دخل عليَّ رجل مع زوجته وعلى شكلهما مظاهر الالتزام والتدين، بادرت الزوجة قائلة: أريدك أن تطلقني من زوجي، فالتفت إليه وقلت له: ما رأيك بما ذكرته زوجتك؟ قال: ليس لديّ مانع، قلت: هل لديكما أولاد؟ قال: لا.. لأنه لم يمر على زواجنا حتى الآن أكثر من سنة، فالتفت إلى الزوجة وقلت لها: وما سبب الطلاق؟ قال: لقد استأجر لي زوجي "ملحقاً" في إحدى المناطق السكنية لنسكن فيه وهو عبارة عن غرفة نوم وحمام ومطبخ، وله مدخل مستقل وكأنه صندوق، وأنا لا أستطيع أن أسكن في بيت كله غرفة واحدة، أنا من عائلة كريمة ومنزل والدي في أحسن المناطق، ويتكون من ثلاثة أدوار وأخواتي كلهن متزوجات من أزواج ويسكنَّ معهم في أحسن بيوت وعلى أحسن أثاث، التفت إلى الزوج وقلت له: هل كلامها صحيح؟ قال: نعم، قلت له: لعلك معذور وحالتك المادية ضعيفة، قال: لا، إن راتبي ممتاز ومستوى دخلي عالٍ، فقلت: إذن لِمَ تُسْكِن زوجتك في منزل كأنه صندوق ومن غرفة واحدة؟ قال: هذه حياة الصحابة، وإذا لم يعجبها ذلك فلتطلب الطلاق!!
نظرت إليه مستغرباً وقلت له: ماذا تقول؟ ألا تعلم أن الفقهاء أقروا أن على الزوج أن يعامل زوجته كمثيلاتها أي أخواتها، بل إن فقهاء المالكية قالوا: لو أن الزوجة كانت تأكل البطيخ في بيت والدها، وتزوجت فعلى زوجها أن يوفر لها البطيخ، فقال: ولكني استأجرت هذا المنزل اقتداءً بمنزل أبي هريرة رضي الله عنه، فلقد كان منزله صغيراً ولا يتسع لثلاثة أشخاص، ولهذا كان يقوم ثلث الليل وزوجته الثلث الثاني، وابنته الثلث الثالث، وبدأ يتحدث معي عن حياة أبي هريرة رضي الله عنه، فقلت له إذا كنت قد قرأت في السيرة عن أبي هريرة ومنزله، فلماذا لا تطبق على زوجتك المسكينة ما قرأناه في السيرة عن منزل عبدالرحمن بن عوف أو عن منزل عثمان ابن عفان؟ فسكت ولم يتحدث.
ثم قلت له: إن ما تطلبه زوجته هو حق لها، وأنك ينبغي أن تكون إنساناً واقعياً، فنحن نريد من يحمل رسالة الإسلام، ويكون داعية إلى الله تعالى، وأن يحسن التعامل مع واقعه بشيء من الفقه الواقعي، وقد طال الحديث معهما في هذه الناحية، ولكن في الختام ذهبا ولم يرجعا، والحمد لله رب العالمين.
جاسم محمد المطوع منقول