رد: من تزوج وهو يحب فتاه اخرى
أنا لم أجرب حالتك نفسها، ولكني أعرف من جرب مثلها، ومرت علي حالات شبيهة، وحللناها بفضل الله تعالى.
لا شك أن الحب والتعلق والعشق، يصعب الخلاص منه، ومن ظن أنه يمكنه الخلاص منه بسهولة فهو واهم.
وقد أُلِّفت في ذلك كتب كما في الجواب الكافي لابن القيم رحمه الله وغيره، وكتب الأدب طافحة بأخبار العاشقين، ومنهم المجانين، وللعشق درجات متفاوتة.
وهو كماء البحر كلما شربت منه عطشت أكثر، ما دام الوصال بين الحبيبين لم يكتمل بزواج شرعي يؤلف الله به بين القلوب.
وكثير من الوالهين عندما يتزوج تظهر له عيوب حبيبه، أو يمل منه، فإما كرهه أو أصبح عنده شخصًا عاديًا أو نحو ذلك.
وكثير من الحب المعتدل يحدث بعد الزواج، فربما حدث بعد الزواج بمدة قصيرة، وربما طالت المدة نوعًا ما، لكنه يحدث ويتسلل للقلب شيئًا فشيئًا، حتى لا يصبر الزوج عن فراق زوجته مدة طويلة، أو لا تصبر هي عن زوجها.
وأسوأ العشق الذي يكون من طرف واحد، فإنه يكاد يهلك صاحبه، لأنه كالظمآن يرى السراب ويتبعه، وكلما اقترب منه ابتعد السراب، فيظل يلهث بلا طائل ولا فائدة.
هذه مقدمة مفيدة رأيت أهميتها، وأظنك لو تأملتها لوجدت فيها ما يفيدك، أما الحديث عن تفاصيل الحب والعشق فهو كثير، ومن أحسن من كتب فيه ابن حزم رحمه الله في كتابه (طوق الحمامة) مع وجود ملاحظات على الكتاب.
أما سؤالك الذي سألته، فإن أجدى ما تفعله لتخفف حبك، أو لتتركه هو أن تبتعد عن محبوبتك، وعن طريقها، وتبتعد عن كل ما يقربك أو يذكرك بها، وستجد من نفسك رغبة من تذكرها واستنشاق عبير ذكرياتها، واستدعاء صورتها، وتخيل قربها والعلاقة معها، وقد تجد في ذلك لذة قصيرة سرعان ما تتحول إلى حسرة وألم وحرقة.
لكنك إذا طردتها من حياتك بالكلية، وحاولت ألا تتذكرها، وصبرت على ذلك، فستجد أنك تتعافى تدريجيًا من بلائها ومصيبتها، وربما يطول بك الحال ويمكن أن يمتد لسنة أو أكثر، لكن قوتك وقدرتك وإرادتك الصارمة هي ما يحدد المدة الحقيقية، فإن كنت صارمًا وقوي الإرادة، استطعت التخلص منها في أسرع وقت، وإن كنت ضعيفًا، تأخرت نقاهتك من بلائك، فكن قويًا وابتعد عنها، واصبر على ذلك.
واحرص على ملء وقت فراغك بما يشغلك عن تذكرها.
فإن عرضت لفكرك فتذكر منها ما يبغضك فيها، ولا تتذكر محاسنها، بل بالعكس تذكر ما يشوهها في نظرك، وتذكر مناتنها.
وفي المقابل، احرص على ملء قلبك بزوجتك الجديدة، وافعل معها العكس، تغافَلْ عن مساوئها، واستحضر محاسنها، وانظر إليها بالمكبر، واستخدم معها المرايا المقعرة والمرايا المحدبة، انظر إلى محاسنها بالمرايا المقعرة لتكبرها في عينك، وانظر إلى مساوئها بالمرايا المحدبة لتصغرها في عينك، وافعل عكسه مع معشوقتك السابقة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يَفرَكْ مؤمنٌ مؤمنةً إن كره منها خُلُقًا رضي منها آخر).
واحذر من أن تجرح فؤاد زوجتك التي في عصمتك بأنك لم تحبها، بل راع خاطرها وارحمها، وتودد إليها، وأشعرها بالحب، فإن من شأن ذلك أن يُنَمِّي الحب في قلبك.
وتذكر أن معشوقتك لم تعد لك، بل هي لشخص آخر، واسأل الله لهما التوفيق في حياتهما، فلا يحل لك أن تقترب منها أو تتخيلها لك، بل ابتعد عنها، ولا تسمها حتى مشوقة أو عشيقة أو محبوبة أو نحو ذلك، بل اعتبرها غريبة عنك.
وهكذا هناك بعض المهارات في تناسي المحبوب وتخفيف اللوعة بحبه، لكن يبقى العلاج الأهم والأجدى، هو البعد عنها والصبر على ذلك، مهما قالت لك نفسك، أنت لا تصبر ولا تستطيع، فإنك بإذن الله مع الصبر ستجني الثمرة وتحمد العاقبة.
هداك الله وشفاك وعافاك وأصلح شأنك وحببك لزوجك وحببها لك، وجمع بينكما في خير وألّف بين قلوبكما.
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا
مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.
مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.