أقف مذهولاً أمام آيات الطلاق في سورة البقرة، وكيف اعتنت الشريعة بالعلاقة الزوجية، وكذلك اعتنت بطريقة الانفصال بين الزوجين، وكيف احتاطت لجانب #المرأة ، لما يكتنف طبيعتها من ضعف، ويكتنف طبيعة الرجل من قوة قد تغريه بالظلم والتسلط.
تكررت (حدود الله) في آيتين (6) مرات، (الطلاق مرتان...) مما يشعرك وأنت تقرؤها أن الأمر ليس هينًا، وأنها حدود الله التي يجب التزامها، وتشعرك بغلظ الميثاق الزوجي.
كما تكرر الأمر بالتقوى في الآيات التي تلتها، وذلك في معرض الحديث عن أحكام الطلاق.
تُظهِر خواتيم آيات الطلاق بجلاء مراقبة الله واطلاعه على خلقه، وأن أحكام الطلاق صدرت من رب عليم بصير خبير سبحانه، فأنت تراها مختومة بـ (واعلموا أن الله بكل شيء عليم) (والله يعلم وأنتم لا تعلمون) (واعلموا أن الله بما تعملون بصير) (والله بما تعملون خبير)
ورد في آيات الطلاق كلمات وعبارات وعظية تشعل جذوة الإيمان في القلب الحي، وتذكره بربه سبحانه، وأن التعامل بين الزوجين يدخل في الحلال والحرام، وأنه يجب على المسلم فيه الحذر من الظلم.
فأنت تقرأ فيها: (ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه، ولا تتخذوا آيات الله هزوا، واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به...) تأمل هذا الكَمَّ من التذكير والوعظ، والتنقل في الأسلوب.
كما تقرأ في آيات الطلاق وما بعدها:
(إن كُنَّ يؤمِنَّ بالله واليوم الآخر)
(ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر، ذلكم أزكى لكم وأطهر...)
(واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه...)
(ولا تنسوا الفضل بينكم...)
وتقرأ في آيات الطلاق أيضًا دعوة للتصالح والرفق وعدم التشدد، وعدم التعدي على #المرأة، ودعوة للفضل
(وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحًا...)
(فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان...) (فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا تمسكوهن ضرارًا لتعتدوا...)
(ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا...)
(فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف...)
(لا تكلَّف نفسٌ إلا وسعها، لا تُضارَّ والدة بولدها ولا مولود له بولده...)
(عن تراض منهما وتشاور...) يا لها من جملة!
(إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف...) لاحظ تكرر كلمة (بالمعروف في هذه الآية وغيرها
(ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر قدره متاعًا بالمعروف حقًا على المحسنين) ما أجمل الختم!
(إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى...)