بسـم الله الرحمـن الرحيـم
السلامُ عليكمُ ورحمةُ اللهِ وبركاتُه
كُلُّ مَا خَطر بِبَالِك، فالله بِخِلاَف ذَلِك!!
الشّيخ محمّد صالح المنجّد -حفظه الله تعالى-
السؤال:
هل هذه العبارة صحيحة: كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك؟ وهل يمنع الإنسان من التفكر في شيء من أسماء الله وصفاته؟
الحمد لله
أولا:
لا ريب أن التفكر في أسماء الله جل جلاله وصفاته التي أثبتها لنفسه، وأثبتها لها نبيه صلى الله عليه وسلم، والتعبد لله بمقتضى ذلك، هو من أعظم ما يفتح على العبد من المعارف والعلوم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:"العلم بالله وما يستحقه من الأسماء والصفات لا ريب أنه مما يفضل الله به بعض الناس على بعض، أعظم مما يفضلهم بغير ذلك من أنواع العلم.
ولا ريب أن ذلك يتضمن من الحمد لله، والثناء عليه، وتعظيمه وتقديسه، وتسبيحه وتكبيره ما يعلم به أن ذلك مما يحبه الله ورسوله" انتهى من "درء تعارض العقل والنقل" (7/129) .
ومتى تفكر العبد فيما ينبغي لله جل جلاله من ذلك، وطرق باب معرفته سبحانه من حيث أمر، فتح عليه من أبواب المعرفة والعبودية بحسب ما وفق له من ذلك؛ فمن مقل ومستكثر.
قال ابن القيم رحمه الله:"الْقُرْآن كَلَام الله، وَقد تجلى الله فِيهِ لِعِبَادِهِ بصِفَاته:
فَتَارَة يتجلى فِي جِلْبَاب الهيبة وَالْعَظَمَة والجلال، فتخضع الْأَعْنَاق وتنكسر النُّفُوس وتخشع الْأَصْوَات، ويذوب الْكبر كَمَا يذوب الْملح فِي المَاء.
وَتارَة يتجلى فِي صِفَات الْجمال والكمال، وَهُوَ كَمَال الْأَسْمَاء، وجمال الصِّفَات، وجمال الْأَفْعَال الدَّال على كَمَال الذَّات ؛ فيستنفد حبُّه من قلب العَبْد قُوَّة الْحبّ كلهَا، بحسب مَا عرفه من صِفَات جماله ونعوت كَمَاله، فَيُصْبِح فؤاد عَبده فَارغًا إِلَّا من محبته ...
قولهم:"كل ما خطر ببالك، فالله بخلاف ذلك"؛ يدخل فيه ـ بهذا الإطلاق ـ نفي قدر كبير من الحق، فمن الحق أن يخطر بالبال أن الله سميع بصير حكيم خبير، استوى على عرشه كيف شاء، وهكذا سائر ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في نحو من ذلك المعنى:"يؤكد ذلك أن حكم الوهم والخيال غالب على الآدميين في الأمور الإلهية، بل وغيرها؛ فلو كان ذلك كله باطلًا لكان نفي ذلك من أعظم الواجبات في الشريعة، ولكان أدنى الأحوال أن يقول الشارع من جنس ما يقوله بعض النفاة: ما تخيلته فالله بخلافه، لا سيما مع كثرة ما ذكره لهم من الصفات " انتهى من "بيان تلبيس الجهمية" (1/436) ط المجمع .
وأحسن من هذا القول، وأقعد بالسنة، قول يحي بن عمار رحمه الله:"لَا نحتاج فِي هَذَا الْبَاب إِلَى قَول أَكثر من هَذَا: أَن نؤمن بِهِ، وننفي الْكَيْفِيَّة عَنهُ، ونتقي الشَّك فِيهِ، ونوقن بِأَن مَا قَالَه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَرَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، وَلَا نتفكر فِي ذَلِكَ وَلَا نسلط عَلَيْهِ الْوَهم، والخاطر، والوسواس.
وَتعلم حَقًا يَقِينا أَن كل مَا تصور فِي همك ووهمك من كَيْفيَّة أَو تَشْبِيه، فَالله سُبْحَانَهُ بِخِلَافِهِ، وَغَيرُه، نقُول: هُوَ بِذَاتِهِ عَلَى الْعَرْش، وَعلمه مُحِيط بِكُل شَيْء" انتهى من "الحجة في بيان المحجة" لقوام السنة الأصبهاني (2/109) .
أن ما خطر بالبال من أسماء الله وصفاته وأفعاله، التي أثبتها لنفسه في كتابه، وأثبتها له رسوله: فهذا حق، بل واجب اعتقاده، والله تعالى هو بذلك الوصف الذي أخبرنا به في كتابه، وأخبرنا عنه رسوله.
وما خطر بالبال من تشبيه، أو تمثيل، أو تكييف لشيء من ذلك، أو اعتقاد فيه غير ما ثبت في كتابه، وسنة نبيه: فهو من الباطل الذي يجب الكف عنه، وقطع الوهم والظن عن باب : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ).
التعديل الأخير تم بواسطة *سر الحياة* ; 28-02-2014 الساعة 03:33 AM
رد : كُلُّ مَا خَطر بِبَالِك، فالله بِخِلاَف ذَلِك!!
اِتَّفق أهل السنَّة على أنَّ الله تعالى ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صِفاته، ولا في أفعاله، إلا أنَّ هذا الكلام يعني أنّ خصائص الربّ تعالى لا يوصف بها شيء من مخلوقاته، فعِلْم الله وقدرته غير علمِ وقدرة المخلوقات، ولا يُماثله شيء من صفات مخلوقاته، لا المخلوقات تُماثل صفاتُها صفاتِ الله، ولا صِفات الله عز وجل يُمكن أن توصَفَ بها مخلوقاته.