تتمحور الدراسة الطبية الجديدة حول التايبان(Taipan) وهي أفعى بطول مترين فقط، لكن سمّها يعتبر الأخطر في العالم كونه فتاك 50 مرة أكثر من سم الكوبرا. وعضتها تقتل الإنسان في ظرف ثوان معدودة إذ ليس هناك الوقت الكافي لحقن الترياق. لكن عالم البيولوجيا، براين فراي، من جامعة ملبورن الأسترالية له علاقة خاصة مع هذه الأفعى. وفي الحقيقة، يذهب للبحث عنها في الوديان الأكثر خطورة، كي يأسرها ويأتي بها الى مختبره ليستخرج من أنيابها القوية السم القاتل. ويتحمل العالم فراي هذه المخاطر بغية فهم كيفية تطوّر سم الأفاعي، من 60 مليون سنة لحد اليوم. كما يكمن هدفه الرئيسي في إيجاد الدواء المناسب للوقاية من السكتة القلبية.
وفي السنوات الماضية، كانت البحوث حول السموم تتقدم ببطء، لأن دراسة كل واحدة منها تطلٌبت أوقات طويلة جداً. لكن الأمور تغيرت الآن، لأن العلماء سابقاً كانوا يحتاجون لعدة شهور من أجل دراسة سلسلتين أو ثلاث سلاسل من بروتين السم لكنهم يستطيعون الآن دراسة 2000 سلسلة منها، في شهر واحد. الى جانب ذلك، تمكٌن الباحثون بواسطة عصرنة طرق البحث من تمييز كل الجينات النشيطة في الغدّد السامّة وقراءة حمضها النووي(Dna) في وقت قصير. وعبر هذا الأسلوب، اكتشف الباحثون أن الأفاعي السامة نجحت في تحويل كل بروتيناتها الداخلية الى سم.
وهناك تشكيلة ضخمة من الأفاعي السامة وكل واحدة منها تنتج سمّاً يستهدف ويشل منطقة معينة في الكائن الحي، في حال تعرض للسعتها . والآن، تنوه دراسات الباحثين الأستراليين الى أن سموم الأفاعي تولد من تغييرات البروتين الحاصلة داخلها. وأفعى ال"تايبان" تنتج نوعاً مثيراً جداً من السمّ كونه طوّر من عائلة بروتينيات، مسماة Peptici Natriuretici، التي ترخي عضلات القلب إما عند الإنسان أو لدى الأفاعي. وطورت أفعى ال"تايبان" مثل هذا البروتين كي يرخي الى أقصى حد الشريان الأورطي للقلب(Aorta)، عندما تحقنه به فريستها عبر السم . وفي ثوان معدودة، تتوقف عضلة القلب عن الانقباض الذاتي مسببة بالتالي الموت المباشر اثر الشلل الكليّ لضغط الدم الشرياني. وفي حال استطاع العلماء فهم كيفية تغير مثل هذا البروتين عندئذ سيستطيعون اختراع بروتين في المختبر لمعالجة انسداد الشرايين لدى البشر، الذي يمكن أن يؤدي الى تعقيدات قلبية قاتلة. وأخيراً، يمكن لبروتين أفعى ال"تايبان" أن ينقذنا فعلاً من واحد من أكثر الأمراض فتكاً بالبشر.
منقول