السعادة والنسبية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه
السعادة
لما وردتني الرسالة الكريمة المشتملة على حسن الظن المخجل للاستفتاح بهذا القسم الجميل المتفائل قلّبت هذه الكلمة فوجدتها باب واسع ومن أين سأبدأ وما هو المناسب
وهل سيكون ما أكتب بهذا القسم عن السعادة الزوجية بجانب أقسام المشاكل الزوجية كمثل مد الغني سفرته الفاخرة أمام الجياع.
الحديث يطول لذلك استميحكم لنتفاءل جميعاً ونُفعّل السعادة قدر ما نستطيع
الدرس
السعادة والنسبية
السعادة هي شعور معنوي من خواص الروح فلا يوجد شيء محسوس اسمه السعادة فهي شعور تفرزه الروح في القلب فينتج عنه سلوك من البدن يظهر منه لمن حولنا شعورنا بالسعادة
النسبية: اشتهرت هذه الكلمة لنظرية معقدة من نظريات إنشتاين
ولكن ما يهمنا منها هنا هو معناها البسيط وهو معرفة قيمة شيء مقارنة بشيء مقارب له وتستعمل فيها غالباً صيغ التفضيل على وزن أفعل مثل هذا أجمل من هذا وهذا أسعد من هذا وهذا أطول من هذا.
من هنا ندخل للمعنى المقصود من الدرس وهو السعادة والنسبية
تتشكل ذاكرة مخ الإنسان من تراكم ملفات أدخلها فيه من حوله منذ ولادته من والدين وأسرة ومجتمع بحسب ما يمتلك الوالدان والأسرة والمجتمع من مبادئ وقيم وقبل ذلك ما يوفقه الله له أو يفتنه فيه من حيث القرب لله أو البعد عن الله نعوذ بالله من ذلك ونستجير به لنا ولكم منه.
ومن هذه الملفات تتشكل شخصية الإنسان ونفسيته وبالتالي تعامله مع الحياة على ضوء ذلك ومن هذا ما يعتبره هذا الانسان تعريفاً للسعادة ولتتضح الصورة نمثل أننا جميعاً في امتحان والسؤال هو ما هي السعادةفي نظرك ثم استعرضنا الاجابات
لوجدنا اختلافا كبيراً متفاوتا بينها من الحصول على جنةالفردوس الأعلى نسأل الله لنا ولكم ذلك إلى الحصول على الوظيفة البسيطة أو عرض من الدنيا.
هذا الاختلاف هو ما قصدناه من السعادة النسبية
فما هو المرجع الأساس لتعريف السعادة
بنظرة بشرية عامة المرجع هو ما فطر الله عليه الانسان من حب الأمن وإشباع الغرائز والرضا عما يكون الانسان فيه من حال
وبنظرة دينية تكون معيار السعادة عندنا كمسلمين هي رضا الله عن العبد المسلم لأن المسلم عبد مملوك لله وتحت قدرته وقهره ومتعرض لنعمته ورضا الله لا يمكن للمسلم إدراكه فهو لله ولكن أثر ذلك يظهر على المسلم بتوفيق الله له لما يحبه الله ويرضاه من الاعتقاد والأفعال والأقوال وينعم عليه بالهدوء والسكينة ويبسط له حب الناس.
ومنشأ هذه السعادة بعد الله هو أن هذا المسلم الذي من الله عليه برضاه فوفقه لحبه عز وجل حق المحبة بما يليق به سبحانه فرخصت عنده كل أمور الدنيا مقابل ما تيسر الله من طمأنينة القلب فلا يحزن لفقد شيءٍ منها مهما بلغت قيمته عند غيره ويرزقه الله عز وجل أن يجعل رضا الله معيار له في الحب والكره فيحب ما يحبه الله ويكره ما يكرهه الله ومن ذلك كرهه للظلم والكذب والغش وأكل الحقوق فنجده بهذا ينشر السعادة من حوله وينشر موجبات حب الناس له.
فيعش في سعادة من داخل نفسه ومن خارجها فبداخل نفسه فطرة الله له التي فطره عليها من العبودية لله ومن خارجها يلتزم بما توجبه هذه الفطرة فتتوافق نفسه مع ما يحبه الله عز وجل.
ولنعلم حقيقة هذه السعادة ننظر لما وصف الله به من أعرض عن ذكر الله (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ) الآية.
وباختصار قس سعادتك بقدر قربك من الله.