من خلال عرضك لمشكلتك واضح جدًا أنك المخطئ، فكيف لو سمعنا أو قرأنا عرض زوجتك للمشكلة؟! ربما بدت لنا أشياء أخرى.
الحقيقة التي يجب أن تعرفها أن زوجتك تصبر عليك كثيرًا أكثر من صبرك عليها، لا أدري كيف تعاملها بهذه الفضاضة ثم تطلب منها أن تكون لك حملا وديعًا وتكون لك كما تريد.
أشعر وأنا أقرأ كلماتك أنك لست صادقًا في وصف حياتكما، لأنك تثبت التهمة على نفسك!
أنت عصبي حل مشكلتك بنفسك ولا تطلب من زوجتك أن تحلها لك، تغضب لأجل طلاء الأظافر، وتريدها أن ترضى عنك وأنت تهجرها وتصرخ عليها؟!
مشاكلك في العمل هي لا علاقة لها بها، لماذا تستجلب مشاكلك معك إلى البيت؟
بالنسبة لطيبة قلبك فهي في قلبك ولا نعلم عنها ولا تعلم عنها زوجتك، وربما كانت تعلم عنها، لكن ماذا تفيدها طيبة قلبك ولسانك جارح؟!
بعد كل هذا اقرأ كلامي التالي بعين العقل والبصيرة والتأني:
ارجع إلى زوجتك واعتذر منها، نعم اعتذر منها وكن شجاعًا، فإن عادت إليك فاحمد الله على طيبة قلبها.
وقل لها أن صفاتك السلبية أنك سريع الغضب، فإذا رأتك غضبتَ فعليها أن تهدأ، وإذا رأيتها غضبت فاهدأ أنت، وتمثلا قول أبي الدرداء لزوجته رضي الله عنهما: (إذا رأيتني غضبت فرَضِّني وإذا رأيتك غضبى رضيتك وإلا لم نصطحب).
إذا غضبت –يا أخي الكريم- فاخرج من المنزل حتى تهدأ، أو اذهب إلى غرفة لوحدك وافعل ما ترى أنه يهدئك، صلِّ، أو اتل شيئًا من القرآن، أو استرخِ، أو نَمْ، أو اغتسل، وقل لزوجتك: ابتعدي عني حتى أهدأ.
وبالنسبة لمشكلة زوجتك ومحادثتها لشخص آخر، فهذا أمر ليس كبيرًا، أولا: ليس مؤكدًا، وثانيًا: لو كان مؤكدًا، وهذا خطأ منها، فلتغفره في بحر حسناتها، ثم اعلم أنك قد تكون السبب، كيف وأنت تهجرها، وإن لم تهجرها فإنها تصرخ عليها، فهي تنتظرك حتى تعود من العمل، فإذا عدت خافت منك على نفسها، فإذا جاء نهاية الأسبوع حيث يكون الإنسان مرتاحًا من ضغوط العمل، ذهبت وتركتها، فلم ترَ منك إلا الوجه الكالح، اعتبر زوجتك فعلا حادثت هذا الشخص، واحمد الله أنها لم تتجاوز معه بإرسال صور ونحوها.
اطرح الشك عنك، وعش معها حياة الواثق فيها.
من المفترض أن تعالج خطأ زوجتك، وليس أن تتركها وتهجرها، فهل أنت عاجز عن تعديل سلوكها؟
تأمل معي كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو النبي المرسل من ربه يعامل زوجته وتعامله، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا، وَهِيَ تَقُولُ: «وَاللهِ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ عَلِيًّا أَحَبُّ إِلَيْكِ مِنْ أَبِي، فَأَهْوَى إِلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ لِيَلْطِمَهَا» وَقَالَ: يَا ابْنَةَ فُلَانَةَ «أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمْسَكَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا» فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا عَائِشَةُ «كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ؟» ثُمَّ اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقَدِ اصْطَلَحَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَائِشَةُ فَقَالَ: «أَدْخِلَانِي فِي السِّلْمِ كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي الْحَرْبِ» فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلْنَا» وفي بعض الروايات: (فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا رَأَيْتِنِي حُلْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَكِ أَنْ يَأْخُذَكِ؟» فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ غَدَا عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَهُوَ يُضَاحِكَ عَائِشَةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَدْخِلْنِي فِي سِلْمِكُمَا كَمَا دَخَلْتُ فِي حَرْبِكُمَا، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَدْ فَعَلْنَا»)
وفي حديث آخر:
عن أنس رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم عندَ بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصَحْفةٍ فيها طعامٌ، فضربت التي النبيُّ صلى الله عليه وسلم في بيتها يدَ الخادم، فسقطت الصَّحْفةُ، فانفَلَقَتْ، فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة، ويقول: ((غارت أمُّكم))، ثم حبس الخادمَ حتى أُتِي بصَحْفَةٍ من عند التي هو في بيتها، فدفع الصَّحْفَةَ الصحيحة إلى التي كُسرت صَحْفَتُها، وأمسَكَ المكسورة في بيت التي كسَرَتْ.
تأمل: لم يزد أن جمع الإناء المكسور، ولم يؤنبها لأنه يعرف غيرة النساء .
هذا هو التعامل الراقي.
أما الهجر فلا يكون لأتفه الأسباب، وإنما يكون للنشوز، ولا يكون إلا بالتدرج، بعض الوعظ والنصيحة، فإذا لم يُجْد الوعظ انتقل إلى الهجر، وقد اختلف في الهجر، فقيل: الهجر في الفراش، وقيل: يعطيها ظهره.
احرص على أن تملأ بيتك بتلاوة القرآن والذكر والصلاة، ولا تجعله مكانًا لتجمع الشياطين، فإن الشيطان أكثر ما يفرح إذا فرق بين الزوجين.
ينبغي عليك أن تضع نفسك مكانها، لتتفهم مشاعرها، وتعامل معها كما تحب أن تتعامل معك، وبنبغي عليك أن تقدم العفو على العقوبة، وتقدم إحسان الظن على سوء الظن.
يجب عليك أن تضبط مشاعرك، وأن تجاهد نفسك لتعديل سلوكك الغَضَبي، ولا تترك للسانك الانفلات على الآخرين.