء أناس يعتادون نزع الشعر من أماكن نموه في أجسادهم، ويعرفون أن سلوكهم غير طبيعي، لكنهم طويلا ما يخفونه خجلا وخوفا، خاصةً في غفلة من الأهل في الطفولة، ومع تنامي السماح بالخصوصية للمراهقين، وإلى حد ما للمراهقات، وهن الأكثر عذابا لأن من الصعب أن يقبل المجتمع من تنتف شعرها برغبتها حتى الصلع أو حتى القرع، فهو وإن قبل امرأة خلقت ملساء صلعاء فلن يقبلها تفعل ذلك بنفسها، ونستطيع تعريف اضطراب أو هوس نتف الشعر بشكل عام بأنه النتف الاندفاعي Impulsive أو القهري Compulsive أو التلقائي Automatic للشعر، لأنه قد يأخذ أيًّا من هذه الأشكال وإن كنا في رؤيتنا لنطاق الوسواس القهري قد صنفناه تحت الوساوس الاندفاعية
تعريف مبدئي:
ونستطيع تعريف نتف الشعر (أو هوس نتف الشعر Trichotillomania) بشكل عام بأنه النتف الاندفاعي Impulsive أو القهري Compulsive أو التلقائي Automatic للشعر، لأنه كما قلت قد يأخذ أيًّا من هذه الأشكال:
0ففي بعض الحالات يكون اندفاعيا، بمعنى أن المريض يفعله استجابة لرغبةٍ ملحةٍ في النتف الذي يكون مصحوبًا بما يشبه الشعور باللذة وعادة ما يتلوه شعور بالندم بسبب الاستجابة لتلك الرغبة، بل إن من مريضاتي من كان الشعور المصاحب لنتف الشعر عندها يشبه الشعور المصاحب لقمة النشوة في الاسترجاز أي كان له طعمٌ إرجازي، وقد اعتادت النتف بدلا عن الاسترجاز.
0وفي بعض الحالات يكون النتف قهريًا عندما يضطر المريض لفعل النتف استجابة لشعورٍ متعاظمٍ بالضيق يتخلص منه المريض بالنتف(أي أن النتف هنا يماثل الفعل القهري في اضطراب الوسواس القهري) فلا يكون مصحوبًا بلذةٍ معينة وإنما فقط بالتخلص من الضيق، فمثلا تستشعر المريضة التي عادة ما تكونُ كثيرة العبث في شعرها أن شعرة أو أكثر غير مستقيمة أو مستفزة بشكل أو بآخر فلا تستطيع الخلاص من إلحاح الرغبة في نزعها إلا بأن تفعل.
0بينما يكاد يكون سلوك النتف سلوكًا تلقائيا عند البعض فلا نسمع منهم أكثر من أنهم يفعلون ذلك دون انتباهٍ كامل أثناء انشغالهم بالتركيز في أي عمل أو نشاط.، فلا هم يستمتعون بعملية النتف نفسها كما في الحالات الاندفاعية، ولا هم يشعرون ضيقا لا يخلصهم منه سوى النتف كما في الحالات القهرية، بل نجد من تكاد لا تدري بفعل النتف أثناء فعلها له.
إلا أن من الممكن أن ننظر إلى النوع التلقائي بشكل مختلف عن النوعين الآخرين، ذلك أننا نستطيع أن نستنتج عاملا مشتركا بين كلٍّ من النتف الاندفاعي والنتف القهري بينما هو غائب في حالة النتف التلقائي وذلك هو اختيار فعل النتف في ذاته، ذلك أن النتف التلقائي عادة ما يحدثُ في حالات الانهماك الذهني في موضوع آخر كمشاهدة التلفاز أو المذاكرة أو تصفح الإنترنت، فبينما يكونُ المريض شارد الذهن يحدثُ النتف دون وعي منه وبالتالي دون اختيار، وأما في حالات النتف القهري فإن المريض/المريضة يختار النتف ليتخلص من الشعور المتعاظم بالضيق الذي يسبق فعل النتف، ونفس الكلام ينطبق في حالات النتف الاندفاعي حيث يشعر المريض/المريضة برغبة ملحة في النتف وبشعور لذيذ غالبا أثناءه بينما يقتصر الأمر في النتف القهري على الشعور بالخلاص من الضيق، بهذا الشكل نستطيع أن نقول أن لدينا نتفا اختياريا(رغم معرفتنا بعدم اكتمال الإرادة) ويشمل النتف القهري والاندفاعي، ونتفا غير اختياري ويشمل حالات نتف الشعر التلقائي، وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كان النتف التلقائي منتميا إلى اضطرابات نطاق الوسواس القهري أم لا خاصة وأن النتف في هذا النوع الأخير يحدثُ تقريبا دون وعي.
وتشير التقارير الطبنفسية إلى احتمال وجود نوعين من اضطراب نتف الشعر، أحدهما يبدأ في سنوات الطفولة ما بين السنة الثانية والسنة السادسة من العمر، وهو نوع عابر في أغلب الأحيان(Stein etal 1994). وأما النوع الآخر فيبدأ في سنوات المراهقة وعادة ما يحتاج إلى تدخل علاجي حاسم، نظرًا لأن كَمَّ الأمراض النفسية المصاحبة له تكون أعلى من النوع الذي يبدأ في الطفولة، وبينما يمثل الأولاد أكثرية في الحالات التي تظهر في سن ما قبل المدرسة(62%)، إلا أننا في التوزيع العام للمرضى من مختلف الأعمار نجد أن70% من الإناث، وما تزال حالات نتف الشعر في سن المراهقة وما يليه من أصعب الحالات التي يواجهها الطبيب النفسي من ناحية العلاج.
ونادرا ما يقابل الطبيب النفسي مريضًا أو مريضةً تشتكي من أعراض اضطرب نتف الشعر ولا يجد في الصورة المرضية ما يشير إلى وجود اضطرابات نفسية أخرى مواكبة Comorbid، فبينما تشيع اضطرابات القلق والاكتئاب خاصة القلق المتعمم generalized anxiety والاكتئاب الجسيم major depression واضطرابات نطاق الوسواس القهري obsessive-compulsive disorders وأحيانا اضطرابات سمات الشخصية وربما الفصام في المراهقين والبالغين، نجد في مرضى نتف الشعر من الأطفال شيوع صعوبات التعلم learning problems، وأحيانا النقص العقلي mental retardation، وكذلك كثيرا ما نجد نقص الحديد iron deficiency، إضافة إلى وجود عادت عصبية مثل قضم الأظافر بالأسنان nail-biting ، وأيضًا مص الإبهام thumb-sucking، وهو ما يجعل البعض يصنف نتف الشعر مع اضطرابات العادات habit disorders، وأما مريض نتف الشعر الذي لا يوجد لديه اضطراب نفسي مواكب فهو الأقل ظهورا في عيادات الطب النفسي وربما كثيرون لا يعرفون أن نتف الشعر مرض نفسي.
منقول
اتمنى ان اكون افتدك