في حياة الزوجين مواضيع يتفاديان أحيانا الخوض فيها عمدا، خصوصا العلاقات الجنسية التي تشكل واحدا من المحرمات الأكثر شيوعا. فالزوجان قد يتناقشان في موضوع الأولاد والمشاكل المهنية والمتاعب المالية، لكنهما قلما يتحدثان عن علاقتهما الجنسية، وخصوصا اذا لم تكن مرضية.
في حياة الزوجين مواضيع يتفاديان أحيانا الخوض فيها عمدا، خصوصا hلعلاقات الجنسية التي تشكل واحدا من المحرمات الأكثر شيوعا. فالزوجان قد يتناقشان في موضوع الأولاد والمشاكل المهنية والمتاعب المالية، لكنهما قلما يتحدثان عن علاقتهما الجنسية، وخصوصا اذا لم تكن مرضية. لكن غياب التواصل على هذا المستوى قد يكون ضارا فيسيء الى العلاقة وينعكس توترا يعجز كل منهما عن البوح بأسبابه. أن يتحدث الزوجان عن علاقتهما الجنسية قبل الاتصال الجنسي وفي خلاله نصيحة يقدمها أطباء النفس والحياة الجنسية. فما الذي يمنع من محادثة الحبيب والزوج في هذه المشاعر والاختلاجات والازعاجات حتى في أكثر اللحظات حميمية؟
الصعوبة في التعبير، وخصوصا عن المواضيع الشخصية كهذه، يعود بها علم النفس الى مرحلة الطفولة. فكثيرون هم الأهالي الذين لم يفسحوا المجال امام أولادهم للتعبير عن مكنوناتهم هربا من الازعاج أو خوفا مما قد تحمله هذه المكنونات من مفاجآت غير سارة. فكان يمنع على الاولاد ان يتحدثوا في أوقات الطعام كي لا يقاطعوا أحاديث الكبار. وكان من المحظر عليهم إبداء رأيهم في بعض الأمور.
خلاصة القول أن الأهل كانوا يعتبرون أولادهم أصغر من أن يتسلموا دقة الحديث. لكنهم في المقابل كانوا يجدونهم كبارا كفاية للقيام ببعض المهام كارتداء ملابسهم والسير بسرعة أكثر وعدم البكاء... هكذا، وحتى عامهم العاشر، يتلقى الاولاد معلومات متضاربة نتيجتها الحتمية "الالتزام بالصمت". وكيف نرد على أسئلة طفل كثير الكلام أو "وقح"؟ إما نعنفه ونطلب منه التزام الصمت، وإما نصفعه على "مؤخرته". وكل ما يبقى لديه من هذه التجربة اكتشافه أن السكوت أفضل بكثير من الكلام. وعندما يكبر الولد، يتحول الخوف من الكلام الى التفكير مطولا قبل الحديث، أو الصمت المفرط، أو التردد والتلعثم. وفي ما خلا ذلك، لاشيء يتغير.
نحن لا نعبر عما يدور في رأسنا مخافة أن نخطئ، مخافة أن نعاقب. وإذ ذاك، تخل الحسابات محل العفوية، ويفصح كل منا عن أقل قدر ممكن من المعلومات كي لايجابه بحكم الآخرين عليه، أو كي لا يرى في عيونهم نظرات الاستهزاء التي تجعله يبدو كالأحمق. وتزداد الصعوبة عندما يكون موضوع الحديث عن الجنس، لاسيما وأننا لانزال نعيش تأثيرات الأخلاق الدينية والحياء المفرط الناجم عنها. لكن لا ضير في الحديث عن الامور الجنسية، لأننا اذا لم نفعل نفقد المقدرة على التصريح بحقيقة الأمور ونعتاد السكوت، وعندما يحين الوقت للتعبير عن مواضيع هامة كحياتنا الجنسية، نجد أننا لا نعرف كيف نعبر عنها. لكن من الضروري أن نعطي أنفسنا الحق بالتعبير. فالتجرؤ على قول الأشياء كما هي يعني أننا لم نعد نخاف الآخر...
أما السبب الأهم لضرورة أن نبوح بما نشعر به وما لا يعجبنا في العلاقة الجنسية فهو أن الخلل في العلاقة الجنسية يعني غالبا خللا في حياة الاثنين ككل نتيجة لانعدام التواصل. فالزوجان في هذه الحالة لم يتفقا على قواعد حياتهما المشتركة وما يرغبان في بنائه معا والسبيل الى تحقيق ذلك. أما الجرأة على الخوض في موضوع الحياة الجنسية، فتشكل خطوة هامة لتعزيز التواصل واستمرارية الحياة المشتركة. والسؤال هو أي وقت هو الأمثل لمناقشة هذا الموضوع؟ قبل الاتصال الجنسي أم خلاله أم بعده؟
في المرحلة الأولى، من الأفضل إجراء هذه المحادثة بعد الاتصال الجنسي، فحينها تكون رغبات الاثنين قد أشبعت ويصبح الوقت ملائما للكلام. ومن الضروري عندها أن يتمكن أحد الاثنين من التصريح بما شعر به وأن يحث الشريك الآخر على القيام بالمثل. اختيار الكلمات ليس بذات أهمية، لأن لكل منا طريقته في التعبير. المهم هو نبرة الصوت وطريقة تلقي الآخر، بحيث يخلو الحديث من الانتقاد واللوم، لاسيما وأن الهدف هو اعطاء الحبيب بعض الثقة كي يعبر عن نفسه بحرية مطلقة. في مرحلة لاحقة، عندما يعتاد الاثنان على هذا النوع من الحديث، يصبح بمقدورهما الخوض فيه في أي وقت، حتى خلال الممارسة الجنسية.
ومن المفيد أن نوضح انه لا عيب أو ممنوع في العلاقة الجنسية بين الزوجين، شرط توافر الاحترام المتبادل. ففي الحب لا مكان لسيطرة شخص أو خضوع لآخر. وغالبا ما تكون هذه المسائل ضيقة وتحول دون شعورنا بالسعادة أو اللذة، لكن أيا كانت الحال، يبقى التواصل أساسيا. في بعض الأمسيات، علينا أن نمتلك الجرأة كي نقول للشريك أن لا رغبة لدينا بالممارسة الجنسية، أو على العكس أننا نريد ذلك مع بعض التغييرات. المهم أن نكون صادقين، فلا شيء أسوأ من أن نتصنع اللذة أو نستسلم للروتين. والتواصل لا يكون بالكلام فقط، إذ يمكن اللجوء الى المداعبة والنظرات المشجعة... علينا فقط أن نبوح بحقيقتنا، على الأقل ... في الحب.