لك الحمد يا رب، وصلاة وسلاما على عبدك ورسولك محمد وآله وصحبه
وبعد..
فبإمكانكَ وبإمكانكِ اقتصاص أي جزء من المقال للاستفادة منه في رسالة جوال أو بريد أو غيرها، لكن الأجمل أن تكتب ما تضفي به مزيد فائدة على المقال، شاكرا مشاركتك مقدما.
أستعين بالله قائلا:
(كان الإمام أحمد يمشي في الوحل ويتوقى فغاصت رجله فخاض، فقال لأصحابه: هكذا العبد لا يزال يتوقى الذنوب فإذا واقعها خاضها)
يجرب حظه –كغيره- من الشباب برفع سماعة الهاتف للعب بعواطف مراهقة أو مطلقة أو فتاة تبحث عن عاطفة أو عن ما يشغل فراغها، ويبرر لنفسه أن زملاءه يفعلون ذلك إلا هو، أو يقول: من ترد عليّ فقد رضيت لنفسها، ولو كانت شريفة فلن ترد، أو يقول: مجرد تجربة لن أستمر فيها.
فما إن يخوض غمار التجربة، حتى يستحليها ويرى فيها متعة وتجربة جديدة، ويستمر مسلسل التبرير، والله غفور رحيم... حتى يجد نفسه قد سار في طريق يصعب عليه العودة منه، أو هكذا يسول له الشيطان.
ويجرب حظه مع أخرى –ربما- ويستمر المسلسل، ويفكر بالزواج أخيرا، ولكن من غير الفارغات اللاتي يلعب بعواطفهن ويلعبن بعواطفه، يريد شريفة -كما يقول-، وتقع عينه عليها، فيقترن بها وهو عازم على ترك عادته السيئة، لكنه يجد نفسه أسيرا لها، فلم يعد يجد في زوجته التي بين يديه ما يلبي رغبته في اللعب بالفتيات، أو أنه يشعر بصعوبة الانفكاك من أمر تعود عليه.
إن الذي دعاني لكتابة المقال آلاما مبرحة رأيتها في صفحات هذا المنتدى من أخوات يقاسين المر بسبب أزواج أوقعوا أنفسهم في هذا الفخ، فتقول: إنه يتوب، ثم يعود، أو هكذا يزعم، والله يتولى السرائر، ومن يدخل المنتدى ويتابعه لربما شك في كل الأزواج، وظن بهم شرا.
أيها الخــــــ... ، لا لن أقولها، وإن كانت هي الحقيقة.
أما رق قلبك للمرأة التي أسرتها في عصمتك، ورضيت بك ووثقت! تأمل هذا الوصف النبوي: (استوصوا بالنساء خيرًا ، فإنّهن عوان عندكم) عوان: أي أسيرات. نعم.. أسيرة وهبتك قلبها قبل كل شيء، وهبتك شرفها، وهبتك أعز ما تملك، وهبتك روحها، رضيت بك زوجا، رضيت بك أبا لفلذات أكبادها، وقدوة لهم؟!
أتخون الميثاق الغليظ التي بينكما (وأخذن منكم ميثاقا غليظا)
أما رق قلبك لأبيها الذي لم يقبلك زوجاً لثمرة فؤاده إلا بعد أن رآك أهلا لذلك، إلا بعد أن ضمن أنك ستكرمها وتعطيها حقها؟!
أما رق قلبك لأمها التي ودعتها ليلة الزواج بدموع الفراق، ولكن لأن سنة الحياة سارت هكذا، ولأنها ظنت أنك ستكون أحنى عليها منها؟!
أما اهتزت في قلبك شعرة لأولئك كلهم؟!
أما خشيت من غضبة الجبار المنتقم سبحانه منك؟! ألم تعلم بأن الله يرى؟! (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم) (يسمع دبيب النملة السوداء في الليلة السوداء، على الصخرة الصماء) فما بالك بك أنت؟
أما خفت أن يكون انتقام الله منكم في زوجتك أن تخونك؟! أو تكون في اينتك؟ أو في أمك؟ أو أختك؟
أما خفت أن يكون انتقام الله منك في نفسك أن تبتلى بمرض عضال، نفسي أو عضوي؟ أو تقع فريسة للشك في محارمك ولو كنّ بريئات؟ لأنك تظن الناس كلهم كذلك.
أما خشيت أن يؤجل الله عقوبتك في الآخرة؟ (ولعذاب الآخرة أشد وأبقى).
ألم تفكر –يوما- أن يقبض الله روحك بهذه الخاتمة.
ألم تخش أن يفضحك الله على رؤوس الخلائق في الدنيا أو في الآخرة؟ أما فكرت في أبيك لو علم عنك؟ أو أمك؟ أو أحد من صالح عشيرتك تستحي منه؟ وإن كان الله أحق أن يستحيا منه.
يا هذا.. أنت في غيك سادر، غفلت عن كل العواقب في سبيل لذة عابرة غطت عينيك عن نهاية الطريق، وغلفت قلبك عن العواقب.
قف الآن، نعم قف الآن.. لا تستمر، فإن المعصية شجرة شوك تكبر كل يوم، ويصعب اقتلاعها إذا تركتها تكبر.
أحرق المعصية في التنور، قبل أن تحرقك.
ابتعد عن كل ما من شأنه أن يقربك منها، غير جوالاتك، ابتعد عن هذا الجو العفن، اتركه لله، وابتعد عنه كليا، وسافر إن اضطررت، حتى تنجلي الغمة، انزع عنك جلباب العصيان، والبس حلل الطاعة، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، وعوضه حلاوة يجدها في قلبه، عوضه طمأنينة وراحة نفسية، عوضه شعورا بالإنجاز والانتصار والتغلب على الهوى وعلى النفس وعلى الشيطان.
واعلم أن استمرارك في هذا الطريق الذي تشعر معه بالمتعة الزائفة مع شيء من معاتبة النفس أو وخز الضمير، اعلم أن استمرارك فيه يحرمك نعما كثيرة ومتعا باقية، فلا تستمتع بأهلك، ولا تجد الحب الحقيقي، لا تذوق لذة البيت الآمن.
لا تخرب بيتك بيدك، عجّل وبادر من الآن.
أطلت عليك فاعذرني، ولكني كتبت ما كتبت بحروف الحرقة والألم، وفي النفس أشجان ولوعات وحسرات كتمتها وتركتها راجيا أن يكون فيما كتبت كفاية وبركة –إن شاء الله-.
أما بعد.
فقد كنت دبحت مقالا يقطر حنقا وغيظا من الخائنين، ولكني رأيت أن أي إنسان يقرؤه لن يكمله إذا كان خائنا فعلا، ولن يصفق له إلا المقهورات اللاتي يفرغن شيئا من شحنات الغضب الجاثمة على صدورهن من خلال الكلمات اللاذعة، ورأيت إبدال المقال بآخر أكثر لطفا عله يلقى استجابة، فكتبت السطور السابقة.
وجهوا رسائلكم مثلي فلعل قارئا يستفيد منها، أنتظر مشاركاتكم.