رد: الالتزام بالصلاه ؟ هل من نصائح
السلام عليكم
أختي الكريمة:
سؤالك عن وضعك، وحرصك على تصحيحه، دليل على أن تسيرين في الطريق الصحيح.
والأمر لا يحتاج منك إلا إلى شيء واحد فقط، وهو: القرار، أو العزيمة، الجواب على سؤالك باختصار: صلي، فليست هناك عوائق، ولا تفترضي شيئا من ذلك، ولكن دعيني فيما يلي أوضح، في نقاط:
1- يجب أن تدركي خطورة ما أنت عليه من ترك للصلاة، وقد تكاثرت النصوص في التحذير من ذلك، وقال العلماء بكفر تارك الصلاة بالكلية، وذهب بعضهم بكفر من ترك بعضها، والله سبحانه وتعالى أمرنا بالصلاة في مواضع عديدة، فإذا ترك العبد الصلاة، ماذا بقي له من دينه؟ هي الصلة بين العبد وربه، وهي الخيط المتين الذي يبقي عليه حيا حياة المؤمنين، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، إن تركها أعظم من الربا والزنا وشرب الخمر، إنه أمر لا يصح أن يستهان به أو يظن صاحبه أنه نافلة يمكن تجاوزها، أو يمكن السكوت عنها، ولا أدري كيف يعيش شخص يزعم أنه مسلم، دون أن يصلي، نظل نسير في الحياة وننعمس في ملذاتها ونبتعد عن الله -والله المستعان- حتى يأتي وقت الصلاة، فنعود لله، ونشعر بالراحة ونحن نقابل ملك الملوك، لننثر بين يديه حاجاتنا، ونطلب أمانينا، فنخرج منها وقد غسلنا قلوبنا المغبرة، ونخرج بأرواح مطمئنة، ونفوس مرتاحة، حتى يأتي وقت الراحة الآخر، وقت الصلاة الأخرى، ليجبرنا على ملاقاة ملك الملوك، فننهل من المورد العذب نفسه.
الصلاة لا تترك حتى في الحرب، ولا تترك مهما بلغت المشاغل، ومهما كانت الأمراض، حتى لو لم يستطع الإنسان أن يصلي إلا برأسه يحركه، بل لو لم يستطع تحريك رأسه صلى بقلبه، فما بال الأصحاء الأقوياء؟! وإنك لترى مرضى وكبار سن، جاؤوا للمسجد على رغم بعده عنهم بعصا يتوكؤون عليها، أو أقدام مكسورة أو ربما مبتورة، فصفوا أرجلهم مع الأصحاء، ولا ترى فيهم إلا صحة القلوب التي نشطت البدن، فمن قوي إيمانه قوي بدنه للطاعة، ومن ضعف إيمانه ضعف بدنه عن الطاعة، وفي هؤلاء سلوى، وفيهم تنشيط لكل من يتكاسل عن الصلاة.
فإذا تكاسل العبد عن بعض الطاعات، فلا يصح أن يفكر في التكاسل عن الصلاة، إن العجب ليطول حينما يتأمل الإنسان الوقت الذي يمضيه في الصلاة، وهو دقائق معدودة، ربما لا تتجاوز خمس دقائق، ثم هو يبذل جهدا مضاعفا ووقتا مضاعفا في أمر لا يعود عليه بفائدة في الدنيا ولا في الآخرة، فربما وقت الساعة أو تزيد يتحدث مع صاحبه في أمر لا يفيد، وربما يضر.
وإنك لو مت على ترك الصلاة فلا أدري أي مصير يستقبلك عن ربك وقد تركت أهم ركن بعد الشهادتين، ولا أدري هل تقبل الشهادتان لشخص لا يصلي! لا أدري كيف ستقابلين ربك في الآخرة وأنت لم تتعودي مقابلته في الدنيا، (يوم يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون* خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة، وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون) فحينما يأتي يوم القيامة، يدعى الناس للسجود لله، فلا يستطيع هؤلاء السجود، بل تتصلب ظهورهم، وقد كانوا في الدنيا يطلب منهم السجود وهم سالمون ليس بهم بأس، فيرفضون، ويعرضون، والعياذ بالله.
2- ما دمت يا أخيتي قد سلكت طريق التوبة، فأبشري، واحمدي الله على هذه النعمة، والأمر لا يحتاج كثير عناء ولا مشقة، التوبة عمل صالح أجره عظيم، يكفي التائب فخرا أن الله يفرح بتوبته، ويكفيه أن الله يبدل سيئاته حسنات، فما أعظم فضل الله! فلا تتواني عن هذا الفضل العظيم، عودي إلى الله، وستكونين نقية من الذنوب.
أختي الكريمة: إن الله يدعوك أنت ويناديك بأسلوب رقيق فيقول: (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم) فتأملي: كيف أخطؤوا في حقه، وعصوه أمره، بل أسرفوا في العصيان وابتعدوا عنه، ومع ذلك يناديهم باسم العبودية له، ذلك اللفظ المحبب، ويقول لهم: لا تقنطوا، ولا تيأسوا، فأمامكم فرصة، هيا بادروا، ومن استغل الفرصة، استحق الغفران، ومن استهان بها حرم نفسه، (وإني لغفار لمن تاب) فمن لم يتب لم يدخل في الآية، هيا الآن بادري، هيا الآن توضئي، وصُفّي قديميك بين يديه، واسكبي العبرات، واغسلي الذنوب، وسليه التوبة، واطلبي منه أن يمحو ما فات، لا تتواني ولا تتأخري، فإنك لا تعلمين متى تنتهي الفرصة التي منحك الله إياها، فقد يكون بينك وبين الموت لحظات، هيا الآن.
3- لتحرصي على الصلاة وتحبيها وتواظبي عليها عليك بما يلي من المقترحات:
- اعرفي فضلها وأجرها وابحثي عن ذلك، وستشتاقين لها، وتأملي كيف وهبك الله فرصة الدخول عليه متى ما شئت.
- تأملي النصوص التي تحذر من تركها، فهي مخيفة، ولم يرد من النصوص في التحذير من شيء أشد منها بعد الشرك.
- صاحبي من يساعدك على فعلها، أما من يتهاون بها فهو صاحب سوء وإن كان خفيف الدم -كما يقال- خفيف الظل، وسيع الصدر، فإن أحببت من يترك الصلاة، فجاهدي نفسك لتبغضيه، إن لم يهده الله.
- صلي الصلاة لأول وقتها، فإن تأجيلها مدعاة للكسل والتهاون فيها واستصعابها، فإن المبادرة بالعمل تجعله يسيرا، وستجدين بعد أمد أنك تشتاقين لها.
- احرصي على فعل السنن الرواتب والوتر وسنة الضحى وغيرها، فإن فعلها يقي من ترك الفريضة، ولو تركت السنن لم تأثمي، ولكنها فرصة يمنحها الله لنا إن أردنا أن نقابله، وسيأتينا يوم نتمنى هذه الفرصة فلا نجدها، ذلك اليوم هو يوم يهال علينا التراب في قبورنا.
- كما كنت تفعلين، ابتهلي لله أن يعينك على الصلاة، وأكثري من قول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واجعلي السجود مكان للدعاء، فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، اسجدي واقتربي لربك، وابكي وتضرعي، وستخرجين بعدها براحة وطمأنينة لم تتعوديها.
- أخيرا أقول وأكرر: ليس هناك شيء مثل العزيمة، اعزمي على الصلاة وأصدري قرارك النهائي، بأنه لا ترك للصلاة بعد اليوم، وستجدين بعد مدة أنها أصبحت جزءا من حياتك لا تستطيعين تركه، اعزمي ولا تنتظري النصائح التي تشجعك على الصلاة، ليكن لك ناصح من نفسك، فكل الذين ينصحونك لن يضرهم شيء لو بقيت على ضلالك، لكنك أنت المتضررة الوحيدة، إن الندم على ترك الصلاة يوم القيامة لا يمكن استدراكه، إنه ندم فقط، ولات ساعة مندم.
إذا صليت وداومت عليها وواظبت على ذلك فبشرينا وأسعدينا بهدايتك.
والصلاة والسلام على نبينا محمد.
__________________
كثير من المشاكل الأسرية والمعقدة لا تنتهي تماما، وإنما تبقى لها بقايا.
أي أنها قد يبقى منها 20% مثلا
مشاكلنا الأسرية المعقدة كثير منها لا ينتهي بصورة نهائية وإنما تبقى لها بذور يمكن أن تنمو في يوم ما، ما لم نتعاهدها بالحصاد.
مشاكلنا المعقدة لا يمكن حلها بضغطة زر، وإنما تحتاج إلى ممارسة ومجاهدة وضغط نفسي ومدة أطول مما نتوقع ليأخذ الحل مجراه.
المهم الصبر، فقد يكون بينك وبين الحل غشاء رقيق، فلا تتوقف.