إعداد: تراجي فتحي
هناك إجماع على أهمية النوم لصحة الانسان العضوية والنفسية، والأرق ليس مرضاً في حد ذاته ولكنه عرض شائع يكثر تواجده في معظم الحالات النفسية مثل القلق والاكتئاب وقد يكون مصاحباً للعديد من الأمراض العضوية أيضاً.
والأرق من أكثر الأسباب التي تحد من نشاط الإنسان وفاعليته وتؤثر على كفاءته في عمله، بل أن قلة النوم من العوامل الرئيسية وراء حوادث السيارات، وأقل ما يمكن أن يتسبب فيه الأرق هو تعكير المزاج الذي يجعل الانسان مضطرباً وعرضة للانفعال والغضب.
قبل أن نتعرض لمشكلة الأرق الذي يعاني منه نسبة كبيرة من الناس لابد من الحديث بعض الشيء عن النوم نفسه ومحاولات فهم فسيولوجيته ومراحله الطبيعية.
المعروف أن حاجة الأفراد للنوم تختلف من فرد إلى آخر ومدة النوم الطبيعي تتراوح ما بين خمسة وعشرة ساعات. أما المتوسط فهو ثمانية ساعات. وفسيولوجية النوم لها أربعة مراحل علمية: مرحلة الاسترخاء والبدء في الدخول في النوم، يتبعها نوم أكثر عمقاً يسهل فيه إيقاظ النائم بمجرد رفع الجفن، أما المرحلة الثالثة فدرجة عمقها أشد، وينعكس هذا في تموجات النوم البطيء التي تظهر في رسم المخ الكهربائي ويزيد بطؤها في المرحلة الرابعة والتي تشبه الغيبوبة يفيق النائم بعدها قليلاً وتبدأ عيناه تحت الجفون المقفلة في حركة سريعة وهذا المستوى من النوم هو الذي تحدث فيه الأحلام ولو استيقظ الانسان لسبب أو لآخر أثناء هذه المرحلة يستطيع أن يتذكر أجزاء مبعثرة من حلمه.
وتأخذ المراحل الأولى حوالي تسعين دقيقة بينما الأحلام التي نتخيل حدوثها خلال الزمن الذي نستغرقه في النوم لا تأخذ في حقيقة الأمر سوى عشرة دقائق وهي فترة النوم المصحوبة بحركة العيون السريعة.
ومن الطريف أن الأبحاث التي أجريت على النوم واحتياجات الانسان إليه أثبتت أن الإنسان بطبيعته في حاجة للنوم مرتين في اليوم وأكثر الفترات هي الصباح المبكر (الفجر) وما بعد الظهيرة. والنوم مرتان في اليوم شيء عادي في مجتمعنا، وقد بدأت المجتمعات الأخرى التي لا تمارس هذه العادة إدراك صحتها الآن وإعطاء الأهمية لها.
وأكثر أنواع الأرق شيوعاً هو صعوبة البدء في النوم والإرغام على السهر وهذا النوع من الأرق له علاقة قوية بحالات القلق أو يكون وقتياً راجعاً لمشكلة يمر بها الانسان تجعل فكره مشغولاً وتحرمه من النوم.
أما النوع الآخر من الأرق فيظهر في الاستيقاظ المفاجئ في ساعة مبكرة غير المعتاد عليها وعدم مقدرة الانسان للعودة للنوم مرة أخرى، وهذا النوع من الأرق له مدلول مرضي يشير في أغلب الأحيان إلى حدوث حالات معينة من الاكتئاب.
وأسهل السبل لعلاج الأرق هو زيارة الطبيب من أجل وصفة علاجية من أقراص منومة.
ولأن الأرق من الأعراض التي لا يوجد لها حلول سريعة أو سحرية فلابد للفرد الذي يعاني من هذه المشكلة أن ينظر إلى طريقة نومه ويحاول بقدر الإمكان إتباع أسلوب صحي والالتزام بنظام معين فيه.
ولا شك أن هناك أموراً معروفة لمعظم الناس لها تأثيرها على النوم ولذا فينصح بتجنبها مثل تناول الطعام الدسم قبل النوم أو تناول المنبهات مثل القهوة والشاي. ولابد أن يراعي الانسان أهمية غرفة النوم وفصلها تماماً عن نشاطاته الأخرى، فكثير من حالات الأرق ترجع إلى تحويل غرفة النوم إلى مكتب أو مكان عمل آخر. ومن المهم أيضاً تجنب المناقشات التي تتعلق بموضوعات جادة قبل النوم.
وفي حالة فشل كل المحاولات للتغلب على الأرق فمن الطبيعي أن يستشير المريض الطبيب ليس فقط من أجل البحث عن علاج ولكن لمعرفة أسباب هذا الأرق الذي قد يكون مجرد عرض ظاهري لمرض نفسي أو عضوي يتطلب الفحص والعلاج الخاص.