قـبـل أن يـقـع الـطـلاق " الـطـرق العـلاجية والسـحـرية " بمنتداكم فقط - الصفحة 2 - منتدى عالم الأسرة والمجتمع
logo

الملاحظات

المواضيع المميزة المواضيع المميزة في المنتدى

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 17-05-2006, 10:38 PM
  #11
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
الصفحة (( 4 ))

الطلاق السني والبدعي: (25)


1-السني: هو الطلاق الذي يوقعه الزوج في طهر لم يحدث في أثنائه اتصال بين الزوجين.

ذلك أن الطهر هو فترة كمال الرغبة في المرأة, ولا يقدم الرجل على طلاق امرأته في فترة كمال رغبته فيها إلا لشدة

الحاجة إلى الفرقة.

وفي ذلك دليل على قيام حالة خطيرة تستدعى الطلاق يقول الله تعالى في هذا: <يأيها النبي إذا طلقتم النساء

فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة> (26)أي طلقوهن في إقبال عدتهن –أول مرحلة فيها- وذلك لا يكون إلا في طهر لم

يمسها فيه لأن الحيض أو الطهر الذي يمس الرجل فيه المرأة لا يحسب من العدة.

روى مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى

الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله عن ذلك فقال عليه الصلاة والسلام:

"مره فليراجعها فليمسكها حتى تطهر ثم إذا شاء أمسكها بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن

يطلق لها النساء" (27)

2-البدعي: فإذا أوقع الزوج الطلاق على غير الوجه المذكور فهو مخالف للشرع وهو المسمى ( طلاق بدعة) لأنه مخالف للسنة بالإجماع ويشير
القرآن الكريم إلى تفضيل المراجعة والإبقاء على الزوجين فيقول:{وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحاً} فوصف الرد بأنه إصلاح لما حدث.

وفي موضع آخر من القرآن الكريم يقول تعالى: )يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من
بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه( (28)

ويختم الآية بقوله {لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً}

وهذا يشير بوضوح على أن الله تعالى قد شرع الطلاق في أول العدة وشرع أن تظل المرأة من بعده في منزل الزوجية طوال مدة عدتها ليمنح بذلك

فرصة طويلة للزوج للتأمل ولتكثر بواعث الرجعة والرغبة ودواعي الإبقاء على الزوجية, فلعل الله يحدث أمراً بعد ذلك فيرجع الزوج عما أبرمه ويراجع زوجته.

وقد أباح الشرع للزوج أن يترك زوجته حتى تبلغ أجلها وتنقضي عدتها فتطلق منه طلاقاً بائناً ( وهي البينونة الصغرى) وحتى بعد ذلك يظل الشرع

الإسلامي حريصاً على الإبقاء على الزوجية وعلاج ما حدث فيجيز للزوج أن يعيد زوجته إلى عصمته ولكن برضاها في هذه المرة وبعقد ومهر
جديدين.

أي أن المرأة لو رفضت العودة إليه وآثرت أن تقترن بزوج آخر فإن الزوج الأول لا يملك إجبارها على العودة ولا منعها الزواج من الثاني.

فإذا عادا إلى الحياة الزوجية سواء خلال العدة أو بعدها ثم تكرر الخلاف تعاد الخطوات السابقة ذاتها من إيصائهما بحسن المعاملة وتحمل أحدهما
لما يكرهه من الثاني.

فإذا اشتد الخلاف لجأ إلى التحكيم العائلي فإذا لم ينفع كل ذلك كان ذلك دليلاً على أن الحياة الزوجية قد أصبحت غير محتملة بين الزوجين وجاز

حينئذ للزوج أن يطلق زوجته الطلقة الثالثة وهي الأخيرة وتصبح بائنة بينونة كبرى. بمعنى أنه لا يستطيع أن يرجعها إليه بعد هذه الطلقة الثالثة إلا

بإجراء شديد الوقع على نفس الزوج والزوجة وهو أن تكون الزوجة قد تزوجت آخر بعد انقضاء عدتها من الأول ثم حصل الخلاف بينها وبين الثاني

فطلقها باتاً طلاقها جاز عندئذ للزوج الأول أن يعود إليها بعد انقضاء عدتها من الثاني.

ويجب أن يكون كل ذلك طبيعياً من غير احتيال أو تواطؤ(29).

وفي هذا يقول الله تبارك وتعالى: {لطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} إلى قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح
زوجاً غيره}
أي بعد الطلقة الثالثة. {فإن طلقها} -أي الزوج الثاني طلاقاً طبيعياً وعادياً دون تواطؤ- وانقضت عدتها منه {فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن
يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون}

-اعتراض وجوابه:

قد يقول قائل: ما المانع أن يراجع زوجته بعد الطلقة الثالثة كما فعل في الطلقتين الأولى والثانية؟

والجواب: لو أبحنا له أن يعود إلى الزوج منها بعد طلاقها للمرة الثالثة ثم يعود فيطلقها حين يختلفان ثم يعود فيراجعها لكان ذلك عبثاً في الحياة

الزوجية واستمراراً لتعاسة الأسرة وشقائها إلى ما لا نهاية.كما كان عليه الطلاق في الجاهلية(30). إذاً فلا بد من حد يقف عنده الطلاق وقد قدره
ا
لشارع بثلاث لأنه أول حد الكثرة تخفيفاً لعذاب الزوج والزوجة والأولاد على السواء.

والحكمة من اقترانها بزوج آخر هي:

"أن زواج المرأة من زوج آخر ثم عودتها إلى زوجها الأول أمر شديد الوقع على نفس كل من الزوج والزوجة وهو مما تنفر منه النفوس الكريمة والأبية

فكان إباحة عودتهما إلى الحياة الزوجية بعد الطلقة الثالثة لا يقدم عليها الزوج وهو يعلم ما وراءها من حكم قاس تشمئز منه نفسه إلا وقد يئس

نهائياً من استمرار حياته معها" (31)

تلك هي أهم مبادئ الطلاق وخطواته في الإسلام وهو كما قد رأيت حريص كل الحرص على ألا تنقطع الحياة الزوجية لأول خلاف يقع بينهما بل إن

الإسلام قد وفر فرصاً لهما للهدنة بينهما يستطيعان خلالها إصلاح ذات بينهما- إن أراد الإصلاح والعيش معاً في حياة هانئة مستقرة-.

يقول الدكتور عبد المنعم النمر تعليقاً على الطلقة الثالثة التي تعني الافتراق النهائي: "فإذا وقعه الافتراق النهائي وانقضت عدتها فإن لها أن تبحث

عن زوج وهو الآخر يبحث عن زوجة ليستأنف كل منهما حياة جديدة وتجربة جديدة يرجوان منها الخير كل الخير كما يقول الله تعالى: {وإن يتفرقا يغن
الله كلا من سعته}

فتحصن هي نفسها وتصونها بزوج شرعي آخر, ويحصن هو أيضاً نفسه بزوجة شرعية أخرى, ويعيش كل منهما حياته الجديدة طاهراً بعيداً عن

معصية الله وينجبان الأولاد الحلال وبعد هذا لا عذر له أو لها إن وقع أحدهما في معصية أو لوثا المجتمع بسوء سلوكهما, وقد فتح الله لهما الباب

على هذا النحو الطاهر حتى لا يرزء المجتمع بأولاد غير شرعيين نتيجة التعنت في إبقاء عقد الزوجية قائماً رغم أنفهما ومنعهما من الطرق الطبيعي

للانفصال والبحث عن شريك يمكن التفاهم معه والعيش بجواره وإقامة أسرة طاهرة".

ولنجع حجة الإسلام الإمام أبا حامد الغزالي يحدثنا عن هذه المرحلة مرشداً وناصحاً يقول رحمه الله تعالى:

"ثم ليراع - أي الزوج المطلق - أربعة أمور:

"لأول: أن يطلقها في طهر لم يجامعها فيه. فإن الطلاق في الحيض أو الطهر الذي جامعها فيه بدعي حرام- وإن كان واقعاً- لما فيه تطويل

العدل عليها فإن فعل ذلك فليراجعها كما في حادثة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما وإنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر بعد الرجعة

طهرين لئلا يكون مقصود الرجعة الطلاق فقط.

"الثاني: أن يقتصر على طلقة واحدة فلا يجمع بين الثلاث لأن الطلقة الواحدة بعد العدة تفيد المقصود ويستفيد بها الرجعة إن ندم في العدة

وتجديد النكاح إن أراد بعد العدة. وإذا طلق ثلاثاً فلربما ندم فيحتاج عندئذ إلى أن يتزوجها آخر. وهذا فيه من الوقع الشديد على نفس كل من الزوج
والزوجة الشئ الكثير."

"لثالث: أن يتلطف في التعليل بتطليقها من غير تعنيف أو استخفاف وتطييب قلبها بهدية على سبيل الإمتاع والجبر لما فجعها به من أذى الفراق.
قال تعالى: )ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره((32)

"لرابع: ألا يفشي سرها لا في الطلاق ولا عند النكاح فقد ورد في إفشاء سر النساء في الخبر الصحيح وعيد عظيم إذ قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم يفشي سرها" (33).

أي من أعظم خيانة الأمانة, ومما جاء في الالتزام بهذا الأدب الإسلامي الرفيع أن أحد الصالحين أراد أن يطلق امرأته فقيل له: ما الذي يريبك فيها؟

فقال: العاقل لا يهتك سر امرأته. فلما طلقها قيل له: لم طلقتها؟ قال: ما لي ولامرأة غيري؟.

لماذا جعل الطلاق من حق الرجل وحده..؟

كثيراً ما يثير الجاهلون نظام الإسلام أو المتفرنجون هذا السؤال ويطرحونه على بساط البحث لدى أول نقاش حول الموضوع قائلين: كيف يسوغ

الإسلام هذا التصرف من الرجل ويمنحه الحق في تطليق امرأته متى شاء بحيث يتحكم في مصير الحياة الزوجية بكلمة يتفوه بها دون تعقل أو تبصر

بل قد تكون إثر خصام أو حالة من الغضب شديدة فيعرض بذلك حياة أسرة بأكملها إلى الشقاء والتشرد! ولماذا لا يكون ذلك من حق المرأة أيضاً أو

بموافقتها على أقل تقدير؟ للإجابة عن هذا السؤال أو التساؤل نقدم بين يدي الموضوع تحليلاً على أن نذكر الاحتمالات العقلية فيه بعد ذلك فنقول:

الطلاق في الأصل حق للزوج لأن نصوص القرآن والسنة أسندته إلى الرجل. قال تعالى: {يأيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا
العدة واتقوا الله ربكم}((34)

خص النداء وعم الخطاب (35) بالحكم لأنه صلى الله عليه إمام أمته فنداؤه كندائهم, تشريفاً له وتعظيماً وتعليماً لأمته وتنبيهاً بأن المسلم إذا أراد

أن يطلق فله ذلك ولكن عليه أن يراعي الوقت الذي يطلقها فيه فلا يطلقها إلا في طهر لم يجامعها فيه فإن فعل فعليه أن يحصي الوقت ويضبط أيام

العدة ليعرف وتعرف انتهاء عدتها وانفصام عرى الزوجية بينهما.

والإسلام وإن جعل الطلاق سلاحاً في يد الرجل إلا أنه أمره أن يستعمله في أضيق حدوده ولا يشرعه إلا إذا كان لا تبد منه فهو كما يقول النبي

صلى الله عليه وسلم "أبغض الحلال إلى الله" وروي عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تطلقوا النساء إلا من ريبة - أي بسببها-

فإن الله عز وجل لا يحب الذواقين والذواقات" (36) أي أن يطلقها ليتزوج غيرها.


________________

(25)السني ما لا يحرم وقوعه والبدعي ما يحرم, هذا حكماً أما تعريفاً فالسني هو طلاق المدخول بها وليست بحامل ولا صغيرة ولا آيسة. والبدعي: طلاق المدخول بها في حيض أو نفاس أو طهر جامعها فيها ولم يتبين حملها. كفاية الأخيار ج:88:2 تقي الدين الدمشقي.
(26)سورة الطلاق: الآية 1.
(27)البخاري ومسلم.
(28)سورة الطلاق: الآية 1.
(29)إنما يفعله بعض الناس من الحيل لإعادة المطلقة ثلاثاً إلى زوجها الأول من تواطؤ بين الزوجة المطلقة ورجل آخر على الزواج منها ليلة واحدة أو عدة ليال ويشترطون عليه طلاقها ليحللها لزوجها الأول أمر حرمه الشرع, وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل إذ من شروط صحة الزواج الديمومة وأي توقيت يلغيها. وفي هذا يقول صلى الله عليه وسلم: "لعن الله المحلل والمحلل له" أحمد والترمذي والنسائي. الجامع الصغير للسيوطي.
(30)انظر: الطلاق عند العرب في الجاهلية. ص 13
(31)انظر: المرأة بين الفقه والقانون.
(32)سورة البقر: الآية 236.
(33)مسلم.
(34)سورة الطلاق: الآية.
(35)أي النداء للنبي صلى الله عليه وسلم خاص به والحكم لأمته عامة.
(36)الطبراني في الكبير.


قديم 18-05-2006, 02:35 AM
  #12
ختام
قلب المنتدى النابض
تاريخ التسجيل: Mar 2004
المشاركات: 926
ختام غير متصل  
جزاك الله خيرا
__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم



قديم 18-05-2006, 10:09 PM
  #13
LittleLulu
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية LittleLulu
تاريخ التسجيل: Jan 2004
المشاركات: 11,241
LittleLulu غير متصل  

شكرا على الموضوع الرائع

جزاك الله خير

تحياتي
قديم 20-05-2006, 05:00 AM
  #14
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
ختام

لولو

شكراً على التفاعل والمرور

تحياااتي
قديم 20-05-2006, 05:00 AM
  #15
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
الصفحة ((5))


وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:"ما حلف بالطلاق ولا استحلف به إلا منافق" (37)

هذا الطلاق المبغوض إلى الله تعالى لا يجوز أن يوقعه الزوج في حالة تزداد فيها ضرر المرأة وعليه أن يتقي الله عز

وجل في آمال المرأة إذ ربما كان لها أطفال. فهذه النصوص صريحة كل الصراحة في أن الطلاق من حق الزوج.

وليس ذلك غبناً للمرأة بل هو حفاظ عليها واحترام للرابطة الزوجية لأن الشارع الحكيم الذي أوجب المهر على الزوج

وجعله مسؤولاً عن الأسرة يسعى من أجلها ويقوم بواجباتها.

والرجل بطبيعته أضبط لنفسه وأصبر على ما يكره من المرأة فيكون بذلك أحرص على بقاء الزوجية لما يتحمله من نفقات

وتجنباً للتبعات المالية التي تلحقه بسبب الطلاق من مؤخر صداق ونفقة العدة, ومن مهر جديد ونفقات كثيرة إذا ما رغب

في التزوج مرة أخرى.

من خلال ما تقدم بدا لنا أن الرجل له الكفة الراجحة إن لم تكن الوحيدة في الإنفاق والولاية العامة. واقتضت حكمة الله عز

وجل أن يكون هو القوام على الأسرة مسؤولاً عنها.

ومن المعلوم في قانون الشركات المساهمة ومثيلاتها أن الذي يملك أو يسطر على أكثر من نصف رأس المال ويكون من

ثم قد تحل التكاليف أكثر من المساهمين الآخرين يكون له الحسم والقول الفصل في إدارة الشركة وبقائها أو فضها

وحلها.

ولا يعقل أن يبذل الرجل كل ما يبذل مما لم تبذله المرأة بل كانت المبذول لها والمستفيدة من هذه الشركة وهذا العقد, لا

يعقل أن نترك الأمر في فض هذه الشركة للعضو الذي لم يبذل شيئاً ونعرض عن الباذل المنفق بل العدل يقضي بان نجعل

أمر هذه الشركة وقيامها لمن بذل وضحى وهو أحرص على اسمرارها من أي إنسان آخر. وليضع أي إنسان نفسه في

مكان رجل آخر يدخر ويحرم نفسه أشياء كثيرة في حياته ليجمع المهر وتكاليف الزواج وتجهيز منزل للزوجية.. الخ.

ثم وضعنا هذا الجهد والغرم كله في مهب الريح –في يد الزوجة- فتنزل الخسارة والحسرة بالرجل.

هل يستقيم مثل هذا الوضع مع العدل الذي ينشده الجميع..!؟

إن الزوجية حين تنتقض من قبل الزوجة ستجد من السهل أن يتقدم لها رجل آخر ويدفع لها ويتكلف هو الآخر وهي تقبض

وتستفيد فلا تخسر في الأولى ولا في الثانية شيئاً. وحينئذ يكون الطلاق عندها سهلاً بل مرغوباً فيه لأنها لا تحسب من

العواقب ما يحسبه الرجل.

والشريعة الإسلامية تعبر هذا العقد ميثاقاً غليظاً وتحيطه بهالة من الإجلال والإكبار وليس من السهل قطعه ولذلك جعلت

هذا الحق في يد أحرص الناس – عادة وعقلاً- على استدامته وهو الرجل الذي بذل الكثير والذي يستطيع أن يتحكم في

عواطفه أكثر من المرأة والذي سيجد نفسه مطالباً بعد الطلاق بنفقات لها ولأولادها منه ونفقات أخرى لزواج ثان

فيحسب ألف حساب قبل أن يطلق. وفي هذا من الضمان لاستمرار العقد وديمومة الزوجية ما فيه.

ونخلص مما سبق أن المرأة لما كانت أسرع من الرجل غضباً وأقل تحملاً وليس عليها من التبعات مثل ما عليه كانت أجدر

بالمبادرة إلى حل عقد الزواج لأدنى الأسباب أو لما لا يعد سبباً صحيحاً إن أعطيت هذا الحق.

والدليل الواقعي على صحة هذا التعليل أن الأجانب لما جعلوا الطلاق حقاً للرجال والنساء على السواء كثر الطلاق عندهم

فصار أضعاف ما عند المسلمين كما سيتبين للقارئ بالإحصائيات التي سنوردها أثناء البحث.

وبعد هذا التمهيد الموجز بين يدي السؤال المطروح نورد الاحتمالات العقلية في هذا الموضوع فنقول:

إنها لا تخلو من خمسة احتمالات (38)

1-أن يكون الطلاق بيد الرجل وحده.
2-أن يكون الطلاق بيد الرجل وتعطي المرأة فرصاً للطلاق إذا ساء الرجل استعمال حقه فيه.
3-أن يجعل الطلاق بيد المرأة وحدها.
4-أن يجعل الطلاق باتفاق الرجل والمرأة معاً.
5-أن يجعل الطلاق عن طريق المحكمة. وليس هناك احتمال غيرها.

فلنناقش كل احتمال على حدة.

•الاحتمال الأول: جعل الطلاق بيد الرجل وحده.

سبق أن شرحنا طرفاً منه فيما مضى لكننا نضيف إليه ما يلي لأهميته ولأنه المقصود بالطعن فيه.

إن إعطاء الرجل وحده حق الطلاق هو المنسجم الطبيعي مع واجباته ومسؤولياته المالية الضخمة نحو زوجته وبيته.

فما دام هو الذي دفع المهر ونفقات العرس والزوجية فمن حقه أيضاً أن ينهي الحياة الزوجية إذا رضي بتحمل الخسارة

المالية والمعنوية الناشئتين عن رغبته في الطلاق. والرجل في الأعم الأغلب أضبط أعصاباً وأكثر تقديراً للنتائج في

ساعات الغضب وسورته. وهو لا يقدم على الطلاق إلا عن يأس من إمكان سعادته الزوجية مع زوجته ومع علم بما يجره

الطلاق عليه من خسارة وما يقتضيه الزواج الجديد من نفقات فيستبعد أن يقدم عليه وهو على علم تام بالمسؤولية لذلك

نجد أن إعطاء الرجل وحده حق الطلاق طبيعي ومنطقي جداً ومنسجم مع قاعدة (الغرم بالغنم).

-سؤال آخر وجوابه:

قد يطرح أحدهم السؤال التالي: إن الرجل لا يوقع الطلاق دائماً وهو معذور فيه أو مضطر إليه بل إنه قد يفعل ذلك نكاية

بالزوجة ورغبة في الإضرار بها إذ نرى رجالاً لا أخلاق لهم يطلقون زوجاتهم لمجرد الرغبة في الاستمتاع بامرأة جديدة

وقد يكون له من الأولى أولاد فتسئ الزوجة الجديدة معاملتهم.. وكثيراً ما يذعن لرغبة زوجته الجديدة هذه فيرضى بذلك

أو يسهم في تعذيب أولاد من زوجته الأولى ويسئ هو أيضاً معاملتهم..! وهذا أمر واقع واستشكال وارد.

والجواب عنه: إن كل نظام في الدنيا قد يساء استعماله وكل صاحب سلطة لا بد من أن يتجاوزها إذا كان سيئ الأخلاق

ضعيف الوازع الديني ومع ذلك فلا يخطر في البال أن تلغى الأنظمة الصالحة لأن البعض يسئ استعمالها أو ألا تعطى

في الدولة لأحد صلاحية ما لأن بعض أصحاب الصلاحيات تجاوز حدودها..!

إن الإسلام أقام دعامته الأولى في أنظمته على يقظة المسلم ووعيه واستقامته ومراقبته لربه عز وجل – هذا هو الأصل

في المسلم وفي المجتمع الإسلامي.

وقد سلك الإسلام إلى ذلك سبلاً متعددة تؤدي – إذا روعيت بدقة وأمانة- إلى توعيه المسلم وعدم إساءته إلى ما وكل

إليه من حسن التهيؤ والإعداد له.

والدليل على ذلك أن الطلاق لا يقع في البيئات المتدينة تديناً صحيحاً إلا نادراً بينما هو في غير هذه البيئات كثير لا فرق

بين غنيها وفقيرها. على أن كل نظام وكل قانون في الدنيا لا بد من أن ينشأ عند تطبيقه بعض الأضرار لبعض الأفراد.

ومقياس صلاح النظام وفساده هو نفعه لأكبر قدر من الناس أو إساءته إليهم.

وإذا قارنا بين حسنات إعطاء الرجل حق إيقاع الطلاق بسيئات نزع هذا الحق منه أو إشراك غيره معه لرجحت عندنا كفة

الحسنات على السيئات دونما ريب. وهذا وحده كاف في ترجيح إعطاء الرجل وحده حق الطلاق.

•الاحتمال الثاني: أن يبقى الطلاق بيد الرجل وتعطى المرأة فرصاً للطلاق إذا أساء الرجل استعمال حقه.

إن التشريع الإسلامي وضع في حسبانه هذا ولم يهمله أو يتجاهله بل نص عليه الفقهاء وشرحوه بإسهاب في مؤلفاتهم

مستنبطين ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية وهو أن يبقى الطلاق بيد الرجل ومن حقه على أن تعطى المرأة فرصاً

للخلاص من زوج تكرهه أو زوج يتعمد إعناتها وإيذاءها وبذلك أحال دون استبداد الزوج بحق الطلق استبداداً يتنافى مع

الخلق الإسلامي بعد أن ضعف الوازع الديني لدى الكثرة الكاثرة منهم وساءت الأخلاق إلى حد كبير ولا سيما في هذا

العصر..!

ولكي لا يتصرف الرجل حسبما يحلو له فيظلمها إن شاء أو يمنعها حق لها فإن التشريع الإسلامي قيد الزوج بأحكام لا يجوز له أن يتعداها ومن أهمها:

بعض الأحكام المتعلقة بالطلاق:

1-لا يجوز استعمال الطلاق عاملاً انتقامياً من الزوجة كما إذا طلقها في مرض موته ليحرمها من الميراث الذي هو حق من حقوقها.

ويرد التشريع الإسلامي هذا التصرف ويعتبره باطلاً ويورث الزوجة من زوجها الذي بت طلاقها فراراً من توريثها ويعامل نقيض قصده.

2-يشترط في المطلق أن يكون بالغاً عاقلاً مستيقظاً مختاراً. وعلى هذا فلا يقع طلاق الصغير والمجنون والمعتوه والمغمى عليه والنائم والمكره – بفتح الراء.

3-الحالات التي يجوز فيها للمرأة أن تطلب الطلاق:

إن الإسلام دين واقعي شرعه الله –عز وجل- للإنسان أينما كان ومهما اختلفت الأزمنة والأمكنة ومهما كانت صفة هذا الإنسان فهو دين الفطرة, ولو كان تشريعه ثوباً ذا أبعاد لكان مفصلاً على قده بالتمام والكمال.

لذا فهو يحتاط لأدق الأشياء ويلاحظها ويحسب حسابها.

ومنها أنه لا يفترض أن تكون المرأة هي الخاطئة دوماً بل ربما كان الرجل هو الخاطئ في أحيان كثيرة. قال تعالى: 

وإن امرأة خافت من بعلها نشوزاً أو إعراضاً فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحاً والصلح خير (39)

فإذا كان الرجل يستطيع أن يتخلص من زوجة سيئة العشرة متى شاء بما منحه الشرع من حق الطلاق فما موقفه ( أي الشرع) من المرأة إذا كان زوجها سيئ الأخلاق والمعاملة؟

ليس معنى ذلك أن المرأة لا تملك أي سلاح توجه به مثل هذا الرجل في هذه الحال أو حالات أخرى – كأن يصاب زوجها

بمرض مزمن لا يرجى برؤه أو علة منفرة- فمن حق المرأة عندئذ- إذا شاءت- أن تطالب بالتفريق بينها وبين زوجها. ولنأت

على ذكر هذه الحالات باختصار:

-أولاً: التفريق للضرر: فإذا ادعى أحد الزوجين إضرار الآخر به بما لا يستطيع معه دوام العشرة جاز للمضرور أن يطلب من القاضي التفريق كما لو كان الزوج قد اعتاد ضرب زوجته أو شتمها دونما سبب.

قال صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار" (40)
كما قال تعالى: {فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} (41)

-ثانياً: التفريق للعجز الجنسي: كأن يكون الزوج (عنيناً) عاجزاً عن الاتصال الجنسي بزوجته. لأن بقاءها على هذه الحال قد يؤدي بها إلى أن تنزلق في مهاوي الفساد.

-ثالثاً: التفريق للمرض الساري – المعدي- الذي لا يرجى برؤه بشهادة الأطباء المتخصصين.

-رابعاً: العجز عن النفقة: إذا أعسر الزوج وتعذر عليه تقديم نفقة الكفاية لزوجته من مطعم ومشرب وملبس ومسكن.

-خامساً: لغيبة الزوج غبية منقطعة ولم يعلم أحي هو أو ميت.(42)

-سادساً لعاهة في الزوج كانت فيه ولم تعلم بها عند الزواج أو طرأت عليه العاهة بعد الزواج ولا أمل في الشفاء منها بتقرير الطبيب المختص, كالجنون مثلاً. تلك هي أهم الحالات.(43)

ويحرم على الزوجة أن تطلب الطلاق من زوجها إن لم يكن هناك سبب من الأسباب الشرعية الداعية إلى ذلك لأنها الأسباب

المعقولة والتي تتضرر منها الزوجة فعلاً. و أيما امرأة سألت زوجها طلاقها دون مسوغ شرعي فقد أنذرها رسول الله

صلى الله عليه وسلم بحرمانها من دخول الجنة إذ يقول صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة" (44)

________________________

(37)ابن عساكر. الجامع الصغير للسيوطي.
(38)انظر هذه الاحتمالات كتاب المرأة بين الفقه والقانون. للسباعي رحمه الله.
(39)سورة النساء: الآية 128.
(40)حديث حسن عن ابن عباس انظر الجامع الصغير للسيوطي.
(41)سورة البقر: الآية 229.
(42)لو أطال زوجها لسفر من غير عذر وطلبت امرأته قدومه فأبى فقال مالك وأحمد وإسحاق يفرق بينهما وقدره أحمد بتسعة أشهر وإسحاق بمضي سنتين جامع العلوم والحكم 289.
(43)لو أطال زوجها لسفر من غير عذر وطلبت امرأته قدومه فأبى فقال مالك وأحمد وإسحاق يفرق بينهما وقدره أحمد بتسعة أشهر وإسحاق بمضي سنتين جامع العلوم والحكم 289.
(44)أخرجه أحمد في مسنده وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن ثوبان.
قديم 20-05-2006, 05:36 AM
  #16
عالم المطلقات والارامل والعوانس
المتحدث الرسمي لعالم المطلقات
تاريخ التسجيل: Jun 2005
المشاركات: 39
عالم المطلقات والارامل والعوانس غير متصل  
الصفحة ((6)) والأخيرة



وهناك حالات أخرى للطلاق بشرائط خاصة:


-أولاً: التفويض: وهو تمليك الزوج زوجته حق تطليق نفسها منه أو تمليك غيرها هذا الحق بلفظ يفيده كما لو علقه على مشيئته كأن قال:
طلق امرأتي إن شئت. وله حالتان:

أ‌-قبل العقد: كأن يقول الرجل للمرأة إن تزوجتك فأمر بيدك تطلقين نفسك متى شئت ثم تزوجها كان لها حق تطليق نفسها متى شاءت.(45)

ب‌-مقارن للعقد: كما لو صدر إيجاب عقد الزواج من المرأة مشروطاً بتفويض الطلاق إليها وقبل الزوج ذلك.

كأن تقول المرأة للرجل تزوجتك على أن أطلق نفسي متى شئت فيجيبها بقوله قبلت. صح العقد ويكون لها حق تطليق نفسها متى شاءت.

-ثانياً: الخلع: بضم المعجمة - وهو مصدر سماعي- ويعني إزالة الزوجية حقيقة.وقد قال الفقهاء: إن العرف خص استعمال الخلع- بالفتح- في إزالة
غير الزوجية وبالضم في إزالة الزوجية.وعرفه بعضهم (46) بأنه إزالة ملك النكاح بلفظ الخلع أو ما في معناه نظير عوض تلتزم به الزوجة.

وقال آخرون (47) هو فرقة بعوض بلفظ طلاق أو خلع كقوله: طلقتك أو خالعتك على كذا فتقبل.

ويحدث عندما ترى الزوجة تعذر الحياة الزوجية وتخاف إن أقامت مع زوجها على هذه الحال إلا تتمكن من إقامة حدود الله تعالى. فجعل لها الشرع أن

تفتدي نفسها بمال تدفعه لزوجها تعويضاً له عما دفعه إليها حتى لا يضار هو الآخر. وهذا الافتداء هو المسمى بالخلع عند جمهور الفقهاء.

وكان ذلك من رحمة الله عز وجل بها فقد تبغض زوجها ولا تجد في المقام معه ما كانت تنشده من المودة والرحمة ففتح له الشرع باباً للخروج من

هذا الحرج وشرع لها الافتداء للتخلص وفك رابطة الزوجية على وجه لا رجعة فيه للزوج إلا برضاها.

فإنه لما جعل الطلاق بيد الرجل إذا كره الزوجة جعل الخلع بيد المرأة إذا كرهت الزوج. وإلى هذا يشير قوله تعالى: )ولا يحل لكم أن تأخذوا مما

ءاتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به, تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد

حدود الله فأولئك هم الظالمون( (48)

كما أن الزوجة تستطيع أن ترفع أمرها إلى القاضي إن تضررت من معاشرة زوجها وعليه (القاضي) أن ينظر في طلبها ويتبين مدى جديته ويحكم لها

إذا كانت المعلومات صحيحة والمسوغات معتبرة شرعاً.

وهكذا نجد أن الشرع الإسلامي يضع الطلاق في يد الرجل ولكنه يفتح مع ذلك نوافذ للمرأة تستطيع منها حل عقد الزواج. فليس هناك-إذاً- تعنت ولا

تحيز للرجل على حساب المرأة كما يظن السذج من الناس. بل وضع للأمور في نصابها.

ثم لحساب من يكون هذا التعنت أو التحيز..! والله عز وجل هو المشرع والكل رجالاً ونساءً عباده وعياله (49) وهو رب الجميع.

ومن المعلوم لدي كل باحث أو دارس أن التشريعات توضع مراعاة للأصل وللطبيعة الغالبة في الإنسان.

ومن الجائز أحياناً أن يكون هناك شذوذ في بعض النساء وبعض الرجال وخروج من هذه القاعدة فنجد من النساء من هن أعقل وأكثر احتياطاً وأشد

حرصاً على المعيشة الزوجية من الرجل الذي قد يكون شاذا متهوراً غير مقدر للعواقب ولكن يكفي أن يكون مثل هذا شاذاً وخروجاً على القاعدة

والأصل حتى لا تبنى عليه التشريعات.

"الاحتمال الثالث: أن يكون الطلاق بيد المرأة وحدها.

ولنناقش هذه الحالة أيضاً بمنطق العقل السليم دون تحيز أو تعنت أو كما يقولون بشكل موضوعي. فنقول:

إن وضع الطلاق في يدها وحدها لا سبيل إليه ولا يصح لأن فيها خسارة مالية للرجل وزعزعة لكيان الأسرة ذاتها.

والمرأة لا تخسر شيئاً بالطلاق بل تربح مهراً جديداً وعريساً جديداً.

وإنما الذي يخسر هو الرجل الذي دفع المهر للمرأة ويقوم بالنفقة على البيت والأولاد وقد دفع من قبل نفقات العرس وثمن أثاث البيت.

فإذا أعطيت المرأة حق الطلاق بمجرد إرادتها سهل عليها أن توقعه متى خاصمت الزوج نكاية به ورغبة في تغريمه لا سيما وهي سريعة التأثر

شديدة الغضب لا تبالي كثيراً بالنتائج وهي في سورة غضبها.

ولنتصور رجلاً اختلف هو وزوجته فإذا هي تطلقه وتطرده من البيت وهو صاحبه والمنفق عليه. فأي منطق هذا..!

ولو جعل الطلاق بيدها لاضطربت الحياة الزوجية ولما قر لها قرار لسرعة تأثرها واندفاعها نحو عواطفها المجبولة عليها. وليس هناك ما يحملها على
التروي والتأني حيث لا تغرم شيئاً.

جاء في جريدة (القبس الكويتية) على لسان امرأة باحثة قانونية (50)

"لا: للعصمة في يد المرأة. ولا أحب أن تكون العصمة في يد أية امرأة حيث عرف النساء بالعاطفة وسرعة الغضب, ويمكن للمرأة أن تحطم حياتها

أمام كلمة لا ترضى عنها. أما الرجل فهو في أشد حالات غضبه يحكم العقل". وشهد شاهد من أهلها.

"الاحتمال الرابع: أن يجعل الطلاق بين الرجل والمرأة.

إن الإسلام لا يمنع أن يتفاهم الرجل والمرأة على الطلاق كما هو الحال في (الخلع) ولكن لا يعلق صحته على اتفاقهما معاً.

ماذا يكون فيما لو أصبح حياة الرجل مع امرأته شقاء فأراد أن توافقه على الطلاق فأبت..!؟

وكثير من النساء يفضلن في مثل هذا الوضع عذاب الرجل وتعاسته على راحته وخلاصه ثم إن المرأة لم تنفق شيئاً على البيت ولا دفعت مالاً
للرجل فلماذا تربط إرادته بإرادتها في إنهاء الحياة الزوجية؟

وكيف نجبره أن يعيش مع امرأة كرهها ثم أبت أن توافق على طلاقها..؟

إن ذلك غير مقبول عقلاً لأن الطلاق شرع علاجاً لاضطراب الحياة الزوجية, فلو جعلنا أمر الطلاق إليهما لما وصلا إلى اتفاق غالباًَ, لأن أحدهما يريد
الفراق والآخر لا يريده فيعمل على الكيد له فتصبح الحياة جحيماً لا يطاق, وهل شرع الطلاق إلا لذلك..؟

ثم إنهما غير متساويين في المسؤولية فأحدهما سيغرم نتيجة وقوع الطلاق والآخر لا يكلف بشي.

إذاً أمر اتفاقهما يكاد يكون مستحيلا.

"الاحتمال الخامس والأخير: جعل الطلاق عن طريق المحكمة.

إن جعل الطلاق عن طريق المحكمة له أضرار بالغة من جهة ولا جدوى له من جهة أخرى كما هو الحال عند الأجانب.

أما أضراره فلما يقتضيه من فضح الأسرار الزوجية أمام المحكمة وللمحامين عن الطرفين, وقد تكون هذه الأسرار مخزية, من الخير لأصحابها سترها.

لنتصور أن رجلاً اشتبه في سلوك زوجته وتقدم إلى المحكمة طالباً طلاقها لهذا السبب, كم تكون الفضائح في هذا الموضوع وكم يكون مدى
انتشارها بين الأفراد ولأصدقاء والجيران وبعض الصحف الرخيصة التي تتخذ من مثل هذه القضايا مادة للرواج..؟

وأما عدم جدواه فإن المتتبع لحوادث الطلاق في المحاكم الأجنبية وفي الغرب خاصة يتأكد أن تدخل المحكمة شكلي في الموضوع.

فقل أن تقدمت امرأة أو رجل يطلب الطلاق من المحكمة ثم رفض.

وإن كثيراً من ممثلات السينما يعلن عن رغبتهن في الطلاق من أزواجهن والزواج من آخرين قبل أن يتقدمن إلى المحاكم بهذا الطلب ثم ما تلبث
المحاكم أن تجيبهن إلى طلبهن.

وأبشع من ذلك أن المحاكم في بعض البلاد الغربية لا تحكم بالطلاق إلا إذا ثبت زنى الزوج أو الزوجة.

وكثيراً ما يتواطأ الزوجان فيما بينهما على القذف بهذه التهمة ليفترقا وقد يلفقان شهادات مزورة ووقائع مفتعلة لإثبات الزنى حتى تحكم المحكمة
بالطلاق.

فأي الحالتين أكرم وأحسن وأليق..!؟ أن يتم الطلاق دون فضائح أو يتم مثقلاً بها؟ وبعد. فما لهم لا يعقلون؟

إن الشريعة الإسلامية قد أحكمت سياج الأسرة فأقامتها على التقوى وصانتها بالتبعات الكثيرة على الزوج إذا حل رباطها وجعلت العيبة (51) بين
الزوجين مكفوفة والستر مسبلاً فلا تفضحوا ما حفظته الشريعة ولا تهتكوا ما ستر الله. مع ما في هذا الأمر - أي جعل الطلاق عن طريق المحكمة-
من الحكم على جميع الأزواج بعدم صلاحيتهم لاستعمال حق ملكه الشرع لهم, وأنهم محتاجون لوصاية القضاء عليهم.

بل إن القاضي الذي يفصل في هذا الأمر بين الناس لو احتاج إلى الطلاق لم يكن أهلاُ ليطلق فيحتاج إلى وصاية قاض آخر.

والأنكى من هذا أن الأسباب التافهة التي يقبلها القضاء قد تعددت حتى أصبح قنطرة لكل راغب في الطلاق كما هو الحال في الولايات المتحدة
الأمريكية حيث طلق القضاء المرأة لمجرد قولها إنها تحب الكلاب وزوجها لا يحبها ويكره وجود الكلب نائماً في فراش زوجته.(52)

فانظر إلى شرع الإسلام الحكيم إذ قرر التحكيم بين الزوجين فيما شجر بينهما من خلاف ولكنه قرره في صورة كريمة نبيلة لا تنطوي على شي من
هذه المساوئ والمخازي فقد قرر أن يتألف مجلس التحكيم من حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة أي من رجلين لا يرى كل من الزوجين
غضاضة في الإفضاء إليهما بما في نفسيهما وبأسباب شقاقهما.

وهما من جهة أخرى لا يقلان عن الزوجين في حرصهما على كتمان كل ما يسئ إلى سمعة هذه الأسر المتخاصمة وعدم إذاعته بين الناس لأن
كل ما يسئ إلى سمعتها يسئ إلى سمعة الحكمين لارتباط كليهما بهذه الأسرة برابطة القرابة والرحم.

وفضلاً عن هذا فإن الإسلام أجاز تدخل القضاء في هذه الشئون حينما تدعو إلى ذلك ضرورة ويتوقف على تدخله تحقيق الصالح العام وصالح الأسرة
فأجاز للقضاء أن يطلق في حال إعسار الزوج وعدم قدرته على الإنفاق أو في حال غيبته غيبة طويلة, وحيث يدعو إلى الطلاق اتقاء الضرر والضرار
كما رأينا في الحالات التي يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق. (53)

__________

(45)هذا عند الأحناف.
(46)انظر أحكام الأسرة. د. مصطفى شلبي:522-524.
(47)الخطيب الشربيني في مغني المحتاج:262:3.
(48)سورة البقرة: الآية 229.
(49)قال تعالى: )قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله..(وقال صلى الله عليه وسلم: "الخلق كلهم عيال الله, أحبهم إلى الله أنفعهم لعياله".
(50)هي السيدة هيفاء الرفيدي. الباحثة القانونية الأولى في وزارة الخارجية الكويتية انظر العدد 2885 تاريخ 27/05/1980م,
(51)المقصود بالعيبة كيل التهم جزافاً ونشر الفضائح أو كل مايعيب.
(52)انظر مقارنات بين الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية. د. علي علي منصور.
(53)انظر: حقوق الإنسان. د. عبد الواحد وافي.
قديم 06-06-2006, 09:36 AM
  #17
أصيل بوظبي
عضو دائم
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 84
أصيل بوظبي غير متصل  
جزاك الله خير
__________________
أصيـــل بوظبــــي
قديم 06-06-2006, 09:35 PM
  #18
وجه الخير
عضو المنتدى الفخري
 الصورة الرمزية وجه الخير
تاريخ التسجيل: Nov 2003
المشاركات: 10,270
وجه الخير غير متصل  
جزاك الله خير ما يجزي به الصالحون
نسخة لعالم المواضيع المميزة + نسخة لمفضلة القسم مع فك التثبيت
احترامي
__________________





 

مواقع النشر


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:21 PM.


images