صار من المعتاد ان يطلق العلماء والاطباء على الزلاليات اسم البروتين وهي كلمةمأخوذة عن ا ليونانية القديمة Proton وتعني ا لاول وا لاهم . وهو تعبيرصائب يعبر عن اهمية الزلال في الحياة ويفرقه عن زلال اسبيض الذي يصعب على البعض تفريقه عن مادة البروتين كتعبير عام .
ويحتوي البروتين على العناصر الثلاثة التي تؤلف الهيدروكربونات والشحوم وهي (C,O,H)اضافة الى مادة النتروجين الحيوية التي تدخل في بناء الوحدات الاساسية للعديد من العناصر الاخرى . ويدخل البروتين في بناء الانسجة الرابطة ا لهامة وفي نقل الاوكسجين والمواد الحيوية الاخرى الى مختلفة مناطق الجسم . وتعمل ا لعديد من ا لبروتينات بمثابة هرمونات تنظم النشاط الخلوي ، بمثابة اجسام مضادة تدافع عن الجسم وبمثابة انزيمات تعمل على هضم ا لطعام وتعزيزمعظم التفاعلات الكيمياوية في الجسد البشري . فالاهمية الحيوية لا تكمن في ا لبروتين وانما في وحدات بنائه التي تسمى الاحماض الامينية وهي وحدات تختلف من ناحية النوع والعدد من بروتين الى اخر. ويقرر عدد الاحماض الامينية ونوعيتها في كل بروتين مدى اهمية هذا البروتين في هذه العملية او تلك وخصوصا في التغذية.
اما المسؤول عن عدد وترتيب الاحمافى الامينية فهي مكونات بيولوجية داخل الخلية تسمى الرايبوسومات . وتتولى ا لرايبوسومات عملية تشكيل وخلق ا لبروتين من الاحماض الامينية حسب خصائص معينة تحملها DNA الموجودة في نواة الخلية . والمدهش هنا هو ان الجسم البشري بحاجة الى 20 نوعا من هذه الاحماض الامينية فقط كي ينتج كل هذه الالاف من انواع البروتينات . ويستطيع الجسم تكوين 12 حامضا من مجموع 20 حامضا امينيا تاركا للانسان مهمة الحصول على الاحماخى الامينية الثمانية المتبقية عن طريق التغذية. وطبيعي فان ا لبروتينات الثمانية الاخيرة هي من العناصر الاساسية في تغذية اي انسان .
حاجة الجسم الى البروتينات
وعموما فان البروتين الحيواني اغني ، او بكلمات علمية ذا قيمة بيولوجية اعلى ، من البروتينات النباتية . ويكمن سبب هذا الاختلاف في حقيقة ان البروتين الحيواني الموجود في اللحوم والاسماك والبيض ومنتجات الحليب اقرب الى تركيبة بروتينات جسم الانسان من ناحية عدد وانواع الاحماض الامينية المكونة لها. وعدا عن فول الصويا فان كافة البروتينان النباتية الاخرى عاجزة عن توفير حاجة الانسان ا لكاملة من الاحماض الامينية ا لثمانية الاساسية . وان نقصان حامض اميني واحد سيؤدي الى الاخلال بقدرات الخلايا على العمل والنمو والالتئام .
وعلى هذا الاساس فان الانسان يلجأ الى توليفة من المواد الغذائية الحيوانية والنباتية الحاوية على البروتينات بهدف التوصل ا لى افضل تغدية بروتينية نسميها " ا لتأ ثير ا لتكميلي ". وكمثل فان من افضل التوليفات البروتينية التكميلية هي :
2 /3 بطاطا و 1 / 3 بيض
3/ 4 حليب و 1 / 4 دقيق
1 / 2 حليب و 1 / 2 بطاطا
2/ 3 فاصولياء و 1 / 3 بيض
1 / 2 فاصولياء و 1 / 2 ذرة.
وتحتوي الحبوب ا لغذائية عادة على قليل من الحامضين الامينيين تيربتوفان والمثيونين ولكنها غنية بالاحماض الاخرى مثل اللايسين والايزوليوسين . هذا فيحين ان فول الصويا مشحون بكل الاحماض الامينية الاربعة المذكورة. ويقدر العلماء حاجة الانسان البالغ ( ذكر ام انثى ) اليومية من البروتينات
بحوالي 6 , . نحم من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم . وعلى هذا الاساس فان شخصا يزن 80 كغم سيكون بحاجة الى 48 غم من البروتين يوهيا. وهناك مجاميع من الناسر بحاجة الى ما هو اكثر من هذا المعدل بسبب ظروف خاصة مثل النساء الحوامل والرياضيين والافراد الذين اخضعوا للعمليات الجراحية والمعانين من امراض شديدة .
وقد يعاني البعض ، وكبار السن على وجه الخصوص ، من ضعف قدرة اجسامهم على تحطيم ا لبروتينات الى عناصرها الاساسية ويتسبب هذا بعسر الهضم ونقص ا لبروتينات والحساسية من بعض الاغذية. وتعود هذه الحالة اساسا الى نقص افراز حامض ا لهيدروليك من المعدة وا لى نقص افراز انزيمات المحللة للبروتينات Protelytic ا لتي تفرزها ا لبانكرياس وا لقادرة على تحطيم ا لبروتينات .
البروتين الزائد كالناقص
ويؤدي نقص البروتين في التغذية الى اختلال تطور الانسان الجسدي والعقلي وانخفاض قدراته واستعداداته للمقاومة وا لالتئام كما تطيح بامكانياته علىمقاومة ا لامراض والعدوى.لا تنسوا ان ا لتغذي على البروتين ، منذ الانسان الاول ،كان العامل الحاسم في تطور الشعوب عن بعضها. وتسود هنا قاعدة عامة تتحدث عن ضرورة تناول الانسان للاغذية ا لغنية بالبروتين الا انه ، وفي الوقت ا لذي تشهد فيه بعض قطاع العالم امراضا ناجمة عن نقص البروتين فان بقاعا اخرى هثل البلدان الصناعية المتطورة تعاني من فرط تناول البروتين. ولهذا يميل العلماء في الغرب حاليا ا لى معاملة زيادة البروتين كنقصانه .و ينصح العلماء بان يتلقى الانسان 12 - 15% من طاقته فقط عن طريق تناول ا لبروتينات .
ولو وضعنا في عين الاعتبار كمية ا لبروتين اللازمة يوميا لجسم الانسان ( المذكورة اعلاه ) وقارناها بما يتناوله الانسان الغربي هذه ا لايام لوجدنا ان هذه ا لانسان يتناول اكثر من المطلوب بكثير وبشكل يؤثر سليا على صحته . اذ يبدأ الانسان يومه بالبيض والجبن ومشتقات الحليب وينتهي باللحم وا لهمبرجر وا لسمك وا لدجاج اضافة الى مختلف انواع النباتات الغنية بالبروتينات . وتثبت الدراسات السكانية علاقة الافرا ط بالبروتين بقصر عمر الانسان وصحته .فالانسان المفرط في اكل البروتينات يعيش عادة اقل من الانسان المعتدل في تناولها. وتمخضت الاختبارات على الحيوانات عن نتائج مماثلة اذ ثبت ان
الحيوانات التي تتلقى سعراتها الحرارية عن طريق البروتينات اساسا تعيش اقل من غيرها.
وعلى الانسان ان يتذكر ، حينما توجعه لثته الدامية ، ان السبب قد يكمن في تناوله المفرط للبروتينات لان الاكثار من تناول الزلال يستدعي الحاجة لمزيد من ا لكالسيوم عادة . ويستمد الدم والانسجة هذه الكالسيوم من العظام بشكل يؤدي الى تقلص كتلتها وربما الى الاصابة بتنخر العظام . هذا يعني ان تحطيم الكثير من ا لبروتينات ا لى عناصرها الاساسية الاحماض الامينية يستدعي الحاجة الى الكالسيوم المتوفر عادة في العظام بهدف موازنة هذه الحالة . ويضطر الجسم ، بعد انجاز الموازنة ، الى طرد الكالسيوم الزائد عن طريق المثانة. وحينما تتكرر هذه العملية يوميا فان ذلك يؤدي بالنتيجة الى ضعف العظام والى التنخر. ويتسبب ا لتنخر باضعاف عظام الانسان وهشاشتها ولذلك يعاني المصاب بالحالة من سهولة الاصابة بالكسورالمختلفة و انهيار الفقرات المنخورة تحت ضغط جسم الانسان . ومن المعروف ان هناك اسبابا اخرى لتنخر العظام تمتد بين قلة الكالسيوم في الطعام ، قلة الحركة ، العمر ، المخدرات ، الكحول وغيرها ولا ينقص هنا غير الافراط بالبروتين كي تتفاقم الحالة وتبدا عظام الانسان بالتكسر كخيار الماء.
المهم ايضا ان فرط البروتين لا يلقي ياحماله على العظام فقط وانما على الكلى ايضا لانه يرهقها بالعمل اليومي مع الكالسيوم والبروتين الزائد. وهذا يجعل الانسان عرضة لامراض الكلية وربما ، في الحالات القصوى ، الى عجز الكلى .
والخيار الاساسي هنا هو تقنين تناول البروتين والاكتفاء بحاجة الجسم منه وليس في زيادة تناول الكالسيوم رغم ان الاخير له اهمية كبيرة ايضا. ولكن على الانسان ان يحذر لان العديد من المواد الغنية بالكالسيوم هي موادا غنية بالبروتينات ايضا مثل منتجات الحليب .
اللحم ليس مصدرا للبروتين فقط
تتمتع اللحوم بسمعة طيبة كمصدر اساسي للبروتين بسبب احتوائها على الاحماض الامينية الاساسية التي لا ينتجها جسم الانسان . ولكن اللحم ليس مصدرالبروتينات فحسب وانما للدهون المشبعة وا لكوليسترول والمبيدات وغيرها. واذا كانت الدهون تسبب تخثر الدم وتتسبب بتصلب الشرايين معبدة الطريق الى
امراض القلب فان المبيدات المختلفة وغيرها من السموم تضعف مناعة الانسان وترهق اعضاء الجسم الحيوية في التخلص منها.
وهناك حقيقة اخرى غير خافية وهي ان اللحوم تخلو من الاحماض الدهنية الاساسية ومن الالياف . وطبيعي فان نقص الاحماض الدهنية يتسبب بسلسلةاخرى من الامراض للانسان كما يضعف نقص الالياف قابلية القناة الهضمية على التخلص من المواد السامة. وهذا بدوره يرهق الكلى والكبد في اعمال التخلص من المواد السامة او معادلتها.
البروتينات النباتية تحسن الصحة
ان توليفة الحبوب ، البقول ، الفواكه والمخضرات الحاوية على ا لعناصر الاساسية لوصفة " الغذاء المناهض لتقدم العمر". تحتوي عادة على نسبة واطئة ولكن كافيةمن البروتين . ويمكن من خلال تناول هذه العناصر الاربعة باشكال مختلفةوتركيبات متنوعة ان يحصل الانسان على الاحماض الامينية اللازمة دون ان يجازف بالاصابة بفرط البروتين .
والبروتينات النباتية اكثر رأفة بجسد الاتسان من البروتينات الحيوانية . واذ اثبتت التجارب ان البروتين الحيواني يؤدي الى زيادة ا لكوليسترول في ا لدم فقد ثبت ايضا ان فول الصويا يعين في خفض نسبة الكوليسترول في الدم . وتعمل السلطات ا لصحية الايطالية على توفير بروتين الصويا الخالص بين ايدي الاطباء بهدف استخدامه في معالجة المرضى المصابين بارتفاع الكوليسترول .
الاهم من ذلك هو ان نسبة الكاليسيوم / البروتين في الاغذية النباتية هي اعلى من نسبتها في الاغذية الحيوانية وهذا يعني ان الكالسيوم الفائض سيتحول الىالعظام لتعزيز قوتها ونموها وكي يخزن هناك ايضا عوضا عن استخدامه في معادلة ارتفاع نسبة الاحماض الامينية . وهذا يعني ان البروتينات النباتية تعزز الهيكل العظمي للانسان ولا تتسبب باضعافه وتنخره كما هو الحال مع البروتينات الحيوا نية .
وتشير كافة الدلائل الى ان البروتينات النباتية تنهمك اكثر من غيرها في اعمال التجديد الحيوية المختلفة في جسم الانسان . فهي واطئة البروتين ، قليلة ا لشحوم لكنها غنية بالفيتامينات والمعادن والالياف والمواد الكيمياوية النباتية . لكن الحذر واجب هنا ايضا لان الاغذية النباتية ليست منيعة على المبيدات والمواد الكيمياوية الاخرى المستخدمة في مكافحة الحشرات وا لقوارض وغيرها .
كلمة اخيرة عن علاقة فرط تناول البروتين بتنخر العظام والكسور الناجمة عنها.اذ تعتبر ا لولايات المتحدة بطل العالم بلا هنازع من ناحية استهلاك الفرد للبروتينات الحيوانية ولهذا فقد اصبحت ايضا بطل العالم في المعاناة من كسور العظام . وتبلغ نسبة الاصابة بكسر الحوض نتيجة لتنخر العظام في الولايات المتحدة 98 اصابة لكل 100 الف انسان . علما ان المواطن الاميركي بتناول كمعدل 106 غم يوميا. هذا في حين يتناول الجنوبي الافريقي البروتينات بمعدل 55غم يوميا وتبلغ نسبة كسور الحوض بسبب تنخر العظام في جنوب افريقيا 6 لكل 100 الف انسان .
منقول